متلازمة ضيق النفس الحادة (ARDS) وما لا نعرفه عنها

متلازمة ضيق النفس الحادة (ARDS)

متلازمة ضيق النفس الحادة (ARDS) هي أحد الحالات المرضية التي تهدد حياة المصابين بها، حيث تمنع ما يكفي من الأكسجين من الوصول إلى الرئتين وإلى الدم. كما تؤدي إلى تراكم السوائل في الأكياس الهوائية، يمنع تراكم هذه السوائل  مرور كمية كافية من الأكسجين إلى مجرى الدم.

كما أن تراكم السوائل يجعل الرئتين ثقيلتين وصلبتين. هذا يقلل من قدرة الرئتين على التمدد. ويكمن الخطر في أن مستوى الأكسجين في الدم يظل منخفضًا بشكل خطير، حتى عند تلقى الشخص المصاب للأكسجين من خلال جهاز التنفس الصناعي أو من خلال أنبوب التنفس (الأنبوب الرغامي).

الموحش في متلازمة ضيق النفس أنها يمكن أن تصيب الأطفال أيضًا. كل هذه المخاطر تتطلب توعية أكبر لهذا المرض الخطير، وكيف يمكن التعامل معه، وسبل العلاج والوقاية منه.

يمكن تشخيصها مبدئيًا من خلال بعض الأعراض كانخفاض نسبة الأكسجين، وارتشاح في الرئة، وبداية حادة لصعوبة التنفس. وعند الفحص الميكروسكوبي، تكون الأعراض مصاحبة بوجود إصابات في الجدار الرقيق المبطن للأوعية الدموية، مع وجود تشوهات منتشرة على سقف الحلق واللسان.

وعادة ما يتم تشخيص هذه المتلازمة بعد مرور سبعة أيام عند التعرض لسبب الإصابة، حيث تسبب حدوث ارتشاح ثنائي الرئة ونقص تدريجي لنسبة الأكسجين، مع عدم وجود أي تجمعات للسوائل على القلب. حيث يتم قياس نسبة الأكسجين في الدم الشرياني (PaO2) للمريض إلى نسبته في الهواء المستنشق (FiO2).

فإذا كانت نتيجة النسبة أقل من 300، هذا يعني إصابة المريض بمتلازمة ضيق النفس الحادة.

مع تطور الإصابة، يحدث للمريض ضيق في الأوعية الدموية للشريان الرئوي بنسب مختلفة، إضافة إلى احتمالية تطور الأعراض بارتفاغ ضغط الشريان الرئوي. مما يزيد من حالات الوفاة بين الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة. في ظل وجود وسائل محدودة  لمكافحة هذه الحالة وانقاض حياة المريض.

أسباب الإصابة بمتلازمة ضيق النفس

 

على الرغم من أن الأسباب الرئيسية للإصابة بمتلازمة ضيق التنفس ترتبط بحدوث عدوى للرئة. إلا أن هناك بعض التأثيرات الأخرى المسببة لها،مثل:

  • تجلط الدم
  • الدخول في صدمة
  • الغرق
  • تناول جرعات زائدة من الدواء
  • انسداد الشرايين بسبب الدهون الزائدة
  • عدم التنفس الجيد لفترة أو التعرض لغازات سامة
  • التهاب البنكرياس.  

 

كل هذه الأسباب تؤدي إلى حدوث العديد من الالتهابات، والتي ينتج عنها في نهاية الأمر حدوث التهاب للرئة. قد يزيد الاكتشاف المبكر لالتهابات الرئة فرص التعافي منه، إلا أن الحالات المتأخرة يصعب التعامل معها. 

خصوصاً إذا كان المريض أحد هؤلاء الفئات: كبار السن، والإناث بشكل عام، والمدخنين، ومتناولي الكحوليات، أو أولئك الذين خضعوا لعمليات جراحية في الأوعية الدموية أو القلب أو المخ.

يقدر عدد الإصابات بمتلازمة ضيق النفس الحادة في الولايات المتحدة حوالي 64.2 إلى 78.9 حالة من بين كل مائة ألف شخص.

حيث يصاحب ربع هذه الحالات أعراض طفيفة، بينما تقع النسبة المتبقية منهم ما بين الحالات المتوسطة والحرجة. إلا أن ثلث الحالات الطفيفة غالبًا ماتتطور حالته إلى متوسطة أو حرجة.

وعند دراسة عدد الحالات المتوفاة من متلازمة ضيق النفس الحادة خلال عامي 1994 و عام 2006، وجد أن نسبة الوفيات من المصابين تعادل 43%، إلا أنها تنخفض كل عام بنسبة 1.1%.

حيث ترتبط حالات الوفاة من المصابين بمدى شدة الإصابة، حيث وُجد أن نسبة الوفيات في الحالات ضمن الأعراض الطفيفة كانت 27%، بينما ارتفعت نسبتها بين الحالات متوسطة الإصابة إلى 32%، لتصل إلى 45% في الحالات الحرجة.

 

فسيولوجيا متلازمة ضيق النفس الحادة

 

تُبدي متلازمة ضيق التنفس الحادة استجابات واحدة لمختلف المسببات، إلا أنها تتطور من مرحلة لأخرى، حيث تبدأ بحدوث تلف لحويصلات الهواء بالرئتين، ثم حدوث تضاعف لهذه الحالة حتى نصل إلى مرحلة التليف النهائية، والتي تشير إلى نهاية عملية المرض الحاد.

السمة المميزة لنمط الإصابة التي تظهر في هذه المتلازمة هي أن أعراضها ليست موحدة. فقد تتأثر أجزاء من الرئة بشكل أكثر حدة، مما يؤدي إلى انخفاض استجابة الرئة للاكسجين تبعًا لأجزاء الاصابةبها.

ينتج عن هذا الاختلاف داخل الرئة استجابة مختلفة لعملية التنفس الصناعي. ففي حين أنها ستعمل على زيادة ضغط الزفير النهائي والذي قد يحسن انتشار الأكسجين في الحويصلات الهوائية المصابة، إلا أنه قد يؤدي إلى صدمة حجابية وصدمة كهربائية للحويصلات الهوائية غير المصابة المجاورة.

يبدأ التعرف على المرض عند تطور حالة ضيق التنفس ونقص نسبة الأكسجين عند المريض، والتي تزداد سوءًا خلال ساعات. والتي تستدعي اللجوء لأجهزة التنفس الصناعي وإدخال المريض للعناية المركزة على الفور.

يبدأ التشخيص بمعرفة المسبب الرئيسي وراء هذه الإصابة. فإذا كان المريض قادرًا على التحدث، يتم الاستماع إلى شكواه جيدًا لمعرفة بداية الإصابة تحديدًا. ولكن بعد مرور من 12 إلى 24 ساعة، يكون من الصعب على المريض التحدث، بل ويلجأ الأطباء إلى إخضاعه لأجهزة الاتفس الصناعي لتعويض نقص الأكسجين في الرئتين.

قد تكون المسببات واضحة في حالة الالتهاب الرئوي. ومع ذلك، في حالات أخرى، قد يكون استجواب المريض أو أقاربه عن التعرضات الأخيرة بالغ الأهمية في تحديد العامل المسبب لمتلازمة ضيق النفس الحادة.

يتضمن الفحص الجسدي لمتلازمة ضيق النفس الحادة العثور على بعض المسببات المرتبطة بالجهاز التنفسي كصعوبة التنفس وتسارعه أوالنهجان.

كما أن بعض الأعراض المنتظمة قد توحي بمدي تقدم الإصابة كوجود بقع زرقاء على الجسد دليل على نقص الأكسجين، أو عدم انتظام في ضربات القلب، أو حدوث دوخة أو بداية غيبوبة. حيث يسبب نقص نسبة تشبع الرئتين بالأكسجين كل هذه الأعراض.

 

تشخيص متلازمة ضيق النفس الحادة

يتم تشخيص متلازمة ضيق التنفس بناءًا على المعايير التالية:

1- بداية حدة التنفس.

2- ارتشاح الرئة الثنائي ويظهر على التصوير الشعاعي للصدر.

3- نسبة الاكسجين في الدم الشرياني (PaO2) للمريض إلى نسبته في الهواء المستنشق.

ويتم تصنيفها أيضًا إلى أنواع فرعية طفيفة (PaO2 / FiO2 200 إلى 300 مم زئبق) ، معتدلة (PaO2 / FiO2 100 إلى 200 مم زئبق) ، وشديدة (PaO2 / FiO2 أقل من 100 مم زئبق).

قد يلزم إجراء تصوير مقطعي للصدر في حالات استرواح الصدر -وجود هواء بين الرئة من الخارج والصدر- مما يسبب ضغط كبير على الرئتين، أو اعتلال العقد اللمفاوية، أو ارتفاع ضغط الهواء داخل الرئتين.

 

علاج متلازمة ضيق التنفس

 

علاج متلازمة ضيق التنفس الحادة
علاج متلازمة ضيق النفس الحادة

 

لسوء الحظ لا يوجد علاج تم إثبات فعاليته في منع أو تحسين متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، إن استراتيجية العلاج الرئيسية هي الرعاية الداعمة والتي تُركز على:

1) تقليل «جزء التحويلة – Shunt Fraction».
2) زيادة توصيل الأكسجين.
3) تقليل مُعدل استهلاك الأكسجين.
4) تجنب المزيد من الإصابة أو الجرح.

يتم وضع المرضى على جهاز تنفس ميكانيكي، ويتم حمايتهم من زيادة كمية السوائل باستخدام مدرات البول، ويتم إعطاؤهم الدعم الغذائي حتى يتم ملاحظة أي تحسن، ومن المثير للاهتمام أن الوضع الذي يُوضع فيه المريض له تأثير على انتعاش الرئة.

وتشير الدلائل إلى أن بعض استراتيجيات التنفس يمكن أن تؤدي إلى تفاقم «الضرر السنخي – Alveolar Damage» وإدامة إصابة الرئة في سياق «متلازمة الضائقة التنفسية الحادة – ARDS».

تتركز الرعاية في:

1) منع الرضح الحجمي (التعرض لكمية كبيرة من  «الحَجْمُ المَدِّيّ – Tidal Volume»).
(«الحَجْمُ المَدِّيّ – Tidal Volume»: هو كمية الهواء الداخل إلى الرئة أو الخارج منها أثاء التنفس العادي أي بدون بذل مجهود حركي زائد).
2) منع الرضح الضغطي (التعرض لضغط عالي وثابت).
3) منع التعرض «للإنخماص – Atelectasis».

يُنصح باستراتيجية وقائية للتنفس لتقليل إصابة الرئة، ويحدد بروتوكول التنفس الميكانيكي للشبكة الطبية  NIH – NHLBI ARDS (ARDSnet) الأهداف التالية:

1) أن يكون حجم الهواء المَدِّيّ «الحَجْمُ المَدِّيّ – Tidal Volume» بين 4 إلى 8 مل/ كجم من الوزن المثالي للجسم.
2) أن يكون مُعدل التنفس بأقصى حد 35 مرة تنفس لكل دقيقة.
3) أن يكون مُعدل تشبع الاكسجين من 88% إلى 95%.
4) أن يكون مُعدل الضغط الثابت أقل من 30 سم.
5) أن يكون مُعدل الحامضية الجسم من 7.30 إلى 7.45.
6) أن تكون نسبة الوقت بين الشهيق والزفير أقل من 1.

تشخيص مُتباين:

  • الوذمة القلبية.
  • تفاقم مرض الرئة الخلالي.
  • الالتهاب الرئوي الخلالي الحاد.
  • النزف السنخي.
  • مرض الرئة اليوزيني الحاد.
  • تنظيم الالتهاب الرئوي.

مَآل أو تشخيص المرض:

كان تشخيص متلازمة الضائقة التنفسية الحادة سيئًا حتى وقت قريب جدًا، حيث هناك تقارير عن حدوث وفيات بنسبة 30٪ إلى 40٪ حتى التسعينات.

ولكن على مدار العشرين عامًا الماضية كان هناك انخفاض كبير في معدل الوفيات، حتى بالنسبة للالتهاب الرئوي الحاد الشديد، هذه الإنجازات ثانوية لفهم أفضل للتنفس الميكانيكي، وإدارة واختيار المضادات الحيوية في وقت سابق.

كان السبب الرئيسي للوفاة في المرضى الذين يعانون من متلازمة ضيق النفس الحادة هو تسمم الدم أو فشل في عدة أعضاء بالجسم، في حين أن معدلات الوفيات الآن حوالي 9 ٪ إلى 20 ٪، إلا أنها أعلى بكثير في المرضى الأكبر سنًا.

حيث يقضي هؤلاء المرضى -كبار السن- في المستشفى فترات طويلة ويحدث لهم فقدان كبير في الوزن وضعف وظائف العضلات وضعف وظيفي أو ضعف عام.

كما يؤدي نقص الأكسجين الناجم عن المرض أيضًا إلى مجموعة متنوعة من التغيرات التي قد تستمر لأشهر بعد الخروج من المستشفى.

بالنسبة للعديد من المرضى الذين تم شفاؤهم، هناك عودة شبه كاملة للرئة، حيث تم قياسها من خلال الاختبارات الوظيفية.

ومع ذلك أفاد العديد من المرضى بالشعور بضيق التنفس عند بذل الجهد وانخفاض تحملهم للتمرين. بالنسبة لهؤلاء المرضى تجعل هذه المتلازمة العودة إلى الحياة الطبيعية أمراً صعباً، لذا يجب عليهم التكيف مع الحياة الجديدة.

 

مُضاعفات متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

 

مُضاعفات متلازمة ضيق النفس الحادة
مُضاعفات متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

تتعدد مضاعفات متلازمة ضيق النفس الحادة، وأهمها:

  • ضغط بارومي من ارتفاع ضغط الدم.
  • التنفس الميكانيكي لفترات طويلة – مما يتطلب الحاجة إلى ثقب القصبة الهوائية.
  • الوذمة الحنجرية بعد نزع الأنبوب وتضيق تحت الجلد.
  • عدوى المستشفيات.
  • التهاب رئوي.
  • الإنتان الخط.
  • التهاب المسالك البولية.
  • جلطة وريدية عميقة.
  • مقاومة المضادات الحيوية.
  • ضعف العضلات.
  • الفشل الكلوي.
  • اضطراب ما بعد الصدمة.

رعاية ما بعد الجراحة وإعادة التأهيل

1)     ثَقب القصبة الهوائية وفغر أو ثَقب المعدة بالمنظار (PEG):

كثير من المرضى الذين يعانون من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة ينتهي بهم الأمر إلى ثقب القصبة الهوائية واستخدام أنبوب التغذية عن طريق الجلد في مرحلة الشفاء.

يُسهل ثقب القصبة الهوائية التنفس من جهاز التنفس الصناعي، مما يجعل من السهل مسح الإفرازات ويكون أكثر راحة للمريض. وعادة ما يتم ثقب القصبة الهوائية في 2 إلى 3 أسابيع، يتبعها أنبوب تغذية عن طريق الجلد.

2)     الدعم الغذائي:

يعاني معظم المرضى من صعوبة في تناول الطعام، كما أن ضعف العضلات شائع جدًا. يتم إعطاء هؤلاء المرضى تغذية معوية أو بالحقن؛ اعتمادًا على حالة الجهاز الهضمي. ويوصي بعض الخبراء باتباع نظام غذائي منخفض الدهون يحتوي على نسبة منخفضة من الكربوهيدرات حيث أن له تأثيرات مضادة للالتهابات ومُوسِع للأوعية.
تمت دراسة كل نوع من المكملات الغذائية تقريبًا في المرضى، ولكن حتى الآن، لم يثبت أي منها أنه الرصاصة السحرية.

3)     النشاط:

نظرًا لأن المرضى الذين يعانون من هذه المتلازمة يلتزمون بالسرير، يوصى بشدة بإجراء تغييرات متكررة في الوضع لمنع التقرحات والجلطات الوريدية العميقة. في حالة المرضى اليقظين، يمكن للمرء أن يقلل من الثبات وعدم الحركة ويُجلسهم على كرسي.

الاستشارات في حالة متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

تتطلب رعاية المرضى فريقًا مهنيًا من العاملين في مجال الرعاية الصحية يشمل:

  • طبيب الرئة
  • معالج الجهاز التنفسي
  • طبيب العناية المُركزة
  • طبيب متخصص في العدوى المرضية
  • أخصائي تغذية

تعليم المريض

على الرغم من أن العديد من عوامل الخطر معروفة، لا توجد طريقة لمنع حدوث المتلازمة. ومع ذلك، يمكن أن تكون الإدارة الدقيقة للسوائل مفيد في المرضى الأكثرعرضة للخطر.

يجب اتخاذ خطوات لمنع الشفط من خلال إبقاء رأس السرير مرتفعًا قبل الإطعام. تساعد استراتيجية التنفس الميكانيكي الواقي للرئة في المرضى الذين لا يعانون من المتلازمة والذين هم في خطر كبير.

دور العلاج الطبيعي لمرضى متلازمة النفس الحادة

غالبًا ما يكون دور العلاج الطبيعي محدود وذلك نظرًا لارتفاع ضغط نهاية الزفير الإيجابي [(PEEP – Positive end-expiratory pressure  – هو الضغط المتواجد داخل الرئتين (ضغط سنخي) في نهاية الزفير والذي يعد أعلى من الضغط الجوي (المتواجد خارج الجسم)، والحاجة الكبيرة للأكسجين.

ووفقاً لعلم الأمراض البينية فإن الإفرازات ليست مشكلة بشكل عام.

من الممكن أن يكون علاج متلازمة ضيق النفس الحادة تحديد الموضع فقط، على سبيل المثال النوم على البطن لتحسين تبادل الغازات.
إذا أصبحت الإفرازات مشكلة، يجب التأكد من الترطيب المناسب جنبًا إلى جنب مع التقنيات الأخرى لتحسين إزالة البلغم.
يتم شفط الإفرازات بحد أدنى وتجنب تكرار عملية الشفط في الرُضع والأطفال اللذين يُعانون من أمراض رئوية حادة.

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي