فراي أوتو

Frei_Otto

|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||

أُغرِمَ بالطائرات الشراعية، فبَرع في فهم المنشآت المُحمَّلة بالشد والتغطيات الخيامية والقشرية بأنواعها، وقضى جُلَّ حياته في البحث والتجارب وتصميم مباني خالدة كثيرة فكان بحق رائد العمارة المستقبلية الحديثة للقرن العشرين.

لمحة عن حياة المعماري فراي أوتو –Frei Otto

فراي أوتو

ولد فراي أوتو في (سايجمار- Siegmar)، بألمانيا يوم 31 مايو 1925.
نشأ في برلين، وكان والدَهُ وجدَهُ من النحاتين، كما عمل خلال العطل الدراسية في البناء بالأحجار.عُرِفَ من صِغَرِه بالابتكار ولفت انتباهه ريشة حمامة طائرة، كيف تطير بخفةٍ وتوازنٍ، فاتخذها قاعدة لصنع نماذج طائرات صغيرة مُحلِّقة، كما كان مُولَعًا بالطيران الشراعي فصنع نماذج خشبية كثيرة، فزاد اهتمامه بكيفية أن الأغشية والصفائح الرقيقة المثبتة على إطارات تكون متينة وخفيفة في نفس الوقت وبإمكانها الرد على دينامكية الهواء.

وقبيل الحرب العالمية الثانية عام 1943، انتقل فراي أوتو إلى برلين لدراسة الهندسة المعمارية، لكن لم يُسمح له ذلك حيث التحق بالجيش وتدرب كطيار لفترة ثم جندي مشاة حتى وقع في الأسر عام 1945 وظل في معسكرات الأسرى لمدة عامين عمل فيهما كمهندس للمعسكر حيث قام بالعديد من الهياكل والملاجئ بأقل مايمكن من المواد.

وبعد الحرب في عام 1948 عاد فراي أوتو لدراسة الهندسة المعمارية في برلين وسرعان ما تخصص في تصميم المنشآت الخيامية إذ كان مولعًا بهذا التصميم البشري الموغِل في القدم، وكرد فعل على المنشآت الثقيلة والمباني الضخمة التي شُيِّدت تحت الحكم النازي كانت أعمال أوتو خفيفة الوزن، توحي بالديموقراطية، مفتوحة على الطبيعة، منخفضة التكلفة وأحيانًا مؤقتة.

في عام 1950، حصل على منحة للدراسة بالولايات المتحدة، حيث زار أعمال فرانك لويد رايت، وإريك مندلسون، وييرو سارينن، وميس فان ديروه، كما تأثر كثيرًا بالقبة الجيوديسية لريتشارد بوكمينستر فولر، ودرس أيضًا خلال هذه الفترة علم الاجتماع والتنميةالحضرية في جامعة فيرجينيا.

 

 

 

 

 

وفي عام 1952، أصبح فراي أوتو مهندسًا حرًا وأسس مكتبه المعماري في بلده برلين، كما حصل على الدكتوراة في الهندسة المعمارية من الجامعة التقنية عام 1954، وفي نفس العام عمل مع (بيتر سترومير- Peter Stromeyer) وأنشأ ثلاثة مباني مؤقتة خفيفة الوزن مصنوعة من الحد الأدنى لنسيج القطن لمعرض الحدائق الاتحادية الألمانية في كاسل، إذ صمم غطاءً فاتحًا لقوس المدخل مستندًا إلى مبدأ التصميمات المُحمَّلة بالشد، فتوصل لتغطية مساحة كبيرة بأقل قدرٍ من المواد كما صمم جناح الرقص كخيمة تُظلل المرقص فكانت معجزته المعمارية التي فتحت باب الشهرة أمامه وكانت أول أعماله للحصول على اعترافٍ وطني وعلى كيفية الانسجام والتوافق مع الطبيعة.

وفي وقتٍ مبكرٍ من عام 1957 بدأ في الصعود نجم واحد من عباقرة بناء المنشآت الخيامية في القرن العشرين، حيث اشتهر أوتو باستخدامه الهياكل الخفيفة والمتعددة الاستخدامات بالإضافة إلى قيمتها الاقتصادية والبيئية، وقام بعمل الأبحاث والتجارب لإنشاء نماذج معقدة تتحمل قوة الشد وتوزيع الأحمال، فظل طوال حياته يختبر النماذج الفيزيائية لتحديد وتطوير الشكل الأمثل ودراسة سلوكه؛ وكان المهندسون في مكتبه من أوائل من استخدم الكمبيوتر في التحليل البنيوي للمشاريع والنماذج فجاءت نتائج المدخلات الأساسية لهذه الحسابات في تحديد شكل النموذج المادي.

frei otto german pavilion

ثم تكوَّن فريقٌ لأبحاث البناء وعلم الأحياء في الجامعة التقنية ببرلين عام 1961، وكان هذا إيذانًا ببدء العمل التعاوني بين المعمارين والمهندسين وعلماء الأحياء، فطبقوا كل مايعرفوه على المنشآت الخيامية والشبكات القشرية ومختلف الهياكل الخفيفة الأخرى، لفهم وتصميم الأشكال والمنشآت الهيكلية البيولوجية، وفي عام 1962 نشر أوتو مجلده الأول عن الهياكل المُحمَّلة بالشد: تصميم وتركيب وحساب المباني والكابلات، والشبكات والأغشية وفي عام 1964 أصبح مديرًا لمعهد تأسس حديثًا للهياكل الخفيفة بجامعة شتوتجارت من قبل الحكومة الألمانية لتجهيز والتخطيط الجناح الألماني للمعرض الدولي والعالمي في مونتريال كندا سنة 1967، المعروف باسم (Expo 67)؛ أراد قادة ألمانيا اختيار عمارة أوتو لتكون إثباتًا للعالم على وجه ألمانيا الجديدة المنفتح والودود بعد الحرب العالمية الثانية وعلى الخبرات الصناعية والهندسية والتقنية المبتكرة. ويعد هذا البناء الذي أعطى أوتو شهرةً عالميةً كمهندسٍ معماري ومصمم مباني قدم مثالًا مبكرًا لتصميم البناء السلبي للطاقة الشمسية بمقياس كبير.

الملعب الأوليمبي بميونخ

سطع نجم أوتو وبلغ أوج تألقه عندما صمم الاستاد الرئيسي في الحديقة الأوليمبية بميونخ فقد وُكِّل إليه بناء وتصميم الملعب الأوليمبي لاستضافة دورة الألعاب العشرين عام 1972 واشتمل المشروع على غشاء كبير لتغطية المدرجات والساحة والمسبح الأوليمبي وربط المباني لحماية الزوار من المطر والشمس؛ فاستعان بصديقه (جونتر بانيش- Günter Banish) لحساب الأحمال الاستاتيكية؛ وتم تقسيم السقف الدائري إلى 9 أجزاء من أشكال السطح المكافئ (hyperbolic paraboloid) المبنية بشباك من الحبال المتقاطعة، وكان من المطلوب أن لا يكون هناك للسقف ظل، فاختار أوتو صفائح من لدائن الأكريليك الشفافة واستعان بالمطاط لسد الصدوع وخطوط التماس.

وعند الافتتاح دهش العالم من أكبر السرادقات التي عرفت حتى الآن. لقد رفع أوتو في ميونخ منارة معمارية وبِناءً كالطبيعة، خفيف ومتين ويُشبه شِباك العنكبوت.

ظل فراي أوتو مولعًا بالمنشآت الخيامية وغالبًا ما صنع بنفسه مبتكرات من نماذجها متخذًا الطبيعة قدوة، فهو يصمم أشكالًا عضوية تهتدي بشباك العنكبوت أو جماجم الطيور، ويقتصد في الطاقة ومواد البناء كما يعتز أوتو كثيرًا بقدرته على اختزال المتطلبات؛ وقد نشر له كتاب «علم الأحياء والبناء» تحدث فيه عن الخصائص الهيكلية وبناء فقاعات الخيزران والصابون. ومن عام 1964 حتى عام 1991 كان أوتو أستاذًا في جامعة شتوتجارت ثم عُيِّن أستاذًا غير متفرغ.
وعلى مر السنين ضمت فرق أبحاث أوتو فلاسفة ومؤرخين وعلماء للطبيعة والبيئة، وكانت نتائج أبحاثه متاحة لكثيرٍ من المعماريين كما رجَّح دائمًا التعاون في مجال العمارة؛ وقد كان بحق رائد البناء بالمنسوجات الخيامية المشدودة.

حاز على العديد من الجوائز المعمارية منها

– 1974: وسام توماس جفرسون في الهندسة المعمارية من جامعة فرجينيا.
– 1982: الجائزة الكبرى والميدالية الذهبية من قبل الرابطة الألمانية للمهندسين المعماريين.
وفي نفس العام حاز أيضًا على جائزة الآغا خان للعمارة 1980 مع Rolf Gutbrod على «فندق ومركز مؤتمرات إينتركونتينينتال» بمكة المكرمة الذي وصفته اللجنة: «إن مركز المؤتمرات هذا، المجهز بألفي مقعد و170 غرفة فندقية، هو توليفة من التقنيات الهيكلية الحديثة، والتقاليد الفنية المحلية التي أصبحت شبه منقرضة. ومن خلال بساطتها، أبرزت التفاصيل واللمسات المحلية، مثل الشبابيك الخشبية المعلقة، وأناقة عمل الآلة الواضح في بناء مركز المؤتمرات المكسو بالألمنيوم، والذي يعتبر على درجة عالية من التعقيد من حيث الهيكل الإنشائي، حيث شُكّل سقفه على شكل خيام معلقة بأعمدة معدنية كما تشمل المنشأة مسجدًاصغيرًا مبنيًا من الحجر البازلتي المحلي، ومظللًا بشبكة معلقة»
– 1998: حصل على جائزة الآغا خان مرة أخرى مع Omrania and Happold على «قصر طويق» بالرياض والذي وصفته اللجنة: «يهدف المخطط إلى تحقيق حد أعلى من الانسجام ما بين شكل الموقع وفكرة الواحة مع أرصفتها ومصاطبها وكهوفها المغلقة داخل جدار خارجي متموج. وعلى طول الجدار، تترابط ثلاث بُنَى تشبه الخيام.»
– 2005: حصل على الميدالية الذهبية الملكية من المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين (RIBA).
– 2006: منحته جمعية الفن المعمارية اليابانية Praemium Imperiale في العمارة.
لتعاونه مع المعماري الياباني «شيغيرو بان – Shigeru Ban» لتصميم الجناح الياباني لمعرض« Expo 2000» في هانوفر.

الجناح الياباني

وقد قالت لجنةٌ التحكيم في حيثيات مَنِحه الجائزة: «إن أوتو لم يكن مجرد مهندس معماري، بل كان باحثًا ومخترعًا وواضعًا لأشكال ومهندسًا وبنَّاءً ومعلمًا وعاملًا وناشطًا في مجال البيئة وإنساناً ومبدعًا لمبانٍ وأماكنٍ لا يمكن نسيانها»
ومما لا شك فيه أنه يعد بصمةً واضحة ً ونمودجًا يحتذى به في مجال العمارة والبناء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد: عبدالرحمن عادل
المراجعه العلمية: Mahmoud Mohamed Ouf
المراجعه اللغوية: Mohamed Sayed Elgohary

المصادر

http://goo.gl/Tvmtco
http://goo.gl/UwlPFo
http://goo.gl/XEzgjS
http://goo.gl/fFWXw2

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي