السُلِّ …لماذا يُعد هذا المرض القديم مشكلة في العصر الحديث؟

Template-new_1_-_Copydddddddddddddd-1

السل

في الرابع والعشرين من شهر (مارس) كل عام، يهدف اليوم العالمي لمرض السُلِّ إلى رفع مستوى الوعي حول هذا المرض. ويركز هذه السنة على إنهاء السل عبر الجهود التعاونية. واعتبارًا لذلك تم إطلاق مجموعة من المقالات حرَّرها أحد كبار الباحثين في المرض في جامعة (لندن)، مسلطًا الضوء على أحدث النتائج والمناقشات في مجال (بحوث السل).

مرض السُلِّ-(Tuberculosis-TB): أصاب البشر لقرون عديدة. قبل اكتشاف البكتيريا المسؤولة عن هذا المرض كان معروفًا من قِبل العديد من الأسماء المختلفة بما في ذلك (السل- phthisis) و(الاستهلاكconsumption-)، و(الطاعون الأبيض- White Plague). ولكن على الرغم من اكتشافه منذ زمن بعيد، فما زالت نسبة انتشار المرض مرتفعة وكذلك نسبة الوفيات .

على الرغم من أن البكتريا المسببة للمرض (Mycobacterium tuberculosis) يمكنها أن تصيب أي جزء من الجسم ، إلا أن العدوى تحدث؛ نتيجة إصابة الحلق والرئتين؛ حيث أنها تنتقل عن طريق الرذاذ، والسعال من المريض المصاب.

بالرغم أنه لم يتم القضاء التام على المرض، هناك انخفاض كبير في حالات الوفيات؛ وذلك بفضل تطوير لقاح ال (BCG) عام (1921)، مع استحداث عقاقير جديدة لعلاجه في الخمسينات (1950).

نتيجة لعودة المرض للظهور وانتشاره إلى مستوى مثير للقلق، قامت منظمة الصحة العالمية بإعلان “حالة طوارئ” صحية عالمية في عام (1993). بعد ذلك وُضعت استراتيجية لإنهائه، بهدف القضاء على وباء السُلِّ العالمي بحلول عام (2035). على الرغم من إحراز تقدُّم في الحد من الوفيات الناجمة عنه، فإنه يُعد واحدًا من أكثر الأمراض المعدية الفتاكة، وذلك بصفة خاصة في مرضى فيروس (نقص المناعة المكتسبة -HIV/AIDS patients).

علاج المرض والتحكم فيه محاطان بالعديد من المشاكل حيث يصعُب السيطرة على انتقال المرض خاصًة في أوقات السفر، والازدحام في بعض المناطق الحضرية، وزيادة مقاومة الجراثيم للأدوية، ومحدودية أدوات التشخيص، وعدم وجود لقاحات فعالة، كما أن الخبرة في إحصاء معدلات الإصابة منخفضة جدًا.

اليوم العالمي للسل في (2016)

يُقام اليوم العالمي للسُل في ال 24من (مارس) من كل عام؛ وذلك لرفع مستوى الوعي ، كما أن هذا اليوم يعتبر إحياء لذكرى اكتشاف البكتريا المسببة للسُل (Mycobacterium tuberculosis) على يد العالم (روبرت كوخ-Robert Koch) وشعار هذا العام هو (اتحدوا للقضاء على السُل) .

لنتعرف على اليوم العالمي للسُل (2016) أطلقت (BMC Medicine and BMC Infectious Disease) -مجلة تنشر الأبحاث في مجال الطب والأحياء-مجموعة من المقالات، مُعدة بواسطة ابراهيم أبو بكر-(Ibrahim Abubakar )، وهيلين فليتشر-(Helen Fletcher)، ومارك ليبمان-(Marc Lipman)، وتيم ماك هيو- (Tim McHugh)، جنبًا إلى جنب مع (باتريك فيليبس-Patrick Phillips)، ومناقشة التحديات الراهنة مع إدارة، وعلاج السل في هذا الفيديو

ما الذي يجب فعله للقضاء على مرض السُل ؟

في افتتاحية هذه المقالات قام (ابراهيم أبو بكر) وآخرون بتسليط الضوء على المحاور الرئيسية للقضاء على المرض، وهي: السيطرة على الانتقال والعدوى، والحاجة لتشخيص أفضل، وتحسين استراتيجيات العلاج، والتغلب على مقاومة الجراثيم للأدوية، والحاجة إلى تطوير لقاحات فعالة. نوقشت هذه العوامل أيضًا في (UCL –TB)، ومدرسة لندن للصحة، والطب الاستوائي في مركز السُل) حيث تُعقد ندوة سنويًا في الثالث والعشرين من (مارس) .

التشخيص المُبكر للمرض، هو الحل الرئيسي للقضاء على العدوى، خصوصًا بعد ارتفاع عدد السُلالات المقاومة لعقاقير (mdr-tb)، وأيضًا التحكم في العدوى مرتبط بالأفراد الذين يحملون مرض (السُل الكامن -latent TB)؛ وذلك لقدرته على التحول للحالة النشطة التي يمكنها إصابة الأفراد الآخرين.

مع ذلك، اختبارات الحساسية للأدوية في المناطق ذات الموارد المحدودة يجب تقنينها مع أولئك الذين يقعون تحت عوامل الخطر المعروفة.. فقد أظهرت (لورا مارتن- Laura Martin) في دراستها، ازدياد المقاومة في الأماكن التي لا يتم التعرف فيها على السلالات المقاومة للمرض. لذا توصي بضرورة إجراء الفحص الشامل في هذه الأماكن.

هناك حاجة ماسة لأدوات تشخيص جزيئية سريعة ودقيقة ورخيصة. حيث أوضحت (كارولين هاس- Carolin Hass) أن الإجابة تكمن في الـ(Omics) وهي كلمة لاحقة تُضاف في آخر الكلمة تُشير إلى علم الأحياء وكل ما يرتبط به– حيث يُمكن من خلالها تطوير، وتحسين (المعلوماتية الحيوية –bioinformatics).

تسلسل (الجينوم) لديه إمكانية التحقُق من انتقال العدوى، وأيضًا التنبؤ بالمقاومة على أساس التكوين الظاهري الفيزيائي للكائن الحي (phenotype) والطفرات الوراثية .

يلعب كلٍ من اختبار البلغم و(urine-based lipoarabinomannan LAM) -وهو اختبار لنشاط المرض – دورًا رئيسيًا في تحديد الأشخاص المصابين. لكن الكثير من مرضى السُل لم يتم تشخيصهم، هذا يؤدي إلى زيادة الجهود المبذولة لتعزيز هذه الاختبارات والدراسات التي أُجريت مُؤخرًا على(LAM assay) تشير إلى أنه قد يكون مفيد في تحديد مرضى السل بفيروس (نقص المناعة البشرية) الأكثر عرضة للوفاة.

لكن عندما يتم تحديد المرضى، فإنهم يشرعون في دورة طويلة من العلاج وبذلك يكون الالتزام بمدة العلاج، والآثار الجانبية مشكلة. للتأكد ما إذا كانت نُظم العلاج يمكن اختصارها تمّ اختبار (REMoxTB) -نظام معالجة السل الذي يحتوي على (موكسيفلوكساسين- moxifloxacin)- ويمكنه أن يقلل الوقت اللازم لعلاج مرضى السل الحساس للأدوية من (6) أشهر أو أكثر إلى (4) أشهر بدلًا من استخدام (isoniazid أو ethambutol) -أدوية تُستخدم لعلاج السل –

تؤثر المشاكل المتعلقة بظروف التجربة أو اتخاذ القرارات بوضوح على بحوث السل. لكن استخدام البيانات من نظام معالجة السل التي تحتوي على (موكسيفلوكساسين). حيث أوضح (باتريك فيليبس – Patrick Phillips)، وفريقه أنه ينبغي النظر إلى عوامل مختلفة قبل أن تُقرر كيف ومتى للتقدم إلى المرحلة الثالثة من العلاج. وفريقه أيضًا اقترح اتخاذ خطوة نحو إعداد التجارب؛ من أجل الحصول على أفضل نتيجة لنجاح المرحلة الثالثة من العلاج.

« للأسف ، لم نر أي تحسن في علاج السل منذ (30) أو (40) عامًا… نحن بحاجة إلى علاجات أفضل، وأسهل على المرضى في تعاطيها»— (باتريك فيليبس -(Patrick Phillips)

للحصول على فرصة للقضاء على السل (TB) نحن بحاجة إلي لقاحات فعالة ،وعلى الرغم من التقدم في هذا المجال فإن إنتاج مصل مناسب لم ينتج بعد ، كما نوقش في الندوة برئاسة (جاكي شيا- Jackie Shea)، وتركز الأبحاث الحالية على ارتباط المناعة بخطر الإصابة بالسُل لدى الأفراد من جميع الأعمار، وتحديد العلامات الحيوية بشكل صحيح قد يكون المفتاح لفتح الطريق لتطوير لقاحات تشتد الحاجة إليها.

وداعًا، أيها السُلِّ!

«عادةً، نقول أننا نستغرق زمنًا يعادل 10 سنوات لتطوير لقاح السل، لذلك إذا لم نبدأ في فعل شيئٍ في هذا اليوم، فلن نحصل على لقاح بحلول عام (2025)» — هيلين فليتشر -(Helen Fletche).

على الرغم من هذه التحديات، علينا أن نضع في اعتبارنا أن هذا المرض القديم يمكن علاجه، وأن الوفيات الناجمة عن مرض السل يمكن الحد منها في معظم المرضى. مع زيادة التركيز على استهداف البكتيريا، وتوقع المقاومة، وتفشي الأمراض، وتكرار نُظم العلاج، وتطوير اللقاحات، والجهود السياسية المبذولة، والتدخلات الفعالة.. لذا نملك القناعة بأن استراتيجية نهاية السل سوف تكون فعالة ناجحة.

حصول هذا بحلول عام (2035) يعتمد على تمويل البحث، والتعاون بين مختلف التخصصات، والعمل مع الحكومات، وصانعي السياسات؛ لتنفيذ استراتيجيات المكافحة، والعلاج الفعال.

توحدوا … للقضاء على السُل !

——

المصدر: http://sc.egyres.com/Wo77d

إعداد:Hagar Rohim

مراجعة: Sara Hassan

مراجعة لغوية: Rima Rabah

تصميم: Sara Hassan

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي