اللعب أثناء العمل! دراسة تؤكد أهميته

اللعب-أثناء-العمل

|

«اللعب هو اللعب، والمرح هو المرح، والعمل هو العمل، إنهم مختلفون. أنا أعمل بجِدٍّ حتى لو كان من المفترض أن يكون العمل ممتعًا بالنسبة للآخرين، هذا جيدٌ بالنسبة لي»
«لقد تعلمت قيمةَ العملِ الجاد بأن عملت بجد»
«النوم ممنوعٌ في عمر الثانية والعشرين، الحياة كلها عمل ولا مكان للعب»

هذه الاقتباسات من الممثل (William Hurt)، والعالمة (Margaret Mead)، والمطرب (Usher)، على الترتيب، كلهم يعرضون الرؤية التقليدية لأداء العمل الجيد. التفاني وأخلاقيات العمل هي في المقام الأول، واللعب حولها وعدم التركيز هي العدو.

قد لا تسمح المفاهيم الشعبية باللعب أثناء العمل، ولكن تُظهر الدراسة أن للعب فوائدَ كثيرة على العاملين، والفرق، والمنظمات. تستكشف مقالة للباحثة (Claire Petelczyc) وزملائها العلمَ الحالي في اللعب أثناء العمل والاتجاهات المستقبلية لدراسته.

وجد البحث أدلةً على أن اللعب في العمل يُقلِّل من التعب، والملل، والإجهاد، والإرهاق لدى العاملين. كما يرتبط اللعب ارتباطًا إيجابيًا بالرضا الوظيفي، والشعور بالكفاءة، والإبداع. وتُظهر الدراسات أنه عندما يتلقَّى أحد المشاركين مُهمةً بطريقةٍ مرحة، فإنه سيكون أكثر انخراطًا وقضاءً لمزيدٍ من الوقت على المهمة.

ويُشير البحث إلى أن تجاوزات اللعب تمتد إلى ما وراء الفرد. ويمكن لفِرَق العمل الاستفادة من اللعب عن طريق زيادة الثقة والترابط والتفاعل الاجتماعي، وإحساس التضامن، وانخفاض الشعور بالتسلسل الهرمي. وعلاوةً على ذلك، تُشير النتائج إلى أن اللعب في العمل يُمكن أن يفيد المنظمات كلها من خلال خلقِ جوِّ عملٍ أكثرَ صداقة، وارتفاع التزام الموظفين بالعمل، واتخاذ قرارات أكثر مرونة على نطاق المنظمة، وزيادة الإبداع التنظيمي.

هذه الأسباب قد تكون كافيةً لإقناع المدير ليُخصِّص وقتًا للعب أثناء العمل، إلا أن (Petelczyc) وزملاءها يرون أن اللعب يحتاج لفحصٍ أكثرَ جدية حتى يتمكن الباحثون من فهمه بشكلٍ أفضل، ويكونوا قادرين على تقديم توصياتٍ تستهدف القادة. وهم يعتمدون على ما نشره العالمان (Meredith Van Vleet) و(Brooke Feeney) في مجلة «Perspectives on Psychological Science»، حيث قدما معيارًا واضحًا يُمكِّن الباحثين من تعريف ماهية اللعب بالنسبة للبالغين وما هو ليس كذلك. عرَّفَ Van Vleet وFeeney اللعبَ كما يلي:
«سلوكٌ أو نشاطٌ يُنفَّذ بغرض التسلية والمتعة التي تحتوي على الحماس وفي نفس الوقت المحافظة على النهج والسلوكيات، هو تفاعليٌّ للغاية بين شركاء اللعب أو مع النشاط نفسه».

واستنادًا إلى هذا الإطار، تشير (Petelczyc) وزملاؤها إلى أن اللعب في العمل له بعض الاعتبارات الخاصة مقارنةً باللعب بشكلٍ عام، ويأتي جزءٌ من هذا التمييز من الاختلافات الكامنة في السلطة بين الناس في أماكن العمل، ومن طبيعة العمل الموجهة نحو العمل والعاملين، والثقافة الفريدة لأماكن العمل.

في حين أنه قد يكون من الخطر أخذ المتعة كاملةً في مكان العمل، هناك ثلاثة قواعد صارمة للعب تساعد الباحثين ليقرروا بوضوح ما هو مُؤهَّل للعب وما هو ليس كذلك. وتدعو Petelczyc وشركاؤها المؤلفون إلى تطبيق تعريف Van Vleet وFeeney في الدراسات المستقبلية وتسليط الضوء على الحاجة إلى تحديدِ طرقٍ أفضل لقياس اللعب. نظرًا لطبيعة اللعب العفوية والمنطلقة، فإن قياس اللعب غير الرسمي في أماكن العمل يُعدُّ عمليةً صعبة، لكن المقاييس بما في ذلك مقياس المرح للبالغين يمكن أن تساعد في قياس كمية وكثافة اللعب.

وتلاحظ Petelczyc أن الباحثين السابقين قد أولوا اهتمامًا كبيرًا بالفوائد الإيجابية للعب. وبطبيعة الحال، إذا كان العلماء يبحثون فقط عن الإيجابيات، فمن المرجح أن تجد الإيجابيات فقط. هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في الجانب المظلم المحتمل من اللعب في العمل. تمامًا مثل الأطفال، حيث يمكن أن يصابوا نتيجة الانزلاق إلى الأسفل، ويمكن أن يؤدي لعب العمال إلى ضررٍ غير مقصود، كما يكتب الباحثون.

فمن الممكن، على سبيل المثال، أن تتحول بعض الإيجابيات القصيرة الأجل للعب إلى سلبيات طويلة الأجل. يُمكن للموظف الاستمتاع باللعب في العمل على المدى القصير، لكنه يجد أن لديه صعوبةً في إدارة اللعب جنبًا إلى جنب مع العمل، فيتحول إلى نقطةِ إلهاء، وفقدان الإنتاجية، والشعور بالذنب على المدى الطويل.

ومن أجل المضي قدمًا، تُوصي Petelczyc وزملاؤها الباحثون بالبحث عن كثب في كيفية تأثير اللعب على استخدام العاملين للموارد (مثل الوقت والطاقة والتركيز والانتباه)، وكيف يلعب الموظفون للمساعدة في تنظيم المشاعر، وكيف يلائم اللعب أهدافهم (على سبيل المثال، التعرف على المشرفين بشكلٍ أفضل، والتواصل، وبناء حسن النية مع أعضاء المجموعة).

ترجمة: عبدالرحمن البابلي
المصدر:
https://goo.gl/iTDApr

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي