يعاني الكثير من الناس من الخجل، إلا أن مجموعة صغيرة من الناس يصل بها الخجل الشديد إلى مرحلة من الإعاقة المجتمعيّة الشديدة.
في اضطراب الشخصية التجنبية (Avoidant Personality Disorder)، يؤدّي الخجل الشديد والخوف من التعرُّض للرفض إلى صعوبة التعامل مع الناس بشكلٍ احترافيّ، مما قد يجعل المصابين به يتجنبون أنشطة العمل أو يرفضون الوظائف فقط خوفًا من التعرُّض للنقد من الآخرين. بالإضافة إلى ذلك يعاني المصابون من عدم الثقة بالنفس والتركيز على أخطائهم وعيوبهم، فيقيمون علاقات فقط عند التأكُّد من عدم احتمالية التعرُّض للنقد. فيفضل هؤلاء الأشخاص الوحدة والعزلة على الألم الذي قد يتعرضوا له نتيجة ذلك الرفض. [1]
أعراض اضطراب الشخصية التجنبية
بناء على التعديل الأخير الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للرابطة الأمريكيّة للطب النفسيّ للاضطرابات العقليّة (DSM-5)، تُعدّ أكثر أعراض اضطراب الشخصية التجنبية شيوعًا هي:
- سهولة التأذّي من النقد أو الرفض.
- عدم امتلاك أصدقاء مقربين.
- عدم القدرة على إنشاء العلاقات الاجتماعيّة.
- عدم الرغبة في الانخراط مع الناس.
- تجنُّب الأنشطة أو المهن التي تنطوي على الاتصال بالآخرين.
- الخجل في المواقف الاجتماعيّة خوفًا من فعل شيء خاطئ.
- التحلي بضبط النفس المفرط في العلاقات الحميمة.
- الرغبة الدائمة في عدم مواجهة الآخرين وإسعادهم.
- الشعور بعدم الكفاءة الاجتماعيّة.
- الشعور بالدونية أو عدم الجاذبية للآخرين.
- عدم الرغبة في المخاطرة أو تجربة أشياء جديدة لأنها قد تكون محرجة.
- العزلة الاجتماعيّة.
- عدم الثقة في الآخرين.
- عدم القدرة على الاستمتاع في الأنشطة المختلفة. [1] [2]
التأثير المجتمعي لاضطراب الشخصية التجنبية
برغم وعي الشخص المصاب باضطراب الشخصية التجنبية بحقيقة عدم الشعور بالراحة في المواقف الاجتماعيّة، إلا أن ذلك لا يمنعه من الشعور بالنقد أو الرفض نتيجة تعليق الآخرين على خجله أو توتره، خاصة عند التحدث على الملأ.
ويؤدّي ذلك إلى خوف هذا الشخص من التحدث على الملأ، خوفًا من قول أشياء خاطئة أو التعلثم أو احمرار الوجه، مما قد يعرّضه للإحراج. كما يجد هؤلاء الأشخاص صعوبة بالغة في مشاركة مشاعرهم مع الآخرين، مما يؤدي إلى صعوبة شديدة في تكوين علاقات حميمة. [3]
أسباب اضطراب الشخصية التجنبية
تنطوي أسباب اضطراب الشخصية التجنبية على عدة عوامل وراثيّة واجتماعيّة ونفسيّة وبيئيّة، منها على سبيل المثال:
- الإساءة العاطفيّة.
- النقد.
- السخرية.
- قلّة المودّة من قِبَّل أحد الوالدين أو مقدِّم الرعاية في الطفولة.
- التعرّض للرفض من قِبَّل الأقران.
يبدأ السلوك التجنبيّ في سن الرضاعة والطفولة المبكرة، فيظهر الخجل والعزلة وتجنّب الغرباء، وغالبًا ما يتخلص الأطفال من هذا السلوك مع تقدُّم السن، إلا أن المصابين باضطراب الشخصية التجنبية يزداد معهم الأمر سوءًا عن الدخول في مرحلة المراهقة والبلوغ. [1] [2]
تشخيص اضطراب الشخصية التجنبية
يمكن لطبيب الأسرة -إن وجد- أن يكون هو نقطة البداية في التشخيص، إلا أنه قد يوجهك بالذهاب إلى الطبيب أو الأخصّائيّ النفسيّ أو غيرهما من المتخصيين في الصحة العقليّة.
يُشخّص هذا الاضطراب في مرحلة البلوغ، حيث أن السلوك التجنبيّ في مرحلة الطفولة قد يكون أحد السمات الطبيعية التي يتصف بها طفلك ويتجاوزها لاحقًا.
وفقًا لـ (DSM-5)، يجب أن يكون لدى الشخص نمط ثابت من تجنُّب الاتصال الاجتماعيّ، والإفراط في الحساسية تجاه الرفض والنقد، والشعور بعدم الملاءمة، كما هو موضح في أربعة على الأقل من أعراض المذكورة سابقًا. [2]
بعض الاضطرابات المرتبطة باضطراب الشخصية التجنبية
يحدث اضطراب الشخصية التجنبية بشكل متزامن ويتداخل مع مجموعة متنوعة من الحالات الأخرى، مثل:
- اضطراب القلق الاجتماعيّ.
- اضطراب الشخصية الاعتماديّة.
- اضطراب الشخصية الحديّة.
- الإدمان.
- الاكتئاب.
- رهاب الخلاء. [2]
علاج اضطراب الشخصية التجنبية
يتم علاج اضطراب الشخصية النفسيّة بالعلاج النفسي بالكلام، خاصًة باستخدام العلاج النفسيّ السلوكيّ، كما يمكن استخدام بعض أدوية الاكتئاب للتخفيف من الحسّاسيّة الناتجة عن التعرُّض للنقد والرفض. يؤدّي استخدام كلٍ من العلاج النفسيّ والأدوية معًا إلى نتائج أفضل من استخدام أحدهما فقط. فالمصابين باضطراب الشخصية التجنبية قد يكون لديهم قدر ضئيل من التواصل مع الآخرين، والذي قد يعززه العلاج.
بدون علاج، قد يستسلم المصابون باضطراب الشخصية التجنبية إلى حياة العزلة الاجتماعيّة الكاملة، أو قد يصابوا بأحد الاضطرابات النفسيّة الأخرى كالمذكورة أعلاه. [1]