الإيبوبروفين يؤدي إلى تدهور الحالات المصابة بفيروس كورونا !

الإيبوبروفين يؤدي إلى تدهور الحالات المصابة بفيروس كورونا !

«تناول مضادات الالتهاب (مثل: الإيبوبروفين والكورتيزول) قد يؤدي إلى تفاقم العدوى، وفي حال كنت تعاني من الحمى فعليك باستخدام الباراسيتامول. أما إذا كنت تستخدم مضادات الالتهاب بالفعل، فعليك باللجوء إلى طبيبك لطلب النصيحة».

كان هذا مضمون التغريدة التي نشرها وزير الصحة الفرنسي (Olivier Véran) صباح يوم السبت الموافق ل14/3/2020 على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. [1]

تَبِع ذلك تغريدة على الحساب الرسمي لمنظمة الصحة العالمية على تويتر في يوم الخميس الموافق 19/3/2020، حيث أفادت التغريدة بأن منظمة الصحة العالمية مدركة للمخاوف التي تدور حول استخدام المصابين بفيروس كورونا للإيبوبروفين، إلا أنها لم تصلها أي تقارير عن آثار سلبية نتجت عن استخدام الإيبوبروفين من الأطباء الذين يعالجون المرضى، وأضافت أنه وفقًا للمعلومات المتوفرة حاليًا فإنها لا توصي ضد استخدام الإيبوبروفين. [2]


وللتعريف بالإيبوبروفين فإنه عقار شائع الاستخدام كمسكن وخافض للحرارة ومضاد للالتهاب تحت مسميات تجارية عدة، وينتمي إلى عائلة مضادات الالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs)، لقراءة المزيد عن هذه العقاقير وآلية عملها أضغط هنا.


أثار هذا البيان خلافًا بين الخبراء، فمنهم من أيد التحذير ضد استخدام الإيبوبروفين، وآخرين انتقدوا هذه التحذيرات ووصفوها على أنها افتراضات غير قائمة على أدلة كافية.

المواقف المتعاكسة وحُجة كل منها

استند تحذير وزير الصحة إلى رسالة نُشرت مؤخرًا في مجلة ( The Lancet Respiratory Medicine) الدورية، تُشير إلى أن مضادات الالتهاب تُعزز إنتاج الجسم لإنزيم موجود على سطح الخلية (خلايا الرئة، والأمعاء، والكلى، والأوعية الدموية)، ويُعرف باسم (ACE2)، والذي يقوم فيروس كورونا باختراق مستقبلاته الموجودة على سطح الخلايا، للوصول إلى داخل الخلية.

بناءً على ذلك، افترض الباحثون أن استخدام الأدوية التي تُحفز الجسم على إنتاج المزيد من هذا الإنزيم سيسمح للفيروس باختراق وإصابة المزيد من الخلايا، مما سيزيد من حدة المرض بدرجة خطيرة ومميتة. [3]

كما أن تحذيره قد نشأ جزئيًا بناءً على الملاحظات المنسوبة إلى طبيبة متخصصة في الأمراض المعدية من جنوب غرب فرنسا، نتيجةً لإبلاغها عن أربع حالات لمرضى صغار مصابين بفيروس كورونا (covid-19) ولا توجد لديهم أي مشاكل صحية، وقد ظهرت عليهم أعراض خطيرة بعد استخدامهم لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) في المرحلة المبكرة من ظهور الأعراض. [4]

وأضاف جان لويس مونتاستروك (Jean-Louis Montastruc)، بروفيسور في علم الصيدلة الطبية والسريرية في المستشفى الجامعي المركزي في تولوز:

«إن هذه الآثار الضارة لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية ليست مفاجئة، فبالنظر إلى نصيحة الوكالة الوطنية لسلامة الأدوية والمنتجات الصحية منذ عام 2019، فقد أُخبِر العاملين بالقطاع الصحي في فرنسا بعدم استخدام الإيبوبروفين في علاج الحمى أو العدوى.»

وهو ما أيده الخبراء في المملكة المتحدة، فقال بول ليتل (Paul Little)، بروفيسور في أبحاث الرعاية الأولية في جامعة ساوثهامبتون:

«إن هناك أدلة جيدة على أن زيادة فترة المرض والتهابات الجهاز التنفسي تُعد من المضاعفات الأكثر شيوعًا لاستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية». [4]

وقال إيان جونز (Ian Jones)، أستاذ علم الفيروسات في جامعة ريدينغ: «إن خصائص الإيبوبروفين المضادة للالتهاب يمكن أن تُضعف جهاز المناعة، مما قد يبطئ عملية الشفاء». وأضاف أنه بناءً على أوجه التشابه بين فيروس كورونا والسارس، فمن المحتمل أن مرض كوفيد-19 يقلل من الإنزيم الرئيسي المسؤول عن تنظيم تركيز الماء والملح في الدم، مما يُساهم في تطور الالتهاب الرئوي كما يحدث في الحالات القصوى، وأشار إلى أن الإيبوبروفين يزيد من تفاقم هذا الأمر بعكس الباراسيتامول». [4]

من الناحية الأخرى، وبجانب تصريح منظمة الصحة العالمية، كتبت أنجيلا راسموسن (Angela Rasmussen) عالمة الفيروسات بجامعة كولومبيا في نيويورك عبر حسابها على تويتر أن التوجيه ضد استخدام الإيبوبروفين غير قائم على دليل كافي، وأنه قائم على مجموعة من الفرضيات التي قد لا تكون صحيحة، وأضافت أن زيادة إنزيم ACE2، لا تعني بالضرورة زيادة عدد الخلايا المصابة، فبجانب ذلك تحتاج الفيروسات إلى بروتينات أخرى في الخلية البشرية لتقوم بالتكاثر. كما أنه حتى في حالة إصابة المزيد من الخلايا، فهذا لا يعني زيادة نسخ الفيروس أو زيادة حدة المرض، فشدة المرض تعتمد على عوامل أخرى، مثل: الوراثة والبيئة والصحة العامة للمريض. [5]

استمر الجدل حول مدى سلامة الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs) في علاج فيروس كورونا بتصريح وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) بأنه لا يوجد حاليًا أي دليل علمي يثبت وجود صلة بين الإيبوبروفين وتفاقم حالات الإصابة بالفيروس، وأشارت بأنها تراقب الموقف عن كثب وستراجع أي معلومات جديدة تصبح متاحة حول هذه القضية، وأضافت أنه عند بدء علاج الحمى والألم الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا، يجب على المرضى وأخصائيي الرعاية الصحية النظر في جميع خيارات العلاج المتاحة بما في ذلك الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيرودية، فلكل دواء فوائده ومخاطره. [6]

نهايةً، فعلى الرغم من عدم وجود أدلة تتعلق بتأثير مضادات الالتهاب على مصابي فيروس كورونا على وجه التحديد، إلا أن هنالك دليل معقول على وجود علاقة بين استخدامها وتطور الآثار الجانبية التنفسية والقلبية الوعائية على حد سواء، وبالتالي يكون الحذر أفضل خيار وهو ما صرح به البروفيسور بول ليتل بعد مراجعته للمنشورات الطبية ذات الصلة. [7]

المصادر:
المصدر الأول 
المصدر الثاني 
المصدر الثالث
المصدر الرابع 
المصدر الخامس 
المصدر السادس
المصدر السابع

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي