أسرة بني قسي الأندلسية

بارزة

||

اشتهرت الأندلس بظهور الكثير من الأسر السياسية التي كان لها دور مؤثر في الأحداث على مدار أكثر من ثمان قرون، ومن هذه الأسر أسرة بني قسي الأندلسية التي عمرت سيرتها لفترة طويلة في التاريخ الأندلسي.

بنو قسي: هي أسرةُ من الأُسَر الأسبانية النصرانية التي تُنسَب إلى أحد الأسبان، ويدعى «قَسِي» وكان يعمل (قومس) أي نديم الملك الأسباني أو أحد رِجاله من حكام الأقاليم([1])، حيث كانت هذه الأسرة تحكم منطقة الثَغر الأعلى -سرقسطة وما حولها- في أسبانيا قبل دخول العرب إلى الأندلس، ثم اعتنق قَسِي الإسلام ودخل في كَنَفِ العرب بعد دخولهم الأندلس، وظل على حكمه هو وأسرته في منطقة الثغر الأعلى([2]).

خريطة توضح منطقة الثغر الأعلى في الأندلس

                                                          

ظهر من هذه الأسرة شخصياتٌ كثيرة كان لها دورٌ كبير في الحياةِ السياسية في الأندلس بعد وفاة مؤسس الأسرة قسي، فظهر لنا فرتون بن موسى بن قسي ت 168هـ/784م ([3])، ثم اِبنه موسى بن موسى بن فرتون بن قسي في عهد أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم المُلقَّب بعبد الرحمن الأوسط (176- 238هـ/ 792- 852م)، وكان له في الثغر الأعلى جولات كثيرة حتى وفاته 248هـ/862 م([4])، فتبعه من أفراد أسرته لُب بن موسى بن موسى الذي ملًكَ منطقة الثغر الأعلى بعد وفاة أبيه وأخيه مطرف بن موسى وإسماعيل بن موسى وأختهم أورية التي تزوَّجت من ملك غرسية من نصارى شمال الأندلس([5]).

تمثال موسى بن موسى بن فرتون في مدينة تطيلة

ظلت هذه الأسرة لها وجود وظهور في الأندلس لفترةٍ طويلة حتى ظَهَرَ أقوى أفرادها في منطقة غرب الأندلس وبشكلٍ خاص في منطقة شلب في أواخر عصر المرابطين،

وهو أبو القاسم أحمد بن الحسين بن قسي، الذي نشأ في أحواز شلب بغربِ الأندلس، ثم اشتغل فيها حيث كان مُشرفًا بالأعمال المخزنية على حدِّ قول اِبن الآبار([6])، ثم تزهد هذا الرجل وتصدَّق بكل ماله واعتنق الصوفية وطُرقها حتى تبحَّر في علومها وأصبح من شيوخها، وبدأ في التجول في البلاد حتى عاد مرةً أخرى إلى مدينته بشلب([7])، وقام اِبن قسي بإنشاء رابطةٍ في مدينة شلب في القرن 6هـ/ 12م، حيث أقبل فيها اِبن قسي على دراسة كُتبِ أبي حامد الغزالي، ثم بدأ يُحرِّضُ على الفتنة بالثورة على المرابطين ومعه أتباعه الذين سُموا «المولدين»([8])، ثم ذاع صيته ولُقِّبَ بالمهدي والإمام، وكثرت تخاريفه حسب وصفِ عنان([9]) .

انتشرت دعوة اِبن قسي في الأندلس ضد المرابطين وخاصةً بعدما نجح أتباعه في التحصُّن بقلعة «ميرتلة» من غرب الأندلس حتى نهاية عهد المرابطين عام 541هـ/1146 م([10])، ثم دخلت الأندلس في طاعة الموحدين وظل أحمد بن قسي بين مدٍّ وجزر مع السلطات الموحدية حتى مقتله عام 546هـ/1151م ([11]).

 

#الباحثون_المصريون

مصادر المقال :

 [1] إبن الأبار القضاعي : الحلة السيراء ، جـ2، تحقيق: حسين مؤنس ، دار المعارف، القاهرة، 1985م، صـ 197.

 [2] – JUSTE, Alberto canada :Los bani qasi (714- 924), principe de viana, vol:41, 1980,p:67

 [3]  GOMES, Rosa Valera:Silves(xelb), uma cidade do gharb al andalus : teritorie e cultura , instituto portugues de arqueologia , lisboa, 2002, p: 114.

 [4]  محمد عبد الله عنان : دولة الإسلام في الأندلس، عصر المرابطين وبداية الدولة الموحدية، صـ 307.

 [5)  إبن الأبار: الحلة السيراء، صـ 198.

 [6]  إبن الأبار: الحلة السيراء،صـ 199.

 [7] أحمد بن عمر العذري : نصوص من الأندلس ، منشورات معهد الدراسات الإسلامية ، مدريد، صـ 27.

 [8] العذري: نصوص من الأندلس ، صـ 31.

 [9] إبن حزم : جمهرة أنساب العرب ، صـ 468.

 [10] إبن حزم : جمهرة أنساب العرب ، تحقيق : ليفي بروفنسال، دار المعارف، مصر، 1948، صـ 467.

 [11] حسين مؤنس : فجر الأندلس، دار المناهل للطباعة، طـ1، بيروت، لبنان، 1423هـ، 2002م،صـ 441.

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي