سلسلة حروب البشر مع الجيوش المجهرية (الموسم الثاني): الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس-الحلقة الثانية (فيروسُ الوَرَم الحُليمي البشريّ)

Human-papillomavirus-infection-HPV-4

|صورة رقم 1 توضح الإصابة النسائية بالثآليل|صورة رقم 2 توضح إصابة أحد الذكور بالمرض|صورة رقم 3 توضح إصابة اليد بالثآليل الشائعة|صورة رقم 4 توضح الثآليل الأخمصية|صورة رقم 5 توضح الثآليل المسطحة|

الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس

الحلقة الثانية- (فيروسُ الوَرَم الحُليمي البشريّ – Human papillomavirus HPV)

 

تحذير: يحتوي هذا المقال على بعضِ الصور التي قد تُسبِّب الذُعرَ لغير المتخصصين، كما أنها غير مُناسبة لمن هم دون الحادية والعشرين من العمر.

 

مقدمة (1)

يُعدُّ فَيروس الوَرَم الحُليمي البشريّ واحدًا من أكثر الأمراضِ المنقولةِ جنسيًّا اِنتشارًا. وعلى الرغم من أنه لا يقلُّ خطورةً  أبدًا عن بعضِ الإصابات الجنسية الأخرى كالإيدز، والزهري، والسيلان، إلَّا أنه لم يحظَ حتى الآن بنفس المكانة والشهرة التي تجعله يجلس مُتربِّعًا على عرشِ أشهر الأمراض المنقولة جنسيًّا.
بشكلٍ عام  تختلف درجات الإصابة بهذا الفيروس من شخصٍ لآخر بناءً على نوعِ الفيروس المُتسبِّب في حدوثِ المرض، فهنالك ما يقرب من 150 فرد* من هذا الفيروس، مما يعني وجودَ تنوعٍ كبير في أشكال الإصابة. فمنهم من لا يتسبب في ظهور أي أعراض، ومنهم من يتسبب في ظهورِ بعض الثآليل أو بعض الحُليمات الجلدية الحميدة، ومنهم  من يتسبب في ظهورِ بعض الأورام السرطانية (بشكلٍ خاص سرطان عنق الرحم).
سنناقش في هذا المقال العديدَ من الجوانب الهامة والخاصة بهذا الفيروس، مع العلم أن هنالك العديد من الأعراض التي يمكن أن تتشابه مع بعض الحالات الأخرى، لهذا فإن أفضل وسيلة للاطمئنان هي الذهاب إلى الطبيب.

* يتم تمييز جميع أفرد العائلة عن طريق إعطاء رقمٍ مُحدد لكلٍّ منهم.

للتذكير (2)

ينتمي هذا الفيروس إلى العائلة البابوفية (عائلة الفيروسات البابوفية – papovaviridae) والتي تضم جنسًا اّخر يُعرف بـ(الفيروسات التوارمية – polyomaviridae). أمَّا العائلة البابوفية فتقع مع عائلة (الفيروسات الغدانية – Adenoviridae) تحت مصطلح (الفيروسات ثنائية الدنا عديمة الغلاف -Non  enveloped icosahedral double stranded DNA viruses)

لكن ما هي طُرق الإصابة؟ (3)

تحدث الإصابة بهذا الفيروس نتيجة التعامل المباشر مع الشخص المصاب (كالاتصال الجنسي مع شريكٍ مُصاب) أو عن طريق التعامل المُباشر مع بعض الأسطح الملوثة بالفيروس، كالاحتكاك بأسطح دورات المياه العمومية خاصةً مع وُجودِ خدوشٍ أو جروحٍ حديثة. بالإضافة إلى إمكانية انتقاله من الأم للأطفال خلال عملية الولادة.

أعراض  فيروس الوَرَم الحُليمي البشريّ  (4)

يقوم الجهاز المناعي في أغلب الأحوال بمقاومة هذه الإصابة الفيروسية قبل ظهورالثآليل، لكن في بعض الأحوال تبدأ هذه الثآليل في الظهور بعدة صور كالثآليل الجلدية، والثآليل الفموية، والثآليل التناسلية، مُعتمِدةً على جنسِ الفيروس الذي سبَّب الإصابة. في أغلب الأحوال تبدأ هذه الثاَليل في الزوال مع الوقت، لكنها تستوجب زيارة الطبيب المختص في أقرب فرصة ممكنة تجنبًا للمشكلات.

الثآليل التناسلية:

هنالك ما يقرب من 30 نوعًا مُختلفًا من هذا الفيروس يمكنهم إصابة الأعضاء التناسلية بكُلِّ سهولة، لكن هناك نوعين على وجه الخصوص (السادس والحادي عشر) هم الأكثر ضراوةً وهم المسؤولون عن العديدِ من الإصابات بنسبةٍ  قد تصلُ إلى 90% من إجمالي عدد الحالات المصابة بالثآليل التناسلية.

تَظهر هذه الصورة من الإصابة بشكلٍ عام على هيئة ندبات مسطحة أو على شكل حُليمات ونتوءات متعددة على السطح الخارجي من الجلد. تظهر الإصابة  في السيدات في الأغلب على الجزء الخارجي من الفرْج* (أنظر الصورة رقم 1) أو بالقرب من فتحة الشرج، كما يمكن أن تحدث بعنق الرحم أو بالمهبل. أما في الرجال فتظهر الإصابة على صورة ثاَليل على القضيب، وكيس الصفن، أو حول فتحة الشرج، لكنها نادرًا ما تُسبِّب الألم وعدم الارتياح.

صورة رقم 1 توضح الإصابة النسائية بالثآليل
صورة رقم 1 توضح الإصابة النسائية بالثآليل
صورة رقم 2 توضح إصابة أحد الذكور بالمرض
صورة رقم 2 توضح إصابة أحد الذكور بالمرض

2- الثآليل الجلدية

  • الثآليل الشائعة (Common Warts)

 تظهر هذه الحالة* (أنظر إلى الصورة التوضيحية رقم 3) على هيئة ثاَليل وحُليمات متعددة بشكلٍ خاص على اليدين والأصابع والمرفقين. في معظم الأحوال تُسبِّب هذه الثآليل القلقَ والاضطراب للمصاب نظرًا لتأثيرها على مظهر اليدين، بالإضافةِ لكونها مؤلمةً في بعض الأحيان.

صورة رقم 3 توضح إصابة اليد بالثآليل الشائعة
صورة رقم 3 توضح إصابة اليد بالثآليل الشائعة
  • الثآليل الأخمصية (Plantar Warts)

بشكلٍ عام يُمكن تعريف هذه الثآليل على أنها زوائد حميدة تظهر عادةً على الأعقاب (الكعوب)، وباطن القدم بشكلٍ عام، مما قد يتسبَّب في الشعورِ بعدم الراحة.

صورة رقم 4 توضح الثآليل الأخمصية
صورة رقم 4 توضح الثآليل الأخمصية
  • الثآليل المسطحة (Flat Warts)

يمكن لهذا النوع من الإصابة أن يظهر بأيِّ مكانٍ بالجسد بشكلٍ عام، لكن على وجه الخصوص تظهر في الأطفال على الوجه، وفي الرجال بمنطقة اللحية، أما بالنسبة للنساء فتحدث الإصابة بشكلٍ عام على الساقين.

صورة رقم 5 توضح الثآليل المسطحة
صورة رقم 5 توضح الثآليل المسطحة

من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة؟ (5)

  • من يمتلكون أكثرَ من شريكٍ جنسي، أو ممارسة الجنس مع شريك يمارس أكثر من علاقة.
  • يمكن لشكل الإصابة أن يختلف باختلاف العمر، فالأطفال هم الأكثر عُرضةً للإصابة بالثآليل الشائعة، كما أن الشباب في فترة المراهقة هم الأكثر عرضةً للإصابة بالثآليل التناسلية.
  • الأشخاص المصابون بضعف المناعة، مثل حالات الإيدز، أو في حالة تناول بعض العقاقير الخاصة بتثبيط الجهاز المناعي، وفي بعض الحالات الخاصة كزراعة الأعضاء.
  • عند الاحتكاك أو الاتصال بأشخاصٍ مصابة، خاصةً عند وجود جروحٍ أو خدوش بالجلد، كما يُمكن لهذا الفيروس أن ينتقل من خلال اِستخدام المسابح ودورات المياه العامة.

هل يمكن لهذا الفيروس أن يتسبب في حدوث السرطان؟ (6)  

للأسف يمكن لهذا الفيروس أن يتسبب في نشوءِ بعض الأورام السرطانية كسرطان عنق الرحم، والقضيب، والشرج. كما يمكنه أن يتسبب في سرطان الفم والبلعوم. في الأغلب تبدأ إصابة السرطان بالظهور بعد عدة سنوات من الإصابة، بل وربما تحتاج لعقود حتى تبدأ في الظهور عند الشخص الذي كان قد أُصيبَ من قبل بالفيروس. لكن لا تقلق فالأنواع التي يُمكن أن تتسبب في حدوث السرطان قليلة، فهنالك ما يقرب من 150 نوع من هذا الفيروس (النوعين 16/ 18مسؤولون عن 70% من إجمالي حالات سرطان عنق الرحم). للأسف لا توجد طريقة حالية توضح بصورةٍ مباشرة ما إذا كان الشخص مصابًا بالنوع الذي يُمكن أن يتسبب في السرطان أم لا، لذلك يحتاج الطبيب للقيام بالعديد من الفحوصات للاطمئنان على صحة المريض.

كيف يكتشف الطبيب هذه الحالة وما هي التحاليل اللازمة للتشخيص؟ (7)

يمكن للطبيب المتمرِّس أن يقوم بتشخيص هذا المرض بكل سهولة من خلال النظر المباشر إلى حالة الثآليل، لكن في بعض الأحيان وخاصةً في حالات الثآليل التناسلية قد يطلب الطبيب منك القيام بواحدة من هذه التحاليل:

  • اختبار حمض الخليك ((Acetic Acid Solution Test: هو اختبار غير دقيق، حيث يقوم الطبيب باستخدام الخل على المكان المصاب، مما يؤدِّي إلى تحول لون الثآليل غير الواضحة إلى الأبيض مُسهِّلًا عملية الفحص.
  • فحص أو مسحة PAP (Papanicolaou test): وهو فحصٌ يقوم فيه الطبيب بجمعِ عيناتٍ من خلايا عنق الرحم أو المهبل من أجل إرسالها للفحص المعملي. لهذا التحليل القدرة على حماية حياتك من السرطان، وذلك عن طريق اكتشاف المرض في مراحله الأولية.
  • استخدام الوسائل الحديثة في اِكتشاف الحمض النووي الخاص بالفيروس داخل نسيج الشخص المصاب من أجل التحقق من طبيعة هذا الفيروس، وما إذا كان من النوع الذي يمكن أن يتسبَّب في السرطان أم لا.

ما هي الوسائل المتاحة للعلاج؟ (8)

في الأغلب تختفي الأعراض تلقائيًّا دون الحاجةِ لعلاج، لكن في بعض الأحيان تستدعي الحالة التدخلَ المُباشر من الطبيب وذلك عن طريق:

  • اِستخدام حمض الساليسيليك على الأماكن التي تظهر بها الإصابة، حيث يعمل هذا المُستحضر الدوائي على إزالة الطبقات الخارجية الرقيقة للجلد ومن ثم للثاَليل. قد يتسبب حمض الساليسيليك في تهيج البشرة بصورةٍ كبيرة، ولذلك يُنصح بعدم استخدامه على الوجه.
  • استخدام كريم الإميكويمود (Imiquimod)، يعمل هذا المستحضر على تعزيز قوة جهازك المناعي في مواجهة الإصابة الفيروسية. في بعض الأحيان قد يُسبِّب هذا المستحضر الاِحمرار والانتفاخات البسيطة.
  • استخدام البودوفيلوكس (Podofilox) الذي يعمل على تدمير هذه الثآليل بشكلٍ عام، وعلى الثآليل التناسلية بشكلٍ خاص.

 

قد يلجأ الطبيب في بعض الأحيان للتدخل الجراحي المباشر إذا لم تستجب الحالة للمستحضرات الصيدلانية. و ذلك عن طريق:

  • الكي أو العلاج بالتبريد (Cryotherapy)، عن طريق اِستخدام النيتروجين السائل.
  • اِستخدام الليزر.
  • الإزالة الجراحية.
  • الكي باِستخدام التيار الكهربائي (Electrocautery).

التطعيم ضد فيروسُ الوَرَم الحُليمي البشريّ  (9)

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فهنالك لقاحان تم تجربتهم بالفعل، وتم إثبات فعاليتهم في الحماية من هجمات ذلك الفيروس، خاصةً إذا كنا نتحدث عن النوع السادس عشر والنوع الثامن عشر، والمسؤولين عن 70% من إجمالي حالات سرطان عنق الرحم. لا يمكن لهذا اللقاح أن يقوم بعلاجك إذا كانت الإصابة قد حدثت بالفعل، فهو مُصمَّم من أجلِ الحمايةِ فقط.
تابعونا في الجزء القادم من السلسلة…

 

 إعداد: Mahmoud Ahmed

مراجعة علمية: أحمد فياض
مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary

تصميم: أميرة اسماعيل

تحرير: حسناء الدباوي

المصدر:

(1) http://sc.egyres.com/Bv0yO

(2), (3) Harvey, R. A., Champe, P. C., Fisher, B. D., & Strohl, W. A. (2007). Lipincott’s Illustrated Reviews: Microbiology (Third ed.). Philadelphia: Lippincott Williams & Wilkins 245- 248. (http://sc.egyres.com/vTPbL)

(4) http://sc.egyres.com/vTPbL (Clinical significance part), http://sc.egyres.com/YddSV

(5) http://sc.egyres.com/YddSV

(6) http://sc.egyres.com/UDhKM

(7) http://sc.egyres.com/cfKo8

(8) http://sc.egyres.com/JxKh1

(9) http://sc.egyres.com/Ntmb8                                                                                                                   

شارك المقال:

فريق الإعداد

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي