نقضي حياتنا نتشوق إلي الحب، ونبحث عنهما، ونتحدث بشأنه. معناه محسوس أكثر من كونه مفهوم، ويقال أنه أعظم قوة…
إنّه الحب
الحب مذهل ومعقد. بالأخص رومانسية الحب، فهي كاللغز الجميل الذي يصعب علينا حله.
وحتى إن استطاع الشعراء وكتّاب الأغاني وضع أفكارنا الرومانسية ومشاعرنا في كلمات، فإن الحب لا يمكن تفسيره، لدرجة أننا نحتاج مساعدة العلم لشرحه وفهمه. وبالطبع، لدى علماء النفس الكثير ليقولوه حول كيف ولماذا يقع الناس في الحب.
هكذا يبدو عقلك عندما تقع في الحب
خلال الشعور برومانسية الحب هناك الكثير من التغيرات التي يمر بها الرجال والنساء على حد سواء. وقد يكون من غير الدقيق قول عبارة «الوقوع في الحب» لأن الحب ليس سقوطاً، بل هو شعور يجعلك تصعد لتحلق فوق السحاب.
الخطوة الأولى في عملية الوقوع في الحب هي «الانجذاب الأوّلي»، كما تقول إليزابيث كين (Elizabeth Kane)، عضو هيئة التدريس المساعد في جامعة الجنوب والتي تدرس علم النفس الإكلينيكيّ والعلوم السلوكيّة:
«إنها تلك اللحظة القوية عندما نلتقي بشخص آخر ونشعر فجأة بالحيويّة ونكاد نستطيع سماع دقات قلوبنا»
وفقًا لعالمة النفس الدكتورة راشيل نيدل (Rachel Needle)، وُجِدَ أن بعض المواد الكيميائيّة مثل: الأوكسيتوسين (Oxytocin)، والفينيثيلامين (Phenethylamine)، والدوبامين (Dopamine) تلعب دورًا في التجارب والسلوكيات البشريّة المرتبطة بالحب. إنها تعمل بشكل مشابه للأمفيتامين (Amphetamine)، مما يجعلنا متيقظين ومتحمسين ونريد الارتباط.
تقول د.نيدل الأستاذة المشاركة ومنسقة التجارب السريرية في جامعة الجنوب:
«الوقوع في الحب يجعل طاقتنا تزداد، وتركيز عقلنا يقل، وأحيانًا نجد راحة أيدينا تعرق، ويجعلنا نتصرف بطيش ودقات قلبنا تتسارع، ويفعل بنا الكثير من المشاعر الإيجابيّة الأخرى»
يقول د.دنيال امين (Daniel G. Amen) في كتابه (الحب والرومانسية من وجهة نظر علم النفس):
«أن رومانسية الحب وسحر الانجذاب ليسا مشاعر أكثر من كونهم دوافع تحفيزيّة للعقل وبكون ذلك جزء من نظام المكافأة في الدماغ»
وتوافق د.كين هذا الكلام أيضاً وتقول:
«إن العقل يدعم الوقوع في الحب، ولهذا السبب يصبح لدينا استجابة فسيولوجيّة قوية عندما ننجذب إلى شخص آخر. بمجرد أن يبدأ الزوجان الرومانسيان في قضاء الوقت معًا، يكونان في حالة من نشوة الحب»
وتضيف د.كين، وهي أيضًا معالجة للزواج والأسرة:
«إن الشخص عندما يكون حديث الشعور بالحب، يرى العالم من خلال عدسة الحب، ويصبح تقريبًا كل شيء مقبول وكل شيء يفعله شريكه ممتع»
وفقًا لنظرية الحب المثلثيّة التي طورها عالم النفس روبرت ستيرنبرغ (Robert Sternberg)، فإن المكونات الثلاثة للحب هي العلاقة الحميمة والشغف والالتزام.
تشمل العلاقة الحميمة مشاعر التعلّق والتقارب والتواصل والترابط. أما الشغف فيشمل محفزات متعلقة بولع العقل العاطفي والانجذاب الجنسيّ للطرف الأخر. والالتزام (على المدى القصير) يشمل قرار البقاء مع شخص آخر، وعلى (المدى البعيد) يشمل الإنجازات والخطط المشتركة التي ستفعلها مع الشخص الآخر.
يقول د.كين:
«يتطور الحب الرومانسيّ عندما يشعر المرء بشعور من الترابط والتعلق، وأن احتياجاته النفسيّة يتم تلبيتها». «يقول بعض الباحثين إن الأوكسيتوسين يلعب دورًا في تطور الحب الرومانسيّ حيث يتم إطلاقه في الدماغ أثناء النشوة الجنسيّة، مما يساهم في قدرة الزوجين على الارتباط ببعضهما البعض»
يطلقون عليّ طبيب الحب
يساعد فهم سيكولوجية الوقوع في الحب المعالجين النفسيين في معالجة الذين يعانون من ألم الانفصال. عندما يفهم المعالج معنى الحب والرومانسية في حياة المرء والآثار الصادمة للنهايات المفاجئة وغير المتوقعة أحيانًا للعلاقات، يمكنه معالجة قدرة المريض على المُضي قدمًا وتعزيز مرونته لتقبُّل الأمر.
تقول د.كين:
«يتطلَّب تجاوز آلام العلاقة الفاشلة إعادة التركيز على الذات وإلى قدرتنا الفريدة على إعطاء الحب وتلقيه».
وتستكمل قائلة:
«عندما نفهم كيف نقع في الحب، يمكننا تجاوز تلك الصعوبات التي نواجهها في المضي قدمًا بعد الانفصال. يمكننا بعد ذلك الربط بين جمال تجربة الوقوع في الحب ومفهوم أنه إذا حدث لنا وأحببنا شخصًا مرة يمكن أن يحدث لنا ذلك مرة أخرى».
تقول د.نيدل إن المعالجين النفسيين يكونون بحاجة إلى فهم كل فرد وكيف وقع في الحب وما يختبره حاليًا من حيث كسرة القلب بعد الانفصال، وذلك من أجل مساعدتهم بشكل أفضل على تجاوز هذا الوقت الصعب.
وتضيف د.نيدل:
«يختار العديد من الأشخاص شركاء متشابهين من علاقة إلى أخرى، ويكونون غير مدركين لذلك، ويكونون كذلك غير مدركين لسبب استمرار هذه العلاقات في التسبُّب في خيبة الأمل وعدم استمرارها ولذلك يمكن للمعالج النفسيّ أن يساعد في دعم الأفراد في فهم الماضي والتعلم منه»
حافظ على نار الحب مشتعلة
تقول نيدل:
«تخلَّص من الأسطورة القائلة بأن التواصل يجب أن يحدث تلقائيًّا وأن هناك شيئًا خاطئًا في العلاقة لأنكما لا تتحدثان سويًا كل دقيقة، كما كان يحدث في بداية العلاقة. ولكن الحقيقة هي أنه يجب عليك تخصيص الوقت والطاقة وبذل جهد كافي للحفاظ على العلاقة والعاطفة».
وتضيف أن العلاقات الصحية تتطلب اتصالات منتظمة، قائلة:
«المحادثات الأساسيّة مع شريكك بشكل يومي مهمة لمواصلة التواصل بشكلٍ عاطفيّ بينكم» «أيضًا، ذكِّر نفسك لماذا وقعت في حب هذا الشخص”
يمكن أن تؤدّي إمكانيّة توقّع الشريك أيضًا إلى إخماد الرغبات، لذلك يجب على الأزواج السعي للحفاظ على إحساس المغامرة والمفاجأة في علاقاتهم. وتنصح نيدل بكسر النمط المتوقع بين الحين والآخر.
يستطيع الناس جعل أحبائهم يعرفون مدى حبهم لهم عن طريق الأشياء البسيطة التي يفعلونها لبعضهم كل يوم.
تقول كين:
«أن تكون رومانسيًّا هو اختيارك الشخصيّ، أن تستيقظ كل يوم وتسأل نفسك ما الذي يمكن أن تفعله اليوم لتجعل حبيبك يشعر بحبك له؟ استمتع بعلاقتك الرومانسية وتذكّر دائمًا أن كلما بذلت مجهود أكبر في علاقتك الرومانسيّة كلما تلقيت حبًا أكبر في المقابل. كن الشريك الذي تتمنى أن تحصل عليه، وعش حياة مليئة بالعاطفة والحب»