تعيش الأرض أيامًا صعبة، تتأثر بها الآن وستؤثر علينا -نحن البشر -إلى الأبد!
الاحتباس الحراري لم يعد مجرد كلمة تزعج أسماعنا، بل أصبح وضعًا مزريًا لكل كائن حي وحتى الجماد الموجود على كوكب الأرض.
ما هو الاحتباس الحراري؟ وما أضراره عليك وعلى الكوكب الذي تعيش فيه! هذا ما سنتعرف عليه في جولة شديدة الأهمية مليئة بالأرقام والإحصائيات!
ما هو تاريخ الأرض قبل وأثناء الاحتباس الحراري؟
على مدى السنوات الخمسين الماضية، ازداد متوسط درجة الحرارة بأسرع معدل في التاريخ. ويرى الخبراء أن هذه الزيادة تتسارع بشكل كبير، فقد حدثت طفرة كبيرة في درجة حرارة الكوكب منذ عام 2000 حيث مر على الكوكب أكثر 16 سنة ساخنة على مر التاريخ.
كما أن مناخ الأرض قد تغير عبر التاريخ. خلال الـ 650 ألف سنة الماضية، كانت هناك سبع دورات من العصور الجليدية المتزايدة والمنخفضة، مع نهاية مفاجئة لآخر عصر جليدي منذ حوالي 7000 سنة، وهذه النهاية كانت بداية العصر المناخي الجديد والحضارة الإنسانية. تعزى معظم هذه التغيرات المناخية إلى تغيرات صغيرة جدًا في مدار الأرض تؤدي إلى تغيير كمية الطاقة الشمسية التي يتلقاها كوكبنا.
يقوم علماء المناخ بدراسة البيانات المتجددة، فقد أجمعوا على أن التغيرات المناخية المرتبطة بالاحتباس الحراري هو أن متوسط درجة حرارة الأرض قد ارتفع بين 0.4 و 0.8 درجة مئوية خلال المائة عام الماضية.. يُعتقد أن زيادة حجم ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الوقود الحفري، وتطهير الأراضي، والزراعة، والأنشطة البشرية الأخرى، هي المصادر الأساسية للاحتباس الحراري الذي حدث خلال السنوات الخمسين الماضية. توقع علماء من الفريق الحكومي الدولي المعني بالمناخ الذي يجرون أبحاث الاحتباس الحراري أن متوسط درجات الحرارة العالمية يمكن أن يزداد بين 1.4 و 5.8 درجة مئوية بحلول عام 2100. قد تشمل التغيرات الناجمة عن الاحتباس الحراري ارتفاع مستوى البحر بسبب ذوبان الجليد القطبي، فضلًا عن زيادة في شدة العواصف وغيرها من الأحوال الجوية القاسية.
تأثير البيت الزجاجي (Greenhouse effect)
هو الاحتباس الحراري الذي يحدث عندما تعوق بعض الغازات في الغلاف الجوي الحرارة النافذة للأرض. تسمح هذه الغازات (ثامي أكسيد الكربون وغيره) بالضوء لكنها تمنع الحرارة من الهروب، مثل الجدران الزجاجية للبيت المصنوع من الزجاج.
كيف تتم هذه العملية؟
أولاً، تسطع أشعة الشمس على سطح الأرض، حيث يتم امتصاصها، ثم تشع في الغلاف الجوي كحرارة. تحبس هذه الغازات (الدفيئة) بعضًا من هذه الحرارة، ويهرب الباقي إلى الفضاء. وكلما ازدادت كمية الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، كلما ازدادت حرارتها.
لقد عرف العلماء عن ظاهرة الاحتباس الحراري منذ عام 1824، عندما حسب جوزيف فورييه (Joseph Fourier) أن الأرض ستكون أكثر برودة إذا لم يكن لديها غلاف جوي. هذا التأثير (الاحتباس الحراري) هو ما يحافظ على مناخ الأرض ويجعله قابلاً للحياة فيه. بدونه، ستكون حرارة سطح الأرض أكثر برودة بمتوسط 60 درجة فهرنهايت.
في عام 1895 ، اكتشف الكيميائي السويدي سفانتي أرهينيوس (Svante Arrhenius) أن بإمكان البشر تعزيز تأثير الاحتباس الحراري عن طريق صنع ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز فعال في الاحتباس الحراري والاحتفاظ بحرارة الشمس. لقد تغيرت مستويات غازات الاحتباس الحراري (GHG) صعودًا وهبوطًا على مدى تاريخ الأرض، لكنها كانت ثابتة إلى حد ما خلال الألف سنة الماضية. بقي متوسط درجات الحرارة العالمية ثابتًا إلى حد ما خلال ذلك الوقت أيضًا، حتى وقت قريب. يزيد البشر من شدة الاحتباس الحراري ورفع درجة حرارة الأرض عن طريق حرق الوقود الحفري وغيره من انبعاثات الغازات الدفيئة.
تغير مناخ أم احتباس حراري؟
غالبًا ما يستخدم العلماء مصطلح «تغير المناخ» بدلاً من ارتفاع درجة حرارة الأرض أو الاحتباس الحراري. ويرجع هذا إلى أن متوسط درجة حرارة الأرض يرتفع، وتحرك الرياح وتيارات المحيط والحرارة حول العالم بطرق يمكنها تبريد بعض المناطق، وتدفئة مناطق أخرى، وتغيير كمية الأمطار والثلوج المتساقطة. نتيجة لذلك، يتغير المناخ بشكل مختلف في مناطق مختلفة.
ما هي آثار الاحتباس الحراري على الأرض؟
1- ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم.
ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الكوكب نحو 1.62 درجة فهرنهايت (0.9 درجة مئوية) منذ أواخر القرن التاسع عشر، وهو تغير مدفوع إلى حد كبير بزيادة ثاني أكسيد الكربون وغيره من الانبعاثات البشرية في الغلاف الجوي. معظم الاحتباس الحراري حدث في الـ 35 سنة الماضية، ذلك مع أكثر خمس سنوات دفئًا على الإطلاق منذ عام 2010.
لم يكن عام 2016 هو العام الأكثر دفئًا فقط، ولكن ثمانية أشهر من 12 شهرًا التي تشكل السنة -من يناير وحتى سبتمبر، باستثناء يونيو- كانت الأكثر دفئًا على الإطلاق!
2- ارتفاع درجة حرارة المحيطات.
تمتص المحيطات الكثير من هذه الحرارة المتزايدة، حيث أظهر أعلى 700 متر (حوالي 2.300 قدم) من المحيط ارتفاعًا في درجة حرارة 0.302 درجة فهرنهايت منذ عام 1969.
3- تقلص المسطحات الجليدية.
وانخفضت المساحات الجليدية في جرينلاند والقطب الجنوبي. وتظهر البيانات في وكالة ناسا أن جرينلاند خسرت في المتوسط 281 مليار طن من الجليد سنويا بين عامي 1993 و 2016، في حين فقدت القارة القطبية الجنوبية حوالي 119 مليار طن خلال نفس الفترة الزمنية. وقد تضاعف معدل فقدان كتلة الجليد في القارة القطبية الجنوبية ثلاث مرات في العقد الأخير!
4- نقص الغطاء الثلجي.
تكشف ملاحظات الأقمار الصناعية أن كمية الغطاء الثلجي الربيعي في نصف الكرة الشمالي قد انخفضت على مدى العقود الخمسة الماضية وأن الثلج يذوب أكثر من أي وقت سابق.
5- ارتفاع مستوى سطح البحر.
ارتفع مستوى سطح البحر العالمي حوالي 8 بوصات في القرن الماضي. ويعادل هذا المعدل في العقدين الأخيرين ضعف ما كان عليه في القرن الماضي.
6- تدهور جليد البحر القطبي الشمالي.
7- زيادة حموضة المحيطات.
منذ بداية الثورة الصناعية، ازدادت حموضة مياه المحيط السطحي بنحو 30٪ هذه الزيادة هي نتيجة لسلوك البشر الذي يقوم بتوليد كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ومن ثم يتم امتصاصه في المحيطات. تتزايد كمية ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها الطبقة العليا من المحيطات بحوالي 2 مليار طن في السنة.
وتتوالى الكوارث البيئيية، حيث تتراجع الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم تقريبًا -بما في ذلك جبال الألب والهيمالايا والأنديز وروكييز وألاسكا وأفريقيا- ولذلك لابد لنا من وقفة للحفاظ على كوكبنا من الضياع، وإلا فأين نذهب؟!
إعداد: شيماء عفيفي
مراجعة علمية: ولاء شعبان
تدقيق لغوي: أميرة إسماعيل
المصادر: