أكبر تسع قضايا مخزية في التاريخ الأمريكي

looking-for-american-history-readers-for-fifth-grade-and-up1

||||||

« ليس هناك علاقة بين السياسة والأخلاق »

نيكولو مكيافيلي                                                      

يمكن القول بشكل عام، إن الجشع والشهوة، سواءً من أجل السلطة أو الجنس، هما العاملان الأساسيان وراء معظم الفضائح السياسية. غير أن هناك عوامل أخرى قد تشترك في هذا مثل؛ الإفلاس الأخلاقي، الهوس الشخصي، محاولة إخفاء الحقائق، السذاجة، ثقة أو ولاء في غير محلها، أو سوء التقدير. وكثيرًا ما يرجع الفضل في كشف تلك الفضائح، إلى صحافة استقصائية يقظة، تقوم بتتبع الخيوط وربط الأدلة، لكي تكشف للجمهور الوجه الخفي لحكامهم. وفي هذه الأوقات، عادة ما يكون السؤال الرئيسي المطروح؛ من يعرف ماذا وأين؟ وإجابة هذا السؤال قد تكون أحيانًا ذات عواقب وخيمة على السياسي المتهم، وأحيانًا أخري قد يخرج السياسي منها كما تخرج الشعرة من العجين. وبغض النظر عن النتيجة، تبقي الحقيقة الأهم أن تلك الفضائح تترك أثرًا عميقًا وراسخًا في تاريخ الأمم. في هذا المقال نتجاوز معًا السطح اللامع لبحر عميق من الخداع والنفاق والانتهازية ، لنخرج منه منه ببعض القصص، احزم أمتعتك، اترك أحكامك الأخلاقية ورائك، وتسلح بكتب ميكيافيللي وكيسنجر ووالتز، و سنأخذك في رحلة عبر تسع من أكبر الفضائح في التاريخ السياسي الأمريكي.

«يوجد سياسيون ذوي مبادئ في كلا الحزبين في أمريكا … ولكن لا يوجد حزب لديه مبادئ»

أليكس دي توكفيل بتصرف

فضيحة ووترجيت 1972م

تُعد فضيحة ووترجيت في أوائل السبعينيات من القرن الماضي المثال الأبرز والأكثر تأثيرًا في تاريخ الفضائح السياسية الأمريكية، حيث أنها أجبرت الرئيس « ريتشارد نيكسون » على الاستقالة من منصبه، ليصبح بذلك أول وأخر رئيس رئيس أمريكي يتنازل عن منصبه بهذه الطريقة حتى الأن. تبدأ الأحداث عندما تم القبض على خمس رجال أثناء اقتحامهم لمقر اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، في مجمع ووترجيت السكني ، الذي يقع في العاصمة واشنطن. وقادت التحقيقات المحاكمة التي أجريت إلى وقوف أعضاء من إدارة الرئيس نيكسون بل والرئيس نفسه وراء تلك المحاولة. وتمت إدانة نيكسون بعد تفريغ شرائط تسجيل تضم محادثات جرت في المكتب البيضاوي، بعد أن كشفت التحقيقات وجود نظام للتسجيل في البيت الأبيض. ويرجع الفضل في الكشف عن وجود تلك التسجيلات إلى الصحفيان « كارل برنستين » و  « بوب ودور» من صحيفة الواشنطن بوست، حيث تلقيا إخبارية من شخص مجهول اطلقا عليه « ديب ثروت »، ( اتضح فيما بعد أن هذا المصدر المجهول هو مارك فيلت نائب مدير مكتب التحقيقات الفدرالية FBI  ) . أسهمت المعلومات التي نشرها الصحفيان في توسيع نطاق المحاكمة، التي ترأسها القاضي جون سيركا ) John J. Sirica) ، التي عملت إلى جوار لجنة التحقيق الخاصة التي أنشأها الكونجرس للتحقيق في القضية برئاسة السيناتور صامويل إيرفين جونيور (Samuel J. Ervin, Jr.). عندما أدرك نيكسون أن الكونجرس في طريقه لعزله من منصبه، قرر الاستقالة في التاسع من أغسطس 1974. بعد استقالته، تم الحكم على دستة من مساعدي نيكسون بالسجن، أما نيكسون نفسه فقد تم العفو عنه رسميًا من قبل سلفه جيرالد فورد.

مجمع مباني ووترجيت، العاصمة واشنطن

فضيحة قُبة إبريق الشاي 1922م

يذكر التاريخ اسم « وارين ج. هاردنغ » ليس فقط على أنه الرئيس التاسع والعشرين للولايات المتحدة، ولكن يذكره أيضَا كشخص طيب المعشر- رغم ما عُرف عنه من كونه زير نساء- لكن لم يحُسن قط اختيار أصدقائه. كان حلفائه السياسيين، مجموعة من الانتهازيين، الذين استغلوا صعوده السريع إلى السلطة لكي يسيطروا على عدة مناصب سياسية هامة، تلك المجموعة ستدخل التاريخ تحت اسم « عصابة أوهايو » . قبل أن تؤدي أعمال تلك المجموعة واستغلال أفرادها لمناصبهم إلى أحدى أكبر الفضائح في التاريخ الأمريكي، تورط أفرادها في عدد من قضايا الفساد؛ فمثلًا تم اتهام « هاري دورتي » المدعي العام، ومدير حملة هاردنغ الإنتخابية، ببيع كميات من مخزون الحكومة من الكحول خلال فترة حظر الكحول في العشرينيات، كما اُتهم  مدير مكتب قدامي المحاربين « تشارلز ر. فوربس » بالرشوة والفساد، ولكن الفضيحة الأكبر التي تورط فيها هاردنغ بسبب أصدقائه كانت بسبب وزير داخليته « ألبرت ب. فال » . كانت الحكومة الأمريكية قد خصصت حقول النفط الغنية في تلال إيلك في كاليفورنيا، وتيبوت دوم في وايومنغ ( قبة إبريق الشاي؛ ويرجع الاسم إلى وجود صخرة ناتئة تحمل ذلك الشبه في جنوب المنطقة) ، كاحتياطيات مخصصة للاستخدام في حالات الطوارئ لصالح البحرية الأمريكية ، وأقنع فال الرئيس هاردنغ بنقل تلك السيطرة على الحقول من البحرية الأمريكية إلى وزارة الداخلية التي يرأسها، ثم خلال عامي 1921-1922 قام فال بتأجير حقل إيلك إلى عملاق النفط الأمريكي « إدوارد دوهنى » صاحب شركة النفط الأمريكية، وحقل تيبوت دوم إلى  « هاري ف. سنكلير » من شركة ماموث للنفط، وذلك دون أن يقوم حتي بالنظر في أي عطاءات منافسة. فيما بعد، أثبتت التحقيقات التي أجراها الكونجرس، أن فال تلقى ما يقرب من أربعمئة ألف دولار أمريكي كرشوة في شكل قروض شخصية وهدايا. قام الكونجرس بإبطال عقد تأجير تلك الأراضي، ، تمت إدانة فال بقبول الرشوة، وأصبح أول مسئول في تاريخ الحكومة  الأمريكية يتم إدانته وحبسه أثناء توليه منصبه. أما بالنسبة للرئيس هاردنغ، فعلى الرغم من أنه لم يتورط قد في تلك الفضيحة، فقد أدي الضغط الذي سببته إلى تدهور صحته إلى أن توفي وهو مازال في منصبه عام 1923.

عصابة أوهايو، الرئيس هاردنغ في المقدمة، روبرت فال الرابع من جهة   اليمين.

فضيحة حلقة الويسكي 1875م

تمامًا كما كان الحال مع الرئيس هاردينغ، كان يُنظر إلى « يولسيس أس . جرانت » الرئيس الثامن عشر للولايات المتحدة، على أنه رجل ذو نزاهة عظيمة، ولكن أيضًا كهاردينج، كان سئ الحكم على الشخصيات، ونتيجة لذلك ، عصف الفساد بحكومته. فعلى سبيل المثال؛ تسبب صديقي جرانت المقربين   جاي جولد و جايمس فيسك في الأزمة الحادة التي أصابت سوق الأوراق المالية والتي عُرفت بإسم « الجمعة السوداء » . وتمامًا كما فعل هاردينغ، لم يتعظ جرانت من خطورة احاطة نفسه بمجموعة من المنتفعين؛ فقبل انتخابات العام 1872 الرئاسية، أرسل جرانت أحد رجاله الذين يثق بهم، وهو الجنرال « جون ماكدونالد » المسئول عن الإيرادات الداخلية في حكومة جرانت، إلى ولاية ميسوري، وذلك لتعزيز شعبيته السياسية المتراجعة هناك، فكان الشكر الذي وجهه ماكدونالد لجرانت على تلك الثقة أن قام بتأسيس « حلقة الويسكي » ، وهي شبكة إجرامية تعمل في عدة ولايات، تأمر فيها عدد من مُقطري الكحول، مسئولي الإيرادات والخزانة الحكوميين، أصحاب المحال التجارية، وغيرهم من أجل التلاعب بالضرائب على الكحوليات، ليحتالوا على الحكومة الأمريكية في مبلغ يقدر ب مليون ونصف المليون دولار سنويا بحلول العام 1873. ولكن في العام 1875 تم تعيين « بنجامين بريستو » وزيرًا للمالية، الذي كشف المخطط، وسعى  لتفكيك الحلقة، فقام بتعيين « جون هندرسون » كمدع خاص للتحقيق في تلك القضية،  الذي قادته تحقيقاته إلى سكرتير الرئيس جرانت الشخصي « أورفيل بابوك » ، وخشى هندرسون أن يكون جرانت شخصيًا متورطًا في تلك الحلقة الإجرامية. ورغم أن جرانت لم يكن جزءًا من تلك الحلقة، إلا أنه كان مقتنعًا ببراءة سكرتيره بابوك، فقام بفصل هندرسون واستبداله، بل وشهد في صالحه. في النهاية تم إطلاق سراح بابوك، ولكن 110 من أصل 273  متهمًا تمت إدانتهم وتلقوا أحكامًا.

رسم ساخر يعبر عن فضيحة حلقة الويسكي.

فضيحة كريدي موبيليه 1872م

نصيب إدارة الرئيس جرانت من فضائح الفساد لم ينته بعد، فقبل حلقة الويسكي، كانت هناك فضيحة أخرى ضربت إدارة جرانت وهى قضية شركة « كريدي موبيليه الوهمية » . كانت الحكومة الأمريكية قد منحت شركة « يونيون باسيفك » للسكك الحديدية أراضي تم تمويلها بواسطة سندات حكومية ، لكي تقوم ببناء سكة حديدية تمتد عبر القارة الأمريكية، فتعاقد مُلاك يونيون باسيفيك مع شركة بناء صغيرة تسمى « كريدي موبيليه » ، ولكن في الحقيقة أن تلك الشركة لم تُكن غير شركة استثمارية صغيرة أعاد مُلاك يونيون باسيفك تسميتها بهذا الأسم، ومنحوها عقودًا للبناء من الحكومة، وهكذا تمكنوا من أن يدفعوا لأنفسهم ضعف القيمة الحقيقية لأعمال البناء، مختلسين مبلغًا يتراوح ما بين 20 إلى 50  مليون دولار.  ولإبقاء دعم الحكومة مستمرًا وإحباط أي تحقيق يمكن أن يجريه الكونجرس؛ كان « أوكس أميس » عضو مجلس النواب من ماساشوستس، وأحد أصحاب فكرة إنشاء الشركة الوهمية، يقوم بتوزيع أسهم من الشركة كرشاوى لزملائه من أعضاء الكونجرس، وكذلك إلى نائب الرئيس جرانت شخصيًا « شويلر كولفاكس » . عندما افتضحت المؤامرة؛ قام الكونجرس باستهجان أفعال كل من أميس و جيمس بروكس عضو مجلس النواب عن نيويورك، والذي كان في نفس الوقت يعمل كمسئول حكومي في شركة يونيون باسيفك، غير أن الأدوار التي اضطلع باقي حملة الأسهم في الشركة، وعلى رأسهم نائب الرئيس كولفاكس، والرئيس المستقبلي للبلاد « جيمس جارفيلد » تم تجاهلها والتغطية عليها.

قضية إيران – كونترا 1985م

ضمت قضية إيران – كونترا التي تم افتضحت خلال خلال ولاية الرئيس « رونالد ريجان » الثانية، فعلان يحظرهما القانون والسياسة الأمريكية، الأول: كان بيع الأسلحة سرًا إلى إيران لقاء إطلاق سراح بعض الرهائن الأمريكيين المحتجزين في لبنان، والثاني: كان استخدام الأرباح الناتجة عن تلك الصفقة لتوفير الدعم العسكري لحركة الكونترا ( Contras ) المناوءة للحكم الشيوعي في نيكاراغوا. كان ريجان يرغب في تقديم الدعم للكونترا، إلى حد أنه ذهب إلى وصف الحركة بأنها « المعادل الأخلاقي للأباء المؤسسين للولايات المتحدة » ، ولكنه لم يتمكن من اقناع الكونغرس بالسماح بتمويل أنشطة الكونترا، حيث كان ذلك محظورًا، وفق تعديل تشريعي أجراه الكونجرس عُرف بإسم تعديلات بولاتد ( Boland Amendments ) . شيئًا فشيئًا افتضحت أبعاد القضية أمام الرأي العام، من خلال جلسات استماع الكونجرس التي نقلتها القنوات التلفزيونية، وخلال ذلك تم الكشف على أن الكولونيل بمشاة البحرية « أوليفر نورث » ، الذي عمل وقتها في مجلس الأمن القومي الأمريكي، لعب دورًا محوريًا في القضية التي وصفها بعض المراقبون أنها « برنامج سري  لدعم الكونترا تقوم به حكومة خفية » . وتوصلت التحقيقات إلى أن نائب الرئيس « جورج بوش الأب » لم يكن مضطلعًا بشكل مباشر على الأرض في تلك العملية. في النهاية لم يُمض إلا عدد محدود من المتهمين في تلك الفضيحة سوى فترة قليلة في السجن، إما بسبب الحصانة التي منحها الكونجرس لهؤلاء الذين أدلوا بشهادتهم في القضية، أو بسبب العفو الرئاسي الذي منحه الرئيس بوش للباقين.

علاقة بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي 1996م

كان « كينيث ستار » يعمل كمستشار خاص في تحقيق قانوني بشأن معاملات الرئيس « بيل كلينتون » المالية أثناء فترة ولايته كحاكم لولاية أركنساس، وهى القضية المعروفة إعلاميًا بتحقيق وايت ووتر ( Whitewater investigation ) ، وأثناء عمله في هذا التحقيق، علم بوجود علاقة جنسية بين الرئيس كلينتون وبين المتدربة بالبيت الأبيض « مونيكا لوينسكي » . وبمجرد خروج تلك الأخبار إلى العلن أحدث ذلك عاصفة إعلامية مدوية. ظل كلينتون لحوالي ثمانية أشهر، ينكر بشدة أنه مارس الجنس مع لوينسكي. لم تكن تلك هى المرة الأولى التي يتم فيها إتهام كلينتون بشئ  من هذا القبيل، حيث سبق له أن تخطى اتهامات بالخيانة الزوجية أثناء حملة عام 1992 الرئاسية، وتكرر نفس الأمر في حملة عام 1996. عندما ظهرت نتيجة اختبارات الحمض النووي وأثبتت وقوع العلاقة، خرج كلينتون في أغسطس 1998 ليعترف بوقوع العلاقة مع مونيكا لوينسكي، ولكنه أنكر أنه حنث باليمين أثناء التحقيق، حيث قال « الأمر يتوقف على  المقصود بالكلمة لا الكلمة نفسها » . في ديسمبر 1998، قام مجلس النواب بإتهام كلينتون رسميًا  بالحنث باليمين، وإعاقة العدالة تمهيدًا لعزله، ولكن مجلس الشيوخ قام بتبرئته في يناير 1999.

حادثة تشاباكويديك 1969م

تضاءلت فرص السيناتور عن ماساتشوستس، بوسطن « تيد كينيدي » ، شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي، في أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة، بسبب حادثة وفاة « ماري كوبيتش » ذات الـ28 ربيعًا غرقًا، بعد سقوطها من فوق جسر صغير وهما في طريقهما إلى جزيرة تشاباكويديك (Chappaquiddick ) في ماساشوستس، وذلك في الثامن عشر من يوليو 1969. كان كينيدي واحدًا من ستة رجال ، جميعهم متزوجون ، الذين أمضوا يومًا ترفيهيًا مع عدد من الفتيات الشابات ممن يعملن في الحملة. كانت ماري كوبيتش هى الراكبة الوحيدة في السيارة التي كان يقودها كينيدي عندما سقطت السيارة من فوق الجسر. أدعي كينيدي لاحقً أنه حاول إنقاذ الفتاة، التي تم إيجادها في اليوم التالي وقد غرقت وهو محبوسة داخل السيارة، واتضح أنه كانت قد مرت عشر ساعات بين حادثة سقوط السيارة وخروج كينيدي منها وبين اتصاله بالشرطة. وعلى ما يبدوا أنه أمضى هذا الوقت في استشارة المقربين منه عما يجب أن يفعله. لاحقًا، قال تيد أنه كان مصابًا ومشوشًا جراء الحادثة، ولكن كان هناك تشكك كبير من جانب الجماهير في مصداقية كينيدي وشجاعته. خرج تيد كينيدي لاحقًا، ليلقي بيانًا تلفزيونيًا يبدي فيه ندمه، ويترك مصيره السياسي بين أيدي الناخبين في ماساتشوستس، ويبدو أن ناخبين ماساشوستس قد صدقوه؛ فلقد أعادوا انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي لدورة جديدة. لكن الفضيحة التي سببتها تلك الحادثة ظلت تطارد تيد كينيدي بقية حياته، غير أنه لم تعد لتطفوا على السطح بشكل واضح أكثر مما حدث في انتخابات 1980 الرئاسية، عندما حاول كينيدي تحدي الرئيس الحالي وقتها « جيمي كارتر » ، والذي كان يحق له الترشح دورة أخري في المنصب، ومنافسته على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات.

أمي .. أين أبي ؟ 1884م

في واحد من أكبر الفضائح الجنسية في القرن التاسع عشر، تلطخت الصورة الحسنة السمعة للمرشح الديمقراطي لانتخابات 1884 الرئاسية « جروفر كليفلاند » ، الذي كان يطلق عليه لقب « جروفر الصالح » ، وذلك عن طريق الجمهوريين، الذين كان مرشحهم في الانتخابات « جايمس بلين » ، سئ السمعة، ومتهمًا بالفساد. كان على الجمهوريين إيجاد طريقة لتشويه سمعة جروفر، وذلك حتى تتساوى الرؤوس كما يقولون، فقامت الصحف الموالية للحزب الجمهوري بإعادة نبش قضية كان قد مر عليها في هذا الوقت عشر سنوات، فحينها، كان جروفر قد أنجب طفلًا خارج إطار الزواج، من أرملة تُدعي « ماريا هالبين » ، كان جروفر قد اعترف ببنوة الطفل في حينها، وأرسله إلى دار أيتام، بينما أدخل الأرملة هالبين إلى مصحة عقلية. عادت تلك القضية تطارد جروفر مرة أخرى، حيث قامت صحفية تطالب بكشف الحقيقة وراء تلك القصة، وقامت مجلة القاضي ( The Judge ) السياسية الساخرة وقتها، بنشر كاريكاتير ساخر، يصور هالبين وهي تحمل طفلًا صغيرًا ينادي باكيً  « أريد أبي » ، بينما يقف جروفر أمامها مصدومًا . وسرعان ما أصبحت عبارة « أمي، أين هو أبي؟ » (  Ma, ma, where’s my pa? (، هتاف الجمهوريين الساخر الرئيسي من منافسيهم الديمقراطيين. كان رد الصحف الموالية للديمقراطيين مشابهًا، فدافعوا عن شخص جروفر ونزاهته، ونعتوا هالبين بالعاهرة، وانتهى بهم المطاف باتهام مرشح الجمهوريين جيمس بلين بأنه تزوج أمراته بعد أن حملت منه ، على حين واصلت الصحف الجمهورية بتصوير جروفر على أنه شخص شهواني وضيع، لا يستحق أن يكون رئيسًا للبلاد، ووصلت الأمور إلى ذروتها مع اقتراب الحملة الانتخابية من نهايته، حيث قامت هابلين برواية قصتها الخاصة، التي صورت فيها جروفر على أنه مُغتصب. في النهاية فاز جروفر بالإنتخابات، متغلبًا على منافسه بفارق ضئيل للغاية، ولم ينس الديمقراطيين أن يردوا ردًا لاذعًا على منافسيهم الجمهوريين، فكانوا يرددون ضاحكين « ها قد ذهب جروفر إلى البيت الأبيض » .

رسم ساخر يصور الرئيس جروفر يصم أذنيه عن صرخات ابنه غير الشرعي.

هل كانت زوجة أندرو جاكسون متزوجة من رجلين ؟ 1828م

أثناء الاستعداد لانتخابات 1828 الرئاسية، التي كان يسعي فيه « أندرو جاكسون » إلى التغلب على الرئيس الحالي وقتها « جون كوينسي أدامز » ، قام خصوم جاكسون باتهام زوجته « رايتشيل جاكسون » ، التي كانت مُطلقة قبل زواجها من جاكسون،  بأنها كانت مازالت متزوجة إلى زوجها الأول عند عقد قرانها على أولد هيكوري ( لقب جاكسون ) . انتشرت تلك الاتهامات، و تم نعت رايتشيل جاكسون بأنها زانية، وعاهرة، وتجمع بين زوجين، واتهمها خصوم جاكسون بأنها لا تصلح أخلاقيًا لتكون السيدة الأولى للبلاد. ربما كان من الأسباب التي ساعدت على انتشار تلك الإتهامات أنه كان من المعروف أن زواج رايتشيل بزوجها الأول « لويس روباردس » لم يكن زواجًا سعيدًا، كما أن الكيفية التي من المفترض أنه انتهى بها زواجهما قبل اقترانها بجاكسون ظلت غامضة . وفقًا لروباردس نفسه؛ فإن جاكسون قام باختطاف زوجته، وفر بيها إلى فلوريدا، بينما قال جاكسون؛ أنه أنقذ رايتشيل من عنف زوجها المفرط ضدها. أيًا كان الرواية السليمة، فإن الثابت أنه بعد ذلك رفع روباردس دعوى للطلاق ضد رايتشيل بعد أن هجرته عام 1790، ولم يتم الحكم في تلك الدعوى حتى عام 1793، حيث منحت المحكمة الطلاق لروباردس على أساس أن زوجته قد هجرته لتعيش حياة الزنى . أدعى جاكسون أنه تزوج رايتشيل في فلوريدا خلال تلك الفترة بين رفع روباردس القضية والفصل فيها، ولكنه قام بتزوجها مرة أخري في يناير 1794 لكي يحلوا مشكلة تضارب الوقت بين طلاقها من روباردس وزواجها منه. كان لهذه الإتهامات تأثير كبير على صحة رايتشيل جاكسون، فتوفيت بأزمة قلبية في 22 ديسمبر 1828، بعد أن ربح زوجها أندرو جاكسون الأنتخابات، ولكن قبل تنصيبه، وبذلك لم تصبح رايتشيل جاكسون قط السيدة الأولى للولايات المتحدة. وعلى شاهد قبرها حُفرت الكلمات الأتية « كُنتي رقيقة جدًا وفاضلة، قد يجرحك البهتان قليلًا، لكنه لا يمكن أن ينال من شرفك ».

المصدر

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي