أتذكر عندما تعلمت لأول مرة عن التكاثر في الصف الدراسي؟ حسنًا، يسرنا إخبارك أن العلماء يعيدون النظر في بعض تلك الأساسيات لفهم كيفية عمل التخصيب إذا اتحد الحيوان المنوي والبويضة في الفضاء. فهل سيتصرف الحيوان المنوي بطريقته المعتادة؟!
انطلقت بعثة إلى محطة الفضاء الدولية في أبريل 2018 لدراسة كيفية تأثير انعدام الوزن على الحيوانات المنوية. حيث يدير مركز أبحاث Ames التابع لوكالة ناسا في وادي السيليكون في كاليفورنيا التحقيق، وتُسمى (ميكرو-11 – micro-11) على متن المركبة دراغون كارغو التابعة لشركة سبيس إكس. نحن لا نعرف حتى الآن إلا القليل عن بيولوجيا التكاثر في الفضاء، وسوف تبدأ هذه التجربة في معالجة هذه الفجوة عن طريق قياس كيفية عمل الحيوانات المنوية للثور ونظيرتها البشرية في الفضاء لأول مرة. إن دراسة البيولوجيا الإنجابية في الفضاء أمر مفيد حيث يمكن أن تكشف البيئة ذات الجاذبية الضئيلة عن العمليات التي لا تظهر في الجاذبية الأرضية.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها العلماء على معرفة مدى تأثير الجاذبية على الحيوانات المنوية. حيث أرسل الباحث الألماني (يو إنجلمان – U Englemann) لأول مرة في عام 1988 الحيوانات المنوية للثيران في مدار على متن صاروخ وكالة الفضاء الأوروبية، ووجد أن الجاذبية أثرت على حركتهم.
يحدث الإخصاب في الثدييات بما في ذلك البشر عندما تطفو خلية منوية على البويضة وتلتحم بها، ويجب تنشيط الحيوانات المنوية لبدء التحرك قبل أن يحدث هذا. يحتاج الحيوان المنوي بعد ذلك إلى التحرك بشكل أسرع للاندماج مع البويضة، ويجب أن يصبح غشاؤه الخلوي أكثر سلاسة. تشير التجارب السابقة مع قنفذ البحر والحيوانات المنوية للثور إلى أن تفعيل الحركة يحدث بسرعة أكبر في الجاذبية الصغرى، في حين أن الخطوات التي تؤدي إلى الاندماج تحدث ببطء، أو لا تحدث على الإطلاق، حيث يمكن أن يمنع التأخير أو المشاكل في هذه المرحلة التخصيب من الحدوث في الفضاء.
تبدأ عملية الإخصاب بتفاعل كيميائي يسمى الفسفرة، عندما يغير الإنزيم وظائف البروتين داخل الخلية ويسمح بحدوث النشاط. وتتحرك ذيول الحيوانات المنوية في هذه الحالة لدفعها إلى الأمام. تتوقف حركة الذيل على الأرض عند عمل إنزيم ثاني يسمى رفسات الفوسفاتاز، ولكن لا تعمل تلك الإنزيمات في الجاذبية الصغرى. تقول ناسا أن هذا التنشيط حدث بسرعة أكبر في الجاذبية الصغرى في تجارب سابقة مع الحيوان المنوي لنقفذ البحر والثور.
تم إرسال نوعين من الحيوانات المنوية الثديية -وهي الحيوانات المنوية للإنسان والثور- إلى محطة الفضاء على أنها عينات مجمدة. تظهر الحيوانات المنوية للثور تغييرات مماثلة في الحركة وغيرها من علامات الخصوبة مثل الحيوانات المنوية البشرية. ومع ذلك فإن الحيوانات المنوية البشرية هي بطبيعتها أكثر تنوعًا في الحركة والمظهر. لذا سوف توفر قياسات الحيوانات المنوية للثيران التحكم في الجودة لضمان أن الباحثين يمكنهم اكتشاف الفروق الدقيقة في الحيوانات المنوية من كلا النوعين.
سيقوم طاقم رواد الفضاء بتحريك العينات وإضافة مركبات كيميائية تعمل على تنشيط حركة الحيوانات المنوية والتحضير لدمجها مع البويضة. سيستخدم الباحثون الفيديو لتقييم مدى تحرك الحيوانات المنوية في الفضاء. وأخيرًا، سيتم خلط العينات بالمواد الحافظة وتعاد إلى الأرض، حيث يتم تحليلها لمعرفة ما إذا كانت الخطوات اللازمة للاندماج قد حدثت وما إذا كانت العينات المأخوذة من الفضاء تختلف عن عينات الحيوانات المنوية التي يتم تنشيطها على الأرض. لا نعرف حتى الآن كيف تؤثر الرحلات الفضائية طويلة الأمد على الصحة الإنجابية البشرية، وسيكون هذا التحقيق هو الخطوة الأولى لفهم القدرة على الإنجاب المحتملة في ظروف انخفاض الجاذبية.
إعداد: مصطفى عبد الحليم
مراجعة: آية غانم
مصادر:
- https://www.nasa.gov/ames/micro-11
- https://www.nasa.gov/ames/research/space-biosciences/micro-11-spacex-14
- http://www.iflscience.com/space/nasa-is-sending-a-lot-of-sperm-to-the-iss-to-see-if-we-can-make-babies-in-space/
