التسويق عبر المؤثّرين: 4 أنواع تؤثر على مستقبل الاقتصاد العالمي

التسويق عبر المؤثّرين

يعتبر «التسويق عبر المؤثّرين» من أحدث وسائل الترويج والإعلان المستخدمة في وقتنا الحالي، حتى يمكن اعتباره ثورة حقيقيّة في عالم الترويج والإعلان الدوليّ المعاصر. إذ أصبحت طرق الترويج والإعلان المسموعة والمرئية التقليديّة التي كانت فعّالة في الماضي، غير فعّالة بدرجة كبيرة مقارنة بالتسويق عبر المؤثريّن.

فمع ظهور مجموعة من الأفراد «المؤثّرين» الذين لديهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتميز بوجود عدد كبير من المشتركين والمتابعين الذين يتأثرون بهم ويقلدونهم، ظهرت فكرة التسويق عبر المؤثّرين، وبدأت شركات التسويق بالاستفادة منهم ومن شبكاتهم الكبيرة واستخدامها في الترويج والإعلان لإيصال رسالتهم التجاريّة إلى المستهلكين من خلال هؤلاء المؤثّرين دون اللجوء إلى استخدام الإعلان المباشر، وبدأوا في إطلاق حملات الإعلان والترويج عبر المؤثّرين، وظهر ما يُعرف باسم «المؤثّرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي» (Social Media Influencer)، كطريقة جديدة في التسويق، كان لها صدى كبير وآثار اقتصاديّة كبيرة انعكست على المؤثرين والشركات والمتابعين لهم.

 فما هو التسويق عبر المؤثّرين؟ وما آثاره الاقتصادية؟

تعريف التسويق عبر المؤثّرين

التسويق عبر المؤثّرين كمفهوم تسويقي ليس بمفهومٍ جديدٍ على الإطلاق، فلسنوات عديدة كانت الإعلانات التجاريّة المرئية والمسموعة تختار أحد الأشخاص المشاهير للإعلان عن منتجاتهم، وكان لهم تأثير تسويقي كبير على المستهلكين، حتى اعتبر التسويق عبر المشاهير من أول أشكال التسويق عبر المؤثّرين التي يستثمر فيها المسوقوّن أفرادًا مؤثرين يتم اختاريهم لإنشاء إعلانات تجاريّة تستخدم للترويج لعلامات التجاريّة، تُوَجّه نحو متابعي المشاهير أو المؤثّرين، وذلك بهدف ربط محتوى العلامة التجاريّة بالمحتوى الذي ينتجه المؤثّرين للاستفادة منهم في جذب المستهلكين.

أما التسويق عبر المؤثّرين عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ كشكل جديد للتسويق، فيعتمد على صفحات المؤثّرين على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يتم اختيار أشخاص مؤثرين غالبًا ما يكونوا من مشاهير المطربين، أو لاعبي الرياضة، أو ملكات الجمال، أو عارضات الأزياء، أو مذيعي البرامج، أو مشاهير المدونيّن، أو المصوّرين المتميّزين وغيرهم، الذين تكون أعداد متابعيهم كبيرة، تستفيد شركات التسويق منها وتستخدمها في الترويج لعلاماتها التجاريّة عبر إعلانات تجارية تنقل عبر تلك الصفحات، لما لها من تأثير مباشر على متابعيهم. حتى يمكن القول بأنها أكثر فاعلية في تحقيق أهداف التسويق وفي التأثير على المستهلكين من طرق الترويج والإعلان التقليدية.

 ومن المتوقع أيضًا أن يزداد دور التسويق عبر المؤثّرين في المستقبل، فهناك العديد من الشركات التي تعمل على تطوير استراتيجياتها التسويقية للاستفادة من هذه الاستراتيجية الجديدة. وهناك اتجاهات متزايدة نحو استخدام هذا الأسلوب في الترويج في وقتنا الحاضر، تستخدمه العديد من الشركات في الترويج لمنتجاتها وخدماتها، وهناك شركات أخرى ترغب في استخدامه وتبحث عن المؤثر أو المؤثّرين المناسبين للترويج لمنتجاتها في المستقبل.

 

أنواع المؤثّرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي

اختيار المؤثر أو المؤثرين للتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس بعملية سهلة، كما أنه يتخذ أشكالًا متعددة وله أربعة أنواع تعتمد على عدد متابعي المؤثرين.

 فيما يلي الأنواع الرئيسية الأربعة للمؤثّرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

النوع الأول: المؤثّرون الكبار (Mega-influencers)، ويشمل اختيار مؤثرين من مشاهير النجوم الاجتماعيين البارزين الذين لديهم أكثر من مليون مشترك. الذين يكونون مشهورين في العالم الحقيقي في مجال الرياضة، أو الأزياء، أو الصحافة والإعلام، بحيث يتم توظيف شهرتهم في الإعلان عن المنتجات ذات العلامة التجاريّة عبر صفحاتهم لإيصال رسالة عن المنتج عبرهم إلى أكبر عدد من المتابعين.

النوع الثاني: المؤثّرون المتوسطون (Macro-influencers)، ويشمل اختيار المؤثّرين الذين يتراوح عدد متابعيهم ما بين 100000 ومليون متابع. ويتميزون بأن لهم قدرة عالية في تغطية واستهداف سوق معين، بالإضافة إلى امتلاكهم جودة في المحتوى وقدرة كبيرة على الانفتاح والتعاون مع المستهلكين.

النوع الثالث: المؤثّرون الصغار (Micro-influencers)، ويشمل اختيار المؤثّرين الذين لديهم ما بين 1000 إلى 100000 متابع. وبالرغم من صغر عدد متابعيهم إلا أنهم يتميزون بأصالة عالية ولديهم قدرات على التأثير أكبر من غيرهم، بحيث يستطيعون توفير معلومات قيّمة لجمهورهم الصغير نظرًا لمستوى الثقة والمشاركة التي يحظونها من متابعيهم. كما أن انخفاض تكلفة التسويق عبرهم، ترغب الشركات في استخدامهم، لذلك فإنه من المربح لبعض العلامات التجاريّة الاعتماد على إعلانات تستخدم العديد من المؤثّرين الصغار بدلًا من الاتصال بجمهور سلبي من «النجوم».

النوع الرابع: المؤثّرون متناهو الصغر «النانو» (Nano-influencers)، وتشمل هذه الفئة أشخاص لديهم أقل من 1000 متابع، ولكنه يمتلك تأثيرًا هائلًا في مجتمع خاص. ومن أشهر الأمثلة عليهم، أن يكون المؤثر النانويّ هو الشخص الأكثر مصداقية في حي معين أو منطقة معروفة. غالبًا ما تبدو إعلاناتهم وكأنها نصائح وديّة، نتيجة لذلك يتمتعون بأعلى مستوى من المتابعة والمشاركة، لكن نسبة التغطية لتأثيرهم ليست كبيرة ومحدودة في فئة صغيرة من متابعيهم.

ولكل نوع ميزة خاصة به تميزه عن غيره ولا يمكن الجزم بأفضلية نوع عن آخر، فقد لا تستفيد بعض الشركات من اختيار التسويق عبر المؤثّرين الكبار في الترويج لبعض المنتجات أو العلامات التجاريّة، لأنهم قد يكونون معروفين، لكن ليس لديهم ذلك التأثير الكبير على سلوك البشر، لأن الشهرة موضوع يختلف تمامًا عن الاحترام، وليس بالضرورة أن يقتنع جميع الناس بالترويج لعلامة تجارية لأن الشركة المعلنة استخدمت «مؤثرين كبار»، فقد يكون المتابع لا يحترمهم بدرجة كافية تدفعه لشراء المنتجات التي يعلنون لها.

ومن الخطأ أن يعتقد البعض أن المؤثر النانويّ له تأثير ضئيل في الترويج للمنتجات، بسبب صغر حجم متابعيه. فهناك العديد من التجارب الواقعية التي استخدمت مؤثرين «نانو» أثبتت أنهم أفضل الأشخاص للإعلان عن العلامة التجاريّة في هذا المكان الضيق أو المحدد التي تستهدفه. والعكس صحيح، ولكن في جميع الأحوال فإن نمط التسويق التقليديّ عبر الإعلانات التقليديّة قد تغيّر بالفعل، وأصبح التسويق عبر مؤثريّ وسائل التواصل الاجتماعيّ على اختلاف شهرتهم وأعداد متابعيهم ذو أثر كبير دفع الشركات للاتجاه إليه لتحقيق أهدافها، مما سيغيّر من شكل الاقتصاد العالميّ في المستقبل نحو مزيد من الاعتماد على صناعة التسويق عبر المؤثّرين.

استراتيجيات التسويق عبر المؤثّرين 

هناك العديد من استراتيجيات التسويق التي تركز على التسويق عبر المؤثّرين، والتي تعتمد بالأساس على اختيار المؤثر؛ مدونًا كان أو يوتيوبرًا، أو مطربًا مشهورًا، أو لاعب كرة قدم، أو رياضيًا، أو مذيعًا، أو أي نمطٍ من الشخصيات التي تحظى بعدد كبير من المتابعين، ومن ثم التعاقد معه للترويج لمنتج أو فكرة بدلًا عن استخدام طرق الإعلانات التقليديّة التي ضَعُف تأثيرها. بحيث يتم التعاقد معه على الترويج لفكرة ما مقابل حصوله على مبالغ هائلة تُسمى بالدخول الريعيّة، التي غالبًا ما تكون أكبر بكثير من التكاليف الحقيقيّة للإعلان.

لقد أصبح للتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي المدفوع مخصصًا لا يستهان به في ميزانية التسويق والإعلان الخاصة للشركات التجاريّة التي ترغب في الترويج لمنتجاتها، تدفع من خلاله مبالغَ طائلة لمؤثر أو المؤثّرين ممن يعتبرون من «قادة الرأي عبر الإنترنت»، ليقوموا بدمج معلومات عن المنتج أو العلامة التجاريّة في محتواهم الذين ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بهدف الترويج لها والتأثير على متابعيهم والتسويق لهذه المنتجات، كبديل فعّال ومنافس قويّ ومباشر لأدوات التسويق التقليديّة. وبالإضافة إلى هذا التغير في نمط التسويق، فقد أصبح المستهلكون لا يثقون في إعلانات العلامات التجاريّة التقليديّة، ويفضلون التسويق المباشرة عبر المؤثّرين لأنه تسويق يتم مباشرة من المؤثر إلى المستهلك، أو من نظير إلى نظير (من المؤثر إلى المستهلك) دون وسيط أو معيق.

بالإضافة إلى ذلك فقد أشارت الدراسات التسويقيّة في الوقت الحاضر إلى أن هناك ما يقرب من (75%) من المؤثّرين المتخصّصين في التسويق على وسائل التواصل الاجتماعيّ، الذين يستخدمون للتسويق للمنتجات والعلامات التجاريّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي كأحد أساليب الترويج الحديثة للشركات. كما أن هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تدرس فعّالية التسويق عبر المؤثّرين واتجاهاتها المستقبلية على الاقتصاد المحليّ والعالميّ وعلاقتها بزيادة المبيعات وتحقيق الأرباح للشركات. والتي أشارت إلى تنامي دور التسويق عبر المؤثّرين كاستراتيجية للتسويق الرقمي الأكثر فعاليّة للشركات، فبالرغم من كبر حجم التكاليف التي تدفع للمؤثرين كدخول ريعيّة ضخمة تتعدى الملايين في معظم الأحوال، إلا أن العائد الاقتصاديّ المترتب عليها أكبر بكثير من هذه التكاليف.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي