الصيام علاج محتمل لمرض التصلب المتعدد

ew

دراسة على فئران التجارب أُتْبِعت بدراسة على البشر تشير أنَّ الصيام من الممكن أن يكون علاج مُبَشِر لأمراض المناعة الذاتية. تمَّ اتباع حِمية محاكية للصيام، وُجِدَ أنَّها تقوم بتنشيط عملية التخلص من الخلايا السيئة وعملية توليد خلايا صحية جديدة. أشارت الأدلَّة إلى أنَّ محاكاة الصيام قد تكون لها فوائد صحية أخرى غير فقدان الوزن؛ حيث تشير الدراسة التي أقيمت في جامعة جنوب كاليفورنيا (USC) أنَّه من الممكن أن يقلل من أعراض مرض التصلب المتعدد. اكتشف العلماء أنَّ هذه الحِمية المحاكية للصيام تنشط عمليات موت وتكوين بعض الخلايا والتي يبدو أنَّ لها دور مهم في عمليات بناء الجسم.

قال البروفيسور فالتر لنجو (Valter Longo) -المؤلِف الرئيسي في الدراسة ومدير معهد طول العمر في مدرسة ديفيس لعلوم الشيخوخة في جامعة جنوب كاليفورنيا (USC Longevity Institute at the Davis School of Gerontology)- أنَّ الكورتيزون ينتج أثناء الصيام وهو ما يحفز عملية قتل خلايا المناعة الذاتية الضارة وتؤدي لتكوين خلايا جديدة صحية.

تضمنَّت هذه الدراسة تجارب على فئران وبشر يعانون من التصلب المتعدد، وتم نشرها في موقع خلية (Cell).

هذا المرض العصبي يصيب 350000 أمريكي تقريبًا، طبقًا للمعهد الأمريكي القومي للأمراض العصبية والسكتة الدماغية، وتتراوح أعراض المرض من تشوش الرؤية إلى لشلل.

هذه هي النتائج الجديدة لدراسات يقوم بها نفس المعهد في الجامعة، والتي أظهرت أنَّ دورات حِمية غذائية محاكية للصيام ولكنها أقصر في المدة عندما تقترن بعلاج للسرطان؛ تحمي الخلايا السليمة وتُضعِف من الخلايا السرطانية. وفي دراسة منفصلة تم نشرها العام الماضي وجد المعمل أنَّ الحِمية تقلل الدهون في البطن، وتقلل من علامات تقدم العمر والأمراض سواء في الفئران أو البشر.

وقال لنجو أنَّهم بدأوا هذه الدراسة لتساؤلهم إن كانت الحِمية تنشط قتل الخلايا المناعية الضارة وتقوم بتحفيز الخلايا الجذعية، فهل من الممكن أنَّها تقتل الخلايا الضارة وتقوم بتحفيز تكوٌّن خلايا صحية جيدة.

 

تفاصيل الدراسة:

في الجزء الأول من الدراسة قام الباحثون بوضع مجموعة من الفئران تعاني من أمراض المناعة الذاتية تحت حِمية غذائية تحاكي الصيام لمدة ثلاثة أيام كل سبعة أيام، وقاموا بتكرير هذه الدورة ثلاثة مرات، وتم وضع مجموعة أخرى تحت نظام غذائي قياسي. أظهرت النتائج أنَّ الأعراض قد قلَّت في المجموعة الأولى، وقال الباحثون أنَّ نسبة 20% من الحيوانات قد تعافت تمامًا.

وباختبار الفئران وجد الباحثون أنَّ انخفاض الأعراض يرجع إلى تحسُّن في الصحة، مثل ارتفاع مستوى هرمون الستيرويد والكورتيزون اللذان يُنْتَجَان بواسطة الغدة الكظرية للتحكم في عملية التمثيل الغذائي، وأيضًا انخفضت الالتهابات، ووجدوا أيضًا أنَّ هناك تحسُّن في خلايا الدم البيضاء «T cells» المسئولة عن المناعة.

وأخيرًا وجد الباحثون أنَّ هذه الحِمية تُحفِّز تجديد الغلاف العصبي المُكَوَّن من البروتينات والدهون، والذي يقوم بعزل الألياف العصبية في المخ والعمود الفقري، هذا الغلاف يتم تدميره بالمناعة الذاتية. هذا الغلاف له دور مهم في توصيل الإشارات العصبية خلال الجهاز العصبي. في حالة المرضى المصابون بالتصلب المتعدد تقوم خلايا الدم البيضاء (T cells) بمهاجمة هذا الغلاف وتدمر الألياف العصبية. إيقاف عملية التدمير هذه وحث عملية إعادة بناء نسيج صحي له دور هام في إبطاء نمو هذه الأمراض، ويبدو أنَّ الصيام بصفة دورية يقوم بِحَث هاتين العمليتين.

وأضاف لنجو أنَّ هذه الحِمية تؤدي لقتل الخلايا المناعية الضارة، وعندما تعود الفئران للغذاء العادي يتم تكوين خلايا مناعية صحية، وأيضًا تتجدد الخلايا المنتِجة للغلاف العصبي؛ مما يسمح لنسبةٍ من الفئران أنْ تصل لمرحلة الشفاء التام.

قام الباحثون أيضًا باختبار أمان وفاعلية هذه الحِمية على أشخاص مصابين بمرض التصلب المتعدد من خلال دراسة على 60 مشارك مصاب بالمرض. قاد هذه الدراسة ماركوس بوك (Markus Bock) في مستشفى جامعة شارتي (Charite University Hospital) في برلين.

تم وضع 18 مريض تحت الحِمية لدورة امتدت سبعة أيام، بعد ذلك تم وضعهم تحت حِمية البحر الأبيض المتوسط لمدة ستة شهور. وتم وضع 12 مريض تحت نظام غذائي مراقب، ووضع 18 آخرين تحت حِمية غذائية عالية الدهن «Ketogenic diet».

في المجموعة الأولى، التي اتبعت حِمية الصيام ثم حِمية البحر الأبيض المتوسط، والمجموعة التي اتبعت الحِمية عالية الدهن أظهرا تحسنًا في الصحة الجسدية والعقلية؛ لكن أشار الباحثون أنَّ هذه الدراسة محدودة، لأنَّها لم تختبر إذا كان هذا التحسن قد يمكن حدوثه تحت حِمية البحر الأبيض المتوسط فقط أو لا، وأيضًا لم تتضمن تحليل وظائف المناعة، والتصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي.

وقال لنجو أنَّ هذه النتائج تتطلب فحوصات أكثر، ويجب على الباحثين أنْ يحددوا ما إذا كان هذا النظام الغذائيِّ المحاكي للصيام من الممكن أن يساعد من يعانون من أمراض المناعة الذاتية، وأن يتم اختبار فاعلية هذه الحِمية في تجارب أكبر.

وأضاف لنجو أنَّ بعض الحميات المشابهة وُجِد أنَّها آمنة في التجارب، وأنَّه يعتقد أنَّ مرضى المناعة الذاتية الذين لا يجدون حلول فعالة يجب أن يستشيروا طبيبهم حول إمكانية اتباعهم لهذه الحِمية، أو أن ينضموا لتجارب تختبر أثر هذه الحِمية على أمراض المناعة الذاتية.

وأضاف أيضًا لنجو أنَّه سمع ردودًا إيجابية من المرضى الذين اتبعوا هذه الحِمية. وقال نحن متفائلون ولكن ما لا نريده هو أن يحاول أحد اتباع هذه الحِمية في المنزل دون تدخل المختص، أو من غير أن يفهم أنَّ تجارب أخرى أكبر ضرورية للتأكد من أنَّ هذه الحِمية يمكن اعتبارها علاج للتصلب المتعدد أو أمراض المناعة الذاتية الأخرى.

 

*مصطلحات هامة:

التصلب اللويحي أو التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis):

هو أحد أمراض المناعة الذاتية، يصيب بشكل رئيسي الشباب، ويقوم بتدمير الميالين في الجهاز العصبي المركزي. (1)

 

حِمية عالية الدُهن (Ketogenic Diet):

هي حِمية غذائية يتناول فيها الشخص نسبةً عاليةً من الدهون، ونسبةَ قليلةً من الكربوهيدرات. هذه الحِمية توفر كمية كافية من البروتين للنمو؛ ولكنَّها لا توفر كمية كافية من الكربوهيدرات لاحتياجات الجسم من الطاقة؛ حيث يحصل الجسم على 80-90% من احتياجاته من الطاقة من الدهون بينما يحصل على الباقي من البروتينات. (2)

 

حِمية البحر الأبيض المتوسط (Mediterranean Diet):

هي نِظام غذائيِّ خاص بمنطقة البحر المتوسط تتميز بزيادة نسبة الفواكه والخضروات والحبوب والخبز والبطاطس والدواجن والفاصوليا والمكسرات وزيت الزيتون والسمك؛ بينما يقل استهلاك اللحم الأحمر وكميات قليلة من الكحول. (3)

 

ترجمة وتصميم: Mohamed El-Nile

مراجعة لُغَويَّة: Omnea Abd El-Aleem

المصادر: http://sc.egyres.com/BpjoL

(1)http://sc.egyres.com/BLo3k

(2)http://sc.egyres.com/i8h2k

(3)http://sc.egyres.com/dmORY

الورقة البحثية:

http://sc.egyres.com/Pb9VC

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي