أين سنكون من دون النحل؟

أين_سنكون_من_دون_النحل؟

أين سنكون من دون النحل؟

أين سنكون من دون النحل؟

هذا هو السؤال الذي يشغل تفكيرَ العالمِ الآن من بعدِ ما نُشِرَ من دراساتٍ تؤكد اقتراب خطرِ تَعرُّضِ نحلِ العسلِ للانقراض.

نعم هنالك الكثير من الحيوانات التي انقرضت من قبل وما زالت الحياة مستمرة. ولكن عذرًا، فنحن الآن نتحدث عن النحل.

بذكر أهمِّ المُلقِّحات الطبيعيةِ لدينا، فإن النحل هو المُلقِّح الطبيعي لـ 70 من 100 نوعٍ من المحاصيل الزراعية التي تُغذِّي ما يقرب من 90% من سكان العالم.

انقراض النحل لن يكون سوى البداية فقط، فحينما نفقد تلك النباتات سنفقد أيضًا الحيوانات التي تتغذى على تلك النباتات، ثم التي خلفها في السلسة الغذائية، وصولًا إلى الإنسان، مما سيجعل الأسواقَ العالمية تحتوي على نصف كمية الفواكه والخضروات المتوفرة الآن، وستبدأ البشرية حربًا أخرى من أجل توفير الغذاءِ اللازم لـ 7 مليار إنسان.(1)

بدأ كل شيء في عام 2006، عندما لاحظ النحَّالون تزايدَ مُعدَّلِ اختفاء نحلِ العسل بشكلٍ كبير. سُمِّيَ فيما بعد بانهيار خلية النحل (Colony collapse disorder CCD) وهي ظاهرة اختفاء معظم شغَّالات النحل من الخلية، تلك الظاهرة حدثت طوال تاريخ النحل وكانت تُسمَّى بِعدّة أسماء مثل انهيار الخريف، ولكن سُمِّيت في أواخر 2006 (انهيار خلية النحل) تزامنًا مع الارتفاع الحاد في معدلات الاختفاء عمَّا كان قديمًا.  (2)

منذ مدة توقَّع العلماء أن العالم قد يشهد قريبًا انقراضًا جماعيًا للحيوانات البحرية، وذلك بسبب التلوث الذي يحدث في بيئة تلك الحيوانات. ولنفس السبب، فإن العديدَ من الحيوانات البرية قد تواجه نفس المصير، ولكن ربما كان الخطر الأكبر والإنذار الذي استيقظ عليه العالم هو معرفة أن ذلك المصير قد يواجه نحل العسل. (3)

ربما حديث العالِم الكبير ألبرت آينشتاين لم يكن مبالغة عندما قال: «إن البشرية لن تعيش أكثر من خمسة أعوامٍ بعد اختفاء النحل».

يبقى السؤال الذي يُحيِّر العالم، ما هي أسباب انقراض النحل؟

حقيقةً، لا يوجدُ سبب مُحدَّد يستطيع أن يُفسِّر انقراض النحل، ولكن هي مجموعةٌ من الأسباب تتفاعل مع بعضها بعضًا لتؤدي في النهاية إلى انقراض نحل العسل، من أهمها أربعة أسباب قد تكون هي الأكثر تهديدًا لنحل العسل، وهم:

  1. الطُفيليات، وهي تُعدُّ من أخطرِ أعداء النحل التي تُسبِّب لهُ الكثيرَ من الأضرارِ على مستوى الأفراد والخلية ككل.                                                                                                                                 وهناك نوعان من الطفيليات التي تصيب نحل العسل:                                                                          أ) عث الفارو (varroa mites)، وهو طُفيلٌ يبلغ طوله حوالي 1 إلى 1.5 ملم، ويقوم بمهاجمة نحل العسل، والتغذي على البالغين ويرقات وعذارى النحل خاصةً الذكور منها، مما يؤدي إلى ضعف النحل وخفض أعمارها ونقل العديد من الفيروسات لها، وقد ينتج جرَّاء هذا التطفل تشوهٌ في الصغار مثل فقد الساقين أو الأجنحة، واستمرار وجود ذلك الطفيل داخل الخلية بدون علاج يؤدي إلى نهاية تلك الخلية، ويعتبر الـ(Apistan) من أفضل وأبسط طرق الدفاع ضد هذا الطفيل، وهو مُسجَّلٌ الآنَ في أكثرِ من 40 دولة حول العالم. (4,5,6)                                                                      ب) عَثّ الرغامي (Tracheal Mites)، وهو طُفيلٌ يقوم بمهاجمة النحل من الداخل، فهو يعيش داخل جسد النحل وبالتحديد داخل القصبة الهوائية، مما قد يُسبِّب انسدادًا في أنابيب التنفس لدى البالغين ومنع مرور الأكسجين مؤديًا للموت، بالإضافةِ إلى التأثيرات التي قد تُصاحب النحل المصاب به، فهو يؤثر على كفاءة الطيران لدى النحل مما يؤدِّي إلى خسائرَ كبيرةٍ في المخزون الغذائي لدى الخلية، وأيضًا نقص في عدد الشغَّالات داخل الخلية، وفي حالة عدم القدرة على تعويض الوفيات تنهار الخلية، وقد تُوفِّر كريات المنثول (Menthol pellets) بعض السيطرة على هذا الطفيل، ولكنه لا يعتبر فعالًا جدًا ضدها. (7)
  2. السبب الثاني هو فقدان الوطن أو البيئة الملائمة لتلك الكائنات، فعندما يتعلَّق الأمر بانقراض كائن، فلا يوجد أفضل من هدم بيئته. الكثير من الكائنات انقرضت بسبب تدمير بيئتها وعدم استطاعتها على التكيف في بيئةٍ أخرى. وعلى الرغم من ذلك، ما زال الإنسان مُستمِرًّا في تدمير الطبيعة والتسبُّب في انقراض الكثيرِ من الكائنات التي تعيش فيها بسبب حاجته إلى التوسع المستمر، وزيادة المناطق السكنية بطريقةٍ مُبالغٍ فيها، واستهلاك الأشجار والغابات. (8)
  3. المبيدات الحشرية، من أهم الأسباب التي تهدد خلية النحل، فبجانب التأثيرات المُميتة وشبه القاتلة التي تُسبِّبها تلك المبيدات لشغَّالات النحل، فإن التأثير الأسوء هو ما يحدث لذكور النحل. في دراسةٍ أُجرِيَت على خلية نحلٍ كانت قد تَعرَّضت إلى تلك المبيدات، أظهرت النتائج انخفاضَ عُمر الذكور ومُعدَّل إنتاجها للحيوانات المنوية، مما يؤثر على خلية النحل بأكملها، وذلك بسبب حاجة الملكة إلى الذكور لعملية التكاثر، ومن أمثلة تلك المبيدات: فئة (neonicotinoids) والتي تم حظرها جزئيًا في أوروبا. (9)
  4. شبكات الهواتف المحمولة، يتأثر نحل العسل بالإشعاع الكهرومغناطيسي الناتج عن استخدام الهواتف المحمولة.

في تجربةٍ قام بها بعض الباحثين من الهند من أجل التأكد من تأثير شبكات الهواتف على النحل، قاموا بإلصاق بعض الهواتف بجوارِ خليةِ نحلٍ وذلك على فترتين خلال اليوم، كانت مدة كل فترة 15 دقيقة، وبعد ثلاثة شهور من تكرار العمل السابق، لاحظ الباحثون انخفاضَ إنتاج العسل وإنتاج البيض من الملكة إلى النصف، وانخفاض حجم الخلية بشكل كبير. وبجانب ذلك تعمل شبكات الهواتف في إحداث تشويشٍ على شغَّالات نحل العسل وهي في طريق العودة إلى الخلية، وكأنها تقوم بتدمير نظام الملاحة لديها، فلا تتذكر مكان الخلية. (10)

تلك كانت بعض الأسباب الرئيسية التي تُهدِّد نحل العسل، ولكن هناك الكثير من الدراسات التي تحاول التوصل إلى خبايا تلك المشكلة. فهناك دراسة أجراها بعض الباحثين، كانوا قد لاحظوا تغيرًا سلوكيًا في عمل نحل العسل، فمن المعروف أن تقوم الشغَّالات الأكبر سِنًّا بجمع الطعام، وتظل الصغار داخل الخلية حتى تكتسب المزيد من الخبرة، ولكن ما تم ملاحظته هو خروج الشغَّالات الصغار بحثًا عن الطعام، فقد يكون لهذا التغير السلوكي صلة ما بالانقراض المفاجئ الذي يحدث للنحل الآن؛ فمغادرة الشغَّالات الصغار إلى خارج الخلية قد يكون سلوكًا تكيفيًّا من النحل لمواجهة الزيادة الغير طبيعية في معدل وفاة الشغَّالات الكبار. ومع استمرار زيادة ذلك المعدل من الوفيات لفترةٍ طويلة، يؤدي ذلك إلى خللٍ في تقسيم العمل داخل الخلية، بالإضافة إلى الفقد المتزايد من البالغين قد يتسبب في اختفاءٍ كاملٍ للشغَّالات الكبار، وأن الشغَّالات الصغار أكثر عرضةً للوفاة في أولى رحلاتهم، فجميع تلك الأسباب في النهاية تؤدي إلى النهاية المشؤومة وهي نهاية خلية النحل. (11)

إعداد وتصميم:Mohamed Gadallh

مراجعة علمية:Mohamad Gendy

مراجعة لغوية:Mohamed Sayed Elgohary‎‏‏

تحرير: Mohamed Gadallah

المصادر

  1. http://sc.egyres.com/zK7EQ
  2. http://sc.egyres.com/ULXLn
  3. http://sc.egyres.com/zK7EQ
  4. http://sc.egyres.com/ISDN0
  5. http://sc.egyres.com/0FCEc
  6. http://sc.egyres.com/Mq5zS
  7. http://sc.egyres.com/Nf8Yy
  8. http://sc.egyres.com/lCDrE
  9. http://sc.egyres.com/8jqqd
  10. http://sc.egyres.com/Hw8o1
  11. http://sc.egyres.com/5byPR
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي