فقر الدم أثناء الحمل

woman-1284353_1920

فقر الدم أثناء الحمل ومدى انتشاره

تُعرف منظمة الصحة العالمية (WHO) أنيميا الحمل على أنها نقص نسبة الهيموجلوبين (hemoglobin) عن 11 جرام / ديسيلتر، أو نقص نسبة الهيماتوكريت (hematocrit) عن 33٪ في أي لحظة أثناء الحمل. بينما تحدد المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) انيميا الحمل بوصول مستوى الهيموجلوبين لنسبة أقل من 11 جرام / ديسيلتر، أو الهيماتوكريت أقل من 33٪ في الثلث الأول (الثلاثة أشهر الأولى) أو الثلث الأخير من الحمل، أو الهيموجلوبين أقل من 10.5 جرام / ديسيلتر، أو الهيماتوكريت أقل من32٪ في الثلث الثاني من الحمل. [1]

يؤثر فقر الدم أثناء الحمل في المقام الأول على النساء ذوات المستوى الاجتماعي والاقتصادي المنخفض. أما على الصعيد العالمي، ووفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، فإن 52٪ من النساء الحوامل في الدول النامية وغير المتقدمة تعانين من الأنيميا أثناء الحمل، مقابل 20٪ في الدول الصناعية. وتوجد أعلى نسبة انتشار لفقر الدم بين النساء الحوامل في الهند بنسبة (88٪)، تليها أفريقيا (50٪)، وأمريكا اللاتينية (40٪)، ومنطقة بحر الكاريبي (30٪). [1]

فسيولوجيا الدم أثناء الحمل

تحدث للمرأة العديد من التغيرات استقبالًا للحمل، ويُعتبَر التفاعل المعقد بين الكلى والدم والغدد الصماء واحدًا من أكثر هذه التغيرات عُمقًا وتأثيرًا، استعدادًا لفقدان الدم المتوقع في وقت الولادة. يبدأ الجسم في الاحتفاظ بالسوائل في وقت مبكر من الحمل مع وجود تأخر في إنتاج كرات الدم الحمراء، مما يسبب «فقر الدم الفسيولوجي» لدى معظم النساء الحوامل. [2]

يبدأ حجم بلازما الدم في الزيادة بعد حوالي 6 أسابيع من الحمل، وتعد هذه الزيادة كبيرة بشكل غير متناسب مع التغير في كتلة خلايا الدم الحمراء؛ مما يتسبب في وجود انخفاض طبيعي في تركيز الهيموجلوبين أثناء الحمل مقارنة بحجم البلازما. وكرد فعل طبيعي من الجسم حيال ذلك، يحدث انخفاض كبير في استخراج الأكسجين الشرياني في القلب، وزيادة مهمة في قدرة الدم على حمل الأكسجين عند المرأة الحامل، على الرغم من انخفاض في مستوى الهيموجلوبين. [2]

يزيد حجم البلازما حوالي 1250 مل وتقدر الزيادة الإجمالية بحوالي 48٪ عن المرأة غير الحامل. تعد هذه الزيادة نتيجة ارتفاع مبدئي سريع، متبُوعًا بارتفاع أبطأ بعد الأسبوع الثلاثين من الحمل. وتظهر دراسات عديدة العلاقة الإيجابية بين وزن المولود الجديد والزيادة في حجم البلازما. مما يجعل تلك الزيادة مؤشرًا على النمو الطبيعي للجنين وواحدة من السمات المميزة للحمل الناجح. [2]

وفيما يتعلق بكتلة خلايا الدم الحمراء، فهي تزيد أيضًا لكنها – على عكس حجم البلازما – تزيد ببطء أكثر، بحيث تكون الزيادة الإجمالية حوالي 18٪ أو 250 مل. وبعد التنشيط باستخدام مكملات الحديد قد تصل تلك الزيادة إلى 400 مل أو ما يعادل حوالي 30٪ عن المرأة غير الحامل. وزيادة كتلة الخلايا الحمراء ترتبط أيضًا بنمو الجنين – مثل حجم البلازما – لكن بدرجة أقل على الأرجح. [2,3]

أنواع فقر الدم أثناء الحمل

يعتبر فقر الدم الناتج عن نقص الحديد (Iron-deficiency anemia) أكثر أنواع فقر الدم شيوعًا، حيث يمثل ما يقارب من 75٪ من حالات فقر الدم أثناء الحمل، بالإضافة إلى فقر الدم الضَّخْمُ الأَرومات الناتج عن نقص فيتامين بي 12 (Vitamin B12 deficiency anemia) و/أو حمض الفوليك (Folate deficiency anemia). وتعد هذه الأنواع أكثر انتشارًا بين النساء اللواتي لا يتبعن نظامًا غذائيًا مناسبًا ولا يتلقين مكملات الحديد وحمض الفوليك قبل الولادة. [1, 3]

يوجد أيضًا أنواع أقل انتشارًا من فقر الدم المكتسب أثناء الحمل مثل: فقر الدم اللاتنسجي، وفقر الدم الانحلالي. بالإضافة إلى بعض الأنواع الأخرى، الذي لا يعد حدوثها مرتبط بالحمل، مثل الثلاسيميا أو أنيميا البحر الأبيض المتوسط، وأنيميا الخلايا المنجلية – لكن – يمكن أن يكون لهذه الأنواع تأثير على صحة الأم والجنين. [3] 

فقر الدم الناتج عن نقص الحديد

تشمل أعراض نقص الحديد الشعور السريع بالإعياء، والخمول، والصداع. ويرتبط فقر الدم الناتج عن نقص الحديد بزيادة خطر ولادة طفل ضئيل الوزن، والولادة قبل الأوان، و الوفاة في فترة ما خلال الولادة، ومشاكل الرضاعة، واكتئاب ما بعد الولادة.

تتضمن العوامل التي تزيد من الإصابة بنقص الحديد ما يلي: افتقار النظام الغذائي للأطعمة الغنية بالحديد مثل: (المحار، ولحم البقر، والديك الرومي، والحبوب الكاملة، والفاصوليا، والعدس) ونقص معززات امتصاص الحديد في الغذاء مثل: (عصير البرتقال، وعصير الليمون أو الجريب فروت، والفراولة، والبروكلي، والفلفل)، وزيادة الأطعمة التي تقلل من امتصاص الحديد في النظام الغذائي مثل: (منتجات الألبان، فول الصويا، القهوة، الشاي)، وأمراض الجهاز الهضمي التي تؤثر على الامتصاص، وقِصَر الفترات الفاصلة بين الحمل والآخر.

تُوصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بفحص ومعالجة فقر الدم الناتج عن نقص الحديد أثناء الحمل، لأنه بالإضافة إلى فوائده للأم وأهميته من أجل الحفاظ على مخازن الحديد لدىها فإنه مفيد أيضًا لإشباع مخازن الحديد لدى الجنين أيضًا. [2]

فَقْرُ الدم ضَخْمُ الأَرومات (Megaloblastic Anemia)

يعد فقر الدم ضخم الأرومات ثاني أكثر أنواع فقر الدم الغذائي شيوعًا في الحمل. يحدث هذا النوع من فقر الدم غالبًا بسبب نقص حمض الفوليك، لكن يمكن أن يتسبب نقص فيتامين بي 12 في حدوثه أيضًا. يحدث ذلك النقص بسبب سوء التغذية، أو انخفاض الامتصاص. [2]

ملحوظة: يظهر نقص حمض الفوليك في صورة أعراض فقر الدم مثل: الجلد الخشن، التهاب اللسان، بينما يظهر نقص فيتامين بي 12 في صورة مشاكل في الجهاز العصبي بالإضافة إلى أعراض فقر الدم.

الأعراض الأكثر شيوعًا لفقر الدم أثناء فترة الحمل

  • شحوب الجلد
  • الشعور بالإرهاق والضعف
  • الدوار
  • ضيق في التنفس
  • سرعة ضربات القلب [1]

مخاطر الإصابة بفقر الدم خلال فترة الحمل

  • اكتئاب ما بعد الولادة
  • ولادة قبل الأوان
  • ولادة طفل ضئيل الوزن
  • مشاكل الرضاعة
  • تأخر في نمو الجنين داخل الرحم
  • زيادة وفيات الأجنة وحديثي الولادة [1]

الوقاية

توصي منظمة الصحة العالمية (WHO)، والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وإدارة الدواء والغذاء الأمريكية (FDA) أن تتلقى كل النساء الحوامل مكملات الحديد عن طريق الفم منذ بداية الحمل حتى 3 أشهر بعد الولادة، بجرعات تعادل 27 مجم يوميًا وفقًا ل الـ (FDA)، أو 30 مجم يوميًا وفقًا لـ (CDC)، أو 60 مجم يوميًا وفقًا لـ (WHO)، على الرغم من أن جرعات منخفضة حتى 20 مجم يوميًا قد تكون فعالة أيضًا -لكن- القرار الأول والأخير يرجع للطبيب المعالج. [1]

تظل الآثار الجانبية الأساسية لتناول مكملات الحديد عن طريق الفم هي أعراض الجهاز الهضمي، والتي تعتمد على الجرعة، وتظهر بشكل أساسي مع الجرعات التي تعادل 200 مجم يوميًا فأكثر. كما توصي منظمة الصحة العالمية بمكملات حمض الفوليك لكل النساء الحوامل بجرعة قدرها 400 ميكروجرام يوميًا من بداية الحمل حتى 3 أشهر بعد الولادة. وتوصي المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة (NIH) النساء الحوامل بتناول جرعات أكبر من فيتامين بي 12 مقارنة بغير الحوامل (2.6 مقابل 2.4 ميكروجرام يوميًا) لدعم نمو الجنين العصبي. [1]

العلاج [1]

  • في حالات فقر الدم الخفيف (مستوى الهيموجلوبين 9-5 جرام/ ديسيلتر): يجب تناول جرعة يومية من 160 إلى 200 مجم من الحديد عن طريق الفم، مع توقع زيادة في مستوى الهيموجلوبين قدرها 1 جرام/ ديسيلتر خلال 14 يومًا من بداية العلاج.

ملحوظة: مقارنةً بتناول الحديد عن طريق الفم، يُظهِر إعطاء الحديد عبر الوريد نتائج أسرع؛ نظرًا لتجنب كثير من المتغيرات المتمثلة في امتصاص الحديد عبر الجهاز الهضمي، وتحمل المرأة الحامل لجرعات الحديد اليومية عبر الفم، ومدى امتثالها للعلاج أو التزامها بتناول الجرعات.

  • بينما في حالات فقر الدم المتوسط والشديد (مستوى الهيموجلوبين أقل من 9 جرام/ ديسيلتر): يمكن إعطاء الحديد عبر الوريد في الثلثين الثاني والثالث من الحمل، إذا كانت جرعات الحديد عبر الفم غير فعالة، أو في حال عدم تحمل المرأة الحامل لها.

 

إعداد: زهراء منير
مراجعة: Mahmoud Ahmed
تدقيق:  Wael Yassir

 

المصادر:

  1. Lee, A.I. and Okam, M.M., 2011. Anemia in pregnancy. Hematology/oncology clinics of North America, 25(2), pp.241-259.
  2. Horowitz, K.M., Ingardia, C.J. and Borgida, A.F., 2013. Anemia in pregnancy. Clinics in laboratory medicine, 33(2), pp.281-291.
  3. Sifakis, S. and Pharmakides, G., 2000. Anemia in pregnancy. Annals of the New York Academy of Sciences, 900(1), pp.125-136.

 

 

 

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي