الشَّخصيَّة أُحاديَّة البُعد أو السَّطحيَّة نوعٌ من الشَّخصيّات الرِّوائيَّة الّتي يستخدمها الكُتّاب في سرد القصص. وإذا تعدَّدتْ الشَّخصيّات السَّطحيَّة في الرِّواية قد تُصبح عيبًا يُشير إليه النُّقّاد في مُراجَعتهم للرِّوايات، فغالبُ هذه الشُّخوص نمطيَّةٌ يَسهُلُ وصفُها والتَّعبيرُ عنها ولا تُشبه الشَّخصيّات الواقعيَّة بأيّ حال. في موضوعنا نُلقي نظرةً على تعريف الشَّخصيَّة أُحاديَّة الجانب، وأبرزُ الأمثلة الشَّهيرة لها من الرِّوايات العالميَّة.
تعريف الشَّخصيَّة أُحاديَّة البُعد ودورها في القصة
يَشهد النَّاس في الأدب، كما في الحياة، نموًّا وتطوُّرًا حيث يحمل كلَّ شخصٍ في باطنه صراعاتٍ داخليَّةٍ. ويُشير مصطلح الشَّخصيَّة أُحاديَّة البُعد في مُراجَعة الكتب أو القصص للشَّخصيَّة التي ينقُصها العمق، ولا تبدو أنها تتعلَّم أو تتطوَّر، وهي شخصيّاتٌ لا تمتلك إحساساتٍ مُعقَّدةً أو تُحرِّكها حوافز، كما لا تُظْهِر الشَّخصيَّة أُحاديَّة البُعد حِسَّ التَّعلُّم خلال القصَّة. وقد يستخدم الكُتّاب هذه الشَّخصيَّة لإبراز سِمةٍ مُعيَّنةٍ غالبًا ما تكون غيرَ مرغوبة.
وتُعرَف الشَّخصيّات ذات البُعد الواحد أيضًا باسم «الشَّخصيّات السَّطحيَّة»، وهي الشَّخصيّات التي لا تتغيَّر كثيرًا خلال القصَّة من بدايتها وحتى خاتمتها. وفي مُعظم الأحوال تمتلك تلك الشَّخصيّات قليلًا من المشاعر العميقة أو لا تكون لديها أيٌّ منها، ويكون دورُها إظهارَ الشَّخصيَّة الرئيسيَّة. ولدى تلك الشَّخصيّات منظورٌ بسيطٌ وضيِّقٌ عن الحياة أو المُشكلة التي تطرحها القصَّة. وغالبًا ما تكون شخصيّاتُهم نمطيَّةً، وتُستخدَم كوسيلةٍ أدبيَّةٍ لتحريك السَّرد.
أمثلة لأشهر الشَّخصيَات أُحاديَّة البُعد
يمكن تلخيص الشَّخصيَّة ذات البُعد الواحد في سمةٍ أو طابعٍ مُحدَّد. مثلًا في رواية إريك ماريا ريمارك «كل شيء هادئ على الجبهة الغربيّة» (All Quiet on the Western Front) (١٩٢٩)، يَصلُح كاتوريك مُعلِّم باول بومير في المدرسة الثَّانويَّة لدور الشَّخصيَّة أُحاديَّة البُعد، حيث يمكننا تلخيص شخصيَّته في سمةِ النَّزعةِ الوطنيَّة المثاليَّة التي يتَّصفُ بها رُغم ما واجهه من فظائعِ الحرب. وهنا لدينا مزيدٌ من الشَّخصيّات ذات البُعد الواحد من الكتب والمسرحيّات الشَّهيرة:
- شخصيَّة (بينفوليو) من مسرحيَّة «روميو وجوليت» لويليام شيكسبير.
- شخصيَّة (إليزابيث بروكتور) من مسرحيَّة «البوتقة» لأرثر ميللر.
- شخصيَّة (جيرتيود) من مسرحيَّة «هاملت» لويليام شيكسبير.
- شخصيَّة (السيدة مودي) من رواية أن «تقتل طائرًا بريئًا» لهاربر لي.
- شخصيَّة (الآنسة هافيشام) في رواية «الآمال الكبرى» لتشارلز ديكنز.
- شخصيَّة (شيرلوك هولمز) من «مغامرات شيرلوك هولمز» لآرثر كونان دويل: ويمكننا تلخيصه في جملةٍ وحيدةٍ: هي أنه مُحقِّقٌ رائعٌ وباردٌ وذكيّ.
- شخصيَّة (جيني ويزلي) في روايات هاري بوتر لجي. كي. رولينغ: ويمكن وصفها في جملةٍ بكونها فتاة مُشاكِسة ونشيطة، وهي أصغر أخوات عائلة ويزلي، وكان هدفُ وجودِ الشَّخصيّة أنْ تُصبحَ فيما بعد محبوبةَ هاري بوتر.
كيف يمكن تفادي كتابة شخصيَّة ذات بُعدٍ واحدٍ في القصَّة؟
تُسمّى الشَّخصيّات التي ينقصها الصِّراع الدّاخليّ أو الجوانب المُتعدِّدة في شخصيّاتها بالشَّخصيَّة أُحاديَّة البُعد أو السَّطحيَّة. وفي مُعظم الأحوال يُنظَر لهذا الأمر على أنه شيءٌ سيّءٌ في القصَّة، خصوصًا بالنِّسبة للكتّاب الذين يكتبون للمرَّة الأولى، فتكون كلُّ الشَّخصيّات ذات بعدٍ واحدٍ. ولكن إذا وجدتَ شخصيَّةً واحدةً أو اثنتين يتَّسمان بالبساطة من أجل غرضٍ ما، فلا يُمكن النَّظر إليها على أنها سمةٌ سلبيَّةٌ. فإن استخدم الكاتب الشَّخصيّة أُحاديَّة البُعد بشكلٍ صحيحٍ، وبنيَّةٍ مقصودةٍ فلن تكونَ هناك مشكلة. وغالبًا ما يكون السَّرد الأنجح هو الذي يجمع بين الشَّخصيّات السَّطحيَّة والمُعقَّدة.
ومن هذا المُنطلَق، فمن المهمِّ أنْ يكونَ لديك تطوُّرٌ قويٌّ للشَّخصيَّة بشكلٍ عام لتخلقَ شخصيّاتٍ مُعقَّدةً يمتلكون بعضًا من العُمق داخلهم. ويساعد هذا في مُحاكاة تلك الشَّخصيّات للإنسان الحقيقيّ، وحين يكون القارئُ قادرًا على الارتباط بتلك الشَّخصيّات، تصبح أكثرَ إثارةً للاهتمام وأكثر مُقارَبةً للواقع. إضافةً لهذا، يُظهر التَّعقيدُ الذي تحمله الشَّخصيّات التَّحدّيات التي يخوضونها وتُبدي الجوانب المختلفة لهم، التي تُوضِّح حقيقة حياتهم للقارئ.
نصائح لخلق شخصيّاتٍ ذات عُمق
تُساعد كتابةُ شخصيّاتٍ جيّدةٍ لقُرّاء أدب الخيال في استغراقهم في السَّرد القصصيّ. نسرد فيما يلي بعضَ النَّصائح للمُساعَدة في تطوير الشَّخصيّات المُكتمِلة مُتعدِّدة الأبعاد:
- اسمحْ للشَّخصيّات بأنْ تكونَ لديها آراءٌ قويّةٌ، ولتُعطِ الشَّخصيّات مزيجًا من السِّمات المُترابِطة، مثل الصِّفات الإيجابيّة إلى جانب العيوب الشَّخصيّة كالأخطاء والمخاوف، والتي ستجعلهم شخصيّاتٍ مُعقَّدة.
- شارِكْ حوافز ورغبات الشَّخصيّات من خلال تفكيرهم وأفعالهم والعوائق التي تُواجِههم كمثل باقي الشَّخصيّات.
- غَلِّفْ الشَّخصيّات ببعضٍ من الغُموض؛ فإعطاء القارئ الكثير دفقةً واحدةً أمرٌ غيرُ واقعيٌّ، اجعلْ القارئَ يُعامِل الشَّخصيّات الرِّوائيّة مثل شخصٍ يقابله القارئُ للمرَّةِ الأولى، واسمحْ لهم بالتَّطوُّر خلال فتراتِ القصَّة المُختلِفة.