دراسة حول العنف الكرويّ

بببب
دراسة حول العنف الكرويّ|دراسة حول العنف الكرويّ

مقدمة

تندرج دراسة الحالة المُقدَّمة هنا ضمن مشروع بحثٍ أنجزته مؤسسة (RAND Europe) بتكليفٍ من جامعة قطر. ويأتي هذا المشروع في سياق تحديد العوامل المرتبطة بالسلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع التي تُرافق بعض الأحداث الكرويّة، واقتراح استراتيجيات للتقليل من هذه الظاهرة والحد منها.
إن الهدف من دراسة الحالة المقدمة هنا هو تجميع الأدلة حول السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع في الأحداث الرياضيّة (ما يُطلق عليه العنف الكروي)، وإجراء تقييمٍ نقديّ له في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى عرض الاستراتيجيات المُتَّبَعة للتقليل من مثل هذه السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع في مباريات كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والحد منها، وتحديد العوامل المحددة لهذا السلوك في الدراسات السابقة في هذا الإطار بما في ذلك الصراعات السياسية والضغوطات الاجتماعيّة والاقتصاديّة وتأثير وسائل الإعلام. وتنتقل الدراسة بعد ذلك إلى مناقشة الأدلة المُتعلِّقة باستراتيجيات الحد من ظاهرة السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع وتقييم تلك الأدلة.

ما نوع السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع التي تشهدها الأحداث الكروية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وما هي العوامل المرتبطة بها؟

معظم الملاحظات المقدمة اِستُخلصت اعتمادًا على ما تُقدمه وسائل الإعلام بالإضافة إلى قليل من العمل الأكاديمي البحت حول هذا الموضوع، وقد ركزت كل من الدراسات الأكاديمية والإعلامية على أحداث كرة القدم على الصعيد المحليّ وليس الدوليّ.
 يجدر الإشارة هنا إلى غياب الأدلة القيّمة حول السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع في مباريات كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكون ذلك يُعدُّ عائقًا أمام استخلاص النتائج.

ارتبطت بعض حالات العنف والفوضى في مباريات كرة القدم في المنطقة بالقضايا السياسيّة.

ألقتْ مجموعة من المصادر المُعتمَدة في الدراسة الضوء على الطبيعة السياسيّة للحريّة الكرويّة في المنطقة، والطريقة التي ترتبط بها السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع بالقضايا السياسية. فقد أفاد أحد المشاركين في المقابلات التي أجريناها مع الخبراء، وهو متخصصٌ في سلوكيات مشجعي كرة القدم في المنطقة، قائلًا: “كرة القدم مُسيَّسة على نطاقٍ واسع في المنطقة، وقد كانت كذلك منذ دخول اللعبة للمنطقة. فقد لعبت دورًا سياسيًا في كل شيء يخطر على بالك تقريبًا: تكوين الأمة وبناؤها، وكذا إنشاء النظام والحفاظ على استقراره، والصراعات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، والنضال من أجل الاستقلال… إلخ. فقد أصبح الملعب ساحة معركة للاحتجاج”.

وعلى العموم فإن هناك نقصًا من حيث الأدلة القوية التي تثبت ادعاء أن العوامل السياسية تقف وراء السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع في أحداث كرة القدم في المنطقة. وعلاوةً على ذلك وانطلاقًا من المصادر التي رُوجِعت، من الواضح أنه ليس هناك أي توجهٍ سياسيّ أو موقفٍ أيديولوجيّ مشترك بين جميع مشجعي كرة القدم في المنطقة، بل إن طبيعة هذه التوترات السياسية ودورها في الفوضى التي تحدث في مباريات كرة القدم تبقى مرتبطة بالسياق، فحالات العنف المبنيّة على أساسٍ سياسيّ والمذكورة في التقرير، إنما هي مرتبطةٌ بمباريات كرة القدم المحليّة. والأدلة لا توضح إن كان هناك احتمالٌ أن يتحول التوتر السياسيّ إلى عنفٍ خلال المناسبات الدوليّة أو أن هذه الظاهرة تبقى محصورةً فقط في المباريات المحلية.

ما هي المُقاربات التي اِعتُمدت للتعاطي مع ظاهرة السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع في الأحداث الكرويّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحد منه وما مدى نجاعة تلك المقاربات؟

 إن النقاشات حول استراتيجيّات الحد من العنف الكروي ومنعه تبقى في مجملها تخمينيّة؛ تعتمد الآراء، ولا ترتكِّز على الأدلة.
يناقش عددٌ كبير من المصادر المُدرَجة في هذه المراجعة مختلف الاستراتيجيات للحد من تفشي العنف الكروي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.  ففي غالب الحالات تبقى هذه النقاشات تخمينية وصادرة من معلقين يقدمون آراءهم في معظم الأحوال لمناقشة القضية. فقد جاء في مقال نُشر في جريدة “الأهرام ويكلي” الاستراتيجيات التالية للحد من العنف والشغب في مباريات كرة القدم في المنطقة:

  • منع المشجعين من متابعة مباريات كرة القدم في الملاعب.
  • تحفيز المشجعين عن طريق الجوائز والهدايا مقابل حسن سلوكهم.
  • فرض عقوبات على مثيري الشغب من المتفرجين.
  • تغريم النوادي.
  • مراقبة مجموعات “الألتراس” واحتواؤها.
  • منع بعض الأشياء في الملاعب.
  • توفير مقاعد لكل المتفرجين.
  • تفريق المشجعين من الفريقين المتنافسين عن بعضهم البعض.

لقد قامت بعض دول المنطقة ببعض الإجراءات الأمنية لتحديد مشجعي كرة القدم ومراقبتهم. ففي تونس، اِعتُمدت البطاقات / التذاكر الإلكترونيّة بوصفها خطوة لتسهيل عملية تتبع هويّة المشجعين الذين يقترفون أعمال العنف والشغب وتحديدهم. وفي المغرب حيث ارتبط العنف الكروي بمجموعات الألتراس، فقد عمدت قوات الأمن إلى عقد لقاءاتٍ مع زعماء الألتراس قبل المباريات. ويقوم رجال الأمن السريّون بمراقبة أفراد الألتراس داخل الملاعب. لا تُوجد دراسات حول فاعلية هذه الاستراتيجيات لمنع العنف في مقابلات كرة القدم في المنطقة؛ وهذا يُشكل ثغرة كبيرة ويعتبر عائقًا؛ وهكذا فإن عدم توفُّر ما يكفي من الأدلة لاستخلاص النتائج حول أثر الإجراءات المذكورة أعلاه أو حتى غيرها من الاستراتيجيات التي قد يتم اتباعها في المنطقة وفاعليتها.

ما هي الثغرات التي تظهر في الدراسات السابقة في هذا الإطار، وكيف يمكن تطوير قاعدة الأدلة؟

نظرًا إلى ضعف الأدلة حول العنف والشغب في مباريات كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ تسعى هذه الدراسة إلى التركيز على تحديد الثغرات في الدراسات السابقة حول الظاهرة، والسعي إلى تطوير قاعدة الأدلة. وعلى العموم فإن هناك حاجة ماسَّة لإجراء مزيد من البحوث المستقلة والمحددة حول السلوكيات العنيفة والمعادية للمجتمع في مباريات كرة القدم في المنطقة وتحديدًا فإن هناك نقصًا حادًا في البيانات القوية حول انتشار العنف بمختلف أشكاله في مباريات كرة القدم في المنطقة. فالتركيز على التقارير الإعلامية من شأنه أن يُقدِّم صورةً مغلوطة عن انتشار العنف؛ لأن الشأن الصحفيّ يتأثر بالقضايا والمشاكل، وهذه التقارير الإعلاميّة من شأنها أن تُركِّز على المباريات التي تشهد العنف والشغب وليس على تلك التي تمر في ظروفٍ عاديّة.

إن البحث المُستقِل من شأنه أن يقدم صورة أكثر توازنًا وقابليةً للاعتماد عليها، كما هي الحال بالنسبة إلى ما تقدمه الإحصائيات الاعتيادية حول العنف والسلوك المعادي للمجتمع في مباريات كرة القدم في المنطقة.

تلخيص: Doaa Talaat
تنسيق: Afnan Samir – Omnya Alaa
تَدقيقٌ لُغَوِيّ: محمود خليفة
تحرير: نسمة محمود

المصدر

شارك المقال:

فريق الإعداد

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي