التوحد – الجزء الثاني

التوحد_2

التوحد

التوحد – الجزء الثاني

إن التوحد حالة مثيرة بالفعل، وقد تجد أساطير في أغلب الثقافات تتحدث عن حالات تتفق في توصيفها الروائي مع أعراض التوحد. فمثلاً الحكايتين القادمتين تأتيان أصلاً من ثقافتين مختلفتين تماماً، ولكنهما تتمركزان حول السذاجة والاتباع الحرفي الزائد للكلام -وهي صفات مميزة ضمن أعراض التوحد- الحكاية الأولى تأتي من الهند:

  1. ذات يوم وقع طفل أبله في الحب الشديد بفتاة، فذهب إلى أمه وسألها عن كيفية إيقاع فتاة في شباك حبه، فقالت له: اجلس عند البئر، حتى إذا جاءت لتشرب، ارمها بحصاة. فذهب الفتى ورماها بحجر كبير شق رأسها، فالتفت الناسُ إليه ليقتلوه، ولكن حينما شرح لهم الأمر، أجمعوا على أنه الأكثر حماقة في العالم. من الأساطير الهندية (Kang & kang 1988).
  2. القصة الثانية تأتى من مالطا:
    كان يوجد طفل اسمه جاهان يعيش في إحدى القرى، و في يوم الأحد أرادت أمه أن توقظه للذهاب إلى الكنيسة، لكن جاهان لم يحب الاستيقاظ الباكر هذا، فأخبر أمه أنه سيبقى ولن يذهب هذا الأحد، أخبرته أمه أنه ما إذا غير رأيه وأراد اللحاق بها فعليه أن يغتسل ويرتدي ثيابه ويخرج وأن يجذب الباب بعد خروجه. ولك أن تتخيل باقى القصة عزيزى القارئ، وأن جاهان قد نزع الباب وجره في الشارع ثم دخل به الكنيسة وسط ذهول البعض واستنكار وضحك الآخرين عندما قالت أمه:بحق الأرض ما هذا؟ فأجاب وبراءة الطفل في عينيه: ألم تخبرينى أن آخذ الباب خلفي!. من أساطير «أطفال استراليا في العالم» (smith 1979).

هذه الحكايات تفصح عن أن التصرفات الغريبة والساذجة للأطفال المصابين بالتوحد قد أتت من ثقافات مختلفة وبالتالى فالحالة ليست متمركزة في بؤرة بعينها. هذا يبدو عادياً. ولكن المثير حقاً هو أن محور هذه القصص هم الذكور، فالحالة فعلاً تم تشخيصها في الذكور عن الإناث بنسبة اثنين إلى واحد أى الضِعف. و لكن لماذا هذا التفاوت في النسبة والذي يقول عنه البعض أنه قد يصل إلى 16 في الذكور إلى واحد في الإناث؟ هل لأسباب جينية فقط أم أن هناك خطبٌ آخر؟

الحقيقة أن الأمر بسيط، فالأطفال الذكور أكثر غرابة حين لا يلعبون ولا يفسدون الأشياء مقارنةً بالأطفال الإناث المعروفين بالهدوء النسبي. ولكن المفاجأة حين أشار «مركز لورنا وينج لمجتمع التوحد الوطني» أنه تم التركيز على جميع الأعراض المصاحبة للحالة، فتم اكتشاف أن تشخيص الفتيات والسيدات بالتوحد في ازدياد كبير، وأن ما يُشاع عن النسب الكبيرة لدى الذكور ما هو إلا انحراف تاريخي بسبب إهمال فحص المرأة. ولكن كيف تبدو الإناث المصابات بالتوحد، وكيف غبن عن عيون الفاحصين؟

فكما ذكرنا سابقاً؛ فحركة الذكور العنيفة تبدو أكثر ملاحظة عند توقفها مقارنة بتوقف حركة الإناث الفاترة والقليلة، بالإضافة إلى أنه وبحسب «جولد جوديث» في كتابه (Good Autism Practice GAP) والذي يذكر فيه أن قصور تشخيص الفتيات بالتوحد قادم من أن الفتيات قادرين على متابعة التفاعلات الاجتماعية والاشتراك فيها عن طريق تقليدهن لباقى الأطفال، فهنّ ملاحظات جيدات. كما أن الفتيات يشعرن بتلك الرغبة الداخلية في التواصل الاجتماعى مدفوعاً أكثر برفيقاتهن، فالفتيات عموماً أكثر اجتماعية والبعض لديهن أكثر من صديقة صدوقة ومحببة.

و هناك العديد من النظريات التى تتحدث عن قصور تشخيص الإناث بحالات التوحد، ولكننا سنكتفي بما سبق ونستكمل حديثنا عن الحالة محل البحث في مقالات قادمة.

إعداد: محمد عبد العزيز

مراجعة: Ahmed Maher

تدقيق: Mohammed Ayman Hamad

تصميم: Wael yassir

تحرير: Tawfik Atef

المصادر:

http://sc.egyres.com/Ncuf6

http://sc.egyres.com/VO7Jl

http://sc.egyres.com/AV3a0

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي