ممّا لا شك فيه أنّه من الصعب والمفجع التعرّض للحوادث بصورةٍ مفاجئةٍ وعلى حين غِرّةٍ وغفلة، فهناك العديد من الحوادث التي يتعرّض إليها الناس بشكلٍ يومي، فمنها حوادث السيارات والقطارات والطائرات ووسائل النقل بشكلٍ عام، كما يوجد حوادث الغرق والاختناق نتيجةً لبلع أجسامٍ غريبةٍ وتوقفها في مجرى الجهاز التنفسيّ وخاصةً لدى الأطفال، وأيضًا بلع اللسان وغيرها من الحوادث المتكررة والشائعة، ولكنّ أصعبهم هي حوادث الحروق، وذلك لما تسببه من ضررٍ نفسيٍّ وجسديٍّ عميقٍ وصعبٍ للأشخاص المصابين، فلا يوجد ما هو أصعب من قضاء الشخص لحياته وهو بمظهرٍ مشوّهٍ عن أقرانه من أصدقائه وعائلته والمحيطين به، فيَترُك ذلك في نفسه أثرًا كبيرًا قد يصل في أغلب الأوقات إلى الاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية، كما أنّه يترك أثرًا جسديًّا حيث يَصعُب عليه الحركة وممارسة حياته كما في السابق.
لذلك يجب علينا معرفة أنواع الحروق ودرجاتها وكيفية التعامل في حالة حدوث حريق، كما يجب معرفة الإسعافات الأولية لها.
أولًا.. أنواع الحروق والتعامل مع بعضها
تختلف أنواع الحروق تبعًا للمصدر المُسبّب لها، ومنها:
1) حروق الاحتكاك
وهي الحروق التي تحدث نتيجة احتكاك الجلد بسطحٍ صلب، ككشط الجلد واحتكاكه بسطح الأرض مثلًا أثناء حوادث قيادة الدراجات والدراجات النارية.
وعلاجها:
1) نحدّد ما إذا كان الحرق حرق احتكاك، نبحث عن منطقة الاحمرار على الجلد والتي تسبب ألمًا عند لمسها، نسأل الشخص عّما إذا كان جلده قد احتكّ بشيء، ممّا يشير إلى احتراق الاحتكاك.
2) نضع المنطقة المحروقة تحت الماء البارد، لمدة 10 إلى 15 دقيقة حتى يقلّ الألم، هذا يُخفف الألم قليلًا ويُزيل الموادّ الغريبة.
3) نجفّف الحرق بمنشفةٍ ناعمة، ونحرص على تجنب إدخال الألياف في المنطقة المصابة بحرق الاحتكاك.
4) في حالة استمرار الشعور بالألم، نقوم بوضع بعضٍ من كريم الإسعافات الأولية المضادّة للالتهابات، بدلًا من استخدام كريم الإسعافات الأولية؛ نقوم بوضع بعضٍ من سائل الألوفيرا فوق المنطقة المحروقة لتهدئة البشرة، ونغطي الجرح بضمادة الشاش، ونثبّته بشريط أو ضمادة طبية.
5) نحافظ على حرق الاحتكاك مُغطّىً جيدًا إلى أن تلتئم البشرة تمامًا، لمدّةٍ قد تصل إلى أسبوع، يعتمد ذلك على مدى درجة الحرق. [7،1]
2) الحروق الباردة أو عضّة السقيع:
تحدث نتيجة تعرّض الجلد لدرجات حرارةٍ منخفضة ولمدةٍ طويلةٍ فيحدث ضررٌ للجلد مما يَظهر على هيئة حرق، ويمكن علاجه بإزالة المصدر المسبِّب للبرودة وتسخين الجلد ببطءٍ حتى يصل لدرجة الحرارة الطبيعية، وذلك من خلال:
أ) وضع الجزء المصاب في ماءٍ دافئٍ لمدة 20 دقيقة (درجة حرارة الماء بين 40 إلى 42 درجة سيليزية).
ب) تكرار هذه العملية في حالة الحاجة لذلك، بأخذ 20 دقيقة استراحة بين كل مرّة.
ج) يمكن وضع كمّاداتٍ دافئةٍ أو غطاءً إذا لزم الأمر، هذا بجانب استخدام الماء الدافئ. [2]
3) الحروق الإشعاعية مثل ضربة أو حروق الشمس:
تَظهر أعراض ضربة الشمس بعد التعرّض لها ببضع ساعات، وتتضمّن احمرار الجلد والتهابه والشعور بالألم، وفي بعض الحالات تتكوّن بثور، يُمكن أن يصحب ضربة الشمس الصداعَ والحمّى والشعورَ بالغثيان.
ويمكن علاجها كالآتي:
أ) تبريد الجلد باستخدام فوط بها ماءٌ باردٌ أو أَخذ حمّامٍ بارد.
ب) وَضع مرطّباتٍ للجلد مثل كريم الألوفيرا وغيره.
ج) شُرب كمية من الماء لتجنب الإصابة بالجفاف.
د) تجنب التعرض لمزيدٍ من أشعة الشمس والحرارة.
ه) تجنب إزالة وفرقعة البثور أو الفقاعات الناتجة عن الحرق، وفي حالة حدوث ذلك اغسل هذه المنطقة، ثمّ ضَع بعض الكريمات أو المراهم التي تحوي مضادّاتٍ حيوية، ثمّ غطّي المنطقة بشاش، وفي حالة زيادة الإحساس بالحكّة توقف عن وضع كريمات المضادات الحيوية واستشِر الطبيب.
ويجب استشارة الطبيب في حالة الفقاقيع والبثور الكبيرة، أو إذا زاد الإحساس بالألم، والصداع، والارتباك، والغثيان، والحمّى، والقشعريرة أو علامات العدوى، مثل البثور المصابة بالقيح أو الشرائط الحمراء. [3]
4) الحروق الكيميائية
كالأحماض القوية أو المذيبات أو المنظفات عند ملامستها للجلد. [1]
وتتضمن الإسعافات الأولية للتعامل مع الحروق الكيميائية الآتي:
1) إزالة سبب الحرق.
2) نغسل المادّة الكيميائية من الجلد بالماء البارد الجاري لمدة 10 دقائق على الأقل.
3) في حالة المواد الكيميائية الجافّة، نقوم بإزالة أيّ مادّةٍ متبقيةٍ قبل التنظيف.
4) ارتدي قفازاتٍ أو استخدم منشفةً أو أشياء أخرى مناسبة، مثل الفرشاة.
5) نقوم بإزالة الملابس أو المجوهرات الملوثة بالمادة الكيميائية.
6) نقوم بتغطية الحرق بقطعة شاشٍ معقّمةٍ ولا نستخدم القطن، أو بقطعة قماشٍ نظيفةٍ نقوم بلفها بشكلٍ فضفاض لتجنب الضغط على الجلد المحروق.
7) نقوم بالمسح مرةً أخرى إذا لزم الأمر، وإذا واجهنا زيادةً في الحرق بعد التنظيف الأولي؛ نقوم بغسل منطقة الحرق بالماء مرةً أخرى لعدة دقائق أخرى. [6]
5) الحروق الكهربائية
كالتي تحدث في حالة الاقتراب من أي مصدرٍ للتيار الكهربي. [1]
وللتعامل مع الحروق الكهربائية نتبع تلك الخطوات:
1) نغلق مصدر الكهرباء إن أمكن، إذا لم نتمكن من الأمر، نقوم بنقل المصدر بعيدًا عنّا وعن الشخص المصاب باستخدام جسمٍ عازلٍ غير موصّل مصنوعٌ من الورق المقوّى أو البلاستيك أو الخشب.
2) نبدأ بعملية الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) إذا لم يُظهر الشخص أي علاماتٍ على الدورة الدموية، مثل التنفس أو السُعال أو الحركة.
3) نحاول أن نمنع الشخص المصاب من البرودة.
4) نقوم بتغطية أي مناطق محترقةٍ بضمادة شاشٍ معقمة، أو بقطعة قماشٍ نظيفة، في هذه الحالة لا نستخدم بطانيةً أو منشفةً لأنّ الألياف قد تلتصق بالحروق. [10]
6) الحروق الحرارية
كالتي تحدث نتيجة ملامسة جسمٍ ساخنٍ أو ماءٍ ساخنٍ أو التعرض لألسنة اللهب. [1]
من الجيد في البداية معرفة إذا ما كان الحرق كبيرًا، أيّ يحتاج لعنايةٍ طبية، أم صغيرًا يمكن التعامل معه في المنزل، والهدف هو منع التلوّث وتخفيف الألم، وإسعاف الصدمة.
أولًا.. في حالة الحروق الكبرى
هذه الحروق تتطلب رعايةً طبيةً فورية، لذلك يجب نقل المصاب بحذرٍ وبطريقةٍ آمنة.
1) نقوم بوقف مصدر الحريق سريعًا (توقف وانبطح، ثمّ تدحرج على الأرض)، في حالة اشتعال النار بك لا تقم بالجري فذلك سيزيد اشتعال النيران.
2) نقوم بفحص تنفّس المصاب.
3) نفحص علامات الصدمة لدى المصاب.
4) نحمي الجزء المصاب بوضع غطاءٍ نظيفٍ عليه (نقوم بتغطية المصاب حفاظًا على سلامته).
5) نقوم برفع الجزء المصاب أعلى من مستوى القلب. [8]
ثانيًا.. في حالة الحروق الصغرى
1) نقوم بوضع الجزء المصاب تحت ماءٍ جارٍ، ولكن ليس بالبارد جدًا أو بالثلج، على الأقل 5 دقائق (بين 5 إلى 10 دقائق أو إلى حين اختفاء الألم)، ثمّ نضع حوله منشفةً رطبةً ونظيفة.
2) نضع بعض مرطبات الجلد مثل الألوفيرا وغيره.
3) بعد التأكد من أن الجلد قد قلّت حرارته، نحمي هذا الجزء من الضغط والاحتكاك بتغطيته بضماضةٍ قطنيةٍ جافّةٍ ونظيفة.
4) نُقلّل الألم والتورّم باستخدام بعض الأدوية الطبية مثل (ايبوبروفين – ibuprofen) أو (اسيتامينوفين – acetaminophen) (يُنصح باستشارة الطبيب قبل تناول أي أدويةٍ حفاظًا على سلامة المصاب).
5) نقوم بمراقبة الحرق منعًا لتكوّن أي بكتيريا، فالحروق يمكن أن تسبب عدوًى بكتيريةً خطيرة. [8]
ثانيًا.. درجات الحروق
يُعتبر الجلد أكبر عضوٍ في جسد الإنسان، حيث يحمينا من الميكروبات، ويساعد في تنظيم درجة حرارة الجسم، ويسمح لنا بالإحساس باللمس وبالحرارة والبرودة.
تؤثّر الحروق على الجلد بطبقاته وقد تصل إلى الأعصاب وتُتلفها، وطبقات الجلد هي:
أ) البشرة (epidermis)
وهي الطبقة الخارجية للجلد، تُمثّل واقيًا ضدّ الماء، وتمنح جلدنا (بالإضافة لبضعة عوامل أخرى) لونه المميز.
ب) الأدمة (dermis)
تقع مباشرةً تحت القشرة، وتحتوي على نسيجٍ ضامٍّ قوي، كما تحتوي على بصيلات الشعر والغدد العرقية.
ج) النسيج تحت الجلد (subcutaneous tissue)
هي طبقةٌ تقع تحت طبقة الأدمة، وتتكوّن من طبقةٍ من الدهون ونسيجٍ ضامٍّ رخو. [4]
1) حروق الدرجة الأولى
هذه الحروق تؤثّر فقط على الطبقة الخارجية من الجلد، وهي تُسبّب ألم واحمرار الجلد، ولكن بدون ظهور فقاقيع.
2) حروق الدرجة الثانية
تُسبّب أضرارًا لطبقتَي القشرة والأدمة، ويكون الجلد أكثر احمرارًا، كما يكون منتفخًا ومؤلمًا عند لمسه، وقد يبدو الجلد لامعًا أيضًا.
3) حروق الدرجة الثالثة
وهي أصعب أنواع الحروق، ففيها يحدث دُمورٌ لجميع طبقات الجلد، وتظهر باللون الأسود أو البني أو الأبيض أو الأصفر، ولا تُسبب إحساسًا بالألم لأن فيها يحدث ضمورٌ للنهايات العصبية. [1]
ثالثًا.. علامات تدل على زيادة خطورة الحرق
معايير الحدّ الأدنى للنقل إلى مركز الحروق:
مرضى الحروق الذين يجب إحالتهم إلى وحدة الحروق تشمل ما يلي:
(1) جميع مرضى الحروق الذين تقلّ أعمارهم عن سنةٍ واحدة.
(2) جميع مرضى الحروق الذين تتراوح أعمارهم بين عامٍ واحدٍ إلى عامين مصابين بحروقٍ> 5٪ من إجمالي مساحة سطح الجسم (TBSA).
(3) مرضى في أيّ فئةٍ عمريةٍ مصابةٍ بحروقٍ أخرى في الجسم.
(4) مرضى تزيد أعمارهم عن سنتين مصابون بحروقٍ بسمكٍ أكبر من 10٪ (TBSA).
(5) مرضى يعانون من حروقٍ في مناطق خاصّة (الوجه أو اليدين أو القدمين أو الأعضاء التناسلية أو المفاصل الكبرى).
(6) المرضى الذين يعانون من حروقٍ كهربائية، بما في ذلك حروق البرق.
(7) مرضى الحروق الكيميائية.
(8) المرضى الذين يعانون من إصابة استنشاقٍ والتي تنتج عن النار أو استنشاق بخارٍ ساخن.
(9) المرضى الذين يعانون من حروقٍ في الأطراف أو الصدر.
(10) مرضى الحروق الذين يعانون من إصاباتٍ طبيةٍ موجودةٍ مسبقًا والتي يمكن أن تُعيق أو تُطيل فترة الشفاء أو تُسبب الوفاة.
(11) أيّ مريضٍ مصاب بحروقٍ وصدماتٍ أخرى.
(12) الأطفال المصابون بالحروق نتيجةً لتعرضهم لإيذاءٍ جسديّ.
(13) تَلوّث الحروق. [9]
رابعًا..خمسة أشياء لا يجب فعلها في حالات الحروق الكُبْرى
1) لا يجب استخدام الثلج أو الماء البارد جدًا، فذلك قد يؤدي لتلف الأنسجة وتضررها أكثر، أفضل حلٍّ هو تغطية الجزء المصاب والإسراع لمنطقة الرعاية الطبية.
2) لا تقم بعلاج الحرق المفتوح باستخدام الماء (فتعريض جروح الحروق المفتوحة للماء قد يؤدي لتكوّن وتراكم البكتيريا) إلا في حالة إخماد النار عن الشخص المشتعل.
3) لا تقم بوضع الزبدة، المراهم، أو رشّ أيّ شيء، فذلك قد يؤدي لحدوث تلوثٍ أو عدوى، وسيكون من الصعب على الشخص المُعالِج إزالتها وقت معالجة الحرق.
4) لا تقم بإزالة الملابس العالقة على الجلد أو محاولة تقشير الجلد الميت أو البثور، فذلك قد يسبب ضررًا أكثر وقد يؤدي إلى إنشاء جروحٍ مفتوحةٍ أكثر عُرضةً للعدوى والإصابة.
5) لا تعطِ الشخص المصاب بحروقٍ شديدةٍ أيّ شيءٍ عن طريق الفم أو ضع وسادةٍ تحت رأسه إذا كان هناك حرقٌ في مجرى الهواء، هذا يمكن أن يسبب انسداد مجرى الهواء. [5]
إعداد وترجمة: آية علي محمدين
مراجعة علميّة / تحرير: نسمة محمود
تدقيق لغوي: هاجر زكريا
المصادر:
1) What Are the Types and Degrees of Burns? [Internet]. WebMD. [cited 2019 Mar 2]. Available from: https://www.webmd.com/first-aid/types-degrees-burns
2) Ice Burn: Symptoms, Treatment, and More [Internet]. Healthline. 2017 [cited 2019 Mar 2]. Available from: https://www.healthline.com/health/ice-burn
3) Sunburn: First aid [Internet]. Mayo Clinic. [cited 2019 Mar 2]. Available from: https://www.mayoclinic.org/first-aid/first-aid-sunburn/basics/art-20056643
4) Hoffman M, MD. The Skin (Human Anatomy): Picture, Definition, Function, and Skin Conditions [Internet]. WebMD. [cited 2019 Mar 3]. Available from: https://www.webmd.com/skin-problems-and-treatments/picture-of-the-skin
5) First Aid for Burns: 5 Things You Should Never Do [Internet]. LifeSigns. 2016 [cited 2019 Mar 7]. Available from: https://lifesignsblog.com/2016/03/03/first-aid-for-burns-5-things-you-should-never-do/
6)
Electrical burns: First aid [Internet]. Mayo Clinic. [cited 2019 Apr 21]. Available from: https://www.mayoclinic.org/first-aid/first-aid-electrical-burns/basics/art-20056687