الكيمياء الخضراء

الكيمياء_الخضراء_اصلي

الكيمياء الخضراء… الوجه الآخر للكيمياء

هل تشعر بالقلق عند ذِكر لفظ «صناعات كيميائية»؟ هل كلمة «كيماويات» تُثير التوجس داخلك؟ لا تقلق، فلست وحدكَ من يشعرُ بذلك. ففي استطلاعٍ للرأي قام به المجلس الأوروبي للصناعات الكيمائية (CEFIC) عام 1994، فإن حوالي (60%) من الرأي العام لديه رؤية سلبية عن الصناعات الكيميائية، وفي استطلاعِ رأيٍ أخر في الولايات المتحدة الأمريكية قامت به رابطة مصنعي المواد الكيميائية (CMA)، فإن(26%) فقط من المشاركين في الاستطلاع يشعرون بالإيجابية نحو تلك الصناعة، آخذين بعين الاعتبار أن الصناعات الدوائية والبلاستيك داخلة في إطار تلك الصناعة، وكلاهما يتمتع بصورة جيدة لدى المستهلك نظرًا للفائدة العامة والظاهرة بصورة مُباشرة له.
وبالرغم من أن تلك الصناعات لا تتمتع بالسمعة الجيدة، وبالرغم من أطنان المخلفات الناتجة عنها، فإنها تُعَد من أكثر الوسائل الاقتصادية نجاحًا في العديد من المناطق في العالم، كما أنها تساهم بقدرٍ من المنتجات لا يمكن غض النظر عنه، حيث تتراوح تلك المنتجات ما بين بضعة أطنان سنويًا، إلى أكثر من (500000 ) طنٍ في العام الواحد، وتكمن الخطورة في أن ذلك النجاح الهائل الذي تحققه تلك الصناعة لا يقابله تحسن على الجانب البيئي، فهل الكيمياء هي شيطانٌ خالص؟

1- الجانب المظلم من القمر:

منذ بدء التاريخ الإنساني؛ تعامَلَ الإنسان مع الطبيعة بأنانيةٍ ولامبالاة؛ وكأن هناك أرضًا أخرى غير تلك التي نعيش فيها، أو أن هناك المزيد من الفُرص للتغيير، ومع وصوله لقمة وعيه وتقدمه التكنولوجي والحضاري؛ زادت وحشيته تجاه الطبيعة أكثر فأكثر، غير آبهٍ بأن تلك الطبيعة هي مصدر كل ما يلزمه للاستمرار. وكانت الكيمياء أحد تلك الأدوات التي استخدمها في تدميرها، فكيف ذلك؟

أ- العوامل الحفازة (شر لابد منه):

قبل أن تتعرف على أضرار المواد الحفّازة يجب أن تعرف ما هي تلك المواد؛ وبمنتهى البساطة يُمكن تعريفها على أنها مواد تُسرِّع التفاعلات الكيميائية دون أن تدخل مباشرةً في تلك التفاعلات؛ واستخدامتها في الكيمياء لا تُعد ولا تُحصى، من مختبرات الكيمياء إلى الصناعات الكيميائية، وتقوم عليها صناعات متنوعة مثل البوليمرات، والألياف، والوقود، والدهانات، ومواد التشحيم وغيرها من المنتجات الضرورية التي لا غنى عنها.
وعلى الجانب الكيميائي من الفوائد، فإن المُحفِّزات تتميز بسهولة التحكم بها (وبالتالي التحكُّم في معدل التفاعل)، والاختيارية العالية (لا تتفاعل إلا مع موادٍ محددة)، وتعطي منتجاتٍ أفضل، بالإضافة لسهولة الحصول عليها.
ومع كُلِّ تلك المميزات واستخدامها ذي النطاق الواسع؛ إلّا أنها تحظى بعيبٍ خطير جدًا، وهو صعوبة فصلها من المنتج النهائي بصورةٍ كاملة، حتى مع الاستخدام المُكثَّف والدقيق لمختلف عمليات التنقية مثل التقطير، والاستشراب (chromatography)، ووجود تلك الكميات من الحافز -وإن كانت ضئيلة- في المنتجات أمرٌ خطيرعلى الصحة.

ب- التسريب النفطي (البقعة السوداء):

في العشرين من إبريل (نيسان) عام 2010م، انفجرت منصة لاستخراج النفط والغاز الطبيعي تابعة لشركة بريتيش بتروليوم (British Petroleum) في خليج المكسيك على بعد حوالي (41) ميل (66 كيلو متر) من سواحل لويزيانا بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم غرقت بعد ذلك بيومين متسببةً في مقتل (11) عامل وإصابة (17) آخرين، بالإضافة إلى تسريبٍ لزيت النفط في الخليج.

مثل هذه التسريبات تُسبِّب ضررًا للكائنات الحية الموجودة في منطقة التسريب بسبب مكوناتها الكيميائية السامة، ويكون ذلك عن طريق البلع أو الاستنشاق أو التعرُّض الخارجي من خلال الجلد والعين، كما يُمكن للنفط أن يُسبِّب الاختناق للأسماك واللافقاريات الصغيرة، والحد من قدرة الطيور البحرية وبعض الثديات من الحفاظ على حرارة أجسادها.(5)

2- الكيمياء الخضراء (ليكن النور):

إن التوجه نحو التكنولوجيا النظيفة في الصناعات الكيميائية مع التركيز على الحد من إنتاج المزيد من النفايات لتلك الصناعة يحتاج إلى مستوى من الابتكار لم تشهده تلك الصناعات في القرن الفائت، ويكمن التحدي الحقيقي في خفض تكلفة معالجة تلك النفايات، حيث تُشير التقديرات أن الالتزام بالقوانين البيئية الحالية قد كَلَّف دول أعضاء الاتحاد الأوربي عام 1992م (130) مليار دولار، وفي نفس السنة تَكلَّفت الولايات المتحدة الأمريكية لنفس السبب (115) مليار دولار، والاستمرار على نفس المنوال سيزيد الوضع سوءًا، فهل سيحدث تغيير؟

أ- تكنولوجيا النانو (التحكم الأفضل):

تفرض تكنولوجيا النانو في الآونة الأخيرة نفسها بقوة كبديلٍ دائمٍ للكثير من المواد التقليدية، حتى في مجالات المواد الحفَّازة، وذلك لما تتمتع به من مميزات كلا النوعين سواءً المواد الحفازة المتجانسة (Homogeneous catalysts) أو المواد الحفازة الغير متجانسة (heterogeneous catalyst)، حيث أنها تزيد من مساحة السطح المتصل مع المواد المتفاعلة، وبالتالي زيادة معدل التفاعل (منتج أفضل)، كما أن عدم ذوابانها قي خليط التفاعل يسهل عملية فصلها من المنتج النهائي، بالإضافة إلى إمكانية التلاعب في بعض الخصائص الفزيائية والكيميائية لتلك المحفزات لزيادة انتقائيتها للمواد.

ب- بولي بروبيلين (الماصة الأكثر أمانًا):

أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى وفاة الكائنات البحرية أثناء التسريب النفطي؛ هي تلك المواد التي تُستخدم في انتشاله من الماء والتي تعتبر أهم التدابير المضادة للتسرب البحري للنفط، ولكن البولي بروبيلين يختلف عن تلك المواد، حيث يتمتع بكثافة منخفضة، سريع الامتصاص (كفاءة أعلى)، بالإضافة إلى المَسامِّية العالية التي يتمتع بها البولي بروبلين (سعة امتصاص أعلى)، كما أنه انتقائي جدًا (يمتص الماء بصورة أقل)، ومقاوم للعوامل الكيميائية الفزيائية المختلفة (خامل).

وأخيرًا الكيمياء ليست شيطانًا، فهي مجرد أداة.
إعداد: Ahmed Fahmy
تصميم: Ahmed Fahmy
مراجعة علمية: Esraa Adel
مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary

المصادر:
(1)،(6): http://sc.egyres.com/1rV38

(2): http://sc.egyres.com/64tFq

(3)،(7): http://sc.egyres.com/nyUkO

(4): http://sc.egyres.com/hp79M

(5): http://sc.egyres.com/czU6F

(8): http://sc.egyres.com/zI3kO

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي