واحسرتاه! هامنت المسكين: تسليط الضوء على ابن شكسبير الوحيد

وا حسرتاه! هامنت المسكين: تسليط الضوء على ابن شكسبير الحزين الوحيد

إذا كان ويليام شكسبير قد كتب عن وفاة ابنه؛ فقد أخفاها ما بين سطور سونتاته، ومسرحياته الأخيرة، التي بدورها تكشفُ عن فهمٍ عميقٍ للحزن. أُعلن تقريبًا من شهرين عن آخر عمل في سلسلة من الأعمال الحديثة المستوحاة من الإرث الحزين لهذه الحياة القصيرة كواحدٍ من أكثر كتب الربيع انتظارًا.

رواية عن حياة هامنت شكسبير

أوضحت (أوفاريل):

«لقد كنت مفتونةً بهامنت منذ أن درست هاملت لأول مرة في المدرسة. لقد كنت مُحتارة، وحزينة؛ من قلة ذكره في السير الذاتية والنقد الأدبيّ، لذا قررت أن أكتب رواية عنه كمحاولةٍ لاعطائه صوتًا، وحضورًا.»

تتخذ روايةُ هامنت الخاصة بـ(أوفاريل) -التي نزلت بالأسواق في مارس- نهجًا غير تقليديٍ في تاريخ الأدب، وأُشيدَ بها بالفعل باعتبارها ضربةً حاسمةً من خلال إعلان الكاتبة (كميلة شمسي -Kamila Shamsie) -الحاصلة على جوائز- على أن الروايةَ «مبهرةُ، ومدمرةٌ».

في الرواية، تتّبع (أوفاريل) -ذات الـ48 عامًا، والحائزة على جائزة كوستا عام (2010) عن كتابها «اليد الأولى التي مسكت يدي»- هامنتَ الشاب، وهو يبحث عن المساعدة لأخته التوأم المريضة بشدة، حيث يُذكر أنه سُميَ على اسم صديق العائلة (هامنت سادلر -Hamnet Sadler).

وفاة هامنت شكسبير الغامضة

من الحقائق المتفق عليها هو أن (هامنت) كان بالفعل الأخ التوأم لـ(جوديث -Judith) -الابنة الثانية لشكسبير-، وأنه تُوفي عن عمر يناهز 11 عامًا. دُفن في فناء الكنيسة في هولي ترينيتي بستراتفورد أبون آفون في صيف عام (1596)، والذي يعد من أكثر السنوات الإنتاجية بعمل والده المبكر في لندن. ولكن في فترة تفشي وباء الطاعون المتكرر، لم يُسجل دائمًا سبب الوفاة في سجلات الأبرشية؛ لذا تعد ظروف وفاة الولد غير مؤكدة، وكذلك حضور (شكسبير) الجنازة من عدمه مشكوكٌ فيه.

قال (جريج دوران -Greg Doran) المدير الفني لشركة شكسبير الملكية: «عُمّد التوأم بكاندلماس عام (1585)، ووفقًا لمذكرات (جون مانينجام -John Manningham) قُدّم أول أداء مُسجل لمسرحية الليلة الثانية عشر بعد 17 عامًا بالضبط أي في يوم 2 فبراير عام (1602). لم يعد لدى جوديث أخٌ توأمٌ لتحتفل معه بعيد ميلادهما المشترك. وأنا كشخصٍ لديه توأمٌ، أجدُ هذا مؤثرًا. فيستطيعُ والدها أن يجمع توأميه الخياليين الذين تفرقا في تحطم سفينة، حيث استطاع علاجَ الخسارةِ الموجعةِ بشكلٍ سحريٍ بالنسبة لـ (فيولا -Viola)، و(سباستيان -Sebastian) إحدى شخصيات مسرحية الليلة الثانية عشر، لكنه لا يستطيعُ فعل أي شيءٍ؛ ليشفي حزنَ عائلتِه الذي يتجددُ كلَ عيدِ ميلاد».

أشار العلماءُ لاستمرار تفشي داء الطاعون الدبلي في تلكِ الفترة، وافترضوا أن (هامنت) أُصيبَ بالمرض. لكن في فيلم (All is True)، تخيلَ الكاتبُ (بين إلتون -Ben Elton) أن (هامنت) غرقَ في بركةِ ستارتفورد، وبدأت قصتُه بعودة (شكسبير) إلى منزله في (وارويكشير -Warwickshire) عام (1613) بعد اندلاع حريق أدى إلى هدم مسرح (جلوب -Globe). وعاش شكسبير بعدها 3 أعوام، ومات عن عمر يناهز 52 عامًا، أما (هاثاواي) فتوفيت عام (1623) عن عمر يناهز 67 عامًا.

وا حسرتاه! هامنت المسكين: تسليط الضوء على ابن شكسبير الحزين الوحيد
الممثل (ديفيد ميتشل -David Mitchelle) بدور الشاعر في Upstart Crow. تصوير: كولين هوتون / بي بي سي

انعكاس موت هامنت في مسرحيات شكسبير

ألقت وفاة هامنت بظلالها على السنوات الأخيرة من حياة (شكسبير). فتشيرُ آخر أعمال (إلتون) الكوميدية عرض وست إند (The Upstart Crow) -بطولة (ديفيد ميتشيل -David Mitchell) الذي يعيدُ إحياء دوره التليفزيوني الكوميدي بدور المؤلف المسرحي- إلى عبءِ الخسارة لدى العائلة.

قال (دوران):

«من الصعب تحديد ما الذي جعل مسرحياتِ شكسبير كئيبة، لكن يبدو أنها غُمست في هاوية أوائل العصر اليعقوبيّ؛ تهديد الإرهاب، ومؤامرة البارود، والشعور أن الدولة والعالم يفقدون السيطرة، والانقسام حين يسعى الملكُ الجديد للوحدة، كل هذا يبدو مألوفًا، وربما انعكس في مسرحياته.»

 تُعزى أكثر المسودات قتامةً لمسرحيات مثل: (الملك لير وحكاية الشتاء) التي تتناول الموت العائلي إلى ثكل (شكسبير)، لكن يذهبُ خبراء آخرون مباشرة إلى سطورٍ من مسرحية (الملك جون)، حين تقول الأم الحزينة (كونستانس -Constance):

  إن الحزنِ يشغلُ المكانَ الذي خلاه ولدي،

فهو يرقدُ في سريره، ويصحبني في جيئتي، وذهابي،

ويتزينُ بملامحه الجميلة، ويرددُ ألفاظه،

ويرتدي حُلَلَه، ويملأُ فراغَها بشكله

-الملك جون، الفصل الثالث، المشهد الرابع

افتتح إنتاج شركة شكسبير الملكية مسرحية حكاية الشتاء بستراتفورد يوم 28 مارس الماضي. وبالنسبة إلى ملاحظات (دوران) الأكثر تفاؤلًا، ربما تُنسب إلى جذور من السيرة الذاتية حيث قال: «إن التعمقَ في قراءة المسرحيات لهو مُغريٌ، ومخادعٌ وغالبًا مضللٌ، فهل مهمٌ أن حفيدته الأولى (إليزابيث -Elizabeth) وُلدت عام (1608)، وكان يمكن وجود حفيدٍ ثان، وثالث حين بدأ جدها في كتابة مسرحياته الأخيرة مع الاستلهام من شعورهم بالأمل في الجيل القادم؟ «مرحبًا بك هنا كالربيع على الأرض» هذه هي الطريقة التي حيا بها (ليونتس -leontes) ابنته التي أُعيدت إليه في مسرحية حكاية الشتاء».

ومع ذلك، نحن نعلمُ أن شكسبير بدأ في عام (1599) كتابة الدور الذي يُعتبر الأعظم في التاريخ: الأمير الدنماركيّ التاريخيّ هاملت. لا تستطيعُ «أوفاريل» التخلص من فكرةِ أن موضوعاتِ هذه المسرحية مرتبطةٌ بابنِه المفقود قائلة: «إن موتَه في هذا السن الصغير، وعلاقته بالمسرحية اللاحقة قصةٌ أفكرُ فيها منذ وقت طويل».

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي