احفظ أقل تحفظ أفضل، أليس كذلك؟

احفظ_أقل_تحفظ_أكثر،_أليس_كذلك؟

احفظ أقل تحفظ أفضل، أليس كذلك؟

مع قرب انتهاء السنة الدراسية، يتحضر الطلبة حول العالم لموسم الامتحانات. وجزء أساسي من عملية المذاكرة هي أن تقرر ماذا ستذاكر، وإلى متى. فعلى سبيل المثال، على الطلبة أن يقرروا ما إذا عالمين بشكل كافٍ لإحدى أجزاء المنهج كي يستطيعون الانتقال للجزء التالي، أو متى عليهم التوقف عن المذاكرة كي يستطيعوا الحصول على قسط كافٍ من النوم. وبما أن إدارة تلك العملية وتعديل السلوك يتضمن العديد من العمليات المعقدة، فمن المهم التساؤل إذا ما كانت تلك القدرة مشتركة مع غير البشر.

وللإجابة على ذلك السؤال، قام الباحثون تو، باني، وهامبتون، في دراستهم المنشورة بـ Journal of Comparative Psychology[1]، بتدريب مجموعة من قردة مكاك ريسوسي على تصنيف صور لطيور وزهور وسمك وأشخاص. وبعد التدريب، عُرضت على القرود صور مخفية وراء حواجز مكعبة ورمادية. ومع الضغط على الزر “اكشف”، يزول حاجز واحد. ومع كل اختبار صورة، كان للقرود الضغط على زر “اكشف” كما أرادوا، وكانوا أحرارًا في تصنيف الصور في أي وقت يحلو لهم.

وحين كانت الحواجز أصغر، كانت القرود تضغط على “اكشف” بشكل أكثر تكررًا، وبالتالي كان من المتطلب إزالة المزيد من الحواجز للكشف عن معلومات كافية للتصنيف، ما يقترح أن قرارهم بإزالة المزيد من الحواجز كان يستند إلى إذا ما كانت لديهم معلومات كافية أم لا.

وفي تجربة لاحقة، أُظهر للقردة صور من الاختبار مع نفس نمط تنظيم الحواجز الذي على أساسه استجابوا بشكل صحيح لاختبار التصنيف، وأخرى بحواجز زائدة (أي أن جزءًا أصغر من الصورة كان مكشوفًا)، وأخرى بحواجز أقل (أي أن جزءًا أكبر من الصورة كان مكشوفًا).

لم تصنف القردة أي صورة دون إزالة بعض الحواجز، إلا أنهم دائمًا ما عدلوا استخدامهم لزر “اكشف” وفقًا للحالة الأصلية للصورة؛ وقد ضغطوا أكثر على زر “اكشف” كلما كانت الصورة أقل وضوحًا، وضغطوا أقل على الزر كلما كانت الصورة أكثر وضوحًا. تقترح تلك النتائج أن القردة قد قدرت المعلومات المتاحة وجمعت المزيد من المعلومات حتى حازوا الثقة في قدرتهم على التصنيف.

تحقق تو وزملاؤه من سلوك جمع المعلومات في سياق جمع معلومات كافية عن شيء واحد للتحلي بالاستجابة الصحيحة. إلا أن الاختبارات النهائية تغطي مناهج تضم الكثير من المعلومات عن مواضيع غير متصلة ببعضها البعض، و”النجاح” يُقاس بكمية الدرجات التي تحرزها، وليس بأدائك في سؤال واحد. وفي تلك الحالة، ربما يفضل الطالب أن يذاكر بعض الجوانب من كل موضوع بدلًا من أن يحاول مذاكرة كل شيء.

وبالفعل، وجد كو موراياما وزملاؤه، بالدراسة المنشور بـ Journal of Experimental Psychology: Learning, Memory, and Cognition[2]، أن الناس عادةً ما يعتقدون بأن تقليل كمية المعلومات التي نتعلمها سيؤدي حتمًا إلى أداء أفضل في التذكر، بدلًا من محاولة تعلم كل شيء. قيل للمشاركين بأن مهمتهم هي أن يحاولوا تذكر أكبر قدر ممكن من الكلمات، حيث سيُكافؤون بـ 10 سنت في مقابل كل كلمة صحيحة. رأى المشاركون في مجموعة التحكم 50 كلمة بالمرة. أما مجموعة التوقف فقد أُظهر لهم نفس القدر من الكلمات في المرة، إلا أنه قيل لهم أن بإمكانهم إما مذاكرة قائمة الخمسين كلمة بالكامل، أو الضغط على زر “قف” للتوقف عن تعلم كلمات جديدة في المرة.

اختار أكثر من نصف المشاركين بالمجموعة الثانية التوقف عن مذاكرة كلمات جديدة بعد حوالي 30-35 كلمة. إلا أنه الأهم من ذلك، أنه رغم أن التوقف كان هدفه تحسين أداء الذاكرة، لم تكن تلك بالاستراتيجية الفعالة: فقد تذكر أفراد تلك المجموعة قدرًا أقل من الكلمات عن المشاركين بمجموعة التحكم. في الواقع، كان هناك نوع من الارتباط بين متى توقف المشاركون عن تعلم كلمات جديدة وأداء الذاكرة، فأداء الذاكرة قد ضعف كلما قلت عدد الكلمات المُذَاكَرة.

تقترح تلك النتائج أن الأشخاص يتخذون قرارات المذاكرة على أساس حدس مغلوط بأن أداء الذاكرة يمكن زيادته عن طريق تقليل كم المعلومات التي نذاكرها، إلا أنه في الحقيقة أن مذاكرة معلومات أكثر توفر فرصًا أكثر للتذكر الأفضل.

————————————–

[1] http://sc.egyres.com/RFAzI

[2] http://sc.egyres.com/Zk45t

 

المصدر:

http://sc.egyres.com/a1JTB

 

ترجمة وتصميم: هشام كامل

مراجعة : ماريا عبد المسيح

تحرير: يُمنى أكرم

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي