هل تتذكر لعبة الرابط العجيب التي كانت تقدمها قناة الأطفال التليفزيونية«سبيس تون»؟
– إنها تلك اللعبة عندما يُذكر شيئين ومن ثم يُستدعى الرابط بينهما فى ذهنك.
هذا ما نحن بصدد الحديث عنه: سنتحدث عن الرابط العجيب الذى يربط بين عائلتين كبيرتين من الأمراض: أمراض المناعة الذاتية والأمراض النفسية.
فى دراسة حديثة أجرتها جامعة Yale»»، قام باحثو «كلية الصحة العامة-School of Public Health» بدراسة ظاهرة جينية تدعى «تعدد النمط المظهري-pleiotropy»: وهى أن يؤثر جين واحد لنفس الشخص فى العديد من صفاته المظهرية المنفصلة عن بعضها البعض.
من بين خمسة أمراض نفسية وسبعة أمراض مناعة ذاتية وقع الاختيار للدراسة على: «الفصام-«schizophreniaو«الاضطراب العاطفي ثنائي القطب-bipolar affective disorder»، «اضطراب التوحد-«autism spectrum disorder، «عجز الإنتباه لفرط النشاط الحركي- «attention deficit-hyperactivity و«الإضطراب الاكتئابي-«major depressive disorderكأمراض نفسية و سبعة أمراض مناعية كالآتي:
«مرض كرون-Crohn’s disease»، «التهاب القولون التقرحي-ulcerative colitis»، «مرض التصلب المتعدد-multiple sclerosis»، «الصدفية-psoriasis»، «التهاب المفاصل الروماتويدي-rheumatoid arthritis»، «مرض الذئبة الحمراء-systematic lupus erythematosis»، «مرض السكري المعتمد على الانسولين -insulin-dependent diabetes mellitus».
وقد وجد الباحثون علاقة ما بين 24 من أصل 35ثنائي من الأمراض النفسية المناعية؛ حيث أنه توجد مناطق على الجينوم البشري تجمع ما بين أكواد الامراض النفسية والمناعية في نفس الوقت، بالاضافة إلى أنهم أكدوا أن «موضع التوافق النسيجي الرئيسي-MHC» على الجينوم البشرى يسهم فى الأمراض النفسية والمناعية معا وهو ما يدعم وجود علاقة الارتباط بينهما (1).
وقد اكتشف الباحثون 118 موقع لجينات «مرض انفصام الشخصية-schizophrenia» وهذا ما جعل من اليسير المقارنة بين وجود المرضين النفسي والمناعي على نفس الموقع الجيني. وباستخدام هذه المعلومة وجد الباحثون علاقة إيجابية بين المتغيرات الجينية التي ترمز إلى عوامل الخطورة المرتفعة فى كلا من الأمراض النفسية والمناعية كمرض انفصام الشخصية ومرض كرون كمثال، أو أنها ترمز إلى شفرة الوقاية من المرضين على حد سواء.
وقد حصل الباحثون على معلوماتهم التى تتألف من الجينوم البشري- بمختلف مناطق التغير الجينى به- من قاعدة بيانات عامة وقاموا بتحليلها باستخدام نموذج معملي من تصميمهم. وكما أضاف دكتور«وانج»- أحد الباحثين المشاركين فى الدراسة: أنه من المهم أن نحل إشكالية ظاهرة «تعدد النمط الظاهرى الجينى-geneticpleiotropy» في هذه الحالات؛ لأنها كانت مجرد ظاهرة وباستخدام نموذج GPA»» الذى صممه الباحثون استطاعوا تحديد نقاط مهمة في وجود هذه الظاهرة من الاساس.
وقد قالت د. «Margit Burmeister» – بروفيسور بجامعة ميتشيغان قسم الجينات والطب النفسى والتى لم تشارك بالدراسة- : أن ما وجدته فى دراستها كان مغايرا لدراسة جامعة يال؛ حيث أنها اكتشفت أن العلاقة سلبية ما بين المتغيرات الجينية التي ترمز لعوامل الخطورة المؤدية للأمراض النفسية والمناعية. وفى هذه الدراسة أثبتت أن المتغيرات الجينية التي تُزيد عوامل الخطورة لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي هي نفسها التى تقلل عوامل الخطورة لمرض انفصام الشخصية.
وأكدت «Burmeister»: أن أهم حقيقة هنا هي أنه يوجد تداخل فريد للمسبب الجينى بين الأمراض النفسية والمناعية.
وبمقارنة دراسات أخرى فى ظاهرة تعدد النمط الجيني المظهري، تعد دراسة جامعة يال الأولى من نوعها فى دراسة الجينوم كعامل متداخل بين الأمراض النفسية والمناعية، فقد درسوا الجينوم البشرى بأكمله عوضا عن دراسة نصفه أو أجزاء منه وهذا ما جعل الدراسة عالمية وغير متحيزة.
قامت نتائج الباحثين على فرضيّة أن الوظائف المناعية ربما تلعب دورا هاما في تواجد الأمراض النفسية، وباستخدام هذه المعلومة قد يتمكن الباحثون من العمل على منع تواجد الجينات التي تؤدي لتزايد فرص حدوث الأمراض النفسية والمناعية.
اعداد: إيمان محمد عبد الرازق
مراجعةعلمية: Hosny Ayman
تصميم: Wael Yassir
المصدر: http://sc.egyres.com/17tND
(1). Wang, Qian, Can Yang, Joel Gelernter, and Hongyu Zhao. “Pervasive Pleiotropy between Psychiatric Disorders and Immune Disorders Revealed by Integrative Analysis of Multiple GWAS.” Human Genetics, September 4, 2015. doi:10.1007/s00439-015-1596-8.
#الباحثون_المصريون
