تاريخ الاستدامة والعمارة الخضراء.. بين الحقيقة والخيال

تاريخ-الاستدامة-والعمارة-الخضراء

|

منذ بداية التاريخ البشري على الأرض ووعي الإنسان تغير كثيرًا، وكذلك رؤيتة للبيئة وتعامله معها، ومع زيادة عمر الإنسان على الأرض ازدادت وحشيته تجاه البيئة؛ حيث بدأ الإنسان في الاعتقاد أن البيئة ما خُلقت إلا لخدمته وكلُ ما فيها مسخرٌ له يفعل بها ما يشاء، حتى وصل إلى أعلى درجات تعديه على البيئة مع بداية عصر الثورة الصناعية واستمر هذا حتى يومنا الحاضر في أشكالٍ كثيرة. ومع هذا التغير التدريجي في سلوك الإنسان وتعامله مع البيئة وتحديدًا في عام 1962 عندما نشرت العالمة راشيل كارلسون كتابها «الربيع الصامت» والتي ناقشت فيه، ولأول مرة، آثار الثورة الصناعية على البيئة؛ حيث أشارت العالمة في كتابها إلى اختفاء أنواع كثيرة من الطيور نتيجة الاستخدام الكثيف للأسمدة، حيث قالت: «كم أخاف أن يأتي الربيع القادم صامتًا بلا طيور تغرد في الغابة، وتعج الصحراء بالجراد ويتشوه منظر النجوم والقمر».

ومنذ ذلك الحين بدأ الإنسان يرى نتائج أفعاله بالبيئة، ويُعتبر هذا الكتاب نقطة تحول كبيرة في الفكر البشري والأساس الأول الذي مهد لظهور الاستدامة، ومن بعدها توالى الهجوم على طريقة تفكير الإنسان في عصر الثورة الصناعية؛ حيث تلاها حملة قام بها المحامي رالف نادر في عام 1965 هاجم فيها مواصفات الأمان لسيارت جنرال موتورز، وفي عام 1968 كان أول اجتماع لما يسمى بنادي روما «CLUB OF ROME»، وهي رابطة غير رسمية من شخصيات مستقلة رائدة في مجالات السياسة والتجارة والعلوم، رجال ونساء يتميزيون بالتفكير بعيد المدى ليساهموا بطريقة متعددة الاختصاصات وشاملة للوصول إلى مستقبل أفضل. وكانت أُولى اهتماماتهم دراسة زيادة الاستهلاك الاقتصادي غير المدروس في العالم المترابط.

نادي روما:

بدأت الدعوة لنادي روما من قِبل رجل الصناعة الإيطالي أورليو ريتشي «Aurelio Peccei»، والعالم الاسكتولندي ألكسندر كنك «Alexander King»، وسبقوا بذلك العديد من الشركات والموؤسسات الساعين إلى ذلك المفهوم.

تتلخص أهداف نادي روما على تحديد أكثر المشاكل الحاسمة وأشدها خطورة على البيئة وتهدد مستقبلها، وذلك من خلال التحليل التطلعي المتكامل، وتقييم السيناريوهات البديلة للمستقبل، وتقييم الاختيارات والفرص؛ لتقديم واقتراح حلول عملية لتلك التحديات ونقل الرؤى والمعرفة الناتجة عن هذا التحليل لصانعي القرار في القطاع العام والخاص، وكذلك للرأي العام؛ لتحفيز النقاش العام والإجراءات الفعالة لتوسيع آفاقنا للمستقبل.

وفي عام 1969 بدأ الاعتراض في أمريكا على إنشاء المحطات النووية، وذلك عقب مقال نُشر في مجلة رياضية واسعة الانتشار تحت عنوان «المحطات النووية على صفيح ساخن».

تقرير مستقبلنا المشترك «Our common future»:

حتى عام 1983 عندا احتمعت اللجنة العلمية المعنية بالبيئة والتنمية «World Commission on Environment and Developmen»، برئاسة غرو هارم برونتلاند «Gro Harlem Brundtland»، بناءً على طلب من الأمم المتحدة آنذاك؛ حيث كانت أهداف الجمعية هي معالجة الاهتمام المتزايد بالعواقب المتسارعة لتدهور البيئة البشرية والموارد الطبيعية، وكان ناتج هذا الاجتماع تقرير مستقبلنا المشترك «Our Common Future»، وسُمي أيضًا بتقرير رونتلاند تبعًا لرئيسة اللجنة آنذاك.

تقرير مستقبلنا المشترك تم نشره في عام 1987؛ حيث يعتبر الوثيقة الأم للاستدامة، يشبه في ذلك ميثاق الحرية في أمريكا ولكنه هنا على مستوى عالمي، ومن هذا التقرير ظهر لأول مرة مصطلح الاستدامة للعامة. وجاء تقرير مستقبلنا المشترك ليؤكد على أهداف الاستدامة، ومنها تحقيق النمو الاقتصادي، والمنفعة العامة على المدى الطويل، وكذلك تحقيق العدالة الاجتماعية ليس فقط لدوافع اخلاقية ولكن أيضًا لأسباب عقلانية؛ حيث وَضعُ الفقراء في خطط يومية من أجل الغذاء لا يحقق لهم أي منفعة تقع عليهم، فربط الاستدامة بأهداف علمية منطقية جعلها مسموعة أكثر.

وجاء من ضمن فقرات التقرير:

• الفشل في إدارة البيئة وتنمية وتطوير الموارد خطر يهدد كل دول العالم.

• البيئة والاستدامة ليست تحديات منفصلة ولكنها أهداف متصلة لا محالة؛ حيث أن التنمية لا يمكن أن تكون على حساب تدهور الموارد البيئية، فلا يمكن حماية البيئة ونحن نفصلها عن الآثار الناتجة عن النمو الاقتصادي عليها، فهذه المشاكل لا يمكن أن تحل من خلال سياسات مجزّأة وفهم مرتبطَين بنظام معقد من النتيجة والسبب.

•الاقتصاد والبيئة يجب أن يتكاملوا في عملية صناعة القرار وعمليات وضع القوانين؛ حيث أن البيئة والاقتصاد ومشاكلهم مرتبطين بعوامل اجتماعية وسياسية، حيث يمكن القول بأن توزيع السلطة والنفوذ داخل المجتمع يكمن في صلب التحديات التي تواجه البيئة والتنمية، ولذلك يجب إضافة برامج جديدة داخل برنامج الاستدامة عن التنمية المجتمعية، فالتنمية المجتمعية تضم: تحسين مكانة المرأة في المجتمع، وكذلك حماية الأقليات المضطهدة وحماية الأفراد من المجاعات، وتحسين فكرة المشاركة المحلية في صناعة القرار.

فطبقًا للتقرير، يمكن تعريف الاستدامة على أنها تحقيق احتياجاتنا في الحاضر مع الحفاظ على قدرة الأجيال القادمة في تحقيق اجتياجتهم كذلك. وأن الاستدامة تعمل على ثلاث محاور أساسية هي: الإنسان خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، والبيئة في الحفاظ على الموارد الطبيعة ومحاولة إحيائها، والتنمية الاقتصادية. «People , Plant , Profit»

العمارة المستدامة الحقيقة والخدعة:

مع ظهور وتطور مفهوم الاستدامة، ظهرت كثير من أنظمة التقييم للمباني والتي تقيس كفاءة المبنى في مجالات كثيرة، منها الطاقة واستخدام الماء، وأنظمة التهوية والإضاءة، وذلك بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والتي تعمل على توفير الطاقة المستخدمة في المباني وترشيدها، فارتبطت العمارة المستدامة مؤخرًا وبشكل كبير بالتكنولوجيا المتطورة على اختلاف تعقيدها وبساطتها، وأصبحت من أساسيات المباني المستدامة.

لكن هل الحل فعلًا يكمن في مثل هذا الاعتماد على التكنولوجيا؟!

« هل يحدث فرقًا إذا استخدم آكل لحوم البشر شوكة؟!»، هكذا علق الشاعر البولندي ستانس «Stainslaw» على مقولة الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه «حالة الأمم-State Of The Union»، حيث قال: «أمريكا مدمنة على استخدام البترول والحل للتخلص من هذا الإدمان هو الاعتماد على التكنولوجيا». هنا يجب علينا أن نقف وقفة مع هذه المقولة، فهل المشكلة الحقيقة الآن تكمن في إدماننا على استخدام البترول؟! أم مشكلتنا الأساسية تكمن في طبيعتنا الإستهلاكية وطريقة تعاملنا مع البيئة؟!

بعد اقتحام التكنولوجيا الحديثة مجال الاستدامة بهذه القوة وتحديدًا العمارة الخضراء، فهل حقًا أثبتت فاعليتها؟! فقد حدث شيء عجيب للمباني التي تدعى بالمباني المستدامة، فعندما تم قياس درجة كفاءتهم فعليًا، وذلك بعد تشغيل المبنى عن طريق نظام التقييم للأنظمة المتبعة، حيث أثبت التقييم أن معظم تلك المباني أقل استدامة كثيرًا عن ما يدّعيه أنصار المبنى ومالكيه، بل في بعض الحالات كان أداؤهم أضعف من المباني القديمة!

بدون أي افتراء في عام 2009 نُشر مقال في جريدة التايمز الأمريكية بعنوان «بعض المباني لا ترتقي لدرجة المباني الخضراء-Some Building Not Living up to Green Label» حيث وثق المقال مشاكل واسعة النطاق من أيقونات الاستدامة، وبين أسباب هذا الفشل الكبير؛ حيث أشار المقال إلى استخدام «الحوائط الستائرية-Curtain Walls»- وهي المباني ذات الواجهات الزجاجية- غالية الثمن والتي أبعدت المستخدم وفصلته بشكل كبير عن البيئة الخارجية، فزاد الاعتماد على التهوية والأضاءة الصناعية.

وردًا على مثل هذا المقال، أقرت مدينة نيويورك قانون جديد يطالب بالإفصاح عن الأداء الفعلي والحقيقي للمباني، ونتج عن هذا القانون تقارير عن مبانٍ أكثر سوءًا كانت تعد أيضًا كأيقونات معمارية، وتبع ذلك أيضًا مقال في جريدة التايمز يحمل عنوان «مفاجآت مدهشة تصاحب القانون الجديد للطاقة-City’s Law Tracking Energy Yields Some Surprise»؛ حيث أوضح المقال أن مبنى مركز التجارة العالمي7 والذي حصل على تصنيف ذهبي في نظام التقيم ليد «Leadership in Energy and Environmental Design-LEED» قد سجل فقط 74 نقطة، أي أقل بنقطة واحدة عن أقل التقديرات 75 نقطة للمباني عالية الكفاءة، في نظام التقييم الوطني!

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فسرعان ما ازدادت الأمور سوءًا في 2010 مع الشكوى الجماعية المقدرة بمائة مليون دولار ضد نظام التقيم ليد وضد مجلس المباني الخضراء الأمريكي«USGBC»، وهم المُطورون لنظام التقييم ليد؛ حيث زعم المدّعُون في هذه الشكوى ارتباط معظم أعضاء مجلس المباني الخضراء الأمريكي في الممارسات التجارية الخادعة والدعاية المضللة وغير الصادقة في حملتهم للترويج عن نظام التقييم ليد، وجادلوا أن نظام التقيم لا يرتقي إلى القيم المعلنة في الحفاظ على الطاقة، وأن مجلس المباني الخضراء الأمريكي قد تزعموا الاحتيال على البلديات وهيئات القطاع العام والخاص، وفي نهاية المطاف رفضت الدعوة لكن العواقب كانت أسوأ كثيرًا من ذلك؛ حيث تم إنشاء موقع «Treehugger» وغيرها من المواقع الذي يقوم في الأساس على الدلائل التي يتم الكشف عنها على خلفية هذه الدعوة.

مهلًا، ما الذي يحدث؟ كيف يكون الشغف للاستدامة ينتج عنه العكس تمامًا؟!

المشكلة الأساسية هي مشكلة مشتركة في معظم مباني الاستدامة؛ حيث أنها لا تسأل أو تشكك في نوعية المبنى الأساسية، وبدلًا من ذلك يضيفون للمبنى فقط بعض الإضافات الثانوية من عناصر وأدوات الاستدامة كنظام ميكانيكي أكثر كفاءة وعزل أفضل للحوائط، ولكن ذلك لا يعد أساس الاستدامة، حتى مع نجاح بعض هذه الإضافات جزئيًا فإنها دائمًا ما تخلق عائقًا عندما يتم إهمال طبيعة المبنى الأساسية والشكل البنائي له ونظامه الإنشائي، فالنتيجة عند ذلك تكون منطقية وهي ما يعرف باسم «قانون العواقب غير المقصودة»، فما يمكن أن تحققه في اتجاه لا بد وأن تخسر أضعافه في اتجاه آخر نتيجة تفاعلات عناصر المبنى ببعضها البعض وبصورة غير متوقعة أو مدروسة.

كمثال فإن إضافة نظام لكفاءة الطاقة في المباني بهدف تقليل كمية الطاقة المستخدمة يقلل من التكلفة الإجمالية، ولكن على النقيض فإن تخفيض التكلفة هذا يجعل المستخدمين أقل حذرًا في استخدام الطاقة. وهذا يعرف بظاهرة مفارقة جيفونز «Jevon’s Paradox»؛ حيث أن زيادة الكفاءة مع تقليل العبء المادي وزيادة الطلب يؤدي بالضرورة إلى زيادة معدلات الاستهلاك فيضيع مع ذلك مقدار الطاقة التي تم توفيرها.

ما يمكن تعلمه من هذا أنه لا يمكن أن نتعامل مع الطاقة على أنها منعزلة عن البقية، علينا أن ننظر إلى مفهوم الطاقة بشكل أوسع ونرى باقي التفاعلات والقيم. هناك دائمًا عواقب غير مقصودة في كثير من الأحيان، وكحالة بارزة، مبنى لندن «Gherkin» الذي تم تلفيق الاستدامة له، وهو من تصميم نورمان فوستر وشركاؤه؛ حيث كان نظام التهوية يعتمد على الطوابق المفتوحة «Open-Floor Ventilation»، لكن عند استخدام المبنى فإن سكانه- ولدواعٍ أمنية- قاموا بإقامة حواجز زجاجية ونوافذ قابلة للفتح والغلق بالمواصفات المطلوبة مما قلل كثيرًا من نسبة التهوية الطبيعة داخل المبنى، مما أدى في نهاية الأمر إلى انهيار نظام التهوية الطبيعة بأكمله داخل المبنى، وكان لابد من إغلاق النوافذ دائمًا والاعتماد على التهوية الصناعية. إذن إن السعي إلى نظام تهوية طبيعية أكثر تطورًا قد أدى في نهاية الأمر إلى نتيجة عكسية تمامًا.

لايوجد مبنى جزيرة:

مشكلة أساسية في المباني الخضراء حدثت عندما تم التعامل مع المبنى على أنه معزول تمامًا عن البيئة العمرانية المحيطة به، وفي مثال مشهور لذلك الغوص إلى الاستدامة عندما تحركت مؤسسة شيسابيك باي «Chesapeake Bay» لكي يكون مقرها أول مشروع يحصل على درجة البلاتنيوم في نظام التقيم ليد، ولكن هذا التحرك قادهم إلى استبدال المشروع من مبني قديم في مدينة أنابلويس «Annapolis» إلى مبنى جديد بمواد أولية جديدة وطاقة مجسدة، لكن هذا جعل الموظفين الجدد يسافرون كلٌ على حدى إلى المبنى الجديد فيما يعرف باسم «نظام كثافة الطاقة في قطاع النقل»؛ حيث أن الطاقة التي تم توفيرها بالنظم المتبعة في المبنى الجديد تم هدرها في طريقة نقل الموظفين إلى موقع مبناهم الجديد!

نظرية المرونة:

نظرية المرونة تشير إلى طبيعة المشكلة التي نحن بصددها الآن؛ حيث أن النظم قد يظهر لنا أنها مصممة هندسيًا بشكل جيد، ولكن هذا في إطار عملها بمفردها دون الأخذ في الاعتبار ما ينتج عنها من عوامل وتبعات، ولكنها لامحالة تتفاعل مع كثير من الأنظمة الأُخرى بطريقة غير متوقعة. نحن نسعى إلى منهجية تصميم أكثر صلابة تجمع ما بين المناهج المتزنة والأساليب الثانوية المضافة، منهجية تعمل على كل المقاييس وتضمن تكيف كل العناصر مع بعضها البعض.

على الرغم من أن هذه المعايير قد تبدو مجردة، لكنها تحديدًا تمثل الخصائص التي تحققت مع ما يسمى بالمبنى السلبي «Passive House»، كمنهج للتصميم ونَظم المباني، فالمبنى السلبي يسمح للمستخدم بالتكيف مع الظروف المناخية الخارجية مثلًا عن طريق فتح النوافذ وإغلاقها، تعميم النوافذ أو فتحها لدخول ضوء النهار الطبيعي مثل هذا التصميم يمكن أن يكون أكثر دقة في التكيف مع الظروف ومعتمدًا على عناصرة الشاملة.

مثل هذا التصميم يفضل الأنظمة التي تقوم بأكثر من وظيفة في وقت واحد كالحوائط التي تدعم النظام الإنشائي للمبنى وكذلك تعمل كعازل للحرارة، ويفضل أيضًا الفراغات المتشابكة التي يمكن إعادة تشكيلها بأكثرمن طريقة حيث يمكن استخدامها في استخدامات جديدة داخل المبنى بإجراء تعديلات غير مكلفة نسبيًا، على عكس نظام المساقط المفتوحة «open plan»، والذي لم يصل لحد التوقعات قط، وأيضًا يفضل الأبينة متعددة الأغراض التي لم تصمم لغرض بعينة أو بشكل محدد.

وهنا أيضًا لم ينفصل التصميم عن البيئة العمرانية المحيطة بالمشروع، لكن المبنى يعمل مع ما يحيط به على كل المقاييس لتحقيق أكبر قدر من المرونة ومن المنفعة على المقياس الكبير والصغير.

المباني القديمة أداؤها أفضل في بعض الأحيان:

بعض المباني القديمة اتبعت طريق المبنى السلبي ببساطة لأنهم أُجبروا على ذلك؛ حيث تم بناء هذه المباني في فترة كانت الطاقة فيها غالية ومكلفة وغير متوفرة وكذلك أساليب النقل كانت صعبة، فالمباني وقتها كانت تتجمع في محيط عمراني يربطها بعضها ببعض؛ حيث يكون تشكيلها وتوجيهها تبعًا للإضاءة الطبيعة النهارية، ولذلك كان تصميم النوافذ دقيق جدًا، فكانت أماكن النوافذ تحدد بدقة وكانت النوافذ صغيرة بالإضافه إلى حوائط أكثر كثافة لزيادة العزل الحراري لها.

الأشكال البسيطة القوية لهذه المباني سمح لهم بتكوينات لا نهائية في الحقيقة، فإن أكثر المباني العمرانية الحالية التي تجد إقبالًا كبيرًا هي عبارة عن إعادة استخدام متكيف لمبانٍ قديمة.

فنتائج المباني السلبية تنعكس على كفاءة أداء المبنى في مجالات الطاقة، ففي حين أن مبنى التجارة العالمي7 قد حقق 74 نقطة عند تقييمه، فالمباني القديمة والتي تم تدعيمها بنفس الأدوات والنظم المستدامة المتعبة- من حيث الإضاءة الإلكترونية وأنظمة التبريد والتدفئة وأنظمة المياه وغيرها- في المباني الحديثة قد حققت رقمًا أعلى بكثير، فمبنى امباير استاتس«Empire State» حقق 80 نقطة من 100، ومبنى كريسلر«Chrysler building» قدد حقق 84 نقطة!!

لكن بما أن المبنى قديم وليس معيار، فمبنى متلايف «MetLife» والذي أُنشِئ في عام 1963 حقق فقط 63 نقطة، ومثال آخر يبلغ نفس العمر تقريبًا وهو «The Lever House» قد حقق فقط 20 نقطة، أما أسوأ أداء كان من نصيب مبنى سيغرام «Seagram Building» حيث حقق أقل من 3 نقاط!

مع تميز معظم المباني القديمة فما تكون مشكلة المباني الحديثة؟!

كما أوضح مقال التايمز الأمريكة مشكلة استخدام الواجهات الستائرية والمباني العميقة وغيرها من المحددات على مستوى أساسي، ونرى السر في نظرية المرونة فقد فُقدت كثيرًا من المرونة الموجودة في المباني القديمة، فما هو سبب المشكلة في مبانينا اليوم؟ قد تكون المشكلة في نظرية الكتل والتشكيل نفسها، قد تكون عائقًا أمام المرونة!

إذن فإنه وعلى أساس طبيعة التفكير في المشروع، فإن كثيرًا من تكنولوجيا وأدوات الاستدامة الثانوية قد تكون بلا فائدة! إذن فإن الاستدامة لا تعني بالضرورة تكنولوجيا متطورة أكثر، لكن تعني تفكير واعٍ ومدرك للصورة الكاملة، حيث أن طريقة التفكير هي التي تحدد طريقة الاستدامة التي نسعى لها.

إعداد وترجمة: ايمن الهادي

مراجعة علمية: Mahmoud Mohamed Ouf

مراجعة لغوية: Mohammad Marashdeh

المصادر:

goo.gl/xtNypp

goo.gl/t1PFsh

goo.gl/IXXPtI

goo.gl/TvBysi

goo.gl/9xPQpv

#الباحثون_المصريون

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي