أزمة إيلون ماسك وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بشأن تغريدته

20180929_blp512

إيلون ماسك

لقد لعب (إيلون ماسك- Elon Musk) دورًا عظيمًا في نجاح شركته كأفضل رئيس تنفيذىّ في الذاكرة الحديثة باستثناء (ستيف جوبز- Steve Jobs) الذي قاد شركة (آبل- Apple) إلى العظمة، فمن الصعب أن نتصور صعود (تسلا- Tesla) -كإحدى الشركات الرائدة المُصنِّعة للسيارات الكهربائية (EV)- من شركة ناشئة مغمورة ليس لها صيتٌ إلى كونها رائدة عالميًا بدون عبقريّة السيد ماسك التقنيّة، وقدراته الاستعراضيّة، وجرأته منقطعة النظير.

أزمة إيلون ماسك

لذا جاءت بمثابة صدمة لهيئة الأوراق المالية والبورصات وهى الهيئة التنظيميّة الأساسيّة للأسواق المالية الأمريكية حيث ترغب الآن الهيئة في منع السيد ماسك من تولِّيه العمل كمدير أو كمسئول كبير في أي شركة مُدرجة في البورصة بما في ذلك تسلا. فبعد إغلاق التداول ليوم 27 سبتمبر 2018، أقامت هيئة الأوراق المالية والبورصات دعوة مدنية ضد الرئيس التنفيذي لشركة تسلا (وليست ضد شركة تسلا نفسها)؛ زاعمةً أنه ضلل المساهمين بشأن خطته لتحويل تسلا إلى شركة خاصة، حيث غرد السيد ماسك في 7 أغسطس 2018 (أفكر فى جعل تسلا شركة خاصة حيث سعرها السوقى للسهم في البورصة يُقدر بـ 420 دولار، فالتمويل مضمون).

موقف هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية من إيلون ماسك

كإحدى أهم المحاكمات المدنية المتعلقة بالغش والاحتيال في التعامل بالأوراق المالية في سنوات عديدة، تسعى الآن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أن تثبت في المحكمة أن السيد ماسك ضلَّل المستثمرين من خلال أفعاله الغريبة وتصرفاته غير المُترويّة. فيكمن جوهر حجتهم كما هو موضح في وثيقة الدعوى الرسمية أن السيد ماسك (يعلم أنه لم يسبق له النقاش من قبل فيما يتعلق بتداول ملكية الشركة كقطاع خاص بسعر 420 دولار للسهم مع أي مصدر تمويل مُحتمل). يعتمد هذا الاستنتاج بشكل كبير على الرقم 420 دولار، فقد ناقش السيد ماسك بالتأكيد مع مصدر تمويل محتمل بشأن هذه المعاملات. وتقر هيئة الأوراق المالية والبورصات بوصف محادثات السيد ماسك مع صندوق استثمار سياديّ في الشرق الأوسط، ويُقال على نطاق واسع أنه صندوق الاستثمارات العامة في الممكلة العربية السعودية، وهو واحد من أغنى صناديق التمويل في العالم (وهو بالفعل مساهم في شركة تسلا). ويُعتقد بأن السيد ماسك أخبر هيئة الأوراق والبورصات المالية أن ممثليها أبلغوه ببساطة أن يخبرهم بكيفية رغبته في إجراء الصفقة، وطالما كانت الشروط معقولة فالصندوق سيقبلها.

الاتفاق المتداول بين ماسك وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية

ومع ذلك أكد تحقيق الوكالة أنه لم يتم الاتفاق على شروطٍ مُحددة مع الصندوق بما في ذلك السعر، وأيضًا لم يحصل السيد ماسك على موافقة من مجلس إدارته، كما أنه لم تتم مناقشة الصفقة المُتوقَّعة مع المصرفيّين أو غيرهم من كبار المستثمرين.
وإذ لم تتم تسوية الأمور بشكلٍ سريع، فإن الأمور السابقة تشير إلى أن شركة تسلا ستدخل في سحابة قانونية مُعلقة لعدة سنوات، ونتيجة لهذا الأمر ستعانى الشركة من ضائقة مالية والتي حاربت من أجل زيادة إنتاج سياراتها في الأسواق التجارية الكبرى وذلك لجمع مزيد من الأموال الإضافية. وهذا هو ما يجعل الشركات عادة تُسوي مثل هذه الأمور في الغالب دون الحاجة للإقرار بالذنب. وتشير التقارير الإخبارية أنه تم التوصل إلى تسوية مبدئية بين هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية والسيد ماسك على أن يستلزم منه التنحيّ عن منصبه لمدة عامين، ولكنه انسحب من قرار الموافقة في اللحظة الأخيرة.

رأي الخبراء بشأن الأزمة 

ماذا سيحدث بعد ذلك؟ أحد الاحتمالات أن السيد ماسك سيخسر القضية ويتم حظره من تولي منصبه كرئيس تنفيذي لشركة تسلا، ويرى البعض بشكل عام أن هذا الأمر سيكون في صالح الشركة التي تتطلب مديرًا تنفيذيًا يجعلها تعمل بفاعلية من الناحية التشغيلية لأنها تسعى لتحريك مزيد من السيارات بدلًا من الرؤية التكنولوجية الهوجاء.
ويجادل لورانس كننغهام من كلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن قائلًا: (إن فسخ الصفقة في اللحظة الأخيرة يعكس كلًا من أسلوبه المتقلب غير المنتظم ويوضح سبب كون هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على حق في سعيها لمعارضة الشركة العامة). ولكن هذا سيأتي بثمن باهظ على الشركة التي ترتبط علامتها التجارية ارتباطًا وثيقًا بمؤسسها، ولهذا السبب انخفضت أسهم تسلا لأكثر من العُشر منذ إذعان خبر فعل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، ويمكن أن تنهار إذا ما تم طرد السيد ماسك. ويعتقد بريان جونسون من بنك (باركليز- Barclays) أن نصف قيمة شركة تسلا ربما سيتم القضاء عليها إذا غادر ماسك.

من الواضح أن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية غاضبة من رغبة السيد ماسك المُعلنة من (حرق) محترفي البيع على المكشوف، الذى كانت شركة تسلا هدفهم المفضل. ومن بين التغريدات البارزة التي استشهد بها المنظمون هي: (ستكون تسلا أكثر سلاسة وأقل فوضوية كشركة خاصة. انتهت الدعاية السلبية من البائعين على المكشوف). ولم تُقدم هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أي دليل أن السيد ماسك سعى إلى الربح بشكل شخصي من وراء تغريدته.

مستقبل تسلا بعد الأزمة الراهنة

تجري وزارة العدل تحقيقًا جنائيًا مفصل بشأن أفعال السيد ماسك، ويوضح مايكل ليفتك -المحامي السابق في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية- أن المحققين الجنائيين سيحتاجون إثبات أن السيد ماسك لديه نية مُتعمَّدة وعن قصدٍ في الخداع والاحتيال على العامة. وتستخدم القضية المدنية لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية معيارًا أدنى، لذا ربما سيؤدي سوء التصرف الناتج عن الجهل وعدم الكفاءة إلى إدانته.
الاحتمال الأقل صعوبة والأرجح في الحدوث هو استمرار لعبة الأوراق على رهان عالٍ، وطلب محامو هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية -الذى أزعجهم رفض السيد ماسك في اللحظة الأخيرة من التوصل إلى اتفاق- بالحظر في المحكمة بهدف جعل السيد ماسك (ومجلس الإدارة الداعم له) يصلون إلى قرار أقل قسوة. وفي النهاية، مهمة واختصاص هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية هي حماية المستثمرين، ومهما كانت أخطاء السيد ماسك المتلعثمة الطائشة، فإن القضاء على شركة تسلا ورؤيتها وآفاقها المستقبلية بالإطاحة به يبدو مبالغًا فيه.

المصدر:

 https://www.economist.com/business/2018/09/28/the-sec-threatens-to-ban-elon-musk-from-running-any-public-company

ترجمة: أميرة بدوي
مراجعة علميّة: شيرين صبيح
تَدقيقٌ لُغَوِيّ: محمود خليفة
تحرير: هاجرعبدالعزيز

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي