تُجرى بعض الأبحاث الآن على الأزيثرومايسين (Azithromycin) المضاد الحيوي الماكروليدي ليُستخدم كعلاج فعال للمصابين بفيروس كورونا المُستجد (COVID-19) والناتج من فيروس الكورونا الجديد (SARS-CoV-2)، علمًا بأنه يُستخدم بالفعل في علاج الالتهاب الرئوي الجرثومي المُكتسب من المجتمع وبعض العدوى البكتيريا الأخرى.

يُعتقد أن الأزيثرومايسين له أيضًا نشاط مضاد للفيروسات، كما أن له نشاط مضاد للالتهابات؛ لذا يُستخدم بتآزر مع بعض الأدوية الأخرى المُضادة للفيروسات. حيث أظهرت تجارب المختبر نشاط الأزيثرومايسين ضد فيروس زيكا (Zika virus)، والفيروسات الأنفيّة (Rhinoviruse) المُسببة لنزلات البرد. [4]

كما أظهرت تجربة سريرية صغيرة جدًا في فرنسا بعض النتائج المثيرة للاهتمام كما هو موضح بالشكل، وضمت التجربة (20) مريضًا مصابًا بفيروس كورونا المُستجد. حيث عولج المرضى باستخدام الهيدروكسي كلوروكين (Hydroxychloroquine) وحده، أو باستخدامه مع الأزيثرومايسين. أوضحت النتائج أن المرضى الذين استخدموا الهيدروكسي كلوروكين وحده كانوا قادرين على التخلص من الفيروس بشكل أسرع من الذين لم يتلقوا العلاج، بينما المرضى الستة الذين تلقوا الهيدروكسي كلوروكين مع الأزيثرومايسين كان لديهم تأثير أقوى وبشكل ملحوظ في القضاء على الفيروس.

ولكن، أُجريت بعض التجارب الأخرى في الصين على (30) مريضًا، ولم تُظهر نتائجها أي دعم لتلك التجربة الفرنسيّة. ومع ذلك، يدعو الباحثون إلى إجراء المزيد من التجارب. وبالفعل بدأت كلٌّ من نيويورك والبرازيل تجارب سريرية للتحقق من فعالية كلٍّ من الهيدروكسي كلوروكين والأزيثرومايسين في علاج مرضى فيروس الكورونا المُستجد. [4،5]

فلنتعرف أولاً إلى عائلة الماكروليد التي تضم الأزيثرومايسين

تُعتبر عائلة الماكروليد أحد عائلات المضادات الحيويّة، وتتميز مضادات الماكروليد الحيوية بأن لها حلقة لاكتون كبيرة يرتبط بها واحدة أو أكثر من مجموعات السكر منقوصة الأكسجين (Deoxy sugars)، وعادةَ ما يكون سُكر الكلادينوز (Cladinose)، أو سكر الديسوسامين (Desosamine).

اُستُخلِص أكثر من 2000 نوع من الماكروليد من مصادر طبيعية متنوعة مثل: الشعاويات (Actinobacteria) وهي بكتيريا شبيهه بالفطر، والفطريات، والنباتات، والفقاريات. وأغلب الماكروليد المستخدم حاليًا عبارة عن مشتقات كيميائية من الماكروليدات الطبيعية خاصةً الإريثرومايسين (Erythromycin) المُشتق من بكتيريا تٌدعى ال (Saccharopolyspora erythraea). عادةَ ما تحتوي أنواع الماكروليد المضادات الحيويّة على 14 أو 15 أو 16ذرة بحلقة اللاكتون، أما الماكروليدات الأخرى التي لها تأثير مثبط للمناعة تمتلك أكثر من حلقة مختلفة التركيب.

يُعد الإريثرومايسين أول ماكروليد مضاد حيوي، حيث اُكتشف عام (1952). ويحتوي الإريثرومايسين النموذجي على (14)ذرة بحلقة اللاكتون. وهو عبارة عن خليط من المركبات المرتبطة ببعضها وهي: إريثرومايسين (أ وب وج ود) ويُعد أولهم هو أنشطهم كيميائيًا. حيث إن معظم الماكروليدات الحديثة هي عبارة عن جيل ثاني من الماكروليد مُشتق من إريثرومايسن (أ) مثل: الكلاريثرومايسين (Clarithromycin)، والأزيثرومايسين (Azithromycin)، والديريثرومايسين (Dirithromycin)، والروكسيثرومايسين (Roxithromy­cin)، والسبيرامايسين  (Spiramycin)، والجوسامايسين (Josamycin)، والمايديسامايسن (Midecamycin)، والميوكاميسين (Miocamycin)، وغيرها من مركبات الجيل الثاني المٌحسَّنة كيميائيًا عن طريق التعديل في تركيب إريثومايسين (أ). وهناك أيضًا جيل ثالث من الماكروليد مشتق بدوره من الجيل الثاني، وهو يحتوي  على مجموعات الكيتوليد (Ketolides) الكيميائية.

فلنتناول الأزيثرومايسين بشكل تفصيلي

الأزيثروميسين هو مضاد حيوي واسع المدى من ضمن عائلة الماكروليد، تمت الموافقة عليه لأول مرة من إدارة الغذاء والدواء عام (1991). ويرتبط الأزيثرومايسين في تركيبه الكيميائي بالإريثرومايسين، فهو يُعد جزءًا من الفئة الفرعية الأزالايد (Azalide) للماكروليدات، ويحتوي على حلقة لاكتون مكونة من (15) ذرةً ، تُستبدل فيها مجموعة الكربونيل بالموقع (9a) في حلقة الأجليكون اللاسكرية (Aglycone ring) بنيتروجين مرتبط بمجموعة ميثيل؛ والذي يحميها من عملية الأيض (Metabolism)، وهذا ما يميز الأزيثرومايسين عن الماكروليدات الأخرى.

آلية عمل الأزيثرومايسين

يُظهر الأزيثرومايسين نشاطًا كبيرًا ضد البكتيريا سالبة الجرام (Gram‐negative bacteria)، على عكس نشاطه الضعيف ضد البكتيريا موجبة الجرام (Gram‐positive  bacteria) حيث يعمل على وقف النمو البكتيري عن طريق منع عملية تخليق وترجمة البروتينات. وبما أن التكاثر البكتيري ومضاعفاته يحتاجان عملية تخليق بروتيني محددة تتم بواسطة بروتينات الريبوسوم، فإن الأزيثرومايسين يرتبط بالوحدة الفرعية (23S) للحمض النووي الريبوزي الريبوسومي للبكتيريا (50S)، وبهذا تُمنع خطوة تخليق ونقل البروتينات، كما يسبب عائقًا لحركة الببتيدات.

بالإضافة إلى أن الأزيثرومايسين لديه القدرة على التراكم بكميات كبيرة في مكان تواجد البكتيريا الأولي، وخاصةً في السائل الخلالي(interstitial fluid) بين الأنسجة الرخوة. ويكون الأزيثروميسين أيضًا مستقرًا بدرجة كبيرة عند درجة حموضة منخفضة؛ مما يمنحه فترة عمر نصفي(_½t) أطول، و زيادة لدرجة تركيزه بالخلايا. ولهذا تكون جرعته مرة واحدة يوميًا على غير المضادات الحيوية الاخرى التي تزيد جرعتها عن ذلك. [1،2،3]

دواعي استخدام الأزيثرومايسين

لابد أن يستخدم الأزيثرومايسين فقط في منع أو علاج الحالات المؤكد أنها بسبب عدوى بكتيرية؛ حتى لا تزيد مقاومة البكتيريا للمضاد الحيوي وللمحافظة أيضًا على مفعول الأزيثرومايسين، فهو يُستخدم في علاج عدوى الجهاز التنفسي، والالتهابات المعوية، والتهابات الجهاز البولي التناسلي، كما يمكن استخدامه بدلًا من الماكروليدات الأخرى في علاج بعض الأمراض المنقولة جنسيًا.

حيث يستخدم في علاج النوبات الحادة التي تسببها البكتيريا لمرضى الانسداد الرئوي المزمن(COPD) مثل: بكتيريا المستديمة النزلية (Haemophilus influenzae)، والموراكسيلة النزلية (Moraxella catarrhalis)، والعقدة الرئوية (Streptococcus pneumoniae). ويُستخدم أيضًا في علاج التهابات الجيوب الأنفية الحادة، والالتهاب الرئوي الجرثومي المُكتسب من المجتمع، والتهابات البلعوم واللوزتين، وبعض الالتهابات الجلدية، والتهابات الإحليل (Urethritis) والتهابات عنق الرحم التي تسببها بكتيريا المتدثرة (Chlamydia trachomatis) والنيسيرية البنية (Neisseria gonorrhoeae) كما أنه نشط جدَا ضد المتصورة المنجلية (Plasmodium falciparum)، والمتصورة النشيطة (Plasmodium vivax) وبهذا يكون له تأثير قوي في علاج الملاريا. [2،1]

الأعراض الجانبية للأزيثرومايسين

من أكثر الأعراض الجانبية شيوعًا للأزيثرومايسين: الإسهال، والإحساس بالغثيان، والقئ، وألم في البطن، وهناك أعراض أخرى محتملة الحدوث مثل: العصبيّة، وظهور طفح جلدي، والتهابات بالمهبل، وتغير لون اللسان، وطنين بالأذن، وعسر هضم. لكن أخطر الأعراض التي يمكن أن تحدث بسبب الأزيثروميسين: الوذمة الوعائية (Angioedema) وهي تورم في الأنسجة تحت الجلد، والتأثير على وظائف الكبد، واليرقان الركودي (Cholestatic jaundice)، ومتلازمة ستيفنز جونسون (Steven-Johnson Syndrome)، وتغير ضربات القلب بصورة غير طبيعية.

يمكن للمضادات الحيوية مثل الأزيثرومايسين تغيير البكيتريا الطبيعية المتواجدة في القولون، وتحفيز نمو بكتيريا أخرى مثل المطثية العسيرة (Clostridium difficile) والتي تسبب التهاب القولون الغشائي الكاذب (Pseudomembranous colitis)؛ حيث تكون أعراضه عبارة عن: حُمى، وإسهال، و ألم بالبطن. [3]

المصادر:

1. Azithromycin – DrugBank [Internet]. [cited 2020 Apr 1]. Available from: https://www.drugbank.ca/drugs/DB00207#reference-A174175
2. Current Macrolide Antibiotics and Their Mechanisms of Action – Antibiotic Drug Resistance – Wiley Online Library [Internet]. [cited 2020 Apr 1]. Available from: https://onlinelibrary.wiley.com/doi/pdf/10.1002/9781119282549.ch5
3. azithromycin (Zithromax): Potential Combination Drug for COVID-19 Coronavirus? [Internet]. MedicineNet. [cited 2020 Apr 1]. Available from: https://www.medicinenet.com/azithromycin/article.htm
4. What antibiotics kill Covid-19 (coronavirus)? [Internet]. Drugs.com. [cited 2020 Apr 1]. Available from: https://www.drugs.com/medical-answers/antibiotics-kill-coronavirus-3534867/
5. March DL 19, 2020. Coronavirus: Some Clinical Trial Data [Internet]. In the Pipeline. 2020 [cited 2020 Apr 1]. Available from: https://blogs.sciencemag.org/pipeline/archives/2020/03/19/coronavirus-some-clinical-trial-data