مطياف الكتلة

|||||مثال spectrum لمركب 2-Chloropropane||||||

مطياف الكتلة – Mass Spectrometry

مطيافُ الكتلة (Mass spectrometry) هو تقنيةٌ تحليليِّة للتعرُّف على مكوِّناتِ مادةٍ ما، أو لتوضيح شكلِ وبنية الجزيئات الكيميائية، من خلال تكسيرها إلى أيوناتٍ وقياس نسبةٍ كتلتها إلى شحنتها من خلال جهاز مطياف الكتلة.

فكرة عمل الجهاز:

فكرة العمل بسيطة، وتتم العملية على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: التأيُّن (Ionization)، وهناك أساليب كثيرة لتنفيذ تلك الخطوة، من أهمها أسلوب يُسمَّى: تأثير إلكترون التأيُّن electron impact ionization))، وفي هذا الأسلوب يتم تعريض العينة إلى سيلٍ من الإلكترونات بطاقاتٍ عالية كافية لحدوث تصادُمٍ ينتج عنه فقد الجزيء لإكترون ليتحوَّل إلى أيون يحمل شحنةً موجبة، ويُسمَّى: (Molecular ion) أو (Parent ion). الأيونات الناتجة من هذه الخطوة تفقد إلكترونًا واحدًا فقط، وبالتالي تحمل شحنة +1 لأنَّه من الصعب جدًا فقد إلكترونٍ آخر من نفس الجزيء.
بعد فقدان الجزيء لإلكترون يُصبِحُ غير مستقر، ويتفتت لأيوناتٍ وجذورٍ حُرَّة (free radicals، ذرة ذات إلكترون حر جاهز للارتباط) أصغر من خلال كسر روابط معينة بين ذراته (الأضعف) ليُعطي منتجاتٍ أكثر استقرارًا من خلال ما يُسمَّى بنمط التجزئة (Fragmentation pattern).

المرحلة الثانية: التسريع (Acceleration) فباستخدام قُطبٍ سالبٍ يتم تسريع الأيونات الموجبة فقط لتدخل أنبوب التحليل، ويتم استبعاد الجذور الحرة.

المرحلة الثالثة: الانعطاف (Deflection) باستخدام مجالٍ مغناطيسيٍّ على جانبِ أنبوب التحليل، تتعرَّض الأيونات الموجبة للمجال المعناطيسي وتتأثَّر به فتنحرف عن المسار. مقدار انحراف الأيونات عن المسار يعتمد على نسبة كتلة الأيون إلى شحنته m/z. وبما أنَّ جميع الشحنات متساوية وهي (z=+1) يُمكن اعتبار أنَّ مقدار الانحراف يعتمد فقط على كتلة الأيون m. وهكذا يتم الفصل بين الأيونات، وباستخدام كاشف في الجهاز (detector) يتمُّ قياس كتلة كل أيون ونسبة توافره (relative abundance). فكُلَّما كان الأيون أكثر استقرارًا كُلَّما كان متوافرًا أكثر، والعكس صحيح.

تخرج لنا البيانات من الجهاز على شكلِ رسمٍ يُسمَّى بـ(mass spectrum)، ويكون على المحور الأفقي نسبة الكتلة إلى الشحنة m/z، وعلى المحور الرأسي نسبة التوافر. ويمكن اعتبار أن المحور الأفقي يُعبِّر عن كتلة الأيون فقط.
وأول مثالٍ على spectrum خاص بمُركَّب البنتان pentane يكون كالتالي:

مثال spectrum لمركب pentane
مثال spectrum لمركب pentane

كلُّ إشارةٍ على الرسمِ السابق تُعبِّر عن أيونٍ مُختلِف. ولفهم سبب ظهور الإشارات عند الأرقام التالية 72, 57, 43, 29, 15 يجب معرفة احتمالات أو نمط تكسير جزيء البنتان (fragmentation pattern)، وهو كالتالي:

تفسير المعادلات السابقة:

بعد فقدان البنتانِ إلكترونًا في مرحلة التأين وقبل التفتت يُسمَّى (molecular ion)، وتظهر إشارته على الرسم عند أكبر رقم (72)، وهو الكتلة الجزيئية للبنتان.
ولأنه غيرُ مستقرٍّ يتم تفتته لأيوناتٍ وجذورٍ أصغر منه، وهناك احتمالان لكيفية حدوث ذلك التكسير:
– إمَّا كسر الرابطة بين كربون 2و3 لينتج أيون البروبان مع جذر الإيثان كما هو واضح في المعادلة الأولى. أو لينتج جذر البروبان مع أيون الإيثان كما هو واضح في المعادلة الثانية.
– أو كسر الرابطة بين كربون 2و3 لينتج أيون البيوتان مع جذر الميثان كما هو في المعادلة الثالثة.
أو لينتج جذر البيوتان مع أيون الميثان كما هو في المعادلة الرابعة.

وبما أنَّ الكاشف يشعرُ فقط بالأيونات الموجبة، فإنَّه يرصد أيون البروبان صاحب كتلة 43 وتظهر إشارته عند نفس الرقم.
وهكذا تظهر أيونات الميثان والإيثان والبيوتان عند 15 و27 و57 على الترتيب.

ذلك بالنسبة لأرقام الإشارات، أمَّا بالنسبة لسبب وجود إشاراتٍ أقوى من غيرها، فذلك يعتمد على مدى استقرار الأيون.
فكُلَّما كان الأيون المتكوِّن أكثرَ استقرارًا كُلَّما كانت إشارته أقوى. الأيون الأكثر استقرارًا يظهر عند إشارةٍ تُسمَّى بـ(base peak)، وهي الإشارة الأقوى، ويتم اعتبار نسبة وجودها 100% ويتم قياس باقي قوى الإشارات نسبيًّا إليها.
في المثالِ السابق كان الـbase beak ظاهرًا عند 43 (الرقم الخاص بأيون البروبان)، لأنَّه الأكثر استقرارًا بين باقي الأيونات.

أمَّا بالنسبة لأيون الميثان فهو غير مستقرِّ تمامًا، وبالتالي تظهر إشارة ضعيفة عند رقم 15،
وأيون البيوتان يظهر بإشارةٍ ضعيفةٍ أيضًا رغم أنه أيونٌ مستقر. ولكن سبب ضعف الإشارة هو أن في المعادلة الخاصة بإنتاج أيون البيوتان، يتم إنتاج جذر الميثان معه، وهو جذرٌ غير مستقر،  بالتالي يُضعف ذلك من احتمال الكسر بتلك الطريقة.

مثالٌ آخر وهو الأيزوبنتان isopentane ويكوِّن شكل (طيف الكتلة mass spectrum) الخاص به كالتالي:

مثال spectrum لمركب isopentane
مثال spectrum لمركب isopentane

يمكن مُلاحظة أن الإشارات في البنتان والأيزوبنتان تظهر عند نفس الأرقام، وذلك بسبب أن الأيونات الناتجة من التكسير لديها نفس الكتل. الاختلاف الملحوظ بين المثالين هو قوة إشارة الأيون عند رقم 57 في حالة الأيزوبنتان.

السبب في شدة الإشارة عند 57 هو أن التكسير الذي يُنتج أيون البيوتان يحدث كالتالي:

الفرق بين ذلك الأيون هو كاربوكاتيون ثانوي (2ry carbocation، أيون موجب الشحنة) وهو أكثر استقرارًا من الكاربوكاتيون الأول (1ry carbocation) الناتج في حاله البيوتان. لذلك الإشارة عند 57 في الأيزوبيوتان أقوى منها في البنتان.

لكلٍّ مجموعةٍ وظيفيّةٍ طريقةُ تكسيرٍ مختلفة، وذلك يُساعد على معرفه بنية الجزيء. سنتكلم عن مجموعتين فقط وباقي المجموعات يُمكن فهمها من المصدر.

– هاليدات الألكيل (alkyl halides): وهي مُركَّبات عضوية مُرتبطة بذرة هالوجين.

أكبر ما يُميِّز ذلك النوع من المركبات العضوية هو ظهور إشارةٍ تُسمَّى M+2 في حالة وجود البروم أو الكلور في المُركَّب. تلك الإشارة تظهر نتيجةً لتوافر نظائر البروم والكلور في الطبيعة بشكلٍ كبير. حوالي نصف ذرات البروم في الطبيعة له عددٌ كُتَلِيّ 79 (79Br)، والنصف الآخر 81 (81Br)، لذلك تظهر إشارتان لكلِّ أيون يحتوي على البروم، الفرق بينهم 2 ولهم نفس الشدة.
في حالة الكلور يكون حوالي 75% من الذرات في الطبيعة لها عددٌ كتلي 35 (35Cl)، والـ25% المتبقية 37 (37Cl)، ولذلك تظهر إشارتان لكُلِّ أيونٍ يحتوي على الكلور، ويكون الفرق بينهم 2، وشدة إحداهمها تساوي ثلاثة أضعاف شدة الأخرى.

مثال spectrum لمركب 2-Chloropropane
مثال spectrum لمركب 2-Chloropropane

الرقمان 78 و80 هما كتلُ أيونِ الجزيء قبل الكسر والفرق بينهم 2، وأحدهم ثلاثة أضعاف الآخر كما ذكرنا بسبب وجود الكلور.

لفهم باقي الأرقام؛ نأتي لنمط التكسير وهو يكونُ إمَّا تكسيرًا مُتجانسًا (homolytic cleavage) أو تكسيرًا غير متجانس (heterolytic cleavage).
غير المتجانس كالتالي:

وهو يُسمَّى غير متجانسٍ لأنَّ إلكترونات الرابطة بين الكلور والكربون تذهب بالكامل للكلور وتترك شحنةً موجبة على الكربون يتمُّ قياسها. في المثال السابق، نجده يترك أيونًا له كتلة 43، وهو أيونٌ مستقرٌّ جدًا لأنَّه كاربوكاتيون ثانوي، وبالتالي تظهر إشارةٌ قوية عند رقم 43.

أما التكسير المتجانس يكون كالتالي:

وهنا يخرجُ جذر الميثان ويترك هاليد ألكيل وراءَه مشحونًا، وذلك يُفسِّر الرقمين 65 و63.
– الإيثرات (ethers)
مثال الطيف لمُركَّب sec-butyl isopropyl ether يكون كالتالي:

مثال spectrum لمركب sec-butyl isopropyl ether
مثال spectrum لمركب sec-butyl isopropyl ether

116 هي كتلة الجزيء قبل الكسر.
ونمط الكسر يكون غير متجانس على جانبي ذرة الأكسجين ليأخذ الأكسجين الإلكترونات ويترك نصف المركب الآخر مشحونًا بشحنةٍ موجبة، وذلك النمط يُنتج الرقم 57 و43 كالتالي:

وقد يكون الكسر متجانسًا بين ذرات الكربون، وذلك النمط يُنتج الرقم 101 و87 كالتالي:

إعداد: Mohamed Jimmy
مُراجعة علمية: Amira Esmail

مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary
تصميم: Amira Esmail
المصادر:Silverstein – Spectrometric Identification of Organic Compounds 7th ed / Chapter 1

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي