المدرسة الانطباعية

انطباعية

«إن الانطباعية هي الإحساس المباشر الوحيد. جميع الرسامون العظماء كانوا –بشكل ما- انطباعيين.أقوياء أو ضعفاء هذا يرجع إلى الموهبة»

كلود مونيه (رائد فن الانطباعية)

 

مقدمة

الانطباعية، والتي يمكن اعتبارها أولى الحركات الحديثة في فن الرسم. بدأت بالنمو في باريس عام 1860م، ثم انتشر تأثيرها في جميع أنحاء أوروبا، وصولًا في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة الأمريكية. كان مُبدعوها هم أولئك الفنانون الذين رفضوا المعارض والصالونات الرسمية التي أقرتها الحكومة وقتئذٍ؛ لذلك كان يتم تجنب هؤلاء الفنانون من قبل المؤسسات الفنية الأكاديمية الكبيرة. بعيدًا عن الزخرفة الفاخرة والتفاصيل التي كان يتطلع إليها فنانو عصرهم، سعى الانطباعيون إلى التقاط التأثير الشعوري الخاطف للمنظر، هذا الذي تراه أمام عينيك في لحظات سريعة عابرة. ولتحقيق هذا التأثير؛ انتقل العديد من الفنانين الانطباعيين من المرسم إلى الشوارع والريف؛ ليرسموا في الهواء الطلق.

الفكرة الرئيسية

كانت الانطباعية نمطًا من الفن التمثيلي، الذي لا يعتمد بالضرورة على الوصف الحقيقي. بدأ العلماء في هذا الوقت في إدراك أن هناك اختلاف بين ما تلحظه العين وما يستوعبه الدماغ. سعى الفنانون الانطباعيون إلى تصوير ما سبق ذكره –التأثير البصري للضوء- لإبراز مرور الوقت، والتغير في المناخ، والتحولات الأخرى في الجو من خلال لوحاتهم.

خفف الانطباعيون من استخدامهم لفرشاة الرسم، وقللوا من ألوانهم؛ ليدخِلوا الألوان الناصعة القوية. لقد تخلوا عن الرسم المنظوري التقليدي، وتجنبوا وضوح الشكل الذي كان مهمًا في السابق في تمييز العناصر المهمة عن الأقل منها أهميةً في الصورة. لهذا؛ عاب النقاد على الرسم الانطباعي لمظهره الغير مكتمل وما رأوه من «قلة الحنكة» على حد تعبيرهم.

لقد سجلت لنا الانطباعية تأثير التجديد الهائل الذي حدث في باريس -والذي جرى بواسطة المخطِط العمراني جورج هوسمان (Georges-Eugène Haussmann) في منتصف القرن التاسع عشر- بما في ذلك تشييد محطات السكك الحديدية الحديثة في المدينة والشوراع العريضة المزينة بالأشجار-تلك التي حلت محل القديمة الضيقة والتي اكتظت بالمارة-  والمباني السكنية الكبيرة الفخمة. في أغلب الأحيان كان التركيز على المناظر الترفيهية العامة –خاصة المقاهي والنوادي الليلية- فلقد نقل الانطباعيون مشاهد العزلة التي عاشها سكان العاصمة العصرية الأولى.

معارض باريس و(صالون المرفوضات- Salon des Refusés)

في عام 1863م وفي الصالون الرسمي، حيث كل أحداث الفن ذات الأهمية حول العالم، كان عدد ضخم من الفنانين غير مسموح لهم بالمشاركة، مما أدى إلى غضب شعبي عارم. في نفس العام -وردًا على هذا الأمر- تم تشكيل ما عُرف باسم صالون المرفوضات (وهو عبارة عن معرض للأعمال المرفوضة)؛ كي يتم عرض أعمال الفنانين الذين تم منعهم من دخول الصالون الرسمي. بعضٌ من هؤلاء كان (بول سيزان-Paul Cézanne)، و(كاميل بيسارو-Camille Pissarro)، والثائر القديم (إدوار مانيه-Édouard Manet). وعلى الرغم من سماح السلطات وموافقة الامبراطور نابوليون الثالث في عام 1863م ، تسبب المعرض في جلب فضيحة؛ يعدُ ذلك إلى أفكار وأنماط الأعمال والتي كانتا غير تقليديتين، مثل لوحة مانيه الشهيرة: طعام الغداء فى الحقل (Le déjeuner sur l’herbe) التي رسمها في العام ذاته، حيث ظهر فيها رجال بملابسهم مع نساء عرايا يستمتعون بالتنزه في فترة بعد الظهيرة.

في عام 1884م تم بدء معرض مؤثِر آخر بواسطة ما عُرف بجمعية الفنانين المستقلين (Société des Artistes Indépendants) وقد ضم العديد من الفنانين الانطباعيين. أعلنت الجمعية التمرد على محلفي باريس المحافظين، في وقتٍ لاحق، ستكون هذه الجمعية أمر محوري في حركة المجددون، وأحد أسباب الحداثة في باريس.

 

 

 

إدوار مانيه وثورة فن الرسم

كان مانيه أحد أول وأهم المبدعين الذين برزوا في المعارض العامة في باريس. رغم أنه قد نشأ معجبًا بالأساتذة القدامى، لكنه بدأ في أوائل عام 1860م في مزج إبداعًا جديدًا، نمطٌ من الرسم أكثر تحررًا، بألوان أكثر زهوًا. بدأ أيضًا بالتركيز في صور الحياة اليومية مثل: المقاهي، ومخادع النساء، وفي الخارج في الشوارع. وسرعان ما جذب أسلوبه -الغير أكاديمي والحديث في موضوعه جوهريًا- انتباه الفنانين المهمشين متأثرين بنمطٍ جديد من الرسم، والذي من شأنه أن يبتعد عن قواعد الصالون الرسمي.

معارض الانطباعيين

بحلول أواخر عام 1860م، بدأ عدد صغير من شباب الفنانين العاملين في باريس باكتشاف بعضهم البعض، خلال مجموعة من المعارض الصغيرة. لم يكونوا قد اتفقوا على نمطٍ واحدٍ بعد؛ فلقد تشاركوا إحساسًا عامًا بكراهية القواعد الأكاديمية المتغطرسة للفن التشكيلي، تلك التي رُسِّخَت في هذا الوقت عن طريق صالونات باريس ذات النفوذ. أولى هذه الصالونات البديلة تم عقده في 1874م في استوديو المصوِّر (فيليكس نادَر- Felix Nadar) تحت عنوان جمعية مجهولي الرسامين والنحاتين والنقاشين… إلخ. ولم يمض المعرض الثالث عام 1877م إلا وقد بدأوا يطلقون على أنفسهم لقب «الانطباعيون». وبينما لقى معرضهم الأول قليل من الانتباه العام، فقد جذبت معارضهم بعد ذلك جماهيرًا غفيرة، بأعدادٍ بلغت الآلاف.

المصدر: sc.egyres.com/impressionism

ترجمة: Ala’a Mahmoud

تدقيق: Fady Ramsis
تصميم: Bothaina Mahmoudd

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي