الجاذبية: من التفاحة وحتى الليجو

الجاذبية-1

الجاذبية من الظواهر الطبيعية التي حيرت عقول العلماء قبل العامة فمنذ اكتشافها على يد الفيزيائي الإنجليزي إسحاق نيوتن عام 1687 حتى يومنا هذا وهي مجال خصب للأبحاث والفرضيات العلمية. حيث قام نيوتن بنشر أول قوانينها وهما قانون التربيع العكسي وقانون الجذب العام الذي فسر فيهما قوى الجذب المتبادل بين الكواكب وبعضها حيث يقول نيوتن في فرضيته أن ” قوتا التجاذب بين جسمين ماديين تتناسب طردياً مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسياً مع مربع المسافة بين مركزيهما”.

وكان من اهم إنجازات قانون التربيع العكسي التنبؤ بوجود كوكب نبتون بناءً على شذوذ مداري في حركة كوكب أورانوس.

بقيت نظرية نيوتن صامدة حتى تم استبدالها من قبل آينشتاين بنظرية النسبية العامة لكن نظرية نيوتن ما يزال يتم استخدامها في التطبيقات لأنها أبسط وتعطي نتائج دقيقة في بعض التطبيقات كإرسال المركبات الفضائية والتطبيقات الهندسية الإنشائية مثل بناء الجسور المعلقة.

وفى الميكانيكا الكلاسيكية تعتبر الجاذبية قوة مباشرة بعيدة المدى تستطيع التأثير عن بعد وتأثيرها يكون لحظيا، فأي تغير في موضع الجسمين ينتج عنه تغير لحظي في قوة الجاذبية بينهم.

وقد افترض نيوتن وجود حقل جاذبية كوني موجود في كل نقطة من الفضاء. وهو حقل اتجاهي له اتجاه يختلف باختلاف مكان الحقل والاتجاه يمثل قوة الجاذبية التي تتعرض لها وحدة الكتل في هذا الموضع.

وفى عام 1905 جاءت فرضيات الفيزيائي الشهير البرت الشتاين لتغير مفهوم الجاذبية، ولم يقتصر التغيير على المفهوم فقط بل تعدى إلى المسمى أيضا ليطلق عليها مسمى ” الثقالة” وأما المفهوم فتغير من كونها قوة متجهة تؤثر على وحدة الكتل في مكان ما في الكون لتصبح مجرد مجال يقع فيه الجسم نتيجة انحناءات في نسيج الزمكان تسببها الكتلة فكلما كانت الكتلة اكبر كانت الانحناءات في الزمكان اكبر وأما بالنسبة للأجسام الأقل كتلة سوف تقع في هذا الانحناء الذى صنعه الجسم الأكبر كتلة وبالتالي يصبح الجسم الأصغر كتلة أسير في مجال الانحناء الذى سببه الجسم الأكبر كتلة. ويمكن تخيل ذلك بقطعة من القماش المرنة قد شدت إلى أطراف منضدة مفرغة من الوسط ووضع على القماش كرات مختلفة الكتلة نجد أن الانحناء في رقعة القماش يختلف باختلاف كتلة كل كرة وانه إذا وضعت كرة كتلتها صغيرة بالقرب من أخرى كتلتها كبيرة فأنها تكون تحت تأثير الأنحاء الخاص بالكتلة الكبيرة.

شاهد هذا الفيديو للتبسيط

وبذلك تغير مفهوم هذه الظاهرة الفيزيائية ليصبح مجرد انحناء في نسيج الكون الذي يعبر عنه أينشتاين بمصطلح الزمكان حيث غير أينشتاين مفهوم الكون الخالي إلى مفهوم نسيج رباعي الأبعاد مسؤول عن قوى الجاذبية نتيجة الانحناءات الناتجة عن حركة الأجسام به.

ومنذ وضع ألبرت أينشتاين تصوره للأمواج الثقالية والعلماء في بحث دائم ليثبتوا وجود هذه الأمواج فهل يمكن الكشف عن هذه الأمواج.

لقد أجريت العديد من التجارب للكشف عن الأمواج الثقالية وكان من أهمها تجربة مرصد قياس تداخل الليزر والأمواج الثقالية والهدف من هذه التجربة اكتشاف التغير الذي يحدث في نسيج الكون نتيجة مرور الموجات الثقالية به حيث يحدث له استطالة في اتجاه وانكماش في الاتجاه الأخر. وفكرة التجربة تعتمد على قياس هذا التغيير باستخدام جهاز قياس التداخل. أي أنها باستخدام ضوء الليزر ستكتشف إذا كان هناك استطالة أو انكماش في المسار وهذا ما أثبتته التجربة بالفعل.

وليس الليزر هو الأداة الوحيدة التي من خلالها يمكن الكشف عن هذا الأنحاء في نسيج الكون بل من الممكن ذلك باستخدام موجات الراديو الناتجة من النجوم النيترونية أو النجوم النابضة حيث أن هذه الموجات لها وقت محدد للمسافة التي تقطعا فلو حدث تأخر أو أن تصل مبكرا فهذا سيكون سببه تداخلها مع الموجات الثقالية في مسارها إلى الأرض.

ولكن لماذا هذا الاهتمام البالغ من العلماء والباحثين بالموجات الثقالية؟

والإجابة عن هذا السؤال انه بالكشف عن هذه الموجات يمكن لنا معرفة المزيد من أسرار الكون وكيفية نشاءته وأيضا تساعدنا على فهم القوانين الأساسية للطبيعة.

 

إعداد: Mohamed A Abdelaziz

مراجعة علمية: Ahmaad M. Hanafi

 

References

1.

Cosmological Tests of Gravity  [cited 2016 Feb 20]. Available from: http://www.icg.port.ac.uk/cosmological-tests-of-gravity/

2.

News | Gravitational Waves Detected 100 Years After Einstein’s Prediction | LIGO Lab | Caltech [Internet]. [cited 2016 Feb 20]. Available from: https://www.ligo.caltech.edu/news/ligo20160211

3.

What Are Gravitational Waves And Why Do They Matter? | Popular Science [Internet]. [cited 2016 Feb 20]. Available from: http://www.popsci.com/whats-so-important-about-gravitational-waves

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي