أغسطس، ربما يضجر البعض من هذا الشهر بسبب حرارته المرتفعة وأجوائه الصيفية الحارة، لكن شهر أغسطس هذا العام قد أتى حاملًا معه أحداثًا دراماتيكية فلكية مثيرة، فمن عرضٍ ليليٍّ جميل لشهر أغسطس وشهب البرشاويات ممتدٍ، إلى رقصة جميلة بين الأرض والقمر تخلق خسوف جزئي، يليه كسوف كليّ لقرص الشمس.
العرض الأول: أغسطس وشهب البرشاويات
تعد زخة شهب البرشاويات هي واحدة من أكتر الزخات مشاهدةً في السنة، حيث تصل إلى ذروتها في شهر أغسطس من كل عام. خلال هذا الوقت يمكن أن يصل معدل الشهب من 80 : 100 شهاب في الساعة. ولكن في هذا العام وبسبب وجود القمر الساطع، فإن رصد الشهب ستقل لتكون أقرب إلى 40 : 50 شهاب في الساعة، إلا أن الراصدين كانوا قادرين على رصدها في ليالي ذروتها، أي في 11 و12 و13 من أغسطس.
ومن المتوقع أن زخة البرشاويات قد بلغت ذروتها الساعة 1 بعد الظهر بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم 12 أغسطس. وقد قال (بيل كوك-Bill Cooke) خبير الكويكب في ناسا لـ Space.com في رسالة بالبريد الإلكتروني:
« هذا يعني أنه سوف يكون هناك معدلات جيدة على كلا الجانبين، واعتقد أن الأمور قد تكون أفضل قليلًا في ساعات ما قبل فجر يوم 12، ولكن يجب أن يكون هناك عرضٌ جميلٌ خلال الليل».
وقد أضاف Cooke أنه حتى مع وجود القمر الذي يعكر صفو عملية الرصد، فإن زخة البرشاويات تظل عرضًا ليليًّا رائعًا، وقال أيضًا:
« إن الخبر السار هو أن البروشيات غنية بالكرات النارية (Fireballs)، وإلا فقد يفسد سطوع القمر ذلك العرض».
إن شهب البرشاويات تشع من كوكبة (بيرسيوس-Perseus)، ومن الأفضل مشاهدتها من النصف الشمالي للأرض، وتظل إمكانية رؤيتها متاحة أيضًا أسفل خطوط العرض المتوسطة. ويعتبر المذنب (Swift-Tuttle) هو السبب الرئيسي في حدوث تلك الزخة الشهابية، ففي أثناء حركة المذنب في الفضاء، فإنه يترك في مساره نهرًا من بقايا المذنب نفسه، وعند مرور الأرض في كل دورة لها حول الشمس، وتحديدًا في أغسطس من كل عام، فإن تلك البقايا تدخل الغلاف الجوي مسببةً ذلك العرض السماويّ الجميل من الشهب. والجدير بالذكر أن هذا المذنب مر آخر مرة بجوار الأرض في عام 1992 وسوف يمر مرة أخرى مستقبلًا في عام 2126.
العرض الثاني: خسوف القمر
قبل أن تبدأ ذروة الزخة الشهابية (البرشاويات) ستتجه أنظار مراقبي السماء إلى بدر شهر أغسطس، والمعروف باسم (The Full Sturgeon Moon)، وسيشهد مراقبي السماء في كلٍ من أفريقيا وآسيا و أستراليا خسوفًا جزئيًا للقمر، سوف يكون واضحًا أيضًا، مع مرور ظل الأرض على القمر.
يحدث الخسوف بسبب دوران القمر حول الأرض ومروره بظل الأرض، لكن القمر لن يمر بكامل مساحة سطحه الظاهرية خلف الأرض، بل هناك جزء من القمر توارى خلف ظل الأرض، مسببًا حدوث ظاهرة الخسوف الجزئي للقمر.
العرض الثالث: كسوف كليّ لقرص الشمس
لم يكتفي شهر أغسطس بالزخة الشهابية أو بالخسوف الجزئي للقمر، لكنه سيشهد في يوم الحادي والعشرين من الشهر كسوفًا كليًّا للشمس، حيث سيعبر القمر من أمام الأرض ملقيًا بظله على مناطق من الساحل الشرقيّ حتى الساحل الغربيّ من القارة الأمريكية الشمالية.
إن الكسوف والخسوف هما تذكير بأن الأرض والقمر في حركة مستمرة متناغمة، وشهب البروشيات تظهر كذلك أن الأرض لا تتحرك حول الشمس في عزلة داخل المجموعة الشمسية، لكنها تصادف على الدوام أجرامًا سماويةً أخرى، تلقي لمسة ساحرة على سماء ليلها.
المصادر:
ترجمة وإعداد: إسراء عادل
مراجعة وتدقيق: Mohammed Abkareno