من هو (لودفيج فان بيتهوفن-Ludwig Van Beethoven)؟
عازف البيانو والملحن الألماني الذي يُعد واحدًا من أعظم وأبرز المُلحنين على الإطلاق، ولد بيتهوفن عام 1770 في مدينة بون التي تُعد جُزءً من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، كابن لموسيقي المحكمة الذي سرعان ما أدرك موهبة بيتهوفن الاستثنائية؛ لذا قام بتعليمه الموسيقى في سن مُبكّر بكل وحشيّة وصرامة نظرًا لشهره والده بإدمانه للكحول. وعندما كان بيتهوفن في السابعة من عمره قام بأول أداء له أمام الجمهور عام 1778 لينال إعجاب الجمهور من الحاضرين بصورة لافتة للأنظار. وقد تَميزت موسيقى بيتهوفن بالدمج بين الأصوات والآلات مما وسّعَ وعمّقَ نِطاق السوناتة والسيمفونية والكونسيرتو والرباعية. بدأ بيتهوفِن في عُمرِ الـ26 عام 1796 بِفقدانِ السَمع. كانَ يُعاني من طنين حادٍّ في أذنيه مما صعّب عليه سماعَ الموسيقى بشكلٍ جيّد، وقد صار يتجنّب المُحادثات مع الناس. وقد أُصيب بالصمم التام بحلول العقد الأخير من حياته، لكن ذلك لم يَمنعه من إكمال مسيرته؛ حيث خرج لنا بأعظم وأهم أعماله خلال تلك الفترة حين كان غير قادر على سماعها، توفى لودفيج فان بيتهوفن عام 1827 عن عمر يناهز 56 عامًا بعد أن ترك لنا موسيقاه التي أذهلت العالم أجمع. [5]
ما سبب التفرد المثالي لموسيقى بيتهوفن؟
للإجابة على هذا السؤال الذي لطالما شغل تفكير العديد من محبي موسيقى بيتهوفن، استخدم (مارتن رورماير-Martin Rohrmeier) ومجموعة من الباحثين من معهد لوزان الاتحادي للفنون التطبيقية بسويسرا الأساليب الإحصائية ل فك شفرة موسيقى بيتهوفن، وقد استندت هذه الدراسة المنشورة في مجلة ( بلوس وان-Plos one) بالسادس من يوليو من العالم الجاري على سلسلة بيتهوفن الرباعية، وتشير رباعية بيتهوفن الوترية إلى 16 رباعًا يضم كلًا منها 70 حركةً مفردةً لحنها وكونها بيتهوفن طيلة حياته، والرباعية الوترية هى عبارة عن فرقة موسيقية مكونة من أربعة موسيقين يعزفون اثنان من آلات الكمان والفيولا والتشيلو، وقد أكمل بيتهوفن أول سلسة رباعية منها في نهاية القرن التاسع عشر في عقده الثالث، والأخيرة منها قبل وفاته بفترة وجيزة. [1،2،3]
إن الموسيقى من الفترة الكلاسيكية كموسيقى بيتهوفن يتم تأليفها بأسلوب منهجي ذات دلالة، حيث يكون لكل ملحن أسلوبه الفريد الخاص به؛ ونظرًا لأن الموسيقى تتبع الأسلوب المنهجي فإن الأنماط التي تشكل تلك الأصوات الفريدة يمكن تعريفها على أنها مجموعات من البيانات وبالتالي يمكن دراستها باستخدام الأساليب الإحصائية المستخدمة لتحليل البيانات الكبيرة، والمجال الحديث لعلم الموسيقى الرقمية أصبح يعمل حاليًا على تطوير مجموعة جديدة بالكامل من الأساليب الإحصائية. [2]
وقد ذكر مارتن رورماير:
«تتيح لنا الأساليب الحديثة في الإحصاء وعلوم البيانات تحليل الموسيقى بطرق لم تكن في متناول الموسيقى التقليدية»
لذا فكك مارتن رورماير ووزملاؤه السِتّة عَشر مقطوعةً رُباعيّة لبيتهوفن وحفظها في شكل رقمي ومشروح، لكن كان الجزء الأكثر استغراقًا للوقت من العمل هو إنشاء مجموعة البيانات استنادًا إلى عشرة آلاف من التعليقات والشروحات التوضيحية بواسطة خبراء في الموسيقى النظرية. [1]
يقول ( فابيان سي موس -Fabian C. Moss) أول مؤلف لدراسة بلوس وان:
«للبحث عن الأنماط أنشأنا بشكل أساسي موردًا رقميًا كبيرًا من مقطوعات بيتهوفن الموسيقية»
وقد وجدوا عند تشغيلها أن الرباعية الواحدة تستغرق 8 ساعات من العزف المتواصل، والمقطوعة الموسيقية نفسها تحتوي على مايقرب من 30000 من الكورد، والكورد عبارة عن مجموعة من النوتات التي ينتج عن عزفها نغمة كاملة، وفي تحليل الموسيقى يمكن تصنيف الكورد وفقًا للدور الذي يلعبه في القطعة الموسيقية، حيث يُطلق على نوعين معروفين من الكوردات اسم المهيمن والمنشّط اللذان لهما دورًا رئيسيًا في تأسيس العبارات الموسيقية، ولكن هناك عددًا كبيرًا من أنواع الكوردات بما في ذلك العديد من المتغيرات في الكوردات المهيمنة والمنشّطة، حيث تحتوي رباعيات بيتهوفن على أكثر من 1000 نوع مختلف من هذه الكوردات، لذا عندما قام الباحثون في مختبر الموسيقى الرقمي والمعرفي في معهد لوزان الاتحادي للفنون التطبيقية بتحليل رباعية بيتهوفن وجدوا أن عددًا قليلاً جدًا من الكوردات هي التي تحكم معظم الموسيقى، وقد أظهرت الدراسة أن الانتقال من وتر إلى وتر يليه يحدث من المهيمن إلى المنشّط، وهذا في حد ذاته لايعد اكتشافًا جديدًا فهو ما يعرفه خبراء الموسيقى النظرية بالفعل، ووجد الباحثون أيضًا أن الكوردات تختار بناءً على قوتها لتُرَتب وبالتالي تُحدد اتجاه الزمن الموسيقي، لكن المنهجية الإحصائية تقوم بأبعد من ذلك أنها تميز موسيقى بيتهوفن عن طريق تكوين توزيع خاص بالكوردات التي قام بيتهوفن باستخدامها وعدد مرات استخدامها وأيضًا كيفيه انتقاله من واحدة إلى أخرى. [1،3]
ثم أوضح المؤلف (ماركوس نيوورث-Markus Neuwirth):
«يمثل نهجنا مثالًا على مجال البحوث المتطور في العلوم الإنسانية الرقمية والذي تُستخدم فيه أساليب علم البيانات والتقنيات الرقمية لتعزيز فهمنا لمصادر العالم الحقيقي، مثل النصوص الأدبية أو الموسيقى أو اللوحات، في ظل رؤى رقمية جديدة» [1]
كما ذكر ( فابيان سي موس-Fabian C. Moss):
«تلك هي البداية فقط»
وأكمل:
«نواصل عملنا من خلال توسيع مجموعات البيانات الموسيقية لتشمل مجموعة واسعة من الملحنين والفترات التاريخية المختلفه، كما ندعو باحثين آخرين للانضمام إلى بحثنا عن الأساس الإحصائي للأعمال الموسيقى» [1]
المصادر:
- Decoding Beethoven’s music style using data science [Internet]. Science Daily. [cited 2019 Jul 7]. Available from: https://www.sciencedaily.com/releases/2019/06/190606150222.htm
- Amsen E. A Data Science Analysis Finds Beethoven’s Style In His String Quartets [Internet]. Forbes. [cited 2019 Jul 9]. Available from: https://www.forbes.com/sites/evaamsen/2019/06/06/a-data-science-analysis-finds-beethovens-style-in-his-string-quartets/
- swissinfo.ch SWI, Corporation a branch of the SB. Project parses 30,000 chords to find Beethoven’s ‘statistical signature’ [Internet]. SWI swissinfo.ch. [cited 2019 Jul 13]. Available from: https://www.swissinfo.ch/eng/sci-tech/science-saturday_project-parses-30-000-chords-to-find-beethoven-s–statistical-signature-/45018676
- Digitally deconstructing Beethoven [Internet]. Cosmos Magazine. [cited 2019 Jul 13]. Available from: https://cosmosmagazine.com/technology/digitally-deconstructing-beethoven
- Ludwig van Beethoven [Internet]. Biography. [cited 2019 Jul 15]. Available from: https://www.biography.com/musician/ludwig-van-beethoven
إعداد: آلاء عبد المعطي
مراجعة علميّة: فاطمة إبراهيم
تدفيق لغوي: رنا السعدني
تحرير: نسمة محمود