أوكي جوجل..كيف سيكون تأثير إنترنت الأشياء على العالم النامي؟

internet-things-1
|

يرى مهندس شاب في ولاية ماريلاند أن إشارات المرور الذكية تقضي على الطرق المزدحمة. في موسكو تلتقط كاميرات الويب (Webcams) مراكز الاقتراع لمنع تزوير أصوات الناخبين. تُنبه أجهزة استشعار الزرنيخ سكان القرى إلى تلوث الأبار عبر المناطق الريفية في بنغلادش. أدى ظهور إنترنت الأشياء (Internet of Things) -هى شبكات من الأجهزة المتصلة ذات المستشعرات المادية- إلى جعل كل تلك الحالات ممكنة. بدأ إنترنت الأشياء في دول العالم الأول في المنازل والمستشفيات الإلكترونية وخطوط التجميع. ولكن مع تقدم العالم النامي وانتشار إنترنت الأشياء، فإن آفاقه لتحفيز التنمية في الاقتصادات الناشئة تخفي مخاطر كبيرة.

تطبيقات إنترنت الأشياء فى الدول النامية

تتعلق التطبيقات الأكثر فاعلية لإنترنت الأشياء في الدول النامية بالحاجات الأساسية. حيث ترصد أجهزة الاستشعار المتصلة بالإنترنت في أفريقيا وآسيا شبكات المياه والصرف الصحي وتُعلم السلطات عند حدوث أعطال. وفي الوقت نفسه يمكن لأجهزة الاستشعار في التربة أن تساعد المزارعين على تحسين استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة وتخفيض التكاليف وزيادة المحصول، وربما إنقاذ ملايين الأرواح من سوء التغذية. وبوجود 2.4 مليار إنسان بدون إمدادات ثابتة من المياة والغذاء، فإن زيادة إمكانية الوصول لإنترنت الأشياء تعد من بين أهم العوامل التي تساعد في الحد من سرعة حدوث الفقر.

تعتزم أحدث مشاريع إنترنت الأشياء أن تٌحدث ثورة في مجال الرعاية الصحية. قد تؤدي ثلاجات حفظ اللقاحات المتصلة بالإنترنت إلى إنقاذ ملايين الأرواح وتقليل تكاليف الرعاية الصحية، من خلال المساعدة في حل مشاكل سلسلة التوريد التي تجعل نصف اللقاحات غير صالحة للاستعمال. ويمكن للعلامات الإلكترونية على شاحنات الأدوية أن توقف توزيع الأدوية المزيفة المسؤولة عن عشرات الآلاف من الوفيات سنويًا في البلدان النامية. كما يوضح جيريمي باروفسكي (Jeremy Barofsky) فإن هذه الفوائد الصحية «تحسن النتائج الاقتصادية من خلال، زيادة إنتاجية العمل وأداء أفضل ودعم أكبر للتعليم والادخار» مما يؤدي إلى خفض معدلات الوفيات وتسريع التنمية.

تحديات إنترنت الأشياء

ومع ذلك قد تفشل هذه التقنيات من إفادة الكثيرين في العالم النامي. حيث لا تزال البلدان الفقيرة تعاني من ضعف الوصول إلى الإنترنت وقلة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اللازمة لإنترنت الأشياء. علاوة علي ذلك فإن اللوائح التي أقرها البنك الدولي لإنترنت الأشياء تعتبر غير كافية على الإطلاق بهذه الدول، كذلك نقص العمالة الماهرة مما يجعله من المستحيل الحفاظ على سلامة هذه الأنظمة والمصممة لبلدان أكثر ثراءً. حين تكون حتى البنية التحتية في البلدان المتقدمة عرضة للهجمات الإلكترونية، فإن التوسع السريع في إنترنت الأشياء في المناطق التي لا تملك الموارد اللازمة لمواجهة التهديدات الجديدة يمكن أن يكون سبب لحدوث الكوارث. بداية من الهجمات الإرهابية إلى برامج الفدية (Ransomware) والتسريبات الهائلة للبيانات، فإن ثغرات الأمن الإلكتروني التي تسببها الشركات والحكومات المتحمسة ستكلف الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات في السنوات القادمة، مما يؤدي إلى إعاقة التنمية وتقليص الاستثمار الأجنبي.

حتى مع وجود ضمانات، قد تظل بعض مشاريع إنترنت الأشياء الطموحة ضارة بفقراء العالم. وكما كتب روبرت هولاندز (Robert Hollands) الأستاذ بجامعة نيوكاسل (Newcastle University) نظراً لأن مشاريع إنترنت الأشياء يرعاها في المقام الأول أغنى شرائح المجتمع، فإن المبادرات واسعة النطاق لإنترنت الأشياء غالبًا ما تفشل في النظر إلى «المشكلات الخطيرة، مثل الفقر وعدم المساواة والتمييز».

على سبيل المثال، من المحتمل أن يؤدي اقتراح الهند بشأن (المدن الذكية) إلى خلق ما يسميه المنتقدون «الفصل العنصري الاجتماعي». وبالإضافة إلى ذلك، فإن المزارعين الفقراء غير قادرين على تحمل تكاليف أجهزة الاستشعار الزراعية المصممة للمزارع الكبيرة. ما يتيح لمزارع الشركات المملوكة للأجانب ميزة لا يمكن تجاوزها، ويترك السكان المحليين عاطلين عن العمل ويعانون من نقص المحاصيل الزراعية.

المكاسب الاقتصادية من تالأشياء

وبالرغم من هذه التحديات، فإن ما يقرب من 40% من المكاسب الاقتصادية من إنترنت الأشياء ستحدُث في أفقر مناطق العالم من خلال تعزيز التنمية وتوفير الاحتياجات الأساسية. لكن عمليات التنفيذ المتعجلة التي شوهدت حتى الآن أثبتت أنه مدمر في الأماكن الخالية من الموارد للتعامل مع التحديات الجديدة، مما يخلق بؤر للجريمة والتمييز.

في نهاية المطاف، خلص تقرير (Cisco) في عام 2011، إلى أن «إنترنت الأشياء، ستغير كل شيء». ومع ذلك، فبدون إمكانية الوصول المتكافئة والمؤسسات القوية، فإن هذه التغييرات تخاطر بترك الاقتصادات الناشئة في وضع أسوأ.

المصدر

ترجمة: هاجر درويش
مراجعة علمية: عبدالله أمين
تدقيق لغوي: رنا السعدني
تحرير: هاجر عبدالعزيز

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي