الغيبوبة المُستحثة طبيًّا؛ ما هي ولمَ تُستخدم؟

ICU
الغيبوبة المستحثة طبيًّا؛ ما هي ولمَ تستخدم؟||

تستخدم (الغيبوبة المستحثة طبيًّا -Medically induced coma) فقط عندما تكون الخيارات الأخرى غير متاحة، مثلًا في حالة (إصابات الدماغ الرضية الشديدة-Traumatic brain injury) مثلما حدث عندما أصابت رصاصة النائبة الأمريكية عضوة الكونجرس (غابرييل جيفوردز-Gabrielle Giffords) في الهجوم الذي وقع خارج سوبر ماركت (توكسون-Tucson) والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 13 آخرين.

يحدث هذا التوقف الفعال لوظائف الدماغ الحيوية بشكل طبيعي فقط في حالات الإصابات بالغة الشدة، فلماذا إذًا قد يسعى الأطباء إلى محاكاتها في بعض المرضى كما حدث مع عضوة الكونغرس -والتي قد عانت بالفعل من إصابات في الرأس ومشكلات أخرى-؟

تكمن الإجابة على ذلك في العلم، وراء (التخدير الكلّي-general anesthesia)، الذي يخضع له حوالي 60,000 مريض يوميًا. فقد كشفت ورقة بحثية نشرت في 30 ديسمبر 2010 في (مجلة نيو إنجلاند الطبية-The New England Journal of Medicine) أن هذا التخدير في الأساس هو غيبوبة قابلة لأن تنعكس.

هذا هو بالضبط ما يهدف إليه الأطباء في حالات الغيبوبة المستحثة طبيًّا، في معظم الأحيان يستخدم الأطباء نفس العقاقير المخدرة أو يلجؤون إلى خفض درجة حرارة الجسم بشدة، عن طريق تعريضه لبيئة باردة فيتوقف تدفق الدم تمامًا، مما يسمح لهم بإجراء عمليات جراحية على (الشريان الأورطي-aorta). يمكن أن يؤدي إيقاف الوظيفة إلى إعطاء الدماغ وقتًا للشفاء دون قيام الجسم بإجراءات تقشفية «radical triage» عن طريق إيقاف تدفق الدم إلى الأجزاء التالفة. 

ما هي الغيبوبة المستحثة طبيًّا؟

 بشكل مبسط؛ إن ما يحدث في الغيبوبة المستحثة طبيًا هو إعطاء المريض عقار ومتابعته إلى أن يظهر نمط معين في شاشة مراقبة العلامات الحيوية والتي تعرض «التخطيط الكهربي للدماغ -EEG».

إن المرضى الذين يعانون من إصابات الدماغ التي تليها غيبوبة لديهم نمط مماثل، إذا كان هذا النمط موجودًا فهو مؤشر باعث للطمأنينة يعني أن المريض قد دخل في غيبوبة مستحثّة طبيًا بنجاح. عند استحداث الغيبوبة طبيًا، فإن حماية الدماغ من الضرر الذي قد يلحق به هي الغاية المرجوة. 

ما الذي نحاول حماية الدماغ منه؟

عند تعرض الدماغ لإصابةٍ ما فما يحدث هو أن (عملية الأيض-metabolism) به تتأثر بشكل كبير. فقد يكون هناك مناطق لا يصلها دم وغذاء بشكل كافٍ.

تتلخص الفكرة في:

“اسمح لي بتقليل كمية الطاقة التي تحتاجها مناطق الدماغ المختلفة، إذا كان بإمكاني القيام بذلك فعندما يشفى الدماغ ويقل ​​التورم الذي ألَمَ به فربما تلك المناطق المعرضة للخطر يمكن حمايتها”.

