منذ أربعة آلاف سنة فيما يعرف الآن بالقدس، دُفِنَ شخصٌ ما مع إناءٍ يحتوي على عددٍ من الضفادع مقطوعة الرأس. لم يكن من الواضح بالضبط ما الغرض وراء وجود الضفادع في المقبرة مع المُتوفَّى، ولكن التخمين السائد هو أنها كانت غِذاءً للمُتوفَّى يمكن استهلاكه في الآخرة.
عندما يتعلق الأمر بالموت، كانت الثقافات القديمة حريصةً على أن يكون المتوفى على أتم الاستعداد لتلك الرحلة الأبدية. في مصر القديمة، على سبيل المثال، كان العديد من مقابر المتوفِّين، من طبقات الناس الأقل حظًا إلى الفرعون نفسه، تحتوي على أجسامِ حيواناتٍ أو أجزاءٍ من حيواناتٍ مُحنَّطة كطعامٍ للمتوفى. أصنافٌ عديدة مثل اللحوم والسمك والدواجن، كلها وُجِدَت في القبور المصرية. يمكن كذلك العثور على اللحوم الثمينة مثل لحوم العجول في قبور الأثرياء، أما النوع الأرخص مثل لحم الضأن مثلًا يمكن العثور عليها في مقبرة شخصٍ متوسط الحال.
بالإضافة إلى ذلك، تم النظر إلى هذه الظاهرة بمنظور أكثر روحانية، فكثيرًا ما كانت الحيوانات الأليفة، وخاصةً القطط، والكلاب، والقرود، تُمثِّل الرفيق الوحيد لأسيادها في الآخرة. كما كانت بعض الحيوانات الأخرى تعتبر قرابين لآلهة معينة، مثل التماسيح المحنطة لـ «سوبك» (إله القوة العسكرية، والنيل، والتماسيح) أو طائر أبو منجل للإله «ثوث» (إله الكتبة، والسحر، والقمر). يمكن أيضًا أن تكون فكرة الحيوانات المحنطة بمثابة صلاة طويلة الأجل تصطحب المُتوفَّى في الرحلة من الحياة إلى الآخرة. على سبيل المثال، في واحدة من تلك المقابر المصرية، عُثِرَ على جثةٍ مُحنَّطةٍ لطائرِ أبو منجل يرتدي تاجًا. ربما كان هذا قبرًا لكاتبٍ يبحث عن النجاح الوظيفي الدائم.
وبالرغم من إبداعات الحضارة المصرية في هذا الشأن، إلا إنها لم تكن الوحيدة التي كانت تَعرِف كيفية تدليل الموتى. في الصين مثلًا، كانت مقابر سلالة «تانغ» غنيةً بشكٍل لا يصدق بالمُرفقات الجنائزية والجداريات. في حين تم نهب بعض المقابر، كان لا يزال هناك الآلاف من أحجار اليشم الكريمة، واللوحات، والسلطانيات الفضية، ودبابيس الشعر الذهبية، وحُلي على شكل أحصنة وغيرها من السلع الأخرى. كانت تُفضِّل سلالة تانغ المواد الغذائية التمثيلية، وبذلك بدلًا من قطعة من لحمِ الخنزير أو البط، وُجِدَ في القبور تماثيل للماشية. ولعل الأمر الأكثر إثارة للإعجاب، أن العديد من المقابر وفّرت لقاطنيها جيشهم الخاص، ممثلة في محاربين من الطين المدججين بالسلاح. يتضمن قبر الإمبراطور كاي تسونغ نسخًا كاملة الحجم من السفراء الأجانب المُرسَلين إلى جنازته.
اليوم، في بِقاع كثيرة من آسيا، مازالت التقاليد القديمة تعيش على مراسم حرق ورق الجوس، والبنود الورقية، والأموال، والغذاء، وحتى العناصر الفاخرة مثل السيارات، في المناسبات الخاصة لاستخدامها في عالم الأرواح. أنت لا تعرف أبدًا متى ستبدأ روحك في الرغبة في الحصول على ضفدع مقطوع الرأس.
المصدر: https://daily.jstor.org/how-ancient-peoples-fed-the-dead/
#الباحثون_المصريون