الكيمياء الحركية

1-2

الكيمياء الحركية هي دراسة التفاعل الكيميائي من حيث مُعدل وآلية التفاعل وكيفية إعادة ترتيب الذرات وتَكَون المركبات الوسيطة وتأثير العوامل المختلفة على سرعة التفاعل.

إن هذا الفرع في العلم هو أحد أهم أُسس الكيمياء؛ فكما قُلنا فإنه يدرس معدل التفاعل أي سرعة التفاعل الكيميائي في تكوين النواتج كما أنه مهم لمعرفة كيفية التعامل مع التفاعل وما هي المواد التي تتكون أثناء التفاعل وما الذي سينُتجه التفاعل في النهاية. إذا اعتبرنا أن التفاعل الكيميائي يتم تبعا للشكل التالي

متفاعلات (مواد التفاعل) ← نواتج (المواد الناتجة عن التفاعل)

فإن هناك الكثير من الأشياء التي تحدث ولا تظهر في هذه المعادلة البسيطة كالمركبات التي تتكون أثناء التفاعل وتختفي مرة أخرى (المركبات الوسيطة) وما الوقت التي تستمر فيه هذه المركبات بالتواجد أثناء التفاعل وما تأثير هذه المركبات المتكونة على سرعة التفاعل ككل، هذه الأشياء من الممكن التنبؤ بها فمثلا بتغير بعض ظروف التفاعل مثل درجة الحرارة والضغط وقياس تأثيرها على معدل التفاعل يمكننا من التنبؤ بما يحدث على مستوى الجزيئات.

نظرية التصادم

تتنبأ نظرية التصادم بأن التفاعلات تحدث عندما تتصادم جزيئات المواد المتفاعلة مع بعضها البعض ليعيدوا ترتيب أنفسهم في شكل النواتج وكلما زادت التصادمات بين جزيئات المواد المتفاعلة زادت احتمالية حدوث التفاعل، وتقول النظرية أن بعض هذه التصادمات فقط يكون فعال وليس كلها، فالتصادم الذي يكون لديه الطاقة اللازمة للتفاعل هو الذي يكون النواتج؛ هذه الطاقة اللازمة ليكون التصادم فعالًا تسمى بطاقة التنشيط وهي عبارة الحد الأدنى من طاقة الحركة الذى يكفي لكسر الروابط في المواد المتفاعلة عند تصادمها ولبدأ التفاعل .

عوامل تُؤثر على معدل التفاعل

يوجد العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على معدل التفاعل والتي يمكن تفسيرها عن طريق نظرية التصادم. أهم هذه العوامل هي : التركيز ودرجة الحرارة والضغط والتقليب ووجود العوامل الحفازة.

التركيز:

يعتبر تركيز مواد التفاعل من أوضح العوامل في التأثير على معدل التفاعل، فزيادة تركيز مواد التفاعل يزيد من عدد الجزيئات في الحيز الذي يحدث فيه التفاعل مما يزيد من فرصة تصادم الجزيئات ببعضها البعض. وبهذا تكون احتمالية تصادم جزيئات لديها الكم الكافي من الطاقة للتفاعل أكبر مما يزيد من معدل التفاعل.

الضغط:

تأثير الضغط في التفاعلات الغازية يشبه إلى حد كبير تأثير التركيز على معدل التفاعل، فبزيادة الضغط تزداد القوة التي تصطدم بها الجزيئات مع بعضها البعض أثناء التفاعل مما يزيد من فرصة تصادم جزيئات لها طاقة التنشيط اللازمة للتفاعل مما يزيد من معدل التفاعل.

الحرارة:

من المعروف أن درجة الحرارة ترتبط بالطاقة الحركية للجزيئات، فكلما زادت درجة الحرارة كلما زادت طاقة تصادم الجزيئات مع بعضها البعض؛ لذا فبشكل عام يزداد معدل التفاعل مع زيادة درجة الحرارة نظرًا لإرتفاع طاقة التصادمات إلى طاقة التنشيط اللازمة للتفاعل.

التقليب:

يعمل على تحريك المحلول وزيادة مساحة سطح المواد المتفاعلة وخاصة الصلبة ويزيد من طاقة حركة المواد المتفاعلة وبالتالى يزيد من فرص التصادمات الفعالة  ومعها معدل التفاعل.

العوامل الحفازة:

العوامل الحفازة هي مواد تدخل في التفاعل ثم تخرج من التفاعل مرة أخرى كما دخلت إليه ولكن دورها الأساسي في التفاعل هو بأن توفر طريقا بديلًا للتفاعل بأقل طاقة تنشيط ودون أن يؤثر في نواتج التفاعل؛ إذا يمكننا أن نرى الان كيف تُؤثر العوامل الحفازة على التفاعل، فحين تقل طاقة التنشيط اللازمة للتصادم لكي يحدث التفاعل فإن عدد التصادمات التي تصل طاقتها لطاقة التنشيط الجديدة سيكون أكبر مما يزيد من معدل التفاعل ككل.

أهميتها:

تكمُن أهمية الكيمياء الحركية في معرفة معدل التفاعل والمواد الوسيطة التي تنتج اثناء التفاعل لتصل في النهاية الى الناتج المطلوب من التفاعل ومعرفة العوامل التي تؤثر على التفاعل، ولكن لا تكمن أهمية هذه الأشياء في معرفتها فقط فهي تساعدنا لمعرفة وتحديد الكثير من الأشياء الاُخرى.

على سبيل المثال معرفة هذه الأشياء لها أهمية كبيرة في الصناعة حيث تكون معظم التفاعلات التي تحدث معقدة وتحتاج الى حرص وفهم جيد لكيفية حدوثها لكي نحصل منها على أفضل انتاج واعلى جودة؛ فبمعرفة معدل التفاعل يمكن معرفة الوقت الذي ينتهي فيه التفاعل ومتى يمكن إضافة مادة ما للتفاعل وما هي درجة الحرارة والضغط المُلائمين لحدوث التفاعل وهل يحدث تغييرهما اثناء التفاعل ضررًا ام لا. كل هذا يكون مهما في الصناعة لمعرفة متى تنتهي إحدى المراحل في عملية التصنيع وما الظروف الملائمة لكل مرحلة.

معرفة هذه الأشياء يكون مهما أيضا لتحسين ظروف التفاعل وتجنب الأشياء التي يمكنها تعطيل التفاعل او يمكن ان تؤدي إلى خطا في النواتج، فمثلا بمعرفة المواد الوسيطة التي تتكون اثناء التفاعل يمكن معرفة الظروف الملائمة لوجودها مثل معرفة المحلول المناسب والذي يتوافق مع هذه المركبات ولا يتفاعل معها. أيضا تساعد هذه الأشياء في فهم العمليات البيولوجية كفهم كيفية عمل الانزيمات والتي تعمل كعامل حفاز في الكائنات الحية.

 

من أهم المجالات التي تهتم بالكيمياء الحركية هو مجال الصيدلة ومجال تعبئة الأغذية. فمثلًا إذا تكلمنا عن مجال الصيدلة فإننا سنجد أهمية كبيرة لتعلم الكيمياء الحركية من أجل تخزين الدواء ومعرفة فعاليته داخل الجسم. فمصنع الدواء يجب عليه معرفة كيفية تحلل العقار والوقت اللازم لتحلله والمركبات التي تنتج عن التحلل لما يمكن أن تسببه هذه الأشياء من ضرر غير مرغوب فيه لمتناول العقار. أيضا تكون معرفة هذه الأشياء مهمه لمعرفة الظروف المناسبة للتخزين من درجة حرارة ومكان ملائمين. كما تكمن أهميتها أيضا في معرفة الجرعة المناسبة للمريض عن طريق معرفة الوقت الذي يتحلل فيه العقار داخل الجسم وكيفية تأثير هذه الكمية على جسم المريض .

 

إعداد / Mohamed Taweela

مراجعة / Esraa Adel

تصميم / Ayman Samy

المصدر/

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي