ماء المريخ.. حقيقة أم خيال؟

artists-impression-of-mars-four-billion-years-ago-720x720

المريخ،اكتشاف مياه على المريخ،بحيرة على المريخ،

قامت المركبة المستكشفة لسطح المريخ باكتشاف بحيرة واسعة من المياه السائلة مخبأة أسفل الصفائح الجليدية الجنوبية للكوكب، ولقد تمَّ التلميح كثيرًا بوجود كميات صغيرة من الماء على سطح المريخ من قبل. ولكن في حال التأكيد هذه المرة، فستكون تلك البحيرة أول اكتشاف لمخبأ طويل الأمد للماء. (1)

بداية رحلة الاكتشاف في المريخ

تمَّ اقتراح وجود البحيرات تحت الجليد على سطح المريخ لأول مرة عام 1987، وكان الفريق يستخدم الأداة MARSIS الخاصة بالرصد منذ أن بدأ في الدوران حول الكوكب الأحمر في عام 2003، ولقد استغرق الأمر أكثر من عقد لجمع البيانات والملاحظات الكافية للاقتناع بأنَّ وجود البحيرة حقيقيًا. (1)

وخلال السنوات الأولى من الملاحظات، تمَّ إجبار الفريق ليبلغ معدل إرساله للنبضات الرادارية المئات منها معاً قبل إرسال البيانات إلى الأرض، وذلك بسبب القيود المفروضة على الحاسوب الواقع على متن المركبة، مما أدى إلى إخفاء رصد انعكاسات البحيرة في بعض الأحيان. (1)

وفي أوائل عام 2010 ، تحول الفريق إلى تقنية جديدة تسمح لهم بتخزين البيانات وإرسالها إلى الأرض ولكن بشكلٍ أبطأ، ثم في أغسطس 2015 وقبل أشهر من نهاية حملة المراقبة، توفي الباحث الرئيسي في التجربة (جيوفاني بيكاردي-Giovanni Picardi) بشكل غير متوقع.

ويقول العالم Roberto Orosei على إثر هذا:

“كان ذلك مُحزنًا للغاية، وقد كانت لدينا البيانات جميعها، لكن لم يكن لدينا القيادة. لقد كان الفريق في حالة من الفوضى”. (1)

الاكتشاف الجديد على سطح المريخ

رصد عالم الكواكب (روبرتو أوروساي-Roberto Orosei) من المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في بولونيا بإيطاليا وزملاؤه تلك البحيرة، وقاموا ببناء البحث الجديد بالجمع بين ملاحظات سابقة (1) وما تم وضعه من نظريات خلال العقود الثلاثة المنصرمة، والتي كانت تبحث عن الفرص المحتملة لوجود الماء تحت خبايا المريخ، وبالذات سطح القطب الجنوبي منه. (3)

ولقد تمَّ ذلك عن طريق مركبة الفضاء التابعة لشركة الفضاء الأوروبية Mars Space وذلك بواسطة الأداة الخاصة الواقعة على سطحها، والتي تقوم بتوجيه موجات رادارية إلى الكوكب للتحري عن الأشياء تحت سطحه.  (1)

فلقد تم مسح منطقة Planum Australe -القطب الجنوبي للمريخ- باستخدام أداة الرصد MARSIS ، وهو رادار ذو ترددٍ منخفض يقع على سطح المركبة الفضائية Mars Express.

طريقة الكشف عن بحيرة المريخ

تعمل تلك الأداة على إرسال الإشارات إلى سطح المريخ والتي ترتد إليها مرة أخرى محملة بالمعلومات المختلفة، والتي يرجع اختلافها لنوع المادة التي قامت الإشارات بالاصطدام بها. (3) 

ولقد قال الفريق بأن التفسير الوحيد لذلك النوع من المعلومات التي ارتدت بها الإشارات، هو بحيرة كبيرة من الماء السائل بلا شك. (3)

وقد تضمنت صور الرادار دليلاً على وجود مياه سائلة عالقة تحت الطبقات القطبية الجنوبية، في حين تظهر الانعكاسات السطحية الساطعة بشكل غير طبيعي في منطقة واضحة المعالم تبلغ مساحتها 20 كيلومترًا، متركزة عند 193 درجة شرقا و 81 درجة جنوبًا، محاطة بمناطق أقل انعكاسا بكثير. (2) وقد بلغ عرض تلك البحيرة المكتشفة 20 كيلومترًا تقريبًا، في حين يبلغ عمقها 1.5 كيلومتر تحت الجليد الصلب. (1)

تقول ليزا برات مسئولة الحماية الكوكبية في ناسا:

“إن تم تأكيد وجود هذه البحيرة، فسيعد ذلك تغييراً جوهرياً في فهمنا لإمكانية السكن والحياة على المريخ في الوقت الحاضر”. (1)

لكن يعد من المبكر قول ماهية ذلك الماء الذي وجد، وذلك لأنَّ العلماء ما زالوا يحتاجون ما هو أكثر من اكتشاف وجوده، فهم يحتاجون لاكتشاف ذلك الماء نفسه وعمل الاختبارات اللازمة عليه بالإضافة إلى معرفة مميزاته النافعة، وهو ما يتطلب المزيد من المهمات والتي سيتم تصميمها ناهيك عن إطلاقها. (3)

وعلى الرغم من عدم وضوح عمق تلك البحيرة، إلا أنَّ حجمها لا يزال يقلل أي علامات سابقة للمياه السائلة على المريخ، فيجب أن تكون البحيرة على عمق 10 سم على الأقل لتتم ملاحظتها بواسطة MARSIS، وهذا يعني أنه يمكن أن تحتوي تلك البحيرة على ما لا يقل عن 10 مليار لتر من المياه السائلة. (1)

ولقد تم إيجاد طريقة مناسبة وهي  (Radio echo sounding)، وهي طريقة فعالة بشكل أكثر، بسبب أن الرادارات ذات التردد المنخفض تم استخدامها على نطاق واسع وبنجاح للكشف عن المياه السائلة في قاع الطبقات الجوفية الأرضية القطبيّة. (2)

كما تنتج التبادلات بين الثلج والماء -أو بين الجليد والرواسب المشبعة بالماء- انعكاسات رادارية ساطعة. (2) ويتم استخدام الرادار المتقدم (MARSIS) لإجراء تجارب RES لدراسة السائل تحت سطح الأرض والغلاف الأيوني، فقد قامت MARSIS بمسح سطح المريخ لأكثر من 12 عامًا بحثًا عن أدلة وجود مياه سائلة. (2)

ولقد تمَّ الإبلاغ عن أصداء قاعدية قوية في منطقة قريبة من الجزء الأكثر سمكا في المنطقة القطبية الجنوبية الجليدية للمريخ، وقد تم تفسيرها بأنها نتيجة إشارات الرادار التي مرت من خلال طبقةٍ باردةٍ جدًا من جليد الماء النقي، ولكن تم أيضًا اكتشاف انعكاسات ساطعة بشكل غير متوقع في مناطق أخرى من المنطقة القطبية الجنوبية غير المنطقة الأكثر سمكًا. (2)

وبين 29 مايو 2012 و 27 ديسمبر 2015 ، قامت شركة MARSIS بمسح مساحة تبلغ 200 كم من القطب الجنوبي للمريخ والتي تقابل تقريباً منطقة دراسة سابقة، ولكنها لا تظهر أي خصائص غريبة سواء في البيانات الطبوغرافية أو في الصور المدارية. (2) وتعتبر تلك المنطقة مسطحةً من الناحيةِ الطبوغرافية، مكونةً من جليدٍ مائي مع غبار يتراوح بين 10% و 20% بالإضافة إلى أنه تغطيها بشكل موسمي طبقة رقيقة من جليد ثاني أكسيد الكربون والتي لا يتجاوز سمكها 1 ملم. (2)

ولقد تم الحصول على 29 صورة عن طريق إرسال نبضات متباعدة، يقع مداها ما بين 3 و 4 ميجا هرتز أو 4 و 5 ميجا هرتز، وقد تم إجراء عمليات الرصد بوجود المركبة الفضائية عند الجهة المظلمة من المريخ، وذلك لتقليل التشتيت الذي يسببه الغلاف الأيوني للإشارات. (2) ولكن لا زال هناك مجال للشك كما يقول سميث الذي يعمل في تجربة رادار استطلاعي مختلف على المريخ التابع ل”ناسا” والتي لم تشهد أي علامة على البحيرة، حتى في الصور ثلاثية الأبعاد التي تشبه الأشعة المقطعية. (1)

لكن يمكن أن يعود سبب ذلك إلى أن الرادار MRO يبحث عن الجليد بطريقة مختلفة ومبعثرة، أو لأنَّ الأطوال الموجية التي يستخدمها لا تخترق عمق الجليد، لكن سيبحث رغم ذلك فريق MRO مرة أخرى محاولًا إنشاء عرض ثلاثي الأبعاد من بيانات MARSIS.

ويوضح أيضًا إن وجود نقطة محددة لتحقيق الهدف يعد أمرًا مفيدًا، ولكن يعد في النهاية اكتشاف البحيرة وتأكيد وجودها شهادة على المثابرة والجهد الحقيقيان رغم كل شيء.

 

إعداد وترجمة: دينا الخطيب
مراجعة: آية غانم
تحرير: زياد الشامي

المصادر:

  1. https://www.sciencenews.org/article/mars-may-have-lake-liquid-water-search-life
  2. http://science.sciencemag.org/content/early/2018/07/24/science.aar7268
  3. https://www.space.com/41272-mars-liquid-water-below-ice-cap.html
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي