كروماتوغرافيا السائل عالية الدقة (HPLC)

6

||||

تعتبر تقنية الكروماتوغرافي أهم تقنية في تقنيات الفصل الكيميائي بين المواد، وأكثرها شيوعًا في مختلف الصناعات ومجالات البحث المختلفة. تتمايز أنواعها فمنها الوسط المتحرك (mobile phase)، والوسط الثابت (stationary phase).. كما تشمل الـ (HPLC) وكروماتوغرافيا الغاز (GC)… لاحقًا في آخر المقال سنتناول أوجه المقارنة بينهما.. لكن دعونا نستعرض النوع الأول، هنا.

ما هو الـ HPLC؟

تتعدد أنواع الكروماتوغرافي-كما ذكر سابقًا- حسب تعدد أنواع الوسط المتحرك والوسط الثابت، فمثلًا ضَيْفنا في هذا المقال  (High-performance liquid chromatography) يعتمد على وسط متحرك سائل في عمله، لذا سمي بهذا الاسم. طُوِّر هذا الجهاز في أواخر الستينيات والسبعينيات ولاقى رواجًا كتقنية فصل، لكل من تحليل وفصل المواد في العديد من المجالات.. تتزايد تطبيقات هذا الجهاز بنجاح يومًا بعد يوم،  فتمت إضافة تحليل الأحماض النووية والكربوهيدرات، وتحليل عدمية التناظر (chiral analysis) التي سُميت بهذا الإسم للتمييز بينها وبين كروماتوغرافيا العمود البسيطة (column chromatography).

مما يتكون جهاز الـ HPLC؟

يتكون الجهاز من 8 مكونات رئيسية:

1. وعاء الوسط المتحرك – (mobile phase reservoir): هو دورق (flask)، أو مجرد وعاء تجاري بشرط أن يكون نقيًا نظيفاً مفرغًا من الهواء والغازات؛ حتى لا يتسبب في خطأ في التحليل. كما يجب تنقيته من الشوائب عند إعداد الوسط المتحرك؛ لمنع تعطل الجهاز والخطأ في التحاليل.

2. نظام توصيل المذيب – (solvent delivery system): هو مضخة لضمان السريان الحر للوسط المتحرك بشكل مستمر ودقيق وبنبضٍ ثابت. هناك نوعان يستخدمان في HPLC: مضخة حقنية ذات مسمار (screw-driven syringe type)، وهي بالرغم من امتيازها بسهولة التحكم في معدل السريان إلا أنها غير مناسبة لتغيير المذيب.  تتكون المضخة المزدوجة الترددية ذات المكابس (Reciprocating piston) من غرفة أسطوانية تُملأ وتُفرغ بواسطة الحركة الأمامية والخلفية للمكابس، وتشمل مزايا هذه التقنية حجمها الداخلي الصغير الذي يراوح بين 35 إلى 40 ميكرولتر، مع ضغط خارجي كبير يصل إلى 10000 رطل لكل بوصة مربعة (psi). من استخدامات الجهاز المهمة، الفصل المتدرج (gradient elution) بمعدلات سريان ثابتة حيث لا تتأثر- بشكل ملحوظ- بأي من؛ الضغط العكسي للعمود (column back-pressure) ولا لزوجة المذيب.

 

3.    نظام إدخال العينة: يمكن أن يكون آلي أو يدوي ويستخدم صمامات، عند فتحها يمكن ملأ تجويف العينة (loop sample)  بحجم من 10 إلى 50 ميكرولتر. وعند غلق الصمامات تذهب العينة إلى مجرى الوسط المتحرك ذي الضغط العالي حيث يُرسل إلى العمود حيث يتم تحليلها. يجب أن تكون العينة في حالة سائلة وتُذاب في محلول إذا كانت في حالة صلبة، حيث يكون المذيب منسجمًا مع الوسط المتحرك والثابت، وتُحقن العينة بكمية تتراوح من 1لـ100 ميكرولتر.

4.    العمود: هو قلب الجهاز، حيث تحدث عملية الفصل. عادةً ما يكون مصنوعًا من الفولاذ غير قابل للصدأ ومضاد للتآكل وينقسم إلى نوعين: ١- الأعمدة التحليلية: هي النوع الأساسي وتوجد في جميع الأجهزة ويترواح طولها من 5 إلى 25 سم وبقطر داخلي من 3 مم إلى 5 مم محشو بمادة الوسط الثابت وهي جزيئات بحجم 5 ميكرومتر.. وفي الثمانينات، تطورت سرعة الفصل بسبب تقليل القطر وزيادة الطول. ٢- الأعمدة الأولية (precolumns)، وتنقسم إلى نوعين. الأول، العمود النابش للفضلات (scavenger column) ويقع بين منطقة حقن العينة ووعاء الوسط المتحرك ويقوم بتحسين جودة الوسط المتحرك، والثاني، العمود الحارس (Guard column) ويقع بين العمود التحليلي ومنطقة حقن العينة ويقوم بإزالة الشوائب من المذيب. كما ينقسم حشو العمود المُستخدَم في هذا الجهاز إلى نوعين: حزم مُغلَفة (pellicular) وهي بوليمرات على هيئة خرزات كروية وغير مسامية يتراوح قطرها من30 إلى 40 مم، مُغلَفة بطبقة رقيقة مسامية من السيليكا أو الألومينا أو الراتنج القادر على التبادل الأيوني (Ion-exchange resin)، والذي يستخدم الآن لفصل البروتينات والجزيئات الحيوية كبيرة الحجم، والنوع الآخر من الحشو هو الحشو المسامي، وعادة يحتوي على جزيئات صغيرة يترواح قطرها بين 3ل10مم وتتكون من السيليكا أو الألومينا أوالراتنج القادر على التبادل الأيوني والسيليكا تُعتبَر أكثر المواد المُستخدَمة شيوعًا في حشو العمود وأحيانًا تُحاط بطبقة عضوية رقيقة ترتبط بالسطح الداخلي للعمود كيميائيًا أو فيزيائيًا).

5.  الكاشف (detector): وظيفته مراقبة المواد المُذابة المراد استخلاصها عند خروجها من العمود؛ فهو يبعث إشارات كهربية تتناسب مع مستوى خاصية معينة لدى مادة الوسط المتحرك أو للمادة المُستخرَجة. وهناك الكثير من الأنواع:

·        كاشف الأشعة البنفسجية (U.V. absorbance detectors)

·        الكاشف الفلوريسيني (fluoresce detectors)

·        الكواشف الكهروكيميائية (electrochemical detectors)

·        كواشف التوصيلية (conductivity detectors)

·        كواشف معامل الانكسار (refractive index detectors)

·        مطياف الكتلة (mass spectrometer)

6.  الأنابيب الرابطة: هي مصنوعة من مادة خاملة لا تتفاعل مع مادة الوسط المتحرك والمذيبات، وتكون في العادة مصنوعة من الحديد غير قابل للصدأ أو من البلاستيك الخامل.

7.  جهاز حاسوب أو مسجل: يستخدَم كجهاز مُجمِع للبيانات؛ حيث يكون متصلًا بالكاشف فيلتقط الإشارات الإلكترونية الآتية منه ثم يقوم بتحليلها وإخراجها في شكل رسوم بيانية تسمى كروماتوغرام (chromatogram).

8.  وعاء الفضلات.

ما هي أنواع الجهاز؟

1.    الكروماتوغرافيا التجزيئية – (partition chromatography):

من أكثر الأنواع استخدامًا ويتكون الوسط الثابت من سائل غير قابل للذوبان في سائل الوسط المتحرك، ويتفرع هذا النوع إلى فرعين. الأول «҅liquid-liquid partition chromatography»، حيث تُثبت جزيئات الوسط الثابت فيه على سطح مواد الحشو بالامتزاز. الثاني «liquid-bonded-phase chromatography» حيث يتشكل الوسط الثابت فيه من أنواع عضوية ترتبط كيميائيًا بسطح مواد الحشو.

2.    كروماتوغرافيا الامتزاز – (adsorption chromatography):

هو الطراز القديم للكروماتوغرافيا السائلة، ويتضمن الكثير من التقنيات والمبادئ التي تُطبق على النوع التجزيئي (حيث يعتمد على الامتزاز في عملية الفصل أيضًا) تُطبق أيضًا على هذا النوع، أما الوسط الثابت فهو من السيليكا أو الألومينا فقط.

3.   كروماتوغرافيا الأيونات – (Ion chromatography):

يتميز هذا النوع بأن الوسط الثابت فيه عبارة عن راتنج مُبادِل للأيونات، سواء الأنيونات أو الكاتيونات. يوجد في العمود ويُستخدم لفصل الأنواع المشحونة، وتتم عملية الكشف عبر القياسات التوصيلية.

4.    كروماتوغرافيا الأحجام – (size-exclusion Chromatography):

كروماتوغرافيا الأحجام أو كروماتوغرافيا الجل،. تنطبق على الأنواع ذات الحجم الجزيئي الكبير، ومواد الحشو تحتوي على جزيئات صغيرة من السيلكا أو البوليمر التي تحتوي على شبكة من الثقوب؛ حيث تستطيع جزيئات المُذيب والمُذاب الإنتشار.

5.   كروماتوغرافيا الانجذاب – (affinity chromatography):

يُستخدَم في هذا النوع  كاشف (reagent) يسمى ربيطة الانجذاب (affinity ligand). ويكون مرتبطًا بشكل تساهمي بدُعامة صلبة. الربيطة، هي- عادة، أجسام أو مثبطات إنزيمات أو أي مواد تستطيع الارتباط بشكل انتقائي بالجزيئات المُراد تحليلها من العينة حين مرورها، حيث تستطيع هذه الجزيئات الانجذاب أو الارتباط بربيطات الانجذاب ويتم احتجازها في العمود.

6.   كروماتوغرافيا عديمة التناظر – (chiral chromatography):

يعتبر هذا النوع من أكبر التطورات في تقنية الكروماتوغرافيا؛ حيث تمكن هذه التقنية من فصل المواد حسب التناظر المرآتي (chirality). هنا، عامل الفصل قد يكون مادة مضافة إلى الوسط المتحرك أو العامل نفسه وهو الوسط الثابت. يبقى الشرط المهم أن يكون له نفس الخصائص التناظرية لإحدى الأشكال، ليتمكن من فصلها.

بالمقارنة مع جهاز«GC»:

يتميز جهاز«GC» عن جهز «HPLC»، بالسرعة والبساطة في التركيب..وفي المقابل يمتاز «HPLC» عن جهاز «GC» بالقدرة على التعامل مع المواد غير القابلة للتطاير، بما فيها الأيونات غير العضوية والمواد غير المستقرة حراريًا والتي لا يستطيعها الأخير.

إعداد: خالد عاطف رحومة

مراجعة: Amira Esmail

المصادر:

  1. http://sc.egyres.com/bHlXu
  2. Skoog DA. Fundamentals of analytical chemistry. 9th Ed. Belmont, CA: Cengage – Brooks/Cole; 2012.
  3. Settle FA, editor. Handbook of instrumental techniques for analytical chemistry. Upper Saddle River, NJ: Prentice Hall PTR; 1997. 995 p.
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي