التنمر في محيط العمل

التنمر

|

التنمر في محيط العمل

للتنمر القدرة على جعل العمل المثالي مُفزعًا؛ وجود ما يهددك يدفعك لتكون دائمًا على حافة الانهيار؛ خائفًا وعاجزًا وضعيفًا، سواء كان الترهيب صادرًا عن مديرك أو زميلك.
رغم أنَّ المتنمر هو من يُرهب الآخرين ويسيطر عليهم في سبيل تحقيق مطامعه، إلَّا أنَّه قد يكون مُتعاونًا حين تستدعي مصالِحه ذلك، لكنه يبقى مفتقرًا للإنصاف والأمانة.
يقوم المتنمر في مكان العمل عادةً باستغلال وترويع من هم أدنى منه على السلم الوظيفي، أو المساوين له. يمكن أن يكون التنمّر موجهًا للمدير أيضًا، حيث يهدد المتنمِّر بتخليه عن العمل -كتقديم الاستقالة مثلًا- في الأوقات الحرجة.

المتنمِّر، من يتعرض للتنمّر وأسباب التنمر

يُخطئ الناس عند افتراضهم أنَّ التنمر يفتقر إلى التقدير الذاتي، لأن تصرفات المتنمّر تكون ردة فعل لما يشعرون به من عار داخلي. فعلى الرغم من أن معظم من يتعايش مع خجل داخلي يملك تقديرًا ذاتيًا ضعيفًا، إلَّا أنَّ الأمر على عكس ذلك عند المتنمرين، بل يصل تقديرهم الذاتي إلى درجة الغطرسة.
يتهجّم المتنمّرون على الآخرين للتخلص من إحساسهم بالعار، مما يسمح لهم أن يبقوا غير واعين بمشاعرهم الحقيقية، بالتالي يمكنهم تجاهلها.
يتشكل لدى الناس خلال السنوات الأولى من الحياة أنواع مختلفة من الاستجابة للعار. ببلوغ الشخص، تتحول أساليب التعامل مع الخزي إلى سمات شخصية؛ يمكننا ملاحظة أربعة أنواع أساسية من هذه الأساليب/ السمات، وهي: مهاجمة الآخرين، ومهاجمة الذات، والتجنب والانسحاب. وفي حالة المتنمّر نجد أنه يختار التهجّم على الآخرين حين يشعر بالخزي، مثل وجوده في موقف قد يبدو غير كفء.
في الحالات المتطرفة، يصبح الأشخاص نرجسيين ويكون التعامل مع العار المُتأصِّل عن طريق الاستمرار في تهجّمه بشكلٍ دائم.
وعلى الجانب الآخر، يغلب أن يكون الذي يتعرّض للتنمّر من يميلون إلى مهاجمة الذات حين يواجهون العار. يساعد آلية لوم النفس على إبقاء العلاقة قائمة مع المتنمّر، لكن على حساب بقاء من يتعرّض للتنمّر بدور الضحية.
من ردود الفعل الأخرى للإحساس بالعار هو الانسحاب، حيث يخفي الفرد مشاعره عن الآخرين مما قد يؤدي إلى الاكتئاب. تُشاع ردة الفعل هذه عند الذين يتعرضون للتنمّر في بيئة العمل على مدى طويل، وهي ردة فعل مؤذية بنفس درجة مهاجمة ولوم النفس.
من وجهة نظر علم النفس، يتسبب المتنمّر بإيقاظ شعور العار لدى الآخرين عن طريق مهاجمته نقاط ضعفه أو مواطن عدم الاستقرار في نفسه. فالمتنمّر يهاجم عاره الشخصي عن طريق استهداف حساسية الآخرين، ولا يؤدي ذلك إلى إزاحة العار من وعيهم فقط، بل إنه يحفّز كذلك تجربة امتلاك القوة.
كما أنَّ المتنمّر-رغم أنه يحاول التقليل من شأن الآخر لتعظيم تقديره النفسي- لا يعي لحقيقة أنه يشعر بالسوء تجاه نفسه، فيبقى الإحساس مخفي بفضل تصرفاته المسيئة. فحين يقوم المتنمّر مثلّا بالإساءة لزميله أو خداعه فيتصرّف الآخر بالأسلوب نفسه، فسيلقي المتنمّر اللوم على الزميل وأفعاله دون أن يدرك أن تصّرف الزميل معه ردة فعل لتنمّره.

كيفية التعامل مع المتنمِّر في بيئة العمل

يتعرض البالغون في محيط العمل لأذىً أكبر حين يتعاملون مع المتنمّر على أنه مُفتقر للتقدير الذاتي. لن تنجح محاولات التعاطي مع التنمّر إذا كانت مبنية على الاعتقاد بأن المتنمّر يدرك مشاعره وواعٍ لعاره، أو أنه قادر على الإحساس بالندم.
يعد التّوحد مع بقية زملاء العمل أفضل طريقة للتعامل مع حالات التنمّر، حيث يوفّر التّجمّع مع الآخرين الدعم النفسي للضحايا الذين يتعرضون لخطر أن يصبحوا منعزلين في حال بقائهم لوحدهم في مواجهة التنمّر.
يستطيع زملاء العمل بتوحّدهم ومناقشة سلوك المتنمّر احتواء الأخير، الذي يفقد سلطة الترهيب ويواجه خطر العزلة.
يمكن للمتنمّر إيقاف سلوكه عند تطوير قدراته في تحمّل الضائقة بدل التصرّف بعدوانية، ويتعلم كيفية معالجة عاره بشكل إيجابي.

ترجمة: مادلين أوكيان
مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح
تدقيق لغوي: أمنية أحمد
المصدر:
1

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي