إن أقدم عملةٍ مستقلة ظهرت في الأندلس ترجع إلى عهد عبد الرحمن الداخل، وتعود لعام 144هـ/ 761م، فقد تم العثور على إحدى القطع القليلة النادرة التي تعود للفترة ما بين هذا العام وبين عام 149هـ/ 766م. ربما ترجع تلك النُدرة وقلة عملات تلك الفترة إلى اتباع الحُكَّام الجدد في هذه الفترة عملية صهر العملات. تلك العملات التي شهدت احتوائها نسبةً كبيرة من الفضة؛ لذا كان صهرها أيسر، في حين تم العثور على عددٍ أكبر من العملات التي تعود لبداية عام 150هـ/ 767هـ، وربما يعود ذلك إلى الاستقرار المالي والضريبي الذي شهدته الدولة الأموية منذ عام 150هـ/ 767م.
أيَّد حكام الدولة الأموية فكرة القطع النقدية وصهر العملة بشكلٍ كبيرٍ وواسع؛ لذا كان ذلك سببًا في عدم شهرة عملاتهم بالشكل الذي مُنِح لعملات باقي الدول المستقلة في تلك الفترة أو بعدها. وربما كان هناك سببًا آخر مرتبط بنقص سيولة العملة وتداولها، وهو اهتمام حكوماتها بعملية السبك على حساب عملية الضرب والسك للمواد الخام الموجودة.
وتتناول هذه الدراسة شرحًا للدرهم المتداول في عملية النقد في تلك الفترة .
إن شكل الطباعة الكاملة وفقًا لرسم النقود وطباعته تبعًا للتقليد الأموي يدل على توافر العديد من الحرفيين المهرة التي شهدتهم الأندلس أول عهد عبد الرحمن الداخل، وما يؤكد لنا توافر هذه المهارة هو التشابه الكبير في دقة ضرب العملة في الفترة السابقة لعهد عبد الرحمن الداخل، وهي فترة عهد الولاة في الأندلس، وكان آخرهم الوالي يوسف الفهري والتي تشابهت عملاته المضروبة من حيث المهارة مع التي ضُرِبَت في بداية عهد الداخل، بينما في الفترة التي تلت عام 150هـ/ 767م ظهرت لنا تلك المهارة وبشكلٍ تدريجي أقل مما كانت عليه في الفترة السابقة من حيث الدقة في الضرب والنقش والزخرفة، ولكن دون التقليل من جودة ضرب العملة في الفترة من عام 144هـ – 149هـ/ 761م – 766م، فقد ظهرت لنا بعض النماذج الشاذة التي حوت بعض العيوب كالتالي:
يظهر لنا على الوجه الخلفي للعملة بعض آيات سورة «الإخلاص» وبها خطأ، فبدلًا من أن يُكتب: «لم يلد»، فقد كُتِبَ: «لم يكن»، وهذا الخطأ الواضح من تكرار اللفظ «لم يكن» -كما هو موضح بالشكل- ربما يعود سببه نتيجة استخدام الكلمات واستعمالها في الضرب بشكلٍ فردي لختمها على العملة، لذا كان هذا الخطأ من الوارد حدوثه، حيث لم يكن بالضرورة أن يكون المشتغل بضرب العملة متعلمًا، لذا كان من الممكن أن يخطئ في ترتيب الكلمات وصفِّها، ويؤيد إمكانية حدوث هذا الخطأ أن فترة الولاة التي سبقت هذه الفترة مباشرةً كانت عملاتها تشهد بعض الكلمات المزدوجة –أي نفس الكلمة مرتين– وهي الفترة المعروفة كما أسلفنا بفترة الولاة في الأندلس.
مصدر الدراسة:
إعداد وتصميم: Omar Bakr
مراجعة:Mohamed Sayed Elgohary
#الباحثون_المصريون
