كيف تهدد الحشرات الجنس البشري؟

14256641_1742315106023153_906163760_n

نعيش على هذا الكوكب ونتشارك فيه مع الكثير من الكائنات الأخرى التي تصارع من أجل البقاء علي قيد الحياة. استخدم البعض من تلك الكائنات قوته في فرض كلمته وآخر استخدم سمه، ومنهم من استغل سرعته وقوة بصره، وهناك من استغل بيئته وأسنانه؛ فرأينا الأسود والأفاعي على الأرض، وشاهدنا الصقور والنسور في السماء، وتملكنا الخوف من  القروش في البحار، ولكن إن كنت تعتقد أن هؤلاء هم التهديد الأكبر على حياة الإنسان فعليك أن تعيد حساباتك؛ فلقد أغفلت مخلوقات قد تكون هي الأخطر من بينهم جميعاً؛ إنها الحشرات التي ترافقك أينما ذهبت. سوف تجدها في جميع البيئات، وبمختلف الأشكال والألوان، تلك الكائنات لم تهدد جنسنا البشري عن طريق قوتها أو مخالبها أو أسنانها ولكنها حملت في أجسادها ما كان سببًا في هلاك الكثيرين، فهل تعلم أن أخطر الأمراض التي مرت على تاريخ البشرية، والتي فتكت بملايين الأرواح، كان للحشرات دورًا رئيسيًا في نشرها واتساع رقعة الإصابة بها. إذا كنت غير مقتنع بما مثلته ولا تزال تمثله بعض الحشرات من الخطر، فما عليك إلا الاطلاع على الحقائق التالية لنتعرف معًا كيف ومتى تصبح الحشرات تهديدًا للجنس البشري.

  • تسببت أنثى بعوضة الانوفليس بإصابة 214 مليون شخص في عام 2015 بمرض الملاريا، مما أدي إلى 438000 حالة وفاة ناجمة عن ذلك المرض. وبالرغم من أن التدابير الوقائية وبرامج المكافحة العالمية أدت إلى خفض معدلات الوفيات الناجمة عن الملاريا على الصعيد العالمي بنسبة 60٪ منذ عام 2000، إلا أنه مازال هناك2 مليار شخص – ما يقرب من نصف سكان العالم – معرضون لخطر الإصابة بالملاريا. (1)
  • لعب أحد أنواع البراغيث، والمُسمى بالأصلم الخفي أو برغوث الجرذ الشرقي، دوراً رئيسيًا في نقل أحد أكثر الأمراض فتكًا بالجنس البشري، ألا وهو مرض الطاعون أو”الموت الأسود”، والذي تسبب في وفاة ما يقدر بحوالي 50 مليون شخص خلال القرن الرابع عشر. وتوضح أعداد الوفيات مدي بشاعة هذا المرض في بداية ظهوره كتهديد علي البشرية، إلا أن تقدم العلم وزيادة مستويات الوقاية أدت إلى السيطرة على هذا المرض، ومن ثم انخفضت معدلات الإصابة بهذا المرض بشكل كبير. ولكن إلي وقتنا هذا لم يتم القضاء على الطاعون نهائيًا، ففي عام 2013 كان هناك 783 حالة إصابة على مستوى العالم،أدت إلى وفاة 126 حالة. (2)
  • ينقل أحد أنوع البق مرض شاغاس، والذي سُمي بذلك نسبةً إلى مكتشفه الطبيب والباحث البرازيلي كارلوس شاغاس. ويستوطن ذلك المرض حوالي 21 بلدًا في الأمريكتين، ويتسبب في إصابة  28000 شخص في تلك المنطقة، وتصل نسبة الوفيات حوالي 12000 حالة وفاة سنوياً. وعلى الرغم من أن معدل الوفيات قد انخفض بشكل كبير في وقتنا هذا،إلا أن الإصابة بهذا المرض قد تتسبب في حدوث أمراض مزمنة في القلب والجهاز الهضمي والجهاز العصبي، ويُقدرعدد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض شاغاس بنحو 65 مليون شخص في الأمريكتين.(3)
  • داء الفيل أو ما يُسمى أيضاً بالفيلاريا الليمفاوية (lymphatic filariasis) والذي يقوم بنقله أحد أنواع البعوض، ويُحدث خللاً في الجهاز الليمفاوي مما يؤدي إلى تغير وتضخم غير طبيعي في أجزاء الجسم، مما يسبب الألم والعجز الدائم. ويُقدر عدد الأشخاص المعرضين لخطرالإصابة بمرض داء الفيل بنحو 1.1مليار شخص في 55 بلداً في جميع أنحاء العالم.(4)
  • تقوم ذبابة تسي تسي بنقل مرض النوم والذي يهدد الملايين من الناس في 36 بلدًا إفريقياً في جنوبي الصحراء الكبرى، وبخاصة في المناطق الريفية النائية والتي لا تتوافر بها الخدمات الصحية الملائمة. وفي عام 2009، وبعد جهود المكافحة المتواصلة، انخفض عدد الإصابات المُبلغ عنها إلى أقل من 10000 حالة وذلك للمرة الأولى منذ 50 عامًا، وقد استمر هذا الانخفاض في عدد الإصابات الجديدة المبلغ عنها حتى وصل إلى 3796  حالة في عام 2014،ويقدر عدد السكان المعرضين لخطر ذلك المرض حوالي 65 مليون نسمة.(5)
  • فيرس زيكا والذي تقوم بنقله البعوضة الزاعجة (Aedes mosquito) أو البعوضة الزاعجة المصرية، والذي اكتٌشف لأول مرة في عام 1947، ولكن لسنوات طويلة لم تُكتشف إلا حالات متناثرة في أفريقيا وجنوبي آسيا، وفي عام 2007 حدثت أول حالة تفشي موثقة لمرض فيروس زيكا في منطقة المحيط الهادئ، ومنذ عام 2013 يبلّغ عن حالات تفشي فيروس زيكا في كل من غرب المحيط الهادئ والأمريكتين وأفريقيا.(6)

وهناك المزيد من الأمراض التي تساهم  الحشرات في نقلها وانتشارها، مسببةً المزيد من الأضرار للجنس البشري مما يجعلنا نقف أمام خطر جديد يواجه الإنسان في صراعه  للبقاء ومواجهة الأمراض. وكما هو معروف دائما لا تدخل حرب حتى تعلم أطرافها، وهذا ما سوف نتناوله لاحقاً في مجموعة من المقالات التي تتعرض لدراسة علم الحشرات الطبية (Medical Entomology)،وهو العلم الذي يختص بدراسة الحشرات ذات الأهمية الطبية ويدرس العلاقة بينها وبين بعض مفصليات الأرجل الأخرى وما تسببه من مشاكل صحية وحالات مرضية للإنسان والحيوان. يتطرق هذا العلم أيضاً إلى النواحي البيولوجية والبيئية لهذه الآفات والتعرف على طباعها وسلوكها وكيفية تمييز الأطوار المختلفة لها، وطرق نقلها للأمراض ودورة حياة مسببات هذه الأمراض داخل أجسامها ثم طرق الوقاية منها وسبل المكافحة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اعداد و تصميم: محمد جاد الله

مراجعة علمية: Mohammad Gendy

مراجعة وتدقيق لغوي: Mohammed Ayman Hamad

المصادر:

  1. http://sc.egyres.com/7ADnf
  2. http://sc.egyres.com/A4FmD
  3. http://sc.egyres.com/TxSda
  4. http://sc.egyres.com/Y8F3T
  5. http://sc.egyres.com/nYsoh
  6. http://sc.egyres.com/48kre
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي