« الإسعافات الأولية النفسية » ( الحلقة الثانية)

ن2

(العناصر الأساسية)

في المقدمة وضحنا ما هى الإسعافات النفسية الأولية، و ذكرنا أهميتها للفرد و المجتمع. فَكِّر فى الإسعافات النفسية على أنها ليست مجرد تدخل فردي فقط و لكن انظر إليها من منظور أوسع ليشمل الصحة المجتمعية كطريقة لبناء مجتمع قوي و مرن من داخله.

سنبدأ في هذه الحلقة بعرض الخمسة عناصر الأساسية للإسعافات الأولية النفسية، والتى يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقديم الدعم النفسي في المواقف الحرجة.

تلك العناصر وضعها باحثون مختصون ووافق عليها خبراء في هذا المجال. فتوضِّح هذه العناصر ما يحتاجه الشخص الذي تعرض توًا لصدمة نفسية حادة.

تذكر أن استعدادك النفسي والجسماني والمادي هي أشياء مبدأية عند التفكير في تقديم مثل هذا الدعم النفسي سواء لشخص قريب منك أو أي شخص يحتاج لهذا الدعم وهي:

* الشعور بالأمان: لكي تُشعِر الشخص بالأمان، فمن المفترض أن تُبعِد ما يهدد حياته أو يثير خوفه أو قلقه. وذلك من خلال ملاحظاتك (هل يحتاج إبعاده عن موضع التهديد كليًا؟ أم تقليل التعرُّض للموقف وحسب؟ أم هل يحتاج إلى إسعاف طبي؟ أم هل هناك احتياج أساسي كمأوى أو طعام أو ملبس؟ أم هل يحتاج إلى الشعور بالراحة النفسية والجسدية؟). سيشعر الشخص تلقائيًا بالأمان حين يثق بمن يساعده. فيجب أن تقول له كيف سيحصل على احتياجاته الضرورية بإعطائه معلومات دقيقة وصحيحة، بل وتكرارها إذا طُلب منك ذلك.

* الشعور بالهدوء (النفسي و الجسدي):

حتى تقوم بتهدئة الشخص، فاعلم أن هناك عوامل بيئية ونفسية عديدة تؤثر عليه.

العوامل البيئية هي البيئة المحيطة بالشخص؛ حيث يجب بقدر المستطاع أن تكون هادئة بلا ضوضاء أو مؤثرات عنيفة قد تشتت انتباه الشخص. العوامل النفسية هي تلك التي تؤثر على الشخص متسببة له في فقد الإحساس بالهدوء النفسي ومن ثم الجسدى، والذي يترتب عليه اضطرابات في الإدراك وإتخاذ القرار. حينها بإمكانك أن تتعاطف معه بأن تستمع إلى ما يود قوله ولكن دون إجباره على ذلك أو الحُكم على حديثه أيًا كان, مع العلم بأن ليس هناك ما يُسمى بشعور خاطئ وشعور صحيح؛ فكل ما يشعر به الشخص خاص به فقط.

والذي يحتاجه الشخص بالفعل في تلك الحالة هو أُذنٌ صاغية تسمعه دون حكم. فقد أثبتت الأبحاث التي أُجريت في العلوم الاجتماعية أن الاستماع الفعّال يبني رابطًا نفسيًا من التعاطف، وإنها ليست فحسب للتهدئة بل هي آلية مستمرة تساعد على التعامل والتواصل بشكل عام. والجدير بالذكر أن مهارات التواصل الجيد و الاستماع الفعّال هي من آليات الحياة التي تجعل العالم من حولنا رائعًا حقًا ومحفزّاً لنا، وذلك لأنك تملك القدرة على مُشاركة ما يشعر به الشخص و ليس فقط المثول أمامه رمزيًا لتُشعره بتواجدك! لذلك فكِّر في الاستماع على أنه مهارة حياتية ومهمة بالأخص في الأوقات العصيبة. فكن متعاطفًا بحق مع الشخص حتى وإن كان منفعلًا, وتفهّم الموقف جيدًا وحاول أن تجعل معلوماتك كافية ودقيقة عن الموقف الكارثي إن أمكن. فكلما كان لديك معلومات أكثر وأدق عن الموقف، كلما كنت مهيئًا نفسيًا أكثر للمساعدة.

وعندما يُعبِّر الشخص عن خوفه وقلقه، ذَكِّره بأن المساعدات قادمة في طريقها إليه، وطمئنه نفسيًا بعبارات هادئة تتسم بالمنطق والتفكير السليم.

* تعزيز التواصل بين الشخص والمقربين إليه: ساهِم في بناء وتكوين دعم واتصال إنساني بين الشخص وعائلته أو أصدقائه أو الأشخاص المقربين له, إجمع الأطفال بوالديهم والعائلة ببعضها, وإن لم يتواجد الأشخاص المقربين، فحاول أن توصِّل الشخص ببعض مؤسسات الرعاية الاجتماعية, قدِّم المعلومات الصحيحة عن مصادر الدعم المتاحة فى الوقت الحالي للشخص وأوصله بهم إن أمكن.

إن الأشخاص المقربين يمثلون دعمًا نفسيًا كبيرًا للشخص في المواقف الصعبة؛ فحاول ألا تتدخل في العلاقات أو المعتقدات أو الثقافات المشتركة بينهم، فهي تمثل نقاط قوة في مثل هذا الوقت.

* تعزيز ثقة الشخص بنفسه: عزِّز ثقة الشخص في قدرتة الذاتية على تلبية احتياجاته الأساسية، وحاول أن تشغله بها، وساعده في ترتيب الأولويات وإتخاذ القرارات وحل المشاكل.

* إعطاء الأمل: من المهم طمئنة الشخص بأن كل ما يشعر به طبيعي أيًا كان! اعطِّ له الأمل بأنه سيتحسن, كن متواجدًا دائمًا بجانبه.

و لتكن مستعداً للمساعدة, حيث أن معظم المواقف الطارئة تسبب ضغوط نفسية وتحتاج إلى سرعة فى إتخاذ القرار.

◄ هناك عدة أشياء يجب التأكد من توافرها:

  • تأكد من المعلومات عن الحادث نفسه، وتعرّف على مدى توافر الأمان في المكان، هل يمكنك الدخول إلى المكان؟ ففي بعض المواقف الحرجة تكون هناك احتمالات عالية بالإصابة أو حتى الموت. فتذكر أن تتوقف للحظة من أجل تقييم قدرتك على المساعدة مقارنةَ مع نوع الموقف.
  • احصل على معلومات الاتصال بمؤسسات الدعم الاجتماعي حولك، أو الأشخاص الذين تثق في قدرتهم على تقديم الاحتياجات الأساسية.
  • قيِّم استعدادك النفسي والجسدي بل والمادي أيضًا (هل تستطيع المساعدة حقًا الآن؟ هل لديك أي إعاقات نفسية أو جسدية تمنعك من ذلك؟ هل أبلغت المقربين لك أنك ستذهب للمساعدة؟ هل يتوافر لديك الأشياء الضرورية كالهاتف الخلوي لسهولة الاتصال, شاحن, زجاجة مياه،.. إلخ).

في الحلقة القادمة سنتناول نموذج الدعم النفسي الحرج، والذي يُقدِّم الآليات الفعلية للإسعاف النفسي الأولي.

إعداد وترجمة:Nabila Baghdady

مُراجعة وتدقيق: Ahmed Abd Elkareem

تصميم : Bothina Mahmoud

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي