لقد اعتدنا على أن نرى روبوتات تتميز بردود أفعالها السريعة جدًا، الأسرع بكثير من البشر، ويجب أن نعرف أن ما يجعلها بهذه السرعة الفائقة ليست فقط المحركات عالية السرعة، حيث أن أنظمة الإدراك والتحكم الخاصة بالروبوتات تعمل بكفاءة تفوق تلك التي تعمل بها أدمغتنا وأنظمتنا العصبية، ويعني هذا أنه يمكننا تسريع ردود أفعالنا -أي الاستجابة لمؤثر خارجي في أقل وقت ممكن- إذا سمحنا لروبوت بالتحكم في عضلاتنا، وهو شيء ليس من الصعب القيام به.
كل ما يتطلبه الأمر هو القيام ب(تحفيز العضلات كهربيًا-EMS-electrical muscle stimulation) والذي يعني استخدام أقطاب كهربية على شكل ضمادة (electrode pads)، ولصقها على الجلد لعمل صدمة كهربية خفيفة للعضلات، مما يؤدي إلى انقباضها، كما يمكن تقليل الوقت اللازم لحدوث رد الفعل بإضافة أجهزة استشعار لنظام الــ(EMS)، لأنه عند الحديث عن القدرة على تحفيزأوتحريك عضلاتك بسرعة، فإن نظام الــ(EMS) يكون في الحقيقة أسرع بكثير من عقلك.
لكن يجب القول إنك ياصديقي قد سلّمت إرادتك الحرة إلى جهاز كمبيوتر يجبرك على التحرك حينما يشاء، أو في قولٍ أخر، أنت ستصبح دمية للروبوت!
حسنًا، قد لا تكون هذا الصفقة الرابحة التي كنت تنتظرها، لكن، ولهذا السبب بالتحديد، يعمل باحثون من شركة (SONY) وجامعة شيكاغو على تطوير نظام الــ(EMS) ليجعل ردود أفعالك أسرع بشكل ملحوظ لكن مع الحفاظ شعورك بأنك تقوم بهذه الأشياء بنفسك.
تبلغ مدة رد الفعل المعتادة للإنسان حوالي 250 مللي ثانية، مما يعني أن الأمر يستغرق حوالي ربع الثانية بعد أن ترى شيئًا ما لتقوم برد فعل تجاهه جسديًا. قام الباحثون بتقسيم هذه المدة حيث أوضحوا أن إدراكنا الواعي للقرارات وردور الأفعال يستغرق حوالي 200 مللي ثانية حتى يظهر، بصيغة أخرى، عقلك يحتاج إلى 200 مللي ثانية لتحويل المدخلات الحسية إلى قرار ورد فعل -مثل تحريك العضلات- ثم حوالي 50 مللي ثانية للقيام بهذا القرار ورد الفعل.
ويشير الباحثون إلى أن هذه الفجوة التي يبلغ طولها حوالي 50 مللي ثانية – المدة بين اتخاذ القرار والقيام به – هي نافذة يمكنهم استغلالها لجعل البشر يتفاعلون بسرعة أكبر، مع المحافظة على شعورهم بأن القرار ورد الفعل الذي يقومون به يخضع لسيطرتهم.
نرى في مقطع الفيديو في الأسفل عدد من التجارب التي تُظهر إمكانية تسريع رد الفعل بشكل مفيد، لكن دون التقليل من شعور المستخدِم بالتحكم أو السيطرة. واتضح أنه يمكن تقليل الزمن الكلي اللازم لحدوث رد الفعل حوالي 80 مللي ثانية كاملة مع نظام الــ(EMS) المُطُور هذا، مع الحفاظ بالطبع على إحساس المستخدم بالسيطرة، وهو على مايبدو أنه أصبح معيار النجاح والفشل في هذه التجارب.
الجانب السلبي لنظام الــ(EMS) المُطَور هو أنه ليس مُعممًا، فهو يعمل فقط إذا كان ما تريده متوافقًا مع ما يريده النظام، أي طالما أنك تحاول القيام بنفس الشيء الذي قد تم تصميم(EMS) للقيام به، فسوف يعمل نظام الــ(EMS) بكفاءة، لكنه سيكون أمرًا سيئًا للغاية إذا غيرت رأيك في آخر مللي ثانية مثلًا، لأن عضلاتك ستتحرك على أي حال.
قال عدد من المشاركين في هذه الدراسة للباحثين بعض الأشياء مثل: «لقد شعرت بنظام الـ(EMS)، لكن أعتقد أنني مازلت أتحكم في إصبعي». من هنا يمكن القول أن هذا البحث يوضح -بشكل أو بآخر- كيفية التلاعب بالقناعات الشخصية، كما يوضح أيضًا أنه يمكن إيجاد طريقة لجعل الناس يعتقدون بأنهم يسيطرون على الوضع حتى عندما لا يكونون كذلك، لأن المشاركين في الدراسة بالطبع لم يتحكموا بأصابعهم.
هذا البحث في الحقيقة مفيد جدًا، لأنه، صدقًا، من الذي لا يريد ردود أفعال خارقة مثل سوبرمان؟ الناس -مستقبلًا- سيتفاعلون أكثر مع الروبوتات بشكل متكرر، سواء كان ذلك في أماكن العمل أو في المنازل، ومع تقدمنا في العمر، فإن الروبوتات بالتأكيد سيكون لديها القدرة على مساعدتنا في الحفاظ على صحتنا لفترة أطول.
الهياكل الخارجية الروبوتية مثلًا، وهي هياكل دعم ميكانيكي خارجية -عبارة دروع معززة بالطاقة- يمكن ارتداؤها، تعمل على تعزيز الأداء البشري عن طريق زيادة القوة والتحمل والقدرات البدنية الأخرى للأفراد، وتُستخدم لمساعدة الأشخاص على رفع أو حمل الأشياء الثقيلة مثلًا(2)، نجد أن هذه الهياكل الخارجية في المستقبل القريب يمكن أن تحل بدلًا من كراسي المقعدين المتحركة، وعندما نستخدمها في مساعدتنا على المشي، سيكون من الرائع حقًا أن نشعر حينها بأننا نحن الذين نسيطر على أجسامنا!
المصادر:
المصدر الأول
المصدر الثاني
ترجمة: محمد يوسف
مراجعة علمية: محمد رضا
تدقيق لغوي: رنا السعدني
تحرير: هاجر عبد العزيز