من السهل إنشاء ذكريات زائفة

fig-23-11-2018_14-35-23

من السهل إنشاء ذكريات زائفة|من السهل إنشاء ذكريات زائفة

«الذاكرة شيءٌ معقّد، ذات صلة بالحقيقة ولكن ليست توأمًا لها»

كانت الروائية (باربرا كينجزولفر-Barbara Kingsolver) على دراية بأحدث التغيرات في (علم الإدراك-cognitive science) عندما كتبت هذه المقولة. ربما تعتقد أن ذكرياتك قد حُفرت في الصخر، في حين أنه يمكن التلاعب بالذاكرة بسهولة مدهشة، بواسطة أشياء مذهلة.

بالخيال سوف تصل إلى هناك

كان عام 1990م مرعبًا لعلم النفس. روَّج فيه العديد من المعالِجِين فكرة أن التجاربَ الصادمةَ تستطيع استخراج ذكريات مكبوتة، تلك التي لا تظهرُ إلا عن طريق العلاج، وعندما بدأ المرضى يتقبلون ذكريات سوء المعاملة المكبوتة لديهم وحاولوا تذكر المشتبه بهم، كان العديد منهم آباء وأشخاص أحبوهم، أدرك بعضهم أن التجارب التي في ذاكرتهم مستحيلة الحدوث، وقاموا برفع دعوى قضائية ضد المعالجين واتهموهم بسوء الممارسة.

وفي الوقت نفسه، بدأ باحثو علم نفس مثل (إليزابيث لوفتاس-Elizabeth Loftus) -وهي أستاذة في جامعة ستانفورد- الإفصاح عن معارضتهم لفكرة الذكريات المكبوتة، مشيرين إلى أنه لا يوجد دليل علمي على وجودها. في الحقيقة، كان المعالجون يزرعون ذكريات زائفة لمرضاهم.

قادت العالمة “Loftus” بنفسها بحثًا عرضت فيه سهولة إنشاء ذكريات زائفة، حيث ابتكرت هي وفريقها كتيبات تحتوي على قصة ذات صلة إضافة إلى أخرى كاذبة، عن طفل ضاع في مركز تسوق وهو في عمر الخامسة، في البداية طُلب من المشاركين تدوين ما يتذكرونه عن كل حدث وإذا لم يتذكروه من الأساس فبإمكانهم الإشارة إلى ذلك أيضا. بعد ذلك حضروا مقابلتين للمتابعة حيث طُلب منهم إعادة سرد الأحداث ثانية، زعم ما يقرب ثلث المشاركين أنهم يتذكرون الحدث المزيف مباشرة بعد قراءته في الكتيب ، بينما واصل ربعهم تذكره في مقابلات المتابعة.

من السهل إنشاء ذكريات زائفة

حصل باحثون آخرون على نفس النتائج في جامعة غرب واشنطون، قاد مجموعة باحثين 20% من الطلاب لتذكر حفلة عيد ميلاد لم تحدث قط، و 18% لتذكر سكب مشروب على عائلة العروس في حفل زفاف، ولكن فقط في المقابلة الثانية بعد عدم محاولة استدعاء الذكرى الزائفة في المقابلة الأولى.

لعله من المقلق إجراء دراسات على ما يحصل عندما تطلب من شخص ما تخيُّل أمر لم يحدث إطلاقا، والذي يعتبر إجراءً شائعًا في علم النفس. طلبت دراسة أخرى من متطوعين تخيل حدث في طفولتهم لم يحدث حقا فوجدوا ان 25% منهم صدقوا أنهم بالفعل قد عاشوا هذه الأحداث عندما سُئلوا عنها بعد مضي أسبوعين.

فرضيات من أرض الواقع

بالنسبة ل”Loftus” فإنه من السهل إنشاء ذكريات زائفة إذا توافرت تلاثة عوامل وهي:

  • بذل جهد في عملية استدعاء الذاكرة.
  • التشجيع على تخيل ما قد حدث.
  • معارضة أي تساؤلات عن ماهية الذكريات.

كل واحدة من هذه العوامل تلعب دورًا في المواقف الخطرة المختلفة، على سبيل المثال: التحقيقات الجنائية والعلاج النفسي.

بالمثل، الطريقة المهذبة التي تصف أمورًا لم تحدث، بإمكانها تحوير ذاكرتنا، ويجب أن تثير قلق أي متابع لوسائل الإعلام، إنه سبب تسميتها “أخبارًا زائفة” لأنها ماكرة جدا ومن الممكن أن تخلق ذكريات واقعية يصعب استرجاعها.

إذن، كيف تحمي نفسك وتحمي ذكرياتك الثمينة؟ اطرح الأسئلة وشكك في كل شيء، وكن على علم بأنه من السهل التلاعب بعقلك أكثر مما تتوقع!

 

 

ترجمة: نهى محمود

مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح

المصدر

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي