إنماء الأنسجة السنية عن طريق الخلايا الجذعية المأخوذة من الأسنان اللبنية

tooth

|إنماء الأنسجة السِنيّة عن طريق الخلايا الجذعية المأخوذة من الأسنان اللبنية|إنماء الأنسجة السِنيّة عن طريق الخلايا الجذعية المأخوذة من الأسنان اللبنية

في إحدى التجارب السريرية تم استخدام الخلايا الجذعية المستخرجة من الأسنان اللبنية للأطفال في إنماء نسيج حي في أسنان أخرى تضررت نتيجة إصابة ما.

النتائج الواعدة لهذه التجربة سلطت الضوء على إمكانيات الخلايا الجذعية السنية، وعلى إمكانية استخدامها على مدى واسع في عمليات علاج الأسنان أو حتى علاج بعض الأمراض الجهازية.

ينزلق الأطفال في بعض الأحيان وتتلقى أسنانهم الصدمة خاصة الأسنان الأمامية مما يؤدي إلى إصابة السنة، فعندما تتلقى الأسنان الدائمة -والتي لم يكتمل نمو جذورها بعد- هذه الصدمة من الممكن أن تتسبب في إيقاف الإمداد الدموي لهذه السنة وبالتالي يتوقف نمو جذورها، وهذا ما يعرف بالسنة الميّتة.

حتى الآن الأسلوب المتبع للتعامل مع مثل هذه الحالة هو عملية تتضمن حث جذور هذه السنة على إكمال نموها، ولكنها لا تؤدي إلى تعويض الأنسجة السنية التالفة أو المفقودة والإمداد الدموي، وفي أفضل الأحوال فإن الجذور يكتمل نموها بشكل غير طبيعي.

ولكن النتائج الجديدة لهذه التجارب التي قادها كل من سونغتاي شي من جامعة (بنسلفانيا ويان جين)، كون شوان وباي لي من الجامعة العسكرية الطبية الرابعة في شيان بالصين تقترح وجود طريق آخر أكثر أملًا للأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الإصابة، وذلك باستخدام الخلايا الجذعية من الأسنان اللبنية لهم، وتم نشر هذه الدراسة في مجلة علوم الطب الانتقالي (journal Science Translational Medicine).

وقال البروفيسور شي في قسم التشريح وبيولوچيا الخلايا في كلية طب الأسنان في (بنسلفانيا): «إن هذا العلاج يعيد للمرضى الإحساس بأسنانهم؛ إذا تعرضت لمؤثر ذي درجة حرارة عالية أو منخفضة، وإنهم يحصلون على سنة حيّة مجددًا، وبمتابعة نتائج هذه التجارب لسنتين وثلاث سنوات أظهرت أنها علاج آمن وفعال»

و عمل شي عقدًا من السنوات على اختبار قدرات الخلايا الجذعية المستخرجة من عصب الأسنان اللبنية للأطفال بعد اكتشافه وجودها بالصدفة في أسنان ابنته اللبنية، وبحث هو وزملاؤه كيفية عمل هذه الخلايا الجذعية التي تسمى رسميًا [(human deciduious pulp stem cells (hDPSC] أي (الخلايا الجذعية اللبيّة للأسنان اللبنية)، وعن كيفية استخدامها لإنماء نسيج سني وهو عصب السنة.

في المرحلة الأولى من هذه التجارب، والتي أجريت في الصين ضُمَّ 40 طفلًا، أُصيبت إحدى أسنانهم الأمامية الدائمة، ولازال لديهم أسنان لبنية، حيث تعرض 30 منهم للعلاج بالخلايا الجذعية، والعشرة الباقون للعلاج التقليدي، و الذي يعتمد على حث تكوين حاجز كلسي عند قمة جذر السنّة الدائمة غير مكتملة التكوين؛ معتمدًا في ذلك على استخدام مادة هيدروكسيد الكالسيوم.

الأطفال الذين تلقوا العلاج بالخلايا الجذعية تم استخراج أنسجة من عصب الأسنان اللبنية، وتم استخراج الخلايا الجذعية منها، وسُمِح لها أن تنمو في وسط خاص في المعمل، ثم تم زرع الخلايا الناتجة في الأسنان المصابة.

وخلال متابعة التجربة وجد الباحثون إن الأطفال الذين تلقوا العلاج بالخلايا الجذعية، كانت لديهم علامات أفضل من ذويهم من حيث نمو الجذور بطريقة صحية، وتكَوّن طبقة أكثر سماكة من عاج الأسنان (dentin) وهي الطبقة التي تكون معظم بنية السنة، وتكون تحت طبقة مينا الأسنان الخارجية (enamel) وأيضًا من حيث زيادة الإمداد الدموي للأسنان.

إنماء الأنسجة السِنيّة عن طريق الخلايا الجذعية المأخوذة من الأسنان اللبنية
مقطع طولي يوضّح التركيب التشريحي للسنة

في البداية كان جميع الأطفال لديهم إحساس ضعيف في الأسنان، ولكن بمرور سنة بعد العملية فقط، استعاد الأطفال الذين تلقوا العلاج بالخلايا الجذعية بعضًا من الإحساس بأسنانهم ، وبفحص مكونات جهازهم المناعي، لم يجد فريق البحث أي شيء يدعو للقلق.

ومما يزيد التأكد من فعالية هذا العلاج، أُتِيح لفريق البحث فرصة فحص أنسجة الأسنان التي تم علاجها، حيث تعرض بعض الأطفال للإصابة نتيجة صدمة ما مرةً أخرى، واضطروا لخلع أسنانهم، ووجد الباحثون إن الخلايا الجذعية التي تمت زراعتها قد نمت إلى المكونات المختلفة، التي توجد في عصب السنة متضمنة الخلايا التي تكون العاج، والأنسجة الضامة والأوعية الدموية.

وقال شي : «إن هذه النتائج مثيرة وحماسية جدًا بالنسبة لي، فمن الممتع أن نرى اكتشافنا يخطو خطوة أخرى ليصبح علاجًا روتينيًا في عيادات الأسنان»

وبالرغم من أن هذه الخطوة الأولى فقط، وأن استخدام الخلايا الجذعية للمصابين يقلل من فرص رفض الجهاز المناعي لها، ولكن لا يمكن القيام بهذه العملية للبالغين الذين فقدوا جميع أسنانهم اللبنية، لذا بدأ شي وزملاؤه في اختبار الخلايا الجذعية الخيفية (allogenic stem cells)، أو المأخوذة من أشخاص آخرين لإنماء الأنسجة السنية في البالغين الذين فقدوا جميع أسنانهم اللبنية، هم أيضًا يأملون الحصول على الموافقة على إجراء هذه التجارب في الولايات المتحدة الأمريكية.

كما عَبَّر عن شغفهم بما يمكن تقديمه في مجال طب الأسنان؛ فهم يأملون تطبيقات أوسع لاستخدام هذه الخلايا، كاستخدامها في علاج بعض الأمراض الجهازية، مثل: مرض الذئبة الجلدي، والذي عمل شي عليه من قبل.

إعداد: محمد النيل

مراجعة علميّة: ميّ نبيه

تدقيق لغوي: Mahmoud Khalifa

تحرير: نسمة محمود

المصدر

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي