سلسلة فيزياء «سيرن – CERN» – الجزء الثالث: أصغر ما يكون

3-Kopie

سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫-الحلقة الثالثة: أصغر ما يكون

لوصف أصغر الجُسيمات في الكون، يستعمل علماء الفيزياء نظرية معروفة باسم (النموذج القياسي- Standard Model). يحتوي النموذج القياسي 12 جُسيم أولي، لا ينقسمون لجُزيئات أصغر منهم، ويتم تقسيم تلك الجُسيمات لمجموعتين؛ المجموعة الأولى اسمها الكواركات “Quarks”؛ يوجد 6 أنواع للكواركات في النموذج القياسي؛ والكواركات هي الجُسيمات التي تُكوِّن البروتونات والنيوترونات داخل نواة الذرة، والمجموعة الثانية اسمها اللبتونات “Leptons”؛ ويوجد 6 أنواع من اللبتونات في النموذج القياسي، أشهرها على الإطلاق هو الإلكترون الذي يدور حوال نواة الذرة.

لكنني لن أتكلم عن النموذج القياسي الآن، ستكون هناك حلقةٌ مُخصصة له فيما بعد، ولكني سألتفت لشيءٍ آخر، وهو أن عُلماء الفيزياء لا يستبعدون وجود مُكونات لجُسيمات النموذج القياسي! تلك الفكرة معروفة باسم (التركيب- compositness)، هذه النظرية تقترح أن الجُسيمات الأولية الموصوفة في النموذج القياسي تتكون من وحدات أصغر منها اسمها (البريونات- Preons)، حيث إن مجموعة مُختلفة من البريونات هي التي تتسبب في ظهور صفات مثل الكتلة والشحنة للجُسيمات الموجودة في النموذج القياسي، وهي التي تسمح بتمايز جُسيم عن الآخر.

بشكلٍ عام، لقد تعلَّم العُلماء درسًا مُهمًا من التاريخ، وهو أن هناك أفكار كثيرة كان يعتقد الناس في صحتها، ومن ثم تم اكتشاف خطئها. أول من اقترح فكرة أن المادة تنقسم في النهاية لجسمٍ غير قابلٍ للانقسام هو الفيلسوف اليوناني ديموقريطس، ولكن معظم الفلاسفة آنذاك لم يقتنعوا برأيه، بل اعتقدوا أن المادة من الممكن تقسيمها بشكلٍ لانهائي، وأشهر من صدَّق على تلك الفكرة كان الفيلسوف أرسطو. ولكن فيما بعد ومع مرور الزمن، أصبح المُجتمع العلمي كله حاليًا مُقتنعًا برأي ديموقريطس، وتم اكتشافُ جسمٍ اِعتقد العلماء بأنه غير قابلٍ للانقسام، وسُمِّيَ بنفس التسمية التي اقترحها ديموقريطس لهذا الجسم الذي لا ينقسم، فتم تسميته ب(الذرة- Atom)، التي تعني (غير المُنقسم). ولكن فيما بعد، اكتشف العلماء أن هذا الجسم يتكون من نواة، ومن إلكترونات تدور حول تلك النواة. وفيما بعد تم اكتشاف أن النواة تتكون من جُسيمات أُخرى تدعى البروتونات والنيوترونات. ثم تم اكتشاف أن تلك الجُسيمات بدورها تتكون من الكواركات، وبالتالي، فإن العُلماء لا يستبعدون أن تلك الجُسيمات الأولية في النموذج القياسي من الممكن أن تكون هي بدورها مُكونة من جُسيمات أصغر منها، الكواشف في مُصادم الهادرونات الكبير من المُفترض أن يُساعد العُلماء في اكتشاف أصغر جُسيمات المادة، ربما يستمر البحث لسنين لكي يتم تجميع ما يكفي من المعلومات وتحليلها بشكلٍ دقيق لمعرفة إذا ما كانت فكرة (التركيب- compositeness) صحيحة أم لا.

نظرية النموذج القياسي يتم الاعتماد عليها بشكل محوري في الفيزياء، وبالتالي فلو صحَّت فكرة التركيب، فإن هذا الاكتشاف سيفتح آفاقًا جديدةً لعلم الفيزياء ولعالمٍ جديدٍ من تلك الجُسيمات البالغة الصغر.


إعداد: Michael M. Louis
مراجعة علمية: Asmaa Masoud
تدقيق لغوي: Mohamed Sayed Elgohary

المصدر:

http://sc.egyres.com/e45rd

 

شارك المقال:

فريق الإعداد

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي