بُشرى سارة لمرضى السكر المُعتادين على حقن الأنسولين لضبط مستويات الجلوكوز في الدم؛ فـ قد أصبح العلماء على بُعد خطوات قليلة أقرب مما مضي من الوصول إلى بديلٍ للحقن وهي أقراص الأنسولين.
حتى الآن فقد أظهرت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات فاعليةً عالية لتلك الأقراص، وفي المرحلة التالية ستنتقل التجارب لتشمل الإنسان؛ وهذا يفتح مجالًا واسعًا لإنقاذ ملايين من الأرواح.
رُبما تتساءل لماذا لم يتجه العلماء من قبل لهذه الفكرة؟! والإجابة على هذا الاستفسار بأن هناك بعض الحواجز البيولوجية التي تمنع وصول أقراص الانسولين إلى المكان المرغوب فيه؛ ولكن وفقًا لما توصل إليه العلماء مؤخرًا فقد تمكنوا من التغلب على تلك الجواجز.
يقول «سمير ميتراجوتري- Samir Mitragotri» وهو أحد الباحثين من جامعة هارفورد في ماساشوسيتس: “أنه بمجرد تناول الأنسولين؛ فإنه يقابل العديد من التحديات الصعبة قبل أن يتم امتصاصه في الدم”.
وأتبع: “إن الأقراص التي توصلنا إليها تُشبه بشكلٍ كبير سكين الجيش السويسري- Swiss Army knife؛ فـلتلك الأقراص القُدرة على التغلب على كُل تلك المشاكل”.
لنستعرض مسار قُرص الأنسولين مُنذ دخوله إلى الجسم؛ أولًا سيكون في انتظار القرص حامضية المعدة وقد أوجد العلماء حلًا بوضع طبقة من البوليمر حول القرص لحمايته؛ وتتفكك تلك الطبقة في الأمعاء الدقيقة حيث الطبيعة القلوية.
في الأمعاء الأنسولين مُحاط بسائل أيوني- مُكون من حمض الجيرانيك والكولين- يحميه من الإنكسار وأيضًا يساعد على مرور الأنسولين بسهولةٍ اكبر من خلال الأغشية المخاطية المُحيطة بالأمعاء.
في تجربةٍ واحدةٍ كجزءٍ من الدراسة؛ أُعطيت الأقراص لستة جرذان غير مُصابة بداء السُكري؛ وأُعطيت الحقن التقليدية لثلاثة جرذان؛ وقد أوضحت النتائج أن مستويات الجلوكوز في الدم انخفضت بمعدل 49% في ساعةٍ واحدة في الجرذان التي أُعطيت الحقن.
بينما انخفضت المستويات إلى 38% في ساعتين ووصلت لـ 45% في 10 ساعات للجرذان التي أُعطيت الأقراص المُطورة؛ بصورةٍ أخرى أثبتت النتائج فاعلية الأقراص مقارنةً بفاعلية الحُقن التقليدية؛ وإذا جاءت النتائج على نحوٍ مُشابه في التجارب البشرية فنحن على الطريق السليم لإيجاد طريقًا أسهل في علاج داء السُكري.
يقول «سمير ميتراجوتري- Samir Mitragotri»: “العديد من المرضى يواجهون صعوباتٍ بالغة في الإعتياد على الحُقن التقليدية؛ إما للألم الشديد أو لخوفهم من الحُقن؛ ولذلك فيمتنع البعض عنها مما يعرضهم لمشاكلٍ ومُضاعفاتٍ صحيةٍ خطيرة”.
وأتبع: “الأقراص الجديدة لن تكون فقط بديلًا للحقن وإنما ستُحاكي بنسبةٍ كبيرة الطريقة التي يُنتج بها البنكرياس الأنسولين في الجسم؛ وأننا لن نُجد صعوبةً في انتاج المزيد من الأقراص لأن السائل الأيوني الذي يُحيط بالأنسولين غير مُكلف؛ وسهل التصنيع ويُمكن أيضًا تخزينه في درجة حرارة الغرفة لمدة شهرين دون أي ضرر”.
“ولكن قبل أن نشرع في انتاج المزيد من الاقراص، هناك العديد من التجارب التي ستُجرى على الحيوانات للوقوفِ على مدى جدوى وكفاءة تلك الأقراص في علاج داء السُكري؛ كما أنه لم يتم الكشف بعد هل تلك الأقراص ستتمكن من توصيل كمية الأنسولين المُطلوبة في حالات النوع الأول والثاني من داء السُكري”.
في الوقتِ الحالي، يبدو أن تلك الأقراص قد تغلبت على الكثير من الصِعاب التي واجهت العلماء من قبل وذلك بفضل السائل الأيوني؛ يقول «مارك براوزنيتز- Mark Prausnitz» من معهد جورجيا للتكنولوجيا وهو الذي لم يُشارك في الدراسة: “أن هذه النتائج واعدةٌ للغاية؛ ومن المُمكن أن تكون الآثار المُترتبة على هذه الدراسة بمثابة الصيحة في الطب والتي ستفتح الباب من أجل استخدام أقراص الأنسولين أو غيرها من أدوية الببتيد بدلًا من الحقن”.
ترجمة: علي صلاح
المصدر:
https://www.sciencealert.com/insulin-pill-could-replace-daily-diabetes-injections