لكن الشيء الأساسي حول الغيبوبة الطبية المستحثة بالعقاقير -على عكس الغيبوبة نتيجة الإصابة- هو أنه من الممكن عكسها بمعنى أنه إذا استُحثت غيبوبة لشخص طبيعي غير مصاب دماغيًا فسيستفيق بمجرد إيقاف ضخ العقاقير إلى جسده. لكنها تستخدم في حالة الأشخاص الذين يعانون من إصابات في الدماغ فقط لا غير.

إذا ما هي المخاطر؟

إذا تحدثنا بشكل عام، فإن الأثر الجانبي الرئيسي للعقاقير المستخدمة في إحداث هذه الغيبوبة خارج الدماغ هو أنها تقلل من ضغط الدم، لذا فإن الأطباء الذين يحاولون القيام بذلك يعطون المريض الكثير من الأدوية الأخرى للحفاظ على ضغط الدم وضخ القلب له بصورة جيدة. 

لكن أثناء المحاولة لحماية الأجزاء المتضررة من ناحية، فهناك مناطق أخرى من الدماغ لا تحصل على الدم الذي تحتاجه حتمًا من ناحية أخرى. وإذا استمرت هذه الغيبوبة فترة من الزمن فقد يؤدي ذلك إلى تراكم الأدوية، مما سيستغرق بعض الوقت لإزالتها من الجسم أيضًا. 

كم من الوقت تدوم؟

يعتمد الأمر على درجة الإصابة، سواء كانت إصابة في الدماغ أو نوبة صرع، فقد بقي أحد المرضى في غيبوبة مستحثة طبيًا بمساعدة العقاقير المختلفة لمدة ستة أشهر، وهي أقصى مدة يمكن أن يقضيها شخص في غيبوبة كهذه.

يعتمد ذلك على تقدم حالة المريض وطبيعة إصابته. إن ما يفعله أطباء الأعصاب أو أطباء (وحدة العناية المركز-intensive care unit) هو محاولة إخراج المريض من الغيبوبة في أسرع وقت ممكن. في حالة مثل جيفوردز التي كان لديها تورم في الدماغ، عند تراجع حجم التورم فإن الأطباء يحاولون تخفيف الغيبوبة لمعرفة ما إذا كان بإمكان المريضة العودة، وكذلك التعرف على مستوى وظائف الدماغ لديه.

ما مدى أمان الغيبوبة المحدثة طبيًا؟

عقار مثل (البروبوفول-propofol)، يُستخدم يوميًا في غرف العمليات، ربما هو الدواء الأكثر استخدامًا في جميع عمليات التخدير. كل يوم وبشكل أساسي عندما يتعرض المريض لتخدير كلي، فإنها تعد حالة غيبوبة قابلة للانعكاس. إنه فرق في الجرعات ليس إلا!

كيف تختلف الغيبوبة المحدثة طبيًا عن الغيبوبة الطبيعية؟

لا يقرر الجسم عادة الدخول في غيبوبة. تعرف الغيبوبة على أنها توقف عميق لوظائف الدماغ، ويكون في العادة نتيجة صدمة شديدة أو إصابة في المخ أو بسبب تناول جرعة زائدة من المخدرات وقد تكون (السكتة الدماغية-stroke) سببًا أيضًا. لا يوجد مقابل طبيعي لمعنى الغيبوبة المستحثة طبيًا.

هل هناك آثار تنتج بعد الإفاقة؟

من الصعب الجزم بذلك، إنه بالفعل موقف صعب للغاية. إذا كانت هناك آثار فيما بعد فمن الصعب معرفة ما إذا كانت نتيجة للغيبوبة المستحثة أم لا. يدرك الأطباء الذين يقومون بذلك جيدًا أهمية المراقبة والمتابعة ويبذلون كل جهد ممكن لاستخدام هذا الخيار فقط طالما أنهم بحاجة إليه.

المصدر

 ترجمة: نهى محمود
مراجعة علمية: احمد منتصر
تدقيق لغوي: محمد غنيم

تحرير: نسمة محمود

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي