البحث عن الهوية والذات

البحث عن الذات

من أنا؟ وما دوري في هذا العالم؟ وهل يتقبلني الآخرون؟

لو بدت تلك الأسئلة مألوفة، فذلك ربما لأنها جزءٌ من حياتك كمراهق. حتى البالغين يتذكرون كم كانت تلك الفترة صعبة؛ ما بين الدراسة، والأصدقاء، والعائلة، والضغوط النابعة من المسؤوليات، والرغبة المتزايدة لنيل التقدير والحرية. لكن خلال تلك المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى المراهقة تكمن معضلة إيجاد الذات. هي مشكلةٌ غريبة، ومشتِّتة، ومرهِقة في بعض الأحيان وتؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس.

تعريف الهوية

الهوية هي مجموعة من الصفات والتصرفات التي تجعل الفرد فريدًا عمَّن حوله. هي مجموعة من أفعالك، ومواهبك، ونقاط قوتك، وشغفك، هي ما تحب، وما تهتم به.[3]

هي فرضية قوية في كثيرٍ من الكتابات والنصوص الأدبية، ربما لأن الكاتب يحاول تكوين شخصياتٍ مختلفة بهويات متنوعة.

لحسن الحظ، يحتوي الأدب الشبابي على العديد من الروايات التي تناقش الهوية كموضوع أدبي. حقيقةً، يوجد الكثير، حتى إنَّه من الصعب اختيار رواية واحدة كمثال، ولكن بدلًا من ذلك، سوف نلقي نظرةً واسعة على وجهات النظر المختلفة التي اُستعرِضَ فيها موضوع الهوية.

الهوية اختيارٌ مُعقَّد

في كثيرٍ من الروايات يعلم البطل أنه حرٌّ في اختيار من يكون، وهو ما يبدو رائعًا حتى يدرك مدى صعوبة هذا الاختيار. ربما يريد إظهارَ صفةٍ يعشقها مثل الشفقة، أو القوة، أو الأمانة، ولكنه يجد صعوبةً في فعل ذلك، أو أنه قام باختيارٍ سيئ في الماضي ويتطلع أن يصبح شخصًا أفضل. فعندما يشاهد البطلُ البالغين كوَّنوا شخصياتهم المستقلة فإنه يشعر بالتعقيد.
في النهاية عندما ترى نتاج جمع كل طبقات شخصيته المشتتة نتيجة اختياراته فإن تلك العملية تلهم القُرَّاء الشباب، وتعلِّمهم أنَّ كل المراهقين -في الواقع أو الروايات- يتطلعون لفهم هويتهم، وعندما يصلون لها تكون هذه المعرفة مُقوِّية ومُحفِّزة لأبعد الحدود.[1]

تقبَّل نفسك

التوافق الشخصي يمكن أن يكون صراعًا ملحميًّا لكل المراهقين. ظروفهم في المنزل أو في الدراسة تجعل من الصعب مشاركة أزماتهم النفسية بمختلف أشكالها.
الشخصيات -في الرواية- التي تعاني من الاكتئاب أو التوتر الاجتماعي وغيرها من الاضطرابات النفسية يلجؤون إلى العزلة خوفًا من الرفض، على الرغم من رغبتهم في التواصل. تلك الشخصيات لا تُخفي هويتها، ولكن تسعى للحصول على القبول من المجتمع، ومن ذاتهم، وتعلم كيف تكون في توافق مع الذات.
القُرَّاء الشباب يكوِّنون روابطَ مع تلك الشخصيات التي تشاركهم أزماتٍ مماثلة؛ الأمر الذي يوضح لهم أن بإمكانهم هم أيضًا العثور على طريقهم الخاص.[1]

السقوط في أزمة الهوية

بعض الروايات تستعرض توابع أن تكون الشخصية مشتتة بين حقيقة من تكون، وما يرغب غيره أن يراه.
في بعض الأوقات تتحكم المواقف التي تتعرض لها الشخصية في الصفات التي يجب أن تظهرها في تلك اللحظة، وفي أوقاتٍ أخرى، تقديم الدعم للآخرين أو المجتمع بشكلٍ عام يُجبر البطل على التأقلم بطرق غير مريحة، لأن هذه الأفعال والتصرفات لا تتماشى مع قناعاتهم الشخصية. النتيجة عادةً تكون صراعًا داخليًّا أليمًا مع العديد من التساؤلات مثل: «هل انا شخصية جيدة؟ أو لماذا لا أستطيع أن أكون على طبيعتى؟».
المراهقين يمكنهم تفَهُّم تلك الأزمة، فهم يواجهونها في حياتهم الشخصية، حيث يكونون مفرَّقين بين ما يريده آباؤهم، أو أصدقاؤهم وبين حقيقتهم.[1]

إخفاء حقيقة من تكون

واحدة من المواقف الشائعة هي إخفاء الهوية. خاصة في بعض روايات الخيال التاريخي، حيث ترتدي الفتيات مثل الأولاد للحصول على التعليم، وبعض المميزات الأخرى التي يُحرمون منها بسبب جنسهم.
بعض الأحيان يلجأ الأبطال للكذب بخصوص اسمهم، أو مكان ميلادهم، أو ديانتهم لتجنب الاضطهاد، وحماية أنفسهم، وذويهم. بغض النظر عن السبب تلك الشخصيات يتم إجبارها لإخفاء جزء من هويتها التي يعتبرها المجتمع غير مقبولة. هذا يعقِّد رحلتهم في فهم واكتشاف شخصيتهم الحقيقية، وربما يؤدي إلى شعورٍ بالعزلة، والخوف. إذا ارتبط القارئ مع تلك الشخصيات، وتعاطف معهم، فعلى الأغلب أنه متشوق لمعرفة كم من الوقت يمكنهم إخفاء تلك الأسرار؟ فهو لديه أيضًا أسراره الخاصة.[1]

استكشاف ذاتك

اكتشاف هويتك يتطلب مزيجًا من كل وجهات النظر المذكورة. فعندما تقرأ واحدةً من الروايات التي تناقش موضوع الهوية، ربما تلاحظ أنها تستعرض أكثر من وجهة نظر.

مثل باقي الموضوعات، تتطلب الهويةُ أساليبًل متنوعةً لإظهار التحديات المختلفة التي تواجه الشخصية.

رواية (المختلف-Divergent) كمثال، تتحدث عن مجتمعٍ مقسم إلى خمس جماعات، وتُظهر الرواية رحلة البطلة (تريس-Tris) في إيجاد ذاتها بعيدًا عمَّا يفرضه عليها المجتمع. رحلة تريس لا تقتصر فقط على إيجاد ذاتها، فهي تشعر غالبًا أنها حبيسة توقعات زعمائها، وهو ما يعكس وجهة النظر الثالثة (السقوط في أزمة الهوية). كذلك يجب عليها إخفاء حقيقة كونها مختلفة عن باقي المجتمع، وهو ما يعكس وجهة النظر الرابعة (إخفاء حقيقة من تكون).[4]

من الممكن أن يكون المراهق عرضة لأكثر من موقف في حياته الشخصية، فموضوع اكتشاف الهوية متشابك.[1]

الهوية تُحدَّد من الداخل وليس من الخارج. معظم الناس يحكمون عليك بما هو ظاهرٌ بناءً على لونك، أو ديانتك، أو بيئتك كل تلك العوامل الخارجية التي تجعلك تعتقد أن هذه هي حقيقتك. إذا كنت غير قادر على فهم ما يدور في داخلك، أو كنت تفتقد ذلك الأساس الباطني فإنه من الصعب تحديد من تكون، لأنك لم تبدأ بعد، فالبداية تكون من داخلك.[2]

 

المصادر:

1

2

3

4

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي