في صراع من أجل البقاء: ماذا فعل كورونا المُستجد بنا؟

في صراع من أجل البقاء: ماذا فعلت الكورونا بنا؟

لا شك أن لكلمة “جائحة” وقعٌ سيئٌ على السمع. فتقريبًا في ظل الأحوال الراهنة، يُماثل الخوفُ من الإصابة وقعَ الإصابة بالمرض في نفوسنا؛ فنُصاب بالذعر، والخوف.

ومع تأكيد ظهور الحالات المَرَضية في أكثر من مائة من بلدان العالم، وحدوث تفاوت في اضطراب الحياة اليومية في جميع أنحاء العالم؛ فمن الطبيعيّ أن يشعر الإنسان بالخوف، والهلع، بل ويهتم بكل ما يتعلق بصحته، وسلامته الطبيّة.

وفي ضوء هذا التصرف الطبيعيّ، من الواضح أن لفيروس كورونا المُستجد رأيٌ آخر في تسليط الضوء، وكشفِه عن أسوء ما في النفس البشرية. تحولت المحلات التجارية إلى ساحات للحرب؛ فيجري كل إنسان بحثًا عما يريده من موادٍ، ومؤنٍ. وأصبح ورق المرحاض كراية النصر؛ فيتنازع الجميع عمّن سيرفع (اللفافة) الأخيرة. وفي أستراليا، تم اعتماد ورق المرحاض كعملةٍ في أحد متاجر القهوة السريعة. أما في هونج كونج، سرق رجال مدججين بالسكاكين متجرًا، وغادروا بغنيمتهم، ألا وهي عبارة عن 600 لفافة من ورق المرحاض؛ وهو ما يعادل سرقة 130 دولارًا.

ولكن تأثير الكورونا تخطى حمى الشراء، وهوس الاكتناز. فوُصِمَ الناس الذين يعانون من الحساسية الموسميّة بوصمة عارٍ نتيجة العطس المتكرر والاشتباه بكورونا. فهبطت طائرة تتجه إلى نيوجرسي في دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية، عندما أصيب مجموعة ما بالهلع عندما بدأ أحد المسافرين نوبة عطاس جراء حساسية ما. لقد غَذَىَ الخوفُ من المرض عقول البشر؛ مما دفع بجرائم الكراهية لتتصدر عناوين الأخبار.

وما الذي يفسر انتشار ظاهرة تكدس البضائع، وحالات الهيستيريا، والشعور بالكراهية تجاه الأجانب، ونظريات المؤامرة؟
يكشف لنا عالم النفس الإكلينكي ستيفن تايلور حول التداعيات النفسيّة التي تحدث بسبب الأوبئة.

ستيفن تايلور مختصٌ بردود الفعل النفسيّة التي تنتج عن الأوبئة. ففي كتابه الجديد “سيكولوجية الأوبئة: الاستعداد للتفشيّ العالمي القادم للأمراض المعدية”، يكشفُ تايلور عن كيفية استجابة الناس للأوبئة، وكيف تنتشر هذه السلوكيات.

كيف تُعَرِّف الخوف؟ وما الدور الذي يلعبه  أثناء الأوبئة؟

الخوف ردُ فعل انفعاليّ، وسلوكيّ، وفسيولوجيّ؛ للتأقلم، ومواكبة التهديدات المتصورة. وكما رأينا في حالة وباء الكورونا، انتشر الخوفُ بالفعل كسريان النار في الهشيم من قَبل انتشار الإصابة بالمرض؛ وذلك يرجع إلى أن الناس شعرت بما يعرف “بالقلق الاستباقيّ“. فيُعتبر الخوف وسيلةً لحماية أنفسهم، وحماية عائلتهم.
يُعتبر الخوف استجابةً كيفيّةً عمومًا؛ فهو منبهٌ مفيدٌ يدق؛ لينبهنا أن نتوقف لكي نتفادى المخاطر. ويصبحُ الخوفُ مشكلة جديّة فقط؛ عندما يكون بشكلٍ مفرط، أو شديدٍ للغاية، أو عندما لا يوجد أي خطر بالأساس.

لماذا نذعن لهذه المخاوف، على الرغم من أننا نعرف أنها غير منطقية في مرحلة ما؟

لدى الإنسان مستويان من التفكير. فلدينا عقلنا المنطقيّ الذي يُخبرنا بأننا “لا نحتاج إلى لفافة أخرى من ورق المرحاض”.
ولكن لدينا أيضًا تفكير غريزيّ بدائيّ تلقائيّ يقول: “حسنًا، من الأفضل أن نشعر بالأمن على أن نشعر بالأسف”. وتظهر غريزة القطيع؛ فيتوقف الناسُ عن إصدار أحكامهم الخاصة، ويبدأون في تقليد الآخرين، ومحاكاة ما يفعلونه. ولذلك، إذا انتشرت حمى الشراء بين الناس، فسرعان ما تَجِدٌ المرءَ يقوم بما يقومُ به القطيعُ أي الآخرون، وهو الشراء.

لماذا تعتبر التهديدات الجديدة كفيروس الكورونا، مثيرة للقلق بصورة أكبر من التهديدات المألوفة، أو المعروفة؟

مع ظهور تهديدات، وتحديّات جديدة؛ يسود عدم التأكد، والذي يعتبر تحديّ للكثير من الناس الذين لا يستطيعون التعامل مع شئءٍ يتسمُ بالغموض، ويشوبه عدم التأكد.فما يجعل الكورونا –حقًا- مثيرة لاستفزاز الناس، والهلع؛ أنه يدورُ حولها الكثيرُ من علامات الاستفهام بشأنها؛ فهي تقتلُ الناس بالفعل، وتعتبر أشد فتكًا من الإنفلونزا الموسمية. ولقد رأينا بأمِ أعيننا على صفحات الإنترنت، العديد من الناس يرتدون الأقنعة الطبيّة، وما إلى ذلك. وما يزيد الطين بِلَّة، هو أن الناس لم تُصاب بالفعل بعدوى الكورونا من قبل. فبصورة عامة، يعتبر المرض خفيفًا وضعيفًا، إلإ إذا كنت مُسنًا أو ضعيفًا.
والآن مع إعلان كوفيد-19 كجائحة، نرى العديد من الصور التي تقارنها بالإنفلونزا الإسبانية، فيصطف الناس إما على أسرة المستشفيات أو توابيت الدفن. وأتوقع أن استجابة الناس للخوف ستنخفض عندما يدرك الناس أنها لا تعدو عن كونها ” إصابة خفيفة” على الرغم من انتشار العدوى.

كيف تؤثر العوامل النفسيّة الأخرى على كيفية تعامل الناس مع الأوبئة؟ وهل توجد اختلافات فردية بين الجموع المختلفة من السكان؟

بالطبع، يوجد اختلافات فرديّة في كيفية تعامل الناس مع الشعور بالتهديد. ولكن لا بدَّ من أن نذكر أنه يوجد جانب يغفل عنه العديد-ولا يتم مناقشته بصورة واسعة في وسائل الإعلام- ألا وهو لدى الناس مرونة عالية عمومًا. وبالتالي، تتمتع مجتمعاتنا، والجموع من الناس أيضًا بمرونة عالية ضد التوتر.
فيهتم معظم الناس بالقدر المناسب بالفعل فيما يتعلق بالوباء. ولكن قد يجد بعض الناس العزلة الذاتيّة مرهقة أو مُوَتِرَة للأعصاب، وقد يقلق بعض الناس على صحة أصدقائهم، وعائلاتهم. ولكن سيتغلب الأغلبية من الناس على هذا الموضوع دون هذا القلق المُوهِن. ويُقال إنه يوجد نسبة من الناس –ومن الصعب حقًا التنبؤ بعددهم- تقريبًا 10% أو أكثر، والذين سيستجيبون للأمر على هيئة قلقٍ مفرطٍ، وموهنٍ. وهؤلاء هم أنفسهم الذين يعانون من اضطرابات القلق، أو المشاكل العاطفيّة بصورة مسبقة. أو هؤلاء الذين لديهم خصائص شخصية معينة مثل النزعة إلى عدم التسامح مع عدم التأكد أو القلق كثيرًا بشأن سفاسف الأمور.

ماهو رد الفعل الطبيعيّ لفيروس الكورونا؟ وكيف يبدو رد الفعل غير الطبيعيّ؟

تشمل ردة الفعل الطبيعيّة بالتأكيد على الانتباه لمصادر المعلومات الموثوقة، وتجنّب المواقع التي تنشر “نظريات المؤامرة” أو الشائعات. ويجب عليهم أن يلتزموا بإرشادات وزارات الصحة، وأن يجهزوا المؤن من الطعام، وغيرها لمدة تكفي اسبوعين، وأن يستعدوا للعزلة الذاتية. وعليهم –بالطبع- أن يضعوا خطة مناسبة للقضاء على الملل خلال فترة اسبوعيّ العزلة الذاتية. فيجب عليهم أن يحرصوا على حياتهم بالقدر الكافيّ، ولكن في نفس الوقت، يجب عليهم أن يتابعوا حياتهم بصورة عادية، وألا يجعلوا التوتر وقودًا لهم، ولصحتهم؛ فيلتهمها، ويدمرها. وما سبق يعتبر صورة للمواكبة الطبيعية أو التعامل الطبيعيّ مع مثل تلك الظروف.
أما يكون التأقلم مفرطًا عندما يشعر الشخص بالقلق، والتوتر طوال الوقت؛ بل ويمتد خوفه إلى الغرباء؛ خوفًا من الإصابة بالعدوى. فبصورة مستمرة، يقيسون درجة حرارة أجسادهم، ومتابعة الأخبار، وتحديدًا الأخبار الدراميّة؛ وبالتالي يتأثرون بالصور التي يرونها. أما عن العزلة الذاتيّة، فهم يبالغون في القيام بها؛ وبالتالي تظهر عليهم عدة أعراض كالصداع، والأرق، والانفعال؛ وذلك يرجع لأنهم يشعرون بالتوتر والإرهاق الشديد.
وسيكون هناك بالتأكيد ميل لخلط أعراض فيروس الكورونا بالعطس العاديّ، أو السعال سواء في عائلاتهم، أو هم أنفسهم. وهذا أيضًا طبيعيّ، ولكن من المهم جدًا ما هي ردة فعلك بشأن هذا. فإذا سارع الجميع نحو غرفة الطوارئ في كل مرة يُصابون فيها بالسعال أو البرد العاديّ؛ فقطعًا سيمتلئ نظام الرعاية الصحية كالمستشفيات وغيرها عن آخرها.

كيف يمكن للعوامل النفسيّة أن تؤثر على انتشار العدوى؟

عندما تنظر إلى كيف تُدار الأوبئة، ستجد أن جموع الناس تتفق على عدة أشياء منها: الموافقة على تناول اللقاح إذا ما توافر إحداها، غسل اليدين جيدًا، وتغطية الفم والأنف عند السعال، عدم الاحتشاد في جماعات، والتزام العزلة الذاتيّة.
تكمن الصعوبة بشأن مكافحة العدوى في موافقة الناس على الحد من أنشطتهم الخارجية بصورة كبيرة؛ أي تقييد حرياتهم بصورة مؤقتة. فإذا لم يقم الناس بهذا الخيار، أو وجدوا صعوبة في العزلة الذاتيّة، فهذا سيجعل العدوى تنتشر انتشارًا كبيرًا؛ وبالتالي ستزداد صعوبة السيطرة عليها.

لماذا انتابت الناس حمى الشراء، واكتناز البضائع والمؤن؟

لقد أُبلِغ المواطنين بشراء ما يحتاجون إليه، ويكفيهم لمدة أسبوعين. وهذا ما لا يفعله العديد من الناس غالبًا؛ لذلك لا يفكرون مليًّا حول ما يحتاجونه، والذي ليس بكثير حقًا.
بالتأكيد ستجد وسط هذا الحشد الكبير من الناس من يشعر بالتوتر الكبير-والذي قد يكون عددًا قليلًا من الأشخاص-؛ وبالتالي يلجأ لشراء أكثر مما يحتاجه بسبب هذا الهلع، والتوتر. ولأننا كائنات اجتماعيّة، فإننا نستجيب للخطر بناءً على ما يفعله الآخرون من تصرفات.
فمع حمى الشراء، يدفعهم شعورٌ من الحاجة المُلِحَة، والخوف من ندرة وجود البضائع إلى الشراء. وكأن الخوف أصبح مُعديًّا. وبالتالي لسان حالهم يقول: «إذا قام بها غيري، فمن الأفضل أن أقوم بها أيضًا». فتنتشر عدة صور لأشخاص لديهم عربات تسوق متكدسة، ومملوءة حتى آخرها، بالإضافة إلى أرفف المحلات التجاريّة الفارغة.
يحاول الناس أن يكتشفوا طريقة للسيطرة على الموقف. ففي النهاية، تخبرنا السلطات، ووزارات الصحة بأنها مشكلة كبيرة، وجديّة، وخطيرة. فحتى الآن كل ما تقوله الحكومات بسيطًا؛ فنحن لا نحتاج لأدوات خاصة، فقط علينا أن نغسل أيدينا بصورة منتظمة، وأن نغطي فمنا عند العطاس أو السعال.
أما من وجهة نظر أناس آخرين، فهذا غير كافٍ بالنسبة لهم لمواكبة الأوضاع الطارئة؛ لذلك يشعرون بأنهم في حاجه ليقوموا –بأي شيء- شيئًا ما؛ لكي يشعروا أنهم مستعدون أكثر. وهذا ما يُغذى دافع الناس بالشراء المفرط.

لماذا غالبًا ما تُحفز الأوبئة على كراهية الأجانب؟

هناك مفهوم ما، يُعرف ب “جهاز المناعة السلوكيّ”. هذا المفهوم مبنيّ على فكرة، ألا وهي أن جهازنا المناعيّ البيولوجيّ غير كافٍ على حمايتنا من العدوى؛ لأننا لا يمكن أن نرى أشياء دقيقة كالميكروبات، أو البكتيريا، أو الفيروسات. ويشبه هذا الجهاز المناعيّ السلوكيّ نظامًا نفسيًّا؛ والذي بدوره يساعدنا على الكشف على مُسبِبَات الأمراض من خلال النظر إلى الإشارات. لذا، عندما نرى دَرابْزينًا متسخًا، سيؤدي هذا إلى تنشيط هذا الجهاز المناعيّ السلوكيّ؛ والذي بدوره سينبهك إلى ضرورة عدم لمس هذا الدَرابْزينً. وينشط هذا الجهاز المناعيّ أيضًا بفعل الأجانب.
فعادةً، كان الأجانب السبب الأول خلف عدة أمراض معدية خطيرة؛ وهذا سبب آخر لنشاط المناعة.
فعندما تختلط مجموعتان، قد تكون إحداهما حاملة لعدوى ما، لم تتعرض لها المجموعة الأخرى؛ وبالتالي ليس لديها أي مناعة طبيعة في أجسام أفراد المجموعة. ولقد رأينا ذلك يحدث عدة مرات عبر التاريخ. فنحن –إلى حد ما- مبرجون على كراهيتنا للأجانب.
ومع هذا التفشي الرهيب، والذي كانت ووهان (في الصين) منشأه، ظهرت موجات من التمييز العنصريّ، تجنّب الصينيين، والخوف من الأشخاص ذي الأصول الصينية. وتفاوتت ردود الفعل بين الناس وبعضهم البعض. فعندما يشعر بعض الأناس أنهم أكثر غرضًه للإصابة بالمرض؛ تنم أفعالهم عن عنصرية شديدة.
وبإمكاننا أن نتنبأ بأن هذا الجهاز المناعيّ السلوكيّ –والذي يتضمن الخوف من الناس- سيعاود الظهور مرة أخرى. فعلى سبيل المثال، قد يكون الناس القادمين من أوروبا إلى الولايات المتحدة عرضةً للتمييز. وفي حالة السارس، خاف الناس من الطاقم الطبيّ في المجتمع، بل وتجنبوهم؛ لأنهم تعاملوا مع مرضى السارس. وكذلك تجنبوا عائلاتهم نتيجة هذا الخوف أيضًا. وهذا بالطبع جزء من الشعور بالكراهية تجاه الأجانب.

ماهي التأثيرات النفسية لكل من التباعد الاجتماعيّ، والحجر الصحيّ؟

حاليًا، يُطلب من كبار السن ألا يكونوا في جماعات، أو مجموعات، وأن يلتزموا بيوتهم، وألا يسافروا. بعبارة أخرى، عليهم أن يعزلوا أنفسهم. ونحن نعرف أن العزلة الاجتماعيّة، والوحدة، والاكتئاب مشكلات سائدة، يعاني منها كبار السن. والآن، نطلب منهم أن يبقوا في منازلهم؛ أي يبتعدوا عن مصدرهم في البقاء متصلين مع العالم، والذي يجعلهم سعداء. فيجب علينا أن نأخذ هذا بعين الاعتبار. فعلى سبيل المثال، تشجيع الناس على البقاء في حالة اتصال مع بعضهم البعض عن طريق الإنترنت، ومنصات التواصل المختلفة.
الحجر الصحيّ تجربةٌ مؤلمةٌ. فعانى بعض مرضى السارس من اضطرابات ما بعد الصدمة نتيجة الحجر الصحيّ. فعلى الرغم من أنهم قد تعافوا من المرض، إلا أن اضطراب ما بعد الصدمة قد لازمهم. وقد يكون تجربةً مخيفةً، وخاصة إذا بدأت الأعراض في الظهور. تخيّل أنك معزول، وحريتك مقيّدة؛ الأمر يشبه وجودك في سجن ما. وتخيّل أنك تعاني من أعراض حادة في الجهاز التنفسيّ.
فهذا يجعلني أفكر في مسافريّ السفن الذين في الحجر الصحي، وكيف تجربة هؤلاء إذا كانت قمرتهم دون نوافذ، أو شرفات أو أي منفذ للهواء. أتمنى أن توليّ السلطات الطبية رعايتها إلى هؤلاء، ومتابعة حالاتهم النفسيّة؛ للتتأكد من عدم تطور الأمور إلى مشاكل أكبر.

كيف تتغير استجابة الناس للجائحة مع مرور الوقت؟

يتزداد الخوف أو يتناقص تبعًا لما يحدث. فلا شك أن الخوف قد نَمَا عندما وصفته منظمة الصحة العالمية بكونه “جائحة”. وهذا بالتالي أثار خوف الناس، وقلقهم. أما بشأن ما سيحدث فيما بعد، فهذا يعتمد على التداعيات السلبية للكورونا على المنحنى الاجتماعيّ، والاقتصاديّ.

من وجهة نظر الصحة العامة، ما الذي يمكن فعله للتعامل مع القلق والبؤس لمجتمع ما أو بلد يأكمله؟

يجب على قادة البلاد إثبات أنهم يتحركون بالفعل لمكافحة فيروس كورونا المُستجد، وأن لديهم خطة تتناسب مع الموقف. عليهم أيضًا أن يتسموا بالشفافيّة، وألا يُخفُوا أي شيء، أو تَحَرَكَهُم لدوافعٍ خفيةٍ على سبيل المثال. ويجب أن يتسلحوا بالصراحة والوضوح في الاعتراف بالشكوك، ومواجهة الشائعات المُضللة.
فإذا سلكت سلوكًا استبداديًّا في دولة ما مُستَقِلة، كما هو الحال في عدة دول أوروبيّة، وأَمليّتَ على الناس ما يفعلوه، فغالبًا ستواجه ردًا عكسيًّا لما قلته. وهذا ما يعرف بالتفاعل النفسيّ. أي أن الناس ستقاوم التهديدات التي تَمُس حريتهم.
كيف نشجع الناس على العزلة الذاتية وهي-كما نعلم- مضجرةٌ ومُرهقة؟ سيتعين على قادة البلاد أن يتحدثوا مع ناخبيهم، ودوائرهم؛ لكي يقنعوهم بأهمية العزلة الذاتية، وأنها ليست مُدعاة للهَزل، ويجب أخذها بمنتهى الجدية. فالعزلة الذاتية لا تصب فقط في صالح الأفراد، بل في صالح المجتمع ككل.

بماذا تنصح الناس في ظل أجواء الكورونا المستمرة؟

ذكر نفسك بأن الجائحة أمرٌ مهمٌ، ويجب أن تستعد لها جيدًا، وتذكر دائمًا أنك ستتخطى هذا الأمر. ستنتهي هذه “الكورونا” عاجلًا أو آجلًا. فكن فعالًا، وهادئًا في مواجهتها، ولا تكن سلبيًا. وفكر فيما يمكنك فعله في أثناء فترة العزلة الذاتيّة والتي تمتد إلى أسبوعين. بالطبع، الموضوع ليس بالهَيّن، ولكن ما الذي يمكنك فعله لجعل العزلة الذاتية أقل صعوبة، ويمكنك تحمّلها؟
وعندما يتوافر لقاحٌ ما، يجب أن نفكر بأخذه عندما يكون متوافرًا. فيعتبر التردد بشأن أخذ اللقاح؛ أي الناس التي تمتنع عن أخذه، مشكلة كبيرة. ففي عام 2019، سجل التردد بشأن أخذ اللقاح كأحد أكثر 10 تهديدات فيما يتعلق بالصحة العامة. وأثناء هذه الأوضاع، يرفض الناس أخذ اللقاحات في حال توافرها، كما حدث في جائحة فيروس الإنفلونزا أ H1N1. وبالطبع مع رفض الناس للقاحات، سيكون من الصعب إنهاء مثل تلك الجائحة. لذلك من الضروريّ جدًا بمجرد توافر اللقاح أن يحرصوا على أخذه، وألا يتجاهلوه.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي