العلاقة المسيئة

46230-domestic-abuse-1200.630w.tn_

|

العلاقة المسيئة 

إن العلاقة المسيئة (Abusive Relationship) هي العلاقة التي لا تكون قائمةً على الاحترام، وغير مبالية لمبدأ الرضا. يمكن للإساءة أن تتواجد في أيِّ علاقةٍ كانت، سواء أسرية، أو عاطفية، أو صداقة، أو أي علاقةٍ أخرى. كما لا تعني كون العلاقة مسيئة أن الإساءة واضحةٌ وحاضرة دائمًا، وذلك ما يجعل أمر ملاحظتها صعبًا في الكثيرِ من الأحيان.

الإساءة وأنواعها

يمكن أن تكون الإساءة لفظية، أو نفسية، أو جسدية، أو جنسية. وتعني الإساءة الجسدية ممارسة أي نوع من العنف الجسدي مثل: الضرب، والصفع، وشد الشعر، والركل، إلخ. في حين أن الإساءة الجنسية تشمل أي نشاط جنسي لا يكونُ برضا الطرفين.
قد يصعب إدراك وجود الإساءة النفسية والكشف عنها، حيث يتم تبريرها عادةً بربطها مع الغيرة، أو الحب المفرط، أو إخفائها بأي غطاء آخر من هذا النوع من التعابير. وتكمن خطورة الإساءة النفسية في أن آثارها قد تمتد لما بعد العلاقة المسيئة نفسها، أي حتى بعد انتهائها.

علامات تميز العلاقة المسيئة

• محاولة تدخل المُسيء في كل جوانب حياة الطرف الآخر وفرض رأيه فيها. (كالتدخل في طريقة اللباس، اختيار الأصدقاء، كيفية التحدث، إلخ).

• رغبة المسيء في معرفة مكان تواجد الآخر، والشك الدائم بأن الآخر في مكان آخر غير الذي يعرفه.

• الغيرة والغضب عند إمضاء المُساء إليه وقتًا مع أصدقائه بدونه.

• محاولة إذلال الآخر والسخرية منه، كما إحباطه والتقليل من قيمة عمله وأحلامه.

• تهديد المسيء بإيذاء الآخر أو إيذاء نفسه في حال قرر الآخر إنهاء العلاقة.

• التحريف الدائم للحقيقة، بحيث يقوم المسيء بإلقاء اللوم على الآخر وتحميله مسؤولية تصرفاته المسيئة.

• استخدام أساليب الابتزاز العاطفي مثل استخدام جُمَلٍ على شاكلة: «إن كنت/ي تحبني/تحبينني فستقوم/ي بـ…». قد يكون المطلوب عملاً جنسيًّا أو جسديًّا أو نفسيًّا، ويكون ذلك محاولة للضغط على الآخر من أجل مصالح المسيء الشخصية.

• الخيانة: هنا الخيانة تشمل قيام المسيء بخيانة شريكه مع شخص آخر، أو خيانته في مواقف معينة والهرب من الوعود والمسؤوليات في لحظات حرجة.

دورة الإساءة

إن معظم العلاقات المسيئة تشترك في أن الإساءة تمر بدورة شبه ثابتة، وتمر بالمراحل التالية:

الإساءة: يقوم المسيء بالتصرفات المسيئة، كأن يكون عنيفًا، أو عصبيًّا، أو يستخف بالآخر ويسخر منه، إلخ. وتُستخدم الإساءة هنا عادةً كورقةٍ لإقناع الآخر بأن المسيء هو الشخص المُسيطر على العلاقة والطرف الأقوى فيها.

الذنب والأعذار: بعد إساءة المعاملة سيشعر المسيء بالذنب، لكن ليس بسبب الأذى، بل لكونه خائفًا من احتمالية فضحه واضطراره لتحمُّل المسؤولية وتبعات أفعاله، ولتفادي ذلك، سيقوم بخلق الأعذار والأكاذيب، ويبدأ بلوم الآخر ويقنعه بأنه السبب في تصرفات المسيء.

التصرفات الطبيعية: يبدأ المسيء بالقيام بمحاولاتٍ ليسيطر على تصرفاته المسيئة. يبدأ التصرف وكأنه لم يحصل أي شيء ولم تظهر منه أي إساءة.
في هذه المرحلة المؤقتة، يحاول المسيء استخدام الأسلوب اللطيف والجذاب ليُقنع الآخر بأنه تغير.

سحر الإساءة والعودة للتخطيط: يبدأ المسيء بالتفكير في الإساءة مجددًا، فهذه الفكرة تصبح مُغرية، ويمضي وقتًا في التركيز على أخطاء الآخر وكيفية جعله «يدفع ثمن ذلك». ثم يبدأ بالتخطيط لتحويل فكرة الإساءة إلى واقع.

التحضير والتنفيذ: يبدأ هنا بخلق مواقف تجعل إساءته مبررة وتعود الحلقة للإساءة.

أثر العلاقة المسيئة على الصحة النفسية

يعاني الكثير من الذين يكونون في علاقة مسيئة، حالية أو سابقة، من اضطراباتٍ نفسية، كالاكتئاب، اضطرابات القلق، الخوف، اضطراب ما بعد الصدمة وغيرها كنتيجة للعنف الجسدي والابتزاز النفسي والإساءات الأخرى.
محاولات الإذلال المتكررة من قبل المسيء تدفع بالطرف الآخر إلى الوقوع في فخ تصديق أنه المُلام، أنه شخص سيئ وغير كافٍ، إلخ. كما أن دورة الإساءة التي سبق وذكرناها تجعل الشخص في قلقٍ دائم من عودتها إلى بدايتها.

لماذا قد يتحمل البعض العلاقة المسيئة؟

قد يكون بديهيًّا التساؤل عن السبب الذي يجعل الشخص لا ينهي العلاقة المسيئة ببساطة. في الحقيقة هناك عدة عوامل قد تلعب دورًا في هذا الأمر، منها الجانب النفسي.
إن المُساء إليه في غالب الأحيان يكون مرتبطًا بروابط قوية عاطفيًّا مع المسيء، لذلك فإنه من الصعب أن يقوم أي شخص بالمقاومة في هذه الحالة، وقد لا يُدرك وجود إساءة، خاصةً في حالات الإساءة النفسية. و«متلازمة ستوكهولم» قد تشرح الأمر إلى حدٍّ ما.
إن متلازمة ستوكهولم هي الحالة التي يتعاطف فيها الضحية مع الجاني، كأن يتعاطف المخطوف مع الخاطف، وتشمل بعض حالات العلاقات المسيئة أيضًا. للاطلاع أكثر عن هذه المتلازمة اُنظر هنا.
كما أن محيط أي فرد قد يكون عاملًا مهمًا في اختيار الضحية الإبقاء على العلاقة، ففي مجتمعاتٍ كثيرة تُعتبر حالاتٌ من العنف مبررةً، وعادية ومصدر فخر، خاصةً في حالات العنف الأسري، وذلك يجعل إيجاد الضحية للدعم اللازم صعبًا. وقد يكون بسبب الخوف من التهديدات التي قد يستخدمها المسيء، والتي ذكرناها سابقًا، لجعل الآخر يتخلى عن احتمال إنهاء العلاقة. ومن المهم أن نذكر أيضًا أن محاولات الإذلال والتقليل من الشأن الدائمة تجعل الطرف الذي يتعرض للإساءة يفكر بأن تصرفاته خاطئة، وبالتالي الإساءة مبررة، ويلوم نفسه.

كيف تحمي نفسك من علاقة مسيئة؟

• انتبه دائمًا إلى راحتك النفسية وإلى وجود عامل الرضا في كل جوانب علاقتك.

• إن كنت تعتقد أنك في علاقة مسيئة، عليك البحث عن طريقة لإنهائها.

• حاول أن تلجأ لمن تثق بهم كأهلك، أصدقائك أو أي شخص قد تعتقد أن بإمكانه مساعدتك.

• جِد الأشخاص الذين سيدعمونك ويحاولون إخراجك من العلاقة وتأثيراتها السلبية.

• إذا كانت الإساءة جسدية أو جنسية يفضل اللجوء إلى الشرطة أو المؤسسات الطبية.

• حاول اللجوء إلى مختص إن لم تجد من دائرة معارفك من يساعدك، أو حين لا تكون متأكدًا مما إذا كانت العلاقة مسيئة أم لا.


تذكَّر دائمًا أن صحتك النفسية والجسدية مهمة، فلا تترد/ي في إيجاد طرق للحفاظ عليها!

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: مادلين اوكيان

مراجعة وتحرير: Mohamed Sayed Elgohary

المصادر:

1

2

3

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